New Page 1

ذهاب موسى لميقات الله تعالى

 

كان نبي الله موسى عليه السلام قد وعد بني إسرائي الذين ءامنوا به واتبعوه أن ياتيهم بكتاب فيه تبيان معالم الشريعة وما يأتون وما يتركون، فلما أهلك الله تبارك وتعالى فرعون مصر ومن اتبعه من جنوده في البحر وأنجى بني إسرائيل، قالوا لنبيهم موسى عليه السلام: ائتنا بالكتاب الذي وعدتنا، فسأل موسى عليه السلام ربه ذلك، فاعده الله تعالى ثلاثين ليلة وأمره تعالى بالصيام فيها ثم يتبعها بعشر ليال اخرى يصوم فيها موسى أيضًا ليسمعه كلامه  ويعطيه التوراة وفيها الأحكام وتفاصيل الشريعة المطهرة.

ذهب موسى عليه السلام في الميقات الذي وعده الله تعالى، فلما عزم الذهاب استخلف في غيابه أخاه هارون عليه السلام على بني إسرائيل فوصاه وأمره أن يخلفه في بني إسرائيل في غيابه مع ان هارون كان معه نبيا ورسولا في ذلك الوقت، ولما جاء موسى عليه السلام لميقات الله تعالى ، رفع الله تعالى الحجاب المعنوي عن سمعه فكلمه الله تعالى من وراء حجاب، أي من غير أن يرى الله تعالى.

وقد سمع موسى عليه السلام كلام الله الذاتي الازلي الذي لا يشبه كلام البشر.

ولما أعطي نبي الله موسى عليه السلام هذه المنزلة العالية وهي سماعة كلام الله تعالى الأزلي، طلب عليه السلام من ربه عزوجل أن يراه فقال ارني انظر اليك فقال له تعالى لن تراني وعلق الله تعالى رؤية موسى له بثبات الجبل عند رؤيته تعالى، والله عالم في الازل أن الجبل لن يثبت ولهذا قال الله تعالى لكليمه موسى أنك لن تراني ولكن انظر الىالجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني، أي أن الله تعالى تجلى للجبل بعد أن خلق فيه الإدراك والرؤية فاندك الجبل دكًا وموسى عليه السلام ينظر إليه حتى خر عليه السلام مغشيًا عليه من هول ما رأى من اندكاك الجبل، فلما أفاق من غشيته قال سبحانك تبت إليك وأنا اول المؤمنين، قال الله تعالى حكاية عن ذلك: ، أي وأنا أول المؤمنين بانك لا ُترى بالعين في الدنيا وذلك لان الله تعالى لم يوح إلى موسى وإلى من قبله من الأنبياء أنه لا يُرى بالعين في الدنيا، وقد ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لا تخيروني من بين الأنبياء فأن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق لفإذا أنا بموسى ءاخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور)).

أنزل الله تعالى على نبيه موسى التوراة وكانت مكتوبة على الواح، قيل : كانت من زبرجد وجوهر نفيس، وقيل: كانت من خشب والله أعلم، وكانت فيها تشريعات ومواعظ وتفصيل لكل مل يحتاج إليه بنو إسرائيل من أمور الحلال والحرام، وقد أمره الله تعالى أن ياخذ إليه بنو إسرائيل من امور الحلال والحرام، وقد امره الله تعالى أن ياخذ ألواح التوراة بعزم ونية صادقة قوية، ويامر قومه بني إسرائيل بالعمل بها على الوجه الأكمل محذرًا غياهم من مخالفة أوامر الله سبحانه وتعالى، قال الله تبارك وتعالى: