صناعة الآراء

صناعة الآراء
                                                           
        لتوفيق الحكيم (9 أكتوبر 1898 - 26 يوليو 1987م)
 

التعريف بالكاتب :
ولد توفيق الحكيم 1898م في الإسكندرية لأب كان يعمل في سلك القضاء وأم تركية ، وقضى بدايات حياته في مديرية البحيرة حيث تلقى تعليمه في مدرسة دمنهور الابتدائية ، ثم سافر إلى القاهرة ليلتحق بالمدرسة الثانوية . ثم تخرج في الحقوق ، وسافر إلى باريس لدراسة القانون ، ثم انصرف عن دراسة القانون واتجه إلى الأدب المسرحي والقصصي ، ودراسة المسرح الفرنسي ، وحاول تصوير كفاح الشعب المصري في رواية " عودة الروح " . ويعد الحكيم رائد المسرح العربي والمصري وله روايات كثيرة مترجمة ( شهر زاد - يوميات نائب في الأرياف - ....) وله كتب ساخرة مثل : (حمار الحكيم - عصا الحكيم ومنه هذا النص) توفي توفيق الحكيم بالقاهرة عام 1987م .

تمهيد :
إن الأديب الأريب
(الذكي الماهر) والمفكر الحصيف (الحكيم ، جيد الرأي) يستطيع أن يشكل عقل الأمة بما يبثه في عقولهم ويغرسه في نفوسهم من أفكار جادة ، وآراء بناءة يستطيع كل فرد أن يصنع رأيه متأثراً بالرأي الصائب للأديب . ولكننا يجب ألا نتبنى آراء الآخرين دون تدبر وإعمال فكر ، والكاتب في هذا المقال الحواري يبين أهمية دور المفكرين ، والأدباء والفنانين في خلق - وليس خنق - الرأي العام ، ودعوة المواطنين إلى المشاركة بالرأي الخاص في قضايا المجتمع ، وهي دعوة يحتاج إليها الوطن الآن أكثر من أي وقت مضى .

س 1 : إلامَ يهدف الكاتب من كتابة هذا المقال ؟         [أجب بنفسك]
 

لمعرفة المزيد عن توفيق الحكيم اضغط هنا

النص :    

" قالتِ العصَا :

 ما رِسَالةُ الأَديبِ والفَنَّان في نَظَرِكَ ؟ ... أَليْسَتْ هي في توجيهِ الرَّأي العامِّ ؟ ....

قلت :

أعتقد أن أَسْمى رِسَالَةٍ للأَديبِ والمُفكِّر والفَنَّانِ لَيْستْ فى تَوجيهِ الرَّأي العَامِّ ، بلْ في خَلْقِ الرَّأي العَامِّ ... فإنَّ التَّوجيهَ مَعْنَاهُ الدَّفْعُ والفَرْضُ والسَيْطَرَة بفكرة أو مَعنى أو مَرْمَى على نفوسهِم ... وفى هذا انتصارٌ بلا شَكٍّ لِفكرةِ المُفكِّر ، أو لِرَأْيِ الأَديبِ ، أو مرْمَى الفَنَّان... " .

اللغويات :
- العصا : العود ، العكاز ، المنسأة ج العِصِيّ - نظرك : أي رأيك - توجيه : تحريك ، قيادة ، إرشاد ، تسيير - أعتقد : أظن × أوقن - أسمى : أرفع ، أعلى × أحقر - خلق : ابتكار ، إيجاد × محاكاة ، تقليد - خلْق الرأي العام : تكوينه ، إيجاده ، تأسيسه ، تشكيله - الدفع : أي الإرسال ، التحريك - الفرض : الإلزام ، الوجوب ، الإرغام × التخيير - السيطرة : التحكم ، النفوذ ، السطوة  - مرمى : مقصد ، غرض ج مرامٍ

فروق لغوية :

1 - " شق عصا الطاعة " أي خالف أهله وتمرد عليهم .

2 - " رجل شديد العصا " أي صَلْب ، عنيف .

3 - " ألقى المسافر العصا " أي وصل المكان المقصود ، أقام .

4 - " شق عصا الجماعة " أي فرق كلمتها .

معلومة :

المقصود بـ" سياسة العصا والجزرة " هي : سياسة التلويح بالعقاب - العصا - مع تقديم الوعود بالثواب - الجزرة - وذلك لحث شخص أو جماعة ما على تنفيذ ما يطلب منهم واسم هذه السياسة أصلاً مأخوذ عن طريقة قيادة الحمير ونحوها من الدواب .

الشـرح :

تخيل توفيق الحكيم عصاه تتحدث إليه وتستفسره عن المقصود برسالة الأديب والمفكر والفنان وترى أنها توجيه للرأي العام والمجتمع ، ولكن الحكيم يرى أن أسمى رسالة للأديب والمفكر والفنان لا تكمن في توجيه الرأي العام لدى الناس ، وإنما في خلق الرأي العام وبنائه ؛ لأن التوجيه يعني فرض الرأي والسيطرة على آراء الآخرين . أي التأثير على الناس ودفعهم إلى اتجاه معين وفرض رأي والتأثير على عقولهم بفكرة ، أو معنى ، أو هدف ، وبهذا ننتصر لفكرة المفكر ، أو لرأي الأديب ، أو مقصد فنان ..

س1 : ما تعريف الرأي العام ؟ وما الذي يشكل هذا الرأي العام ؟
جـ : الرأي العام هو ذلك التعبير العلني والصريح الذي يعكس وجهة نظر أغلبية الجماعة تجاه قضية معينة في وقت معين تمس حياتهم بشكل مباشر أو غير مباشر . أو هو : " مجموع أراء الناس الجمعي حول قضية معينة ".

- الذي يشكل هذا الرأي العام : الدين - القيم والميول - وسائل الإعلام الجماهيري المقروءة والمسموعة والمرئية مثل : (التليفزيون - الصحافة) - رجال الفكر والثقافة (النخبة) - رجال الدين .

س2 : ما الذي يعتقده البعض (العصا) تجاه رسالة الأديب والمفكر والفنان ؟ وما رأي الكاتب في ذلك ؟
جـ : يعتقدون أن هذه الرسالة هي توجيه للرأي العام والمجتمع .
- يرى الكاتب أن أسمى رسالة للأديب والمفكر والفنان هي خلْق وتكوين وإيجاد الرأي العام ، فهو ليس كرجل السياسة الذي يريد فرض رأيه على الآخرين .  

س3 : ما أسمى وأعظم رسالة للأديب والمفكر والفنان كما يرى الكاتب ؟     [أجب بنفسك]

س4 : كيف يكون المفكرون والأدباء والفنانون رجال فكر مؤثر ؟
جـ : يكون المفكرون والأدباء والفنانون رجال فكر مؤثر عندما يساهمون في تشكيل وتأسيس وتكوين المجتمع وتربيته التربية السليمة .

س5 : ما المقصود بقول الكاتب " توجيه الرأي العام " ؟
جـ :
المقصود : فرض الرأي والسيطرة على آراء الآخرين . أي التأثير على الناس ودفعهم إلى اتجاه معين وفرض رأي والتأثير على عقولهم بفكرة ، أو معنى ، أو هدف .

التذوق :

(قالت العصا) : استعارة مكنية ، حيث صور الكاتب العصا بإنسان يتحدث إليه ، وسر جمال الصورة : التشخيص .

(ما رسالة الأديب في نظرك ؟) : الاستفهام للإثارة والتشويق لجذب الانتباه ولتهيئة المتلقي لإدراك دور الأديب .

(قلت) : تعبير يدل على اعتزاز الكاتب برأيه .

(أليست هي في توجيه الرأي العام ؟) :  أسلوب إنشائي / استفهام ، غرضه : التقرير .

(رسالة الأديب والفنان ..  توجيه الرأي العام ؟) : استعارة مكنية ، حيث صور الكاتب رسالة الأديب والفنان بإنسان يوجه ويشكل الرأي العام ، وسر جمال الصورة : التشخيص ، وتوحي بخطورة وأهمية هذه الرسالة في تكوين وتشكيل عقل الأمة .

س1 : أيهما أقوى في أداء المعنى : [رسالة الأديب والفنان - عمل الأديب والفنان] ؟ ولماذا ؟ 
جـ : رسالة الأديب والفنان أقوى ؛ لأنها تدل على عظمة وسمو وأهمية هذه الرسالة في تكوين وتشكيل عقل الأمة ، فكأن عمل الأديب والفنان واجب مقدس في الحياة .

(أسمى رسالة للأديب والمفكر والفنان) : استخدام اسم التفضيل (أسمى) يفيد قمة العلو والرفعة وبلوغ منتهى الصفة لهذه الرسالة .

(خلق الرأي العام) : استعارة مكنية ، حيث صور الكاتب الرأي العام بكائن حي يخلق ويكون ، وسر جمال الصورة : التجسيم .

(فإن التوجيه معناه الدفع والفرض والسيطرة بفكرة أو معنى أو مرمى على نفوسهم) : أسلوب مؤكد (بإن، وفيها إطناب عن طريق التفصيل (الدفع والفرض والسيطرة) بعد الإجمال (التوجيه) ، وفي العبارة تشبيه ، حيث شبه معنى التوجيه بالدفع والفرض والسيطرة . 

(فإن التوجيه معناه الدفع والفرض والسيطرة بفكرة أو معنى أو مرمى على نفوسهم) : العطف للتنويع وتعدد مصادر توجيه الرأي العام .

(الدفع والفرض والسيطرة بفكرة أو معنى أو مرمى على نفوسهم) : كناية عن شدة التحكم في فرض الرأي والسيطرة على آراء الآخرين والتأثير الشديد عليهم ، وسر جمال الكناية : الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم .

( لفكرة .. ، أو لرأي .. ، أو مرمى (مقصد) ..) : نكرات للتعظيم .

س2 : اعتمد الكاتب في إقناعنا بفكرته على التوكيد . اذكر من الفقرة السابقة ما يدل على ذلك .      [أجب بنفسك]

النص :    

" ولكنَّ هذا الانتصارَ الشَّخصيَّ هو في ذَاتِ الوقتِ خِذلانٌ لآراءِ عددٍ كبيرٍ من الناسِ ، وفَناءٌ لشخصيةِ طَوائِفَ عديدةٍ من البشرِ . مثلُ هذا الانتصارِ على آراءِ الناسِ وقلوبِهمِ مفهومٌ من رَجُلِ السياَسةِ ... ولكنَّ الأديبَ أو المفكرَ أو الفَنَّانَ رجلُ تكوينٍ وتَربِيَةٍ وخَلْقٍ... لا رجلَ سيطرةٍ وانتصارٍ ... فهو لا يجِبُ أن يُلبِسَكَ رأيَهُ، بل يَجبُ أن يَخْلُقَ فيكَ رَأْيكَ " .

اللغويات :
- خذلان : تخلّي ، تْرك ، والمراد : رفض × نصرة ، تأييد ، تدعيم - الناس : أي جماهير الشعب ، مادتها : نوس بينما إنسان مادتها : أنس - فناء : زوال ، هلاك ، اندثار × بقاء ، دوام - طوائف : جماعات ، ثُلل ، فصائل م طائفة - تكوين : تشكيل ، صياغة ، إيجاد - يلبسك رأيه : أي يفرضه عليك ، يلزمك به × يخيرك - يخلْق : يكوّن ، يؤسس ، يشكل .

الشـرح :

 ولكن هذا الانتصار الشخصي هو في الوقت نفسه تخلٍّ عن نصرة آراء عدد كبير من الناس ، وضياع لشخصية كثير من البشر .

إن الانتصار على آراء الناس معروف عند أهل السياسة ، ولكن المفكر والأديب والفنان يبحث في تكوين الإنسان وتربيته ، لا عن سيطرة أو انتصار لفكرة ، فلا ينبغي أن يخضعك لرأيه ، وإنما يجب أن يبني فيك الرأي ، فينبع رأيك منك .

س1 : متى تضيع شخصية الإنسان ؟ 
جـ : تضيع شخصية الإنسان عندما نتخلى عن تأييد وتدعيم رأيه في هذه الحالة تذوب شخصيته وتفنى بين مئات البشر .

س2 : ما الفرق بين السياسي من ناحية والأديب والمفكر والفنان من ناحية في تكوين الرأي العام للإنسان ؟
جـ : السياسي : يريد أن ينتصر برأيه على آراء الناس ، يحاول أن يخضع الناس لرأيه ويسيطر بفكرته وينتصر لها .
- أما
الأديب أو المفكر أو الفنان : فيبحث في تكوين الإنسان وتربيته ، ويبني فيك الرأي ، فينبع رأيك منك بحرية دون خضوع أو سيطرة .

س3 : لماذا اختار الكاتب المفكر والأديب والفنان لتكوين الرأي العام للإنسان في أي أمة ؟ 
جـ : لبيان أهميتهم الشديدة فهم المسئولون عن تشكيل عقل ووجدان أي أمة وتوجيهها التوجيه الحق إذا خلصت نواياهم .

التذوق :

(لكن هذا الانتصار) : التعبير بـ(لكن) للاستدراك ؛ منعاً للفهم الخاطئ .

(الانتصار - خذلان) : محسن بديعي / طباق يبرز المعنى ويوضحه ويقويه بالتضاد . 

(لكن هذا الانتصار) : التعبير بـ(لكن) للاستدراك ؛ منعاً للفهم الخاطئ .

(وفي هذا انتصار بلا شك لفكرة المفكر ، أو لرأي الأديب ، أو مرمى فنان) : استعارة مكنية ، حيث صور الكاتب فكرة المفكر ، أو رأي الأديب ، أو مرمى فنان بشخص يُنتصر له ، وسر جمال الصورة : التشخيص .   

(خذلان لآراء عدد كبير من الناس ، وفناء لشخصية طوائف عديدة من البشر) : استعارة مكنية للآراء بأشخاص يُتخلى عنها وتخذل ، وسر جمال الصورة : التشخيص ، وتوحي بزيف هذا النصر .

(خذلان لآراء عدد كبير من الناس ، وفناء لشخصية طوائف عديدة من البشر) : محسن بديعي / ازدواج يعطي جرساً موسيقياً محبباً للأذن .

(مثل هذا الانتصار على آراء الناس وقلوبهم مفهوم من رجل السياسة) : العطف أفاد شدة التأثير والسيطرة على جوانب الإنسان العقلية والوجدانية والاستحواذ التام .

(مثل هذا الانتصار على آراء الناس وقلوبهم مفهوم من رجل السياسة) : استعارة مكنية ، حيث صور الكاتب آراء الناس وقلوبهم بأعداء ينتصر عليهم ، وسر جمال الصورة : التشخيص .  

(الانتصار على آراء الناس وقلوبهم) : العطف أفاد تعدد مظاهر الاستحواذ التام والتأثير الكامل ، فالسيطرة واضحة في التحكم العقلي (آراء الناس) والوجداني (قلوبهم) للناس . 

(الأديب - المفكر - الفنان) : تعريف هذه الكلمات للتعظيم ؛ فأدوارهم مؤثرة بشدة في حياة الأمم بشرط أن يتخلوا عن الغرض (لاتنسَ : الغرض مرض) .

(لكن الأديب أو المفكر أو الفنان رجل تكوين وتربية وخلق) : العطف أفاد تعدد وتنوع أدوار رجال الأدب والفكر والفن الهامة في حياة أي أمة ؛ فهم الذين يعبّدون ويمهّدون الطريق للأمة وينيرونه لهم .

(ولكن الأديب ..) : لكن أفادت الاستدراك ؛ منعاً للفهم الخاطئ . 

(ولكن الأديب أو المفكر أو الفنان رجل تكوين وتربية وخلق ... لا رجل سيطرة وانتصار) : أسلوب قصر بـ(لا العاطفة)  يفيد التخصيص والتوكيد على اختلاف الأديب أو المفكر أو الفنان عن توجه السياسي .

(ولكن الأديب أو المفكر أو الفنان رجل تكوين وتربية وخلق ... لا رجل سيطرة وانتصار) : كناية عن الأهمية الشديدة دور الأدب والفكر والفن في صياغة وتشكيل وجدان الأمة وصنا    عة عقلها ، وسر جمال الكناية : الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم .

(ولكن الأديب أو المفكر أو الفنان رجل تكوين وتربية وخلق ... لا رجل سيطرة وانتصار) : محسن بديعي / مقابلة يبرز المعنى ويوضحه ويقويه بالتضاد . 

(فهو لا يجب أن يلبسك رأيه بل يجب أن يخلق فيك رأيك) : استعارة مكنية ، تصور الرأي بثياب يفرض لبسها بالقوة ، وسر جمال الصورة : التجسيم ، وتوحي الصورة بالتحكم السيئ لمن يفرض على الآخرين رأيه .

(فهو لا يجب أن يلبسك رأيه بل يجب أن يخلق فيك رأيك) : أسلوب قصر بـ(بل العاطفة) يفيد التخصيص والتوكيد أهمية تكوين رأيك بحرية من داخلك لا بإجبار من الآخرين .

(الأديب ... يخلق فيك رأيك) : استعارة مكنية ، تصور الرأي بكائن يشكل ، وسر جمال الصورة : التجسيم .

(يخلق فيك رأيك) : أسلوب قصر بتقديم الجار والمجرور (فيك) على المفعول به (رأيك) يفيد التخصيص والتوكيد.

س1 : أيهما أقوى في أداء المعنى : [يخلق فيك رأيك - يخلق في الناس الرأي] ؟ ولماذا ؟ 
جـ :
يخلق فيك رأيك أقوى ؛  الإضافة إلى (كاف) الخطاب تفيد التخصيص ؛ ليدل على أهمية رأي الفرد الشديد .

(يلبسك - يخلق) : استخدام الفعل المضارع يفيد التجدد والاستمرار واستحضار الصورة .

النص :    

" قالتِ العَصَا :  
إنَّكَ تَفْتَرِضُ أن النَّاسَ جَميعاً قَابِلُونَ أَن يكُونُوا أحْرَاراً ... وتَنْسَى أَنَّ أَغْلَبَ البَشرِ لا يَستطيعونَ ولا يُريدونَ أنْ يَكونَ لهمْ رَأىٌ... إنَّما يَستَسهِلُونَ أَن يْرتَدُوا الآراءَ التي تُصْنَعُ لَهمْ صُنعاً ...

قلتُ :
نَعمْ .. هُنَا المُشْكِلَةُ ... وإنَّها لتَتَفَاقَمُ ... لأنَّه باتِّسَاعِ نِطَاقِ الحضَارةِ أَصْبحَ منَ الضَّرورِي للنَّاسِ أنْ يتَّخِذُوا لَهمْ آراءَ كما يتَّخِذُونَ لهم  سَياراتٍ وأرديةً وأجهزةً للإذَاعَةِ ... وإن الكَسَلَ والسُّرْعَةَ والسُّهولَةَ تَدعُوهُم إلى طَلَب هَذهِ الآرَاءِ مصْنُوعَةً عندَ منْ يُحْسِنُ تقديمَها إليهم فى صَنَادِيقَ مُجهزةٍ مُبَسَّطَةٍ ...

قالتِ العَصا :
لعلنا
اقتَربنا من الحَقيقَةِ ... وهي أَنَّ عَمَلَ الأَديبِ أو المُفَكِّرِ أو الفنَّانِ هو خَلقُ أولئكَ الذينَ يَصْنَعُونَ الآراءَ للجَمَاهِيرِ ! .. " .

اللغويات :
  - تفترض : تظن ، تقدر ، تحتمل - أغلب : معظم ، أكثرية - يرتدوا الآراء : أي يعملوا بها - تصنع : تُعمل ، تُخلق ، تكوّن - تتفاقم : تتزايد ، تتضخم ، تستفحل ، تستشري ، تتعاظم × تتلاشى ، تنحسر - نطاق :
مجال ، ميدان ج نُطُق - الحضارة : تمدّن ، مدنية أو هي : مظاهر الرقي العلمي والفني والأدبي والاجتماعي × البداوة - الأردية : م الرداء ، وهو ما يلبس فوق الثياب كالجُبَّة والعباءة - الكسل : الخمول ، التراخي × النشاط - الآراء مصنوعة : أي المجهزة والمعدة مسبّقاً - يحسن : يجيد ، يتقن - تقديمها : عرضها - مجهزة : معدة - خلْق : تكوين ، تأسيس ، تشكيل .

الشـرح :

قالت العصا للحكيم :

إنك تفترض أن الناس قابلون أن يكونوا أحراراً في آرائهم وأفكارهم ، مع أن أكثرهم لا يستطيعون ذلك ، ولا يريدون أن يكونوا من أصحاب الرأي والتأثير على الآخرين ، ويستسهلون أن يتبنوا الآراء التي تصنع لهم أو تفرض عليهم .

تزداد المشكلة تعقيداً بعد أن اتسع نطاق الحضارة ، فقد أوجدت وسائل وأدوات متعددة ينتفع بها الناس دون أن ينتجوها ، ويقيس الحكيم حاجة الناس إلى تبني آراء صنعها غيرهم بهذا الذي جرى في عالم الحضارة ، إذ إن حالة الكسل والسرعة والسهولة التي يعيش فيها الناس تدعوهم إلى طلب الآراء التي أحسن غيرهم صنعها وتقديمها إليهم جاهزة مبسطة . وتلك هي مهمة المفكرين والأدباء .

قالت العصا : لقد اقتربنا من الحقيقة . وهي أن عمل الأديب أو المفكر أو الفنان هو إيجاد من يكوّنون الرأي العام .

س1 : ما الذي افترضه الكاتب من وجهة نظر العصا ؟  وما وجهة نظر العصا ؟
جـ : افترض أن الناس قابلون أن يكونوا أحراراً في آرائهم وأفكارهم .
- وجهة نظر العصا : أن أكثر الناس لا يستطيعون أن يكونوا أحراراً في آرائهم وأفكارهم ، ولا يريدون أن يكونوا من أصحاب الرأي والتأثير على الآخرين إما لكسلهم أو لاستسهالهم الأخذ بالآراء المعلّبَة .

س2 : لماذا لا يريد معظم الناس أن يكونوا من أصحاب الرأي والتأثير على الآخرين ؟ 
جـ : لكسلهم أو لأنهم يستسهلون أن يتبنوا الآراء التي تصنع لهم أو تفرض عليهم .

س3 : لماذا يتبنى ويطلب الناس آراء صنعها غيرهم ؟ ومن الذي يقدم هذه الآراء المعلّبَة ؟
جـ : لأن حالة الكسل والسرعة والسهولة التي يعيش فيها الناس هي التي تدعوهم إلى طلب الآراء التي أحسن غيرهم صنعها وتقديمها إليهم جاهزة مبسطة ، فقد أوجد اتساع نطاق الحضارة وسائل وأدوات متعددة ينتفع بها الناس دون أن ينتجوها .
- ومن يقدمها لهم : المفكرون والأدباء .

س4 : ما المقصود بـ " صناديق مجهزة " ؟
جـ : المقصود : أنها آراء فكر فيها وصنعها الغير وقدموها جاهزة الاستخدام للآخرين .

س5 : ما الحقيقة التي اقتربت منها العصا في نهاية الحوار ؟    أو ما الحقيقة التي توصل الكاتب لها في النهاية ؟
جـ : الحقيقة هي : أن عمل الأديب أو المفكر أو الفنان هو إيجاد من يكوّنون ويشكلون الرأي العام .

التذوق :

(أغلب الناس لا يستطيعون و لا يريدون) : تكرار (لا) يدل على استمرار العجز وعدم الرغبة في تكوين رأي شخصي .

(يكون لهم رأي) : أسلوب قصر بتقديم الجار والمجرور (لهم) على اسم كان (رأي) يفيد التخصيص والتوكيد .

(إنما يستسهلون أن يرتدوا الآراء) : استعارة مكنية ، حيث صور الآراء بملابس تُرتدى ، وسر جمال الصورة : التجسيم وتوحي الصورة بانعدام الابتكار لدى البعض وشدة الكسل .

(إنما يستسهلون أن يرتدوا الآراء) : أسلوب قصر بـ(إنما) يفيد التخصيص والتوكيد.

(الآراء التي تصنع لهم صنعاً) : استعارة مكنية ، حيث صور الكاتب الآراء بأشياء مادية تصنع ، وسر جمالها التجسيم ، وتوحي الصورة بكسل البعض وقلة حيلتهم .

(الآراء التي تصنع لهم صنعاً) : إيجاز بحذف الفاعل يفيد إثارة الذهن والتشويق .

(الآراء التي تصنع لهم صنعاً) : أسلوب توكيد بالمفعول المطلق (صنعاً) .

(وإنها لتتفاقم) : أسلوب مؤكد بمؤكدين (إن + اللام) .

(أن يتخذوا لهم آراء كما يتخذوا لهم سيارات) : تشبيه ، حيث صور الكاتب الآراء التي يأخذ ويعمل بها الناس بالسيارات ، وسر جمال الصورة التجسيم والتوضيح ، وتوحي بعدم الابتكار الاستسهال التام .

(أن يتخذوا لهم آراء كما يتخذوا لهم سيارات) :  أسلوب قصر بتقديم الجار والمجرور (لهم) على المفعول به (آراء ) ، مرة و(سيارات) يفيد التخصيص والتوكيد .

(أن يتخذوا لهم آراء - كما يتخذوا لهم سيارات) : محسن بديعي / ازدواج يعطي جرساً موسيقياً محبباً للأذن .

(طلب الآراء مصنوعة) : استعارة مكنية ، حيث صور الكاتب الآراء بأشياء مادية تصنع وتطلب ، وسر جمال الصورة التجسيم ، وتوحي الصورة بكسل البعض في مجرد التفكير .

(الآراء .. يحسن تقديمها إليهم في صناديق مجهزة) : استعارة مكنية ، حيث شبه الكاتب الآراء بأشياء مادية تقدم مغلفة في صناديق معدة مسبّقاً ، وتوحي الصورة بالإغراء الشديد في استخدامها دون تفكير .

س1 : أيهما أقوى في أداء المعنى : [الآراء يحسن تقديمها إليهم - الآراء يقوم بتقديمها إليهم] ؟ ولماذا ؟ 
جـ : التعبير بـ(
يحسن) يوحي بإجادة ومهارة من يقدمها في إقناع من يأخذ بتلك الآراء  ويقتنع بها 

(أن عمل الأديب أو المفكر أو الفنان هو خلق أولئك الذين يصنعون الآراء للجماهير) : تشبيه ، حيث صورنا عمل الأديب أو المفكر أو الفنان بالخلق ، وتوحي الصورة بالابتكار والتجديد .

(أولئك الذين يصنعون الآراء للجماهير) : استخدام اسم إشارة (ذلك) للتعظيم ولتقدير دور من يشكل ويصوغ وجدان الأمة .

س2 : أيهما أقوى في أداء المعنى : [يصنعون الآراء للجماهير - يصوغون الآراء للجماهير] ؟ ولماذا ؟ 
جـ : التعبير بـ(
يصوغون) يوحي أجمل ؛ لأنها توحي بالقيمة الغالية والهامة لهذه الآراء والمهارة والإتقان والدقة في تشكيلها ، وكأنها جوهرة أو معدن ثمين يُشكل . 

(يصنعون الآراء للجماهير) : استعارة مكنية ، حيث صور الكاتب الآراء بأشياء مادية تصنع ، وسر جمال الصورة التجسيم ، وتوحي الصورة بالإبداع والابتكار .

س3 : لِمَ كانت الجماهير أفضل من الملايين  في ( يصنعون الآراء للجماهير) ؟ 
جـ : الجماهير أفضل ؛ لأنها توحي بالكثرة والعموم والشمول كما أن كلمة (الملايين) غير عربية .

س4 : علل :
 
* إكثار الكاتب من استخدام الأفعال المضارعة .     [أجب بنفسك]
 
* إكثار الكاتب من استخدام أساليب القصر .          [أجب بنفسك]

 

التعليق :
س1 : من أي فنون النثر هذا النص ؟
جـ : من فن المقال

س2 : حلل عناصر مقال " صناعة الآراء " لتوفيق الحكيم.
جـ :  عناصر مقال " صناعة الآراء " لتوفيق الحكيم :
١-
المقدمة : وقد جاءت في سؤال طرحته العصا على الكاتب عن رسالة المفكرين بخصوص الرأي العام.
٢-
العرض : وقد تمثل في إجابة الكاتب وشرحه لمفهوم الرأي العام وبيان الفرق بين « توجيه الرأي العام » و « تكوين الرأي العام ».
٣-
الخاتمة : وتأتي في آخر المقال حيث إن الكاتب يرى أن في العصر الحاضر وبعد التقدم الحضاري المذهل ، لابد لنا من خلق جيل من المفكرين الذين يصنعون الرأي العام للجماهير .

س3 : ما السمات العامة للمقال التي تحققت في النص ؟
جـ : السمات العامة للمقال التي تحققت هي :
1- كونه نثراً.
2- التكوين الفني باكتمال الوحدة والانسجام .
3- سلامة الأفكار ودقتها .
4- القصر.
5- الذاتية ، فشخصية الكاتب واضحة فيه.
6 - العرض الشائق الجذاب.

س4 : ما اللون الأدبي للنص ؟ وما خصائصه الفنية ؟
جـ : النص مقال من الأدب الاجتماعي . وخصائصه :
1- تناول الظواهر الاجتماعية.
2- الدقة والتفصيل في عرض الموضوع.
3- الإقناع بتقديم الحجة السليمة.
4- سهولة الألفاظ وقربها من لغة الحياة.
5- وضوح المعاني وترابطها.

س5 : ما سمات أسلوب الكاتب ؟
جـ : يتسم أسلوب الكاتب بـ :
1 - دقة الفكر وتسلسلها ووضوحها والتكثيف الشديد .
2 - سوق الأدلة للإقناع .
3 - سهولة العبارات وسلامتها فلا تعقيد ولا تكلّف .
4 - قلة الصور البلاغية .
5 - القدرة على ابتكار الشخصيات
" العصا ".
6 - ندرة المحسنات البديعية .
7 - الاعتماد على الأسلوب الخبري دون الإنشائي .
8 - الجمع بين الواقعية والرمزية
" العصا " .

س6 : ما ملامح شخصية الكاتب التي تظهر من خلال النص ؟
جـ : واسع الثقافة - عميق الفكر - قوة الملاحظة لما يدور حوله في المجتمع - الإلمام بثقافة عصره - يعرض المشكلات واضحة ، ويعرض وسيلة علاجها .

س6 : ما الأسلوب الذي آثره الكاتب في النص ؟
جـ : آثر الأسلوب الخبري لتقرير المعنى ولتأكيد أن ما يعرضه حقائق لا مجال للشك فيها .

س7 : علامَ أقام الكاتب مقاله ؟ وماذا أفاد ذلك ؟
جـ : أقام الكاتب مقاله على شكل حوار بينه وبين عصاه . والحوار دائماً يعطي مزيداً من الإقناع ، ويضفى على النص الحيوية والمتعة ويحول دون تسلل الملل إلى القارئ .

س8 : لماذا جاءت الصور قليلة في النص ؟
جـ : جاءت الصور قليلة ؛ لأن الهدف الإقناع العقلي والتوضيح لا الإمتاع العاطفي ؛ فالكاتب يعرض قضية اجتماعية تحتاج إلى الأدلة والبراهين لتدعيم وجهة نظره أكثر مما تحتاج إلى الخيال والتصوير .

س9 : بم تميزت ألفاظ وعبارات توفيق الحكيم ؟
جـ : تميزت ألفاظه بأنها سهلة واضحة قريبة من لغة الحياة - والعبارات سليمة ومتنوعة بين الخبر والإنشاء وفيها بعض المحسنات .

            
تدريبات

1
(قالت العصا : ما رسالة الأديب في نظرك ؟ ... أليست هي في توجيه الرأي العام ؟ ....
قلت : أعتقد أن أسمى رسالة للأديب والمفكر والفنان ليست في توجيه الرأي العام ، بل في خلْق الرأي العام ... فإن التوجيه معناه الدفع والفرض والسيطرة بفكرة أو معنى أو مرمى على نفوسهم ... وفي هذا انتصار بلا شك لفكرة المفكر ، أو لرأي الأديب ، أو مرمى فنان ... ) .

(أ) - هات من الفقرة كلمة بمعنى (المنسأة - مقصد) ، وكلمة مضادها (تقليد - التخيير) .

(ب) - للكاتب رأي يخالف رأي العصا . وضح .

(جـ) - ما المقصود بالتوجيه ؟

(د) - استخرج من الفقرة :
1 - أسلوباً إنشائياً ، وبين سر جماله .
2 -
صورتين خياليتين مختلفتين ، وبين سر جمالهما .

(هـ) - لماذا جاءت الصور قليلة في النص ؟

2

( ولكن هذا الانتصار الشخصي هو في ذات الوقت خذلان لآراء عدد كبير من الناس ، وفناء لشخصية طوائف عديدة من البشر . مثل هذا الانتصار على آراء الناس وقلوبهم مفهوم من رجل السياسة  ... ولكن الأديب أو المفكر أو الفنان رجل تكوين وتربية وخلق ... لا رجل سيطرة وانتصار ... فهو لا يجب أن يلبسك رأيه بل يجب أن يخلق فيك رأيك ) . 

(أ) ‌- هات مرادف (فناء - قلوبهم) , ومضاد (خذلان - يلبسك رأيه)  في جمل من عندك.

(ب) - ما الفرق بين السياسي والأديب تجاه رأي الناس ؟

(جـ) - ما الأسلوب الذي فضله الأديب في هذه الفقرة ؟ ولماذا ؟

(د) - (لكن هذا الانتصار) ماذا أفاد التعبير بـ(لكن) ؟

(هـ) - ما اللون الأدبي للنص ؟ وما خصائصه الفنية ؟ 

(و) - استخرج من الفقرة :
1 - كناية ، وبين سر جمالها .
2 - استعارة ، وبين نوعها .
3 -
أسلوب قصر ، وبين غرضه البلاغي .
4 -
 محسنين بديعيين مختلفين ، وبين سر جمالهما .

(ز) - من أي فنون النثر هذا النص ؟

3

( قالت العصا : إنك تفترض أن الناس جميعاً قابلون أن يكونوا أحراراً ... وتنسى أن أغلب الناس لا يستطيعون و لا يريدون أن يكون لهم رأي ... إنما يستسهلون أن يرتدوا الآراء التي تصنع لهم صنعاً ...

قلت: نعم .. هنا المشكلة ... وإنها لتتفاقم ... ﻷنه باتساع نطاق الحضارة أصبح من الضروري للناس أن يتخذوا لهم آراء كما يتخذوا لهم سيارات وأردية وأجهزة للإذاعة ... وإن الكسل والسرعة والسهولة تدعوهم إلى طلب هذه الآراء مصنوعة عند من يحسن تقديمها إليهم في صناديق مجهزة مبسطة ...

قالت العصا : لعلنا اقتربنا من الحقيقة ... وهي أن عمل الأديب أو المفكر أو الفنان هو خلق أولئك الذين يصنعون الآراء للجماهير ! ..  ) . 

(أ) - تخير الإجابة الصحيحة لما يلي مما بين الأقواس : 
     -" مجهزة " مرادفها : (معلبة - معدودة - معدة - مغطاة) .
     -" 
تتفاقم " مضادها : (تتوارى - تتلاشى - تتهادى - تسهل) .
     -" 
الأردية " مفردها : (الرداء - الرد - الأرد - الأردي) .

(ب) - ما الذي يستسهله الناس ؟

(جـ) - لاتساع الحضارة تأثير على الناس . وضح .

(د) - ما أثر الكسل والسرعة والسهولة على الناس ؟

(هـ) - اقتربت العصا من حقيقة . ما هي ؟

(و) - علل : إكثار الكاتب من استخدام أساليب القصر وأساليب التوكيد .  

(ز) - استخرج من الفقرة :
1 - تشبيهاً ، وبين سر جماله .
2 - استعارة ، وبين سر جمالها .
3 -
أسلوباً مؤكداً بمؤكدين .
4 -
 محسناً بديعياً ، وبين سر جماله .

(ح) - ما سمات أسلوب الكاتب ؟

عودة إلى دروس الصف الثاني

عودة إلى صفحة البداية