New Page 1

عمل سوف لإبقاء بنيامين عنده

 

 

أكرم يوسف عليه الصلاة والسلام إخوته وأحسن ضيافتهم، ثم أوفى لهم الكيل من الطعام وحمل بنيامين بعيرًا باسمه كما حمل لهم،ثم لما وفاهم كيلهم وقضى حاجتهم جعل السقاية - وهو الإناء الذي كان يشرب فيه الملك ويكيل به الطعام وقيل: كان مرصعا بالجواهر ثمينًا - في رحل أخيه ومتاعه وإخوته لا يشعرون، فلما ارتحلوا مسافة قصيرة أرسل الطلب في أثرهم فأدركوهم ثم نادى مناد فيهم قائلا: أيتها العير - أي القافلة التي فيها الأحمال - إنكم لسارقون قفوا، قيل: ثم وصل إليهم رسول يوسف ووكيله وأخذ يوبخهم ويقول لهم: ألم نكرم ضيافتكم ونوفكم كيلكم ونحسن منزلتكم ونفعل ما لم نفعل بغيركم وأدخلناكم علينا في بيوتنا وأنتم تسرقون؟

ولما أقبل المنادي ومن معه على إخوة يوسف يتهمهم بالسرقة قال إخوة يوسف ماذا تفقدون؟ أي ما الذي ضل عنكم وضاع؟ فقالوا لهم :نفقد صواع الملك ولمن جاء به ودل عليه فله حمل بعير من الطعام وأخبرهم المنادي أنه الكفيل بالوفاء بالحمل لمن رده.

ولما سمع إخوة يوسف ما قاله المنادي ومن معه من حاشية الملك قالوا لهم: ما جئنا لنفسد ولسنا سارقين فحلفوا بالله وقالوا: أنتم تعلمونأننا ما جئنا للفساد والسرقة، ونفوا أن يكونوا سارقين، وهنا رد عليهم منادي الملك وأصحابه: فما جزاء من توجد في متاعه سقاية الملك إن كنتم كاذبين في قولكم وما كنا سارقين، فأجابهم إخوة يوسف: إن جزاء من توجد في متاعه ورحله سقاية الملك أن يستبعد بذلك وقيل: إن هذه كانت سنة ءال يعقوب وهذه كانت من شريعتهم وهي شريعة يعقوب وهي أن السارق يدفع ويسلم إلى المسروق منه.

ولما قال إخوة يوسف عليه السلام مقالتهم فتش رسول الملك الأوعية وبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيهم بنيامين مبتدئًا بالكبير ومنهيًا بالصغير لإزالة التهمة وليكون أبلغ في الحيلة، فوجد سقاية الملك في وعاء أخيهم بنيامين فاستخرجها منه، فأخذ بنيامين وانصرف به إلى يوسف عليه الصلاة والسلام.

ولما شاهد إخوة يوسف عليه السلام رسول الملك ومناديه يستخرج سقاية الملك وصواعه من متاع بنيامين مُلئوا غيظًا على بنيامين لما وقعوا فيه من الورطه والغم والهم وقالوا ان سرق فقد سرق أخ له من قبل ويقصدون أخاهم يوسف، قيل: إنهم يقصدون بذلك السرقة التي نسبوها ليوسف وهي أنه رأى مرة صنمًا في بيت بعض أقاربه من جهة أمه، فأخذه وكسره وأتلفه فاعتبروا ذلك سرقة جهلا بحقيقتها، وقيل: قصدوا بالسرقة أنه كان يأخذ الطعام من البيت فيطعمه الفقراء والمساكين، فأخفى يوسف عليه السلام هذه التهمة في نفسه ولم يجاهرهم بها.

ولما أراد يوسف أن يحبس أخوهم بنيامين عنده ووجد إخوته أنه لا سبيل لهم إلى تخليصه منه، سألوه أن يطلقه ويعطوه واحدًا منهم بديلا عنه وقالوا ليوسف: ياأيها العزيز إن له أبا شيخًا كبيرًا متعلق به مُغرم بحبه فخذ أحدًا منا بدلا من بنيامين وأخل سبيله إنا نراك من المحسنسن، لكن يوسف الصديق رفض إخلاء سبيل أخيه بنيامين وقال لإخوته معاذ الله أن أخذ أحدصا غير الذي وجدت المتاع عنده أني إذًا من الظالمون، ولما استيأس إخوة يوسف عليه السلام من أخذ أخيهم من يوسف بطريق البادلة وأن يجيبهم إلى ما سألوه، خلا بعضهم ببعض واعتزلوا الناس ليس معهم غيرهم وصاروا يتناجون ويتناظرون ويتشاورون ثنن قال كبيرهم وهو روبيل: لقد أخذ أبوكم عليكم ميثاقًا وعهدًا في حفظ أخيكم بنيامين ورده إليه إلا أن تغلبوا كلكم عن الإتيان به، وها أنتم تفرطون فيه كما فرطتم في أخيه يوسف من قبله، فلن أزال مقيمًا ههنا في بلاد مصر لا أفارقها حتى يأذن لي أبي في القدوم أو يقدرني الله على رد أخي إلى أبي، ثم أشار إليهم وطلب منهم الرجوع إلى أبيهم يعقوب وإخباره بما كان من سرقة أخيهم بنيامين لصواع الملك، وأنهم ما شهدوا عليه بالسرقة إلا بما علموا من مشاهدة إذ وجدوا الصواع في أمتعته، ثم طلب منهم إخوهم الكبير روبيل أن يقولوا لأبيهم: إن كنت مُتهمًا لنا ولا تصدقنا على ما نقول من أن ابنك سرق فاطلبوا منه أن يسأل أهل القرية التي كنا فيها وهي مصر وأهل العير وهي القافلة التي أقبلنا فيها عن خبر ابنك بنيامين لأن أمر بنيامين اشتهر بمصر وعلمته القافلة التي كنا فيها وإنا لصادقوك فيما أخبرناك، يقول الله عزوجل : .