New Page 1

رفض بني إسرائيل الجهاد

 

أمر الله تعالى نبيه موسى عليه السلام أن يتوجه بالمؤمنين من بني إسرائيل إلى بيت المقدس في فلسطين، فخرج بهم موسى عليه السلام حتى إذا كانوا في الطريق عطشوا عطشًا شديدًا، فشكوا ذلك إلى نبيهم موسى مُتذمرين وطلبوا منه الماء والسقيا، فأمره الله سبحانه وتعالىأن يضرب الحجر الذي كان معه بعصاه فلما ضربه بعصاه تفجرت منه بقدرة الله تعالى اثنتا عشر عينًا لكل سبط من أسباطهم عين تجري بالماء العذب الزلال يشربون منها، وأرسل الله سبحانه وتعالى من السماء المن والسلوى رزقًا منه تعالى وفضلا وكرمًا يحصلون عليه من دون جهد أو تعب.

ثم إن كثيرًا منهم ضجر وتبرم وسألوا موسى أن يستبدلوا منها ببدلها مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها فوبخهم موسى ونصحهم، قال تعالى: ثم أكمل موسى عليه السلام سيره ببني إسرائيل إلى بيت المقدس التي كان الله سبحانه وتعالى قد وعدهم بها وكتبها لهم، وأخذ موسى يذكرهم نعمة الله تعالى عليهم وإحسانه إليهم إذ جعل فيهم أنبياء، وءتاهم من النعم ما لم يؤت أحدًا في زمان نبيهم موسى عليه السلام، ولما انفصل موسى بمن معه من بني إسرائيل وواجه بلاد بيت المقدس في فلسطين وجد عليه السلام فيه قومًا من الجبارين الظالمين المعروفين بكفرهم وجبروتهم وكانوا من الكنعانين ومن بقايا الحيثانيين وغيرهم، فامرهم عند ذلك موسى عليه السلام بالدخول على هؤلاء الجبارين ومقاتلتهم وإجلائهم عن بيت المقدس التي كتبها الله تعالى لهم ووعدهم بها، ولكنهم أبوا ورفضوا الجهاد وجبنوا عن مقاتلة هؤلاء الأعداء الكافرين الذين كانوا ذوي قوة وبأس، وقالوا لنبيهم موسى: يا موسى إن فيها قومًا جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن خرجوا منها فإنا داخلون، وأمام هذا الموقف المخزي من جانب هؤلاء تقدم رجلان من الذين يخافون الله تعالى وقد أنهم الله تعالى عليهما بالإسلام والإيمان والطاعة والشجاعة والثبات وأشارا عليهم بالجهاد، وأن يدخلوا على هؤلاء الجبارين من باب القرية ليمتلئوا منهم خوفًا ورعبًا، وطلبا منهم أن يتوكلوا على الله تعالى حق توكله وان يستعينوا به ويلتجئوا إليه لينصرهم علىهؤلاء الطغاة الجبارين ويظفرهم بهم.

وأمام هذا الموقف المشرف الذي وقفه هذان الرجلان المؤمنان اللذان يخافان الله تعالى، وقع امر عظيم كبير من جانب بني إسرائيل إذ صمم أكثرهم على رفض الجهاد والتقاعس عنه وقالوا لنبيهم موسى عليه السلام: يا موسى إنا لن ندخلها ابدًا ما داموا فيها. فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون، فعاقبهم الله بسبب مخالفتهم نبيهم موسى وعصيانهم أمره بالتيهان في الأرض يسيرون إلى غير مقصد ليلا ونهارًا وصباحًا ومساءً، يحلون ويرتحلون ويذهبون ثم يرجعون إلى مكانهم الذي ذهبوا منه طيلة أربعين سنة، ختى مات هؤلاء كلهم في مدة أرعين سنة ولم يبق إلا أولادهم وذراريهم سوى هذين الرجلين اللذان يخافان الله تعالى وقيل هما: يُوشع بن نون وكالب بن يوفنان وكانا رجلين صالحين.

يقول الله سبحانه وتعالى إخبارًا عن موسى عليه السلام مع هؤلاء القوم من بني إسرائيل:   .