Royaa18

                         
للأخبار                                                           
R                  شبكه رمضان

أعلى الصفحة
لآعلى

تصلّب في شرايين الجمعيات؟

بقلم: حسـام شـاكر (*)

مهما شعرنا بالزهو جراء الانتعاش العددي المتزايد للجمعيات والاتحادات العربية والإسلامية في النمسا؛ فإنّ ذلك لا ينبغي له أن يسمح بتجاهل مسألة التواصل بين الأجيال في هذه التشكيلات.

فليس من قبيل المبالغة القول بأنّ الاختبار الحاسم لمدى فعالية هذه "المؤسسات"؛ إنما يكمن في قابليتها على البقاء من جيل إلى آخر. وإذا كان هناك من رأى بالأمس أنه من المبكِّر طرح هذه المسألة؛ فإنها باتت اليوم استحقاقاً مطروحاً بقوة، أكثر من أيِّ وقت مضى.

بوسعنا القول إنّ استيعاب الجيل الثاني، والثالث قريباً، في الجمعيات والاتحادات؛ لا يمكنه أن يتم بدون إفساح مساحات مُعتَبرة للناشئة فيها. وليس من المُجدي استمرارُ التذرّع بوجود جمعيات شبابية للتملّص من هذه المسؤولية. كما يتطلّب استيعاب الأجيال الجديدة إشاعة أجواء الحوار الداخلي، وممارسة الشورى، وبدونهما؛ فإنّ الانقطاع بين الأجيال هو النتيجة الحتمية.

بيدَ أنّ الاستيعاب إيّاه لا يعني القيام بعملية تمرير قسرية للتقاليد المتقادمة في كل جمعية أو اتحاد من جيل إلى آخر؛ لأنّ ذلك، على فرضية إمكانه؛ سيقود ببساطة إلى إلغاء حظوظ الجيل الثاني وفرصه لصالح خيارات حدّدها بالكامل الجيل الأول. وإذا ما ظهرت بالفعل أعراض "مصادرة المستقبل" تلك؛ فسنكون إزاء حالة من التكلّس المؤسسي، الذي لن يخدم أياً من الجيليْن على الإطلاق.

أجل؛ من المرغوب الحفاظ على معالم هويّة أيّ من الجمعيات أو الاتحادات وطابعها العام، ولكن من الضروري بالمقابل أن تكون الأنظمة الداخلية المكتوبة، وغير المكتوبة، لهذه الجمعيات؛ مهيّأة حقاً لاستيعاب معادلة الأجيال. وصحيحٌ أنّ دساتير كثير من الاتحادات وأدبياتها تتحدث عن الشباب و"الدماء الجديدة"؛ إلاّ أنّ هناك الكثير من المسكوت عنه أحياناً، من قبيل الهياكل غير المرئية التي تُمسِك بالمفاتيح الفعلية والتي تُهيْمن على الأمر الواقع.

وإزاء ذلك؛ من القسط أن لا نغفل إدراك بعض الأوساط العربية والمسلمة في هذا البلد لجدِّيّة قضية التوريث ومدى إلحاحها، خاصة وأنها تلمس الصعوبات الماثلة على أرض الواقع.

أما سؤال التوريث؛ فيبرز على نحو صارخ لدى ملاحظتنا لفعالية البيئة المؤسسية في النمسا وأوروبا في استيعاب الأجيال الجديدة. ولولا تلك الفعالية لما كنّا قد وجدنا الشبان والشابات وهم يصعدون في مؤسسات المجتمع المدني، بل ويصنعون قصص نجاح، جديرة بالتأمل، في الهياكل الحزبية وعلى مقاعد البرلمان أيضاً. فحضور العنصر الشاب يُعين على ردم الفجوات السحيقة التي تتشكّل بسرعة مع مضيّ الوقت، كما أنه يؤهِّل للتواصل الأمثل مع شتى فئات الجمهور موضع الاهتمام.

قد لا يكون من الملائم التطرّق إلى العمر الافتراضي لبعض الجمعيات؛ إلاّ أنّ بعض اللافتات ستبقى بالتأكيد مجرّد عناوين لهياكل مترهِّلة، وستتحوّل أخرى إلى قطع من الماضي، بينما ستجتاز غيرها اختبار التوريث بسلاسة أو بدونها.

والأرجح؛ أنّ عناوين جديدة ستبرز باستمرار، لتكون أقدر على التعبير عن جيل جديد، لم يجد فرصته اللائقة به وسط الزحام الراهن.  

 حسام شاكر

(*) باحث وإعلامي، فيينا

 

 

أضف تعليق

أقراء الأراء الأخرى

الصفحه الرائيسيه

 

 

مقالات و أبحاث أحرى للكاتب

""""""""""

من هو الأوربى
===========

مسلمو أوربا . ثمرات التنوع و تحدياته
===========

الأحتلال هو الأحتلال
=============

فضائيه الحرة .. أهى حرة
 حقاً

=============

ً ويسألونك عن "إسراطين
=============

أي علمانيه تقصدون  بالضبط
============

الدين فى أوربا
===========

أوروبا قديمة .. وأخرى جديدة
================

بين الانفتاح الإعلامي والغيتو الثقافي
=============

كبار رجال الدولة يحتفلون مع مسلمي النمسا
============

 

مشاهد "سي بي إس" ليست الحقيقة كلها
===============

هل أخفقت "القرية الكونية"؟
 
=======

أوروبا الدول .. وأوروبا الشعوب

المؤتمر الأول للأئمة في النمسا

اللغة ليست أداة للتواصل بالضرورة .. بل قد تكون عائقاً أحياناً

ديمقراطية السقف الأدنى  وإصلاح دون مستوى الإصلاح

لاستعمار يطلّ برأسه من جديد

هدم منازل غزة.. عقلية إسرائيلية استعلائية

تصلّب في شرايين الجمعيات؟

مرحلة شائكة .. وحصانة متآكلة

من الهجرة إلى المواطنة

شخصنة المؤسسات

 

 

جميع الحقوق محفوظه لشبكه رمضان