New Page 1

قصة عبادة بني إسرائيل العجل

 

بعد ان ذهب موسى إلى جبل الطور لميقات ربه، وفي أثناء  ذلك عمد رجل من بني إسرائيل يقال له موسى السامري منتهزًا غياب موسى عليه السلام حيث أخذ ما كانوا استعاروه من حلي ءال فرعون وأتباعه، فصاغ منه شكل عجل ثم ألقى فيه قبضة من التراب كان أخذها من أثر فرس جبريل عليه السلام حين رءاه يوم أغرق الله تعالى فرعون وجنوده في البحر، فلما ألقاها في فم هذا العجل الذي صاغه صار يخور كما يخور العجل الحقيقي بقدرة الله تعالى ومشيئته ابتلاء منه تعالى واختبارًا وفتنة، ثم قال السامري ومن وافقه من الذين افتتنوا بهذا العجل ما أحبر الله تعالى في قوله: أي قالوا هذا العجل الذي خار هو إلهكم وإله موسى، وقد نسي موسى ربه عندنا وذهب يبحث عنه ويطلبه وبين تعالى ان قولهم هذا هو بطلان تام.

ولما رجع موسى عليه السلام إلى بني إسرائيل وفيهم هؤلاء الذين عبدوا هذا العجل، ورأى عليه السلام ما هم عليه فغضب غضبًا شديدًا وكان معه الألواح المتضمنة التوراة، فألقلى الألواح التي كانت معه من غير استخفاف بها على مكان طاهر،  اقبل على هؤلاء الذين عبدوا العجل يعنفهم ويوبخهم على صنيعهم القبيح هذا.

ثم اقل عليه السلام على اخيه هارون عليه السلام الذي كان قد استخلفه عليهم وأخذ براسه ولحيته يجره إليه ليدينه ويتفحص الواقعة والأخبار منه من غير أن يقصد موسى أن يهينه ويستخف به، وصار عليه السلام يسأله عما منعه أن يتبعه ليخبره بما فعله هؤلاء من عبادة العجل فخاف هارون عليه السلام بما فعله أخوه موسى معه في شدة غضبه أن يسبق إلى قلوب قومه ما لا أصل له ويظنوا به ما لا يليق، فقال لموسى عليه السلام ك فبين هارون لموسى عليهما السلام إن هو ذهب ليخبره بما فعله القوم ان يقول له لماذا جئتني وتركت القوم، وقد كان هارون عليه السلام قد منع هؤلاء من عبادة العجل أشد النهي وزجرهم عنه زجرًا شديدًا.

وبعد ان سمع موسى عليه السلام مقالة اخيه هارون تركه وأقبل غاضبًا على السامري وساله عما حمله على هذا الصنيع الشنيع في عبادته العجل ودعوة الناس إلى عبادته واتخاذه إلها فأخبره السامري بأنه راى جبريل عليه السلام راكبًا فرسًا يوم أغرق الله فرعون وجنوده، وانه أخذ قبضة من أثر التراب الذي كانت تحت حافر فرسه وألقاه في فم هذا العجل المصنوع من الذهب كما سولت له نفسه ذلك وزينت حتى كان من امر العجل ما كان، ولما سمع موسى عليه الصلاة والسلام مقالة السامري وبخه وعنفه بشدة على عبادته لغير الله تعالى، ثم دعا عليه أن لا يمس احدًا ولا يمسه أحد ما دام في حياته فقد عاقبه الله تعالى في دنياه بذلك والهمه أن يقول((لا مساس)) فكان السامري إذا لقي أحدًا يقول: لا مساس أي لا تقربني ولا تمسني، وصار يهيم في البرية مع الوحوش والسباع لا يمس أحدًا ولا يمسه أحد، وكان نبي الله موسى عليه السلام قد توعده على كفره بالعذاب الأليم في الآخره.

عمدموسى عليه السلام إلى العجل الذي عبد بعض بني إسرائيل بإشارة وطلب من السامري فأحرقه بالنار ورمى رماده في البحر، ثم توجه إلى بني إسرائيل وأخبرهم أن الله تبارك وتعالى هو الإله الذي يستحق العبادة وحده ولا إله غيره، ثم أمر موسى عليه السلام بني إسرائيل بالشرب من هذا فشربوا، فمن كان من عابديه علق على شفاههم من ذلك الرماد ما يدل عليه، ولم يقبل الله تعالى توبة عابدي العجل إلا بالقتل، فدخلوا في  الإسلام وندموا على ما فعلوا وصاروا يقتلون أنفسهم قال الله تبارك وتعالى: .

ولما ذهب ما كان بموسى عليه السلام من غضب أخذ الالواح التي كتبت فيها التوراة وامرهم بقبولها والاخذ بها بقوة وعزم، فقالوا له: انشرها علينا فإن كانت أوامرها ونواهيها سهلة قبلناها، فعندئذ قال لهم: اقبلوها بما فيها، فلما راجعوه مرارًا أمر الله تعالى الملائكة فرفعوا الجبل على رؤسهم حتى صار كأنه غمامة على رؤسهم وقيل لهم: إن لم تقبلوها بما فيها سقط هذا الجبل عليكم، فقبلوا ذلك وامروا بالسجود فسجدوا، ولما نشر نبي الله موسى عليه السلام الواح التوراة لم يبق على وجه الأرض جبل ولا شجر ولا حجر إلا اهتز، قال تعالى: .

ثم إن بني إسرائيل سألوا موسى الرؤية فأخذتهم الرجفة كما قال تعالى: .