New Page 1

محنة يوسف مع امرأة العزيز

 

 

أقام يوسف عليه السلام في بيت عزيز مصر ووزيرها مُنعمًا مُكرمًا وكان فائق الحسن والجمال، فلما شب وكبر أحبته امرأة العزيز حبًا جمًا وعشقته وشغفها حبه لما رأت من حسنه وجماله الفائق.

وذات يوم قيل: كان عمر يوسف سبعة عشر عامًا أرادت امرأة العزيز أن تحمله على مواقعتها وما يريد النساء من الرجال عنوة، وهي غاية في الجمال والمال والمنصب والشباب، وغلقت الأبواب عليها وعليه، وتهيأت له وتصنعت ولبست أحسن ثيابها وأفخرها ودعته صراحة إلى نفسها من غير حياء وطلبت منه ما لا يليق بحاله ومقامه، والمقصود أنها دعته إليها وحرصت على ذلك أشد الحرص، ولكن هيهات هيهات.. وهو النبي العفيف الطاهر المعصوم عن مثل تلك الرذائل والسفاهات والفواحش. لذلك أبى يوسف عليه السلام ما دعته إليه امرأة العزيز، وامتنع أشد الامتناع ولأصر على عصيان أمرها وقال :معاذ الله، أي أعوذ بالله أن أفعل هذا، ثم قال لها: يريدُ أن زوجها صاحب المنزل سيدي - أي بحسب الظاهر للناس - أحسن إلي وأكرم مقامي عنده وائتمنني فلا أخونه في أهله، وأن الذي تدعينني إليه لظلم فاحش ولا يفلح الظالمون، يقول الله تعالى: .

وأما إباء يوسف عليه السلام عن مطاوعة امرأة العزيز، وأمام عفته وإصراره على عدم الوقوع معها في الحرام،ازدادت هي إصرارًا على الهم بالرذيله فأمسكت به تريد أن تجبره على مواقعتها وارتكاب الفاحشة معها من غير حشمة وحياء، فصار عليه السلام يحاول أن يتخلص منها، فأفلت من يدها فأمسكت ثوبه من خلف فتمزق قميصه، وظلت تلاحقه وهما يستبقان ويتراكضان إلى الباب هو يريد الوصول إليه ليفتحه ليتخلص منها يدفعُه إلى ذلك الخوف من الله مولاه، وهي تريد أن تحول بينه وبين الباب تدفعُها إلى ذلك الشهوة الجامحة والاستجابة لوساوس الشيطان، وفي تلك اللحظات وصل زوجها العزيز فوجدهما في هذه الحالة، فبادرته بالكلام وحرضته عليه وحاولت أن تنسب إلى يوسف عليه السلام محاولة إغوائها والاعتداء عليها مدعية انها امتنعت وهربت فنسبت إلى يوسف الخيانة وبرأت نفسها، لذلك رد النبي يوسف عليه السلام التهمة عن نفسه وقال: هي راودتني عن نفسي، يقول تبارك وتعالى: .

وأما قوله تعالى:   فمعناه أن امرأة العزيز همت بأن تدفعه إلى الأرض لتتمكن من قضاء شهوتها بعد وقوعه على الأرض وهو هم بأن يدفعها عنه ليتمكن من الخروج من الباب لكن لم يفعل هو لأن الله ألهمه أنه لو دفعها لكان ذلك حجة عليه عند أهلها بأن يقولوا إنما دفعها ليفعل بها الفاحشة.