يا فتاة - محرمات اتهان بها الناس - الشيخ محمد المنجد حفظه الله تعالى
 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

         

                               مُحرمات استهان بها الناس
الزّنا :
لما كان من مقاصد الشريعة حفظ العرض وحفظ النسل جاء فيها تحريم الزنا قال الله تعالى : ( ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً ) (الإسراء : 32) . بل وسدت الشريعة جميع الذرائع والطرق الموصلة إليه بالأمر بالحجاب وغض البصر وتحريم الخلوة بالأجنبية وغير ذلك .

والزاني المحصن يعاقب بأشنع عقوبة وأشدها ، وهي رجمه بالحجارة حتى يموت ليذوق وبال أمره وليتألم كل جزء من جسده كما استمتع به في الحرام ، والزاني الذي لم يسبق الوطء في نكاح صحيح يجلد بأكثر عدد في الجلد ورد في الحدود الشرعية وهو مائة جلدة ، مع ما يحصل له من الفضيحة بشهادة طائفة من المؤمنين لعذابه والخزي بإبعاده عن بلده وتغريبه عن مكان الجريمة عامًا كاملاً .

وعذاب الزناة والزواني في البرزخ أنهم يكونون في تنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يوقد تحته نار يكونون فيه عراة ، فإذ أوقدت عليهم النار صاحوا وارتفعوا حتى يكادوا أن يخرجوا فإذا أخمدت أرجعوا فيها وهكذا يفعل بهم إلى قيام الساعة .

و يزداد الأمر قبحًا إذا كان الرجل مستمرًا في الزنا مع تقدمه في السن وقربه من القبر وإمهال الله له فعن أبي هريرة مرفوعًا : ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم : شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر ) . ومن شر المكاسب مهر البغي وهو ما تأخذه مقابل الزنا ، والزانية التي تسعى بفرجها محرومة من إجابة الدعوة عندما تفتح أبواب السماء في نصف الليل . وليست الحاجة والفقر عذرًا شرعيًا مطلقًا لانتهاك حدود الله وقديمًا قالوا تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها فكيف بفرجها

وفي عصرنا فتح كل باب إلى الفاحشة ، وسهل الشيطان الطريق بمكره ومكر أوليائه ، واتبعه العصاة والفجرة ففشا التبرج والسفور ، وعم انفلات البصر والنظر المحرم ، وانتشر الاختلاط ، وراجت مجلات الخنا ، وأفلام الفحش ، وكثر السفر إلى بلاد الفجور ، قام سوق تجارة الدعارة ، كثر انتهاك الأعراض ، وازداد عدد أولاد الحرام وحالات قتل الأجنة ، فنسألك اللهم رحمتك ولطفك وسترك وعصمة من عندك تعصمنا بها من الفواحش ، ونسألك أن تطهر وتحصن فروجنا ، وأن تجعل بيننا وبين الحرام برزخًا وحجرًا محجورًا .

امتناع المرأة من فراش زوجها بغير عذر شرعي :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح ] .

وكثير من النساء إذا صار بينها وبين زوجها خلاف تعاقبه - بظنها - بمنعه حقه في الفراش وقد يترتب على هذا مفاسد عظيمة منها وقوع الزوج في الحرام وقد تنعكس عليها الأمور فيفكر جادًا في الزواج عليها .

مصافحة الأجنبية :
وهذا ما طغت فيه بعض الأعراف الاجتماعية على شريعة الله في المجتمع ، وعلا فيه باطل عادات الناس وتقاليدهم على حكم الله ، حتى لو خاطبت أحدهم بحكم الشرع وأقمت الحجة وبينت الدليل اتهمك بالرجعية والتعقيد وقطع الرحم والتشكيك في النوايا الحسنة … إلخ ، وصارت مصافحة بنت العم وبنت العمة وبنت الخال وبنت الخالة وزوجة الأخ وزوجة العم وزوجة الخال أسهل في مجتمعنا من شرب الماء ، ولو نظروا بعين البصيرة في خطورة الأمر شرعًا ما فعلوا ذلك . قال المصطفى صلى الله عليه وسلم : [ لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له ] ، ولا شك أن هذا من زنا اليد كما قال صلى الله عليه وسلم : [ العينان تزنيان والرجلان تزنيان والفرج يزني ] وهل هناك أطهر قلبًا من محمد صلى الله عليه وسلم ومع ذلك قال : [ إني لا أصافح النساء ] ، وقال أيضًا : [ إني لا أمس أيدي النساء ] . وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت " والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط غير أنه يبايعهن بالكلام " . ألا فليتق الله أناس يهددون زوجاتهم الصالحات بالطلاق إذا لم يصافحن إخوانهم . وينبغي العلم بأن وضع حائل والمصافحة من وراء ثوب لا تغني شيئًا فهو حرام في الحالتين .

تطيب المرأة عند خروجها ومرورها على الرجال :
وهذا مما نشأ في عصرنا رغم التحذير الشديد من النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : [ أيما امرأة استعطرت ثم مرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية ] وعند بعض النساء غفلة أو استهانة يجعلها تتساهل بهذا الأمر عند السائق البائع وبواب المدرسة بل إن الشريعة شددت على من وضعت طيبًا بأن تغتسل كغسل الجنابة إذا أرادت الخروج ولو إلى المسجد . قال صلى الله عليه وسلم : [ أيما امراة تطيبت ثم جرت إلى المسجد ليوجد ريحها لم تقبل منها صلاة حتى تغتسل اغتسالها من الجنابة ] فإلى الله المشتكى من البخور والعود في الأعراس وحفلات النساء قبل خروجهن واستعمال هذه العطورات والروائح النفاذة في الأسواق ووسائل النقل ومجتمعات الاختلاط وحتى في المساجد في ليالي رمضان ، وقد جاءت الشريعة بأن طيب النساء ما ظهر لونه وخفى ريحه نسأل الله ألا يمقتنا ، وأن لا يؤاخذ الصالحين والصالحات بفعل السفهاء والسفيهات ، وأن يهدي الجميع إلى صراطه المستقيم .

سفر المرأة بغير محرم :
في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ] وهذا يعم جميع الأسفار حتى سفر الحج . وسفرها بغير محرم يغري الفساق بها فيتعرضون لها وهي ضعيفة فقد تنحرف وأقل أحوالها أن تؤذي في عرضها أو شرفها ، وكذلك ركوبها بالطائرة ولو بمحرم يودع ومحرم يستقبل - بزعمهم - فمن الذي سيركب بجانبها في المعقد المجاور ولو حصل خلل فهبطت الطائرة في مطار آخر ، أو حدث تأخير واختلاف موعد ، فماذا يكون الحال ؟! ، والقصص كثيرة . هذا ويشترط في المحرم أربعة شروط وهي : أن يكون مسلمًا بالغًا عاقلاً ذكرًا . كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو ذو محرم منها "] .

تعمد النظر إلى الأجنبية:
قال الله تعالى : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ) ( النور : 30) . وقال صلى الله عليه وسلم : [ فزنا العين النظر ] ( أي إلى ما حرم الله ) .

ويستثنى من ذلك ما كان لحاجة شرعية كنظر الخاطب والطبيب . ويحرم كذلك على المرأة أن تنظر إلى الرجل الأجنبي نظر فتنة قال تعالى : ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ) . ويحرم كذلك النظر إلى الأمرد والحسن بشهوة ، ويحرم نظر الرجل إلى عورة الرجل والمرأة إلى عورة المرأة ، وكل عورة لا يجوز النظر إليها لا يجوز مسَّها ولو من وراء حائل . ومن تلاعب الشيطان ببعضهم ما يفعلون من النظر إلى الصور في المجلات ومشاهدة الأفلام بحجة أنها ليست حقيقية ، وجانب المفسدة وإثارة الشهوات في هذا واضح كل الوضوح .

طلب المرأة الطلاق من زوجها لغير سبب شرعي :
تسارع كثير من النساء إلى طلب الطلاق من أزواجهن عند حصول أدنى خلاف ، أو تطالب الزوجة بالطلاق إذا لم يعطيها الزوج ما تريد من المال ، وقد تكون مدفوعة من قبل بعض أقاربها أو جاراتها من المفسدات ، وقد تتحدى زوجها بعبارات مثيرة للأعصاب كقولها : إن كنت رجلاً فطلقني ، ومن المعلوم أنه يترتب على الطلاق مفاسد عظيمة من تفكك الأسرة ، وتشرد الأولاد ، وقد تندم حين لا ينفع الندم ، ولهذا وغيره تظهر الحكمة في الشريعة لما جاءت بتحريم ذلك ، فعن ثوبان - رضي الله عنه - مرفوعًا : [ أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة ] . وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - مرفوعًا : [ إن المختلعات والمنتزعات هن المنافقات ] أمّا لو قام سبب شرعي ، كترك الصلاة ، أو تعاطي المسكرات والمخدرات من قبل الزوج ، أو أن يجبرها على أمر محرم ، أو يظلمها بتعذيبها ، أو يمنعها من حقوقها الشرعية مثلاً ، ولم ينفع النصح ، ولم تجد محاولات الإصلاح ، فلا يكون على المرأة حينئد من بأس إن هي طلبت الطلاق لتنجو بدينها ونفسها .

إتيان المرأة في دبرها :
بعض الشاذَين من ضعاف الإيمان لا يتورع عن إتيان زوجته في دبرها ( موضع خروج الغائط ) وهذا من الكبائر وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعل هذا فعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا : [ ملعون من أتى امرأة في دبرها ] . ورغم أن عددًا من الزوجات من صاحبات الفطر السليمة يأبين ذلك إلا إن بعض الأزواج يهدد بالطلاق إذا لم تطعه ، وبعضهم قد يخدع زوجته التي تستحي من سؤال أهل العلم فيوهمها بأن هذا العمل حلال وقد يستدل لها بقوله تعالى نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) ( البقرة : 223) . ومعلوم أن السنة تبين القرآن وقد جاء فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه يجوز أن يأتيها كيف شاء من الأمام والخلف مادام في موضع الولد ، ولا يخفى أن الدبر ومكان الغائط ليس موضعًا للولد . ومن أسباب هذه الجريمة الدخول إلى الحياة الزوجية النظيفة بموروثات جاهلية قذرة من ممارسات شاذة محرمة أو ذاكرة مليئة بلقطات من أفلام الفاحشة دون توبة إلى الله . ومن المعلوم أن هذا الفعل محرم حتى لو وافق الطرفان فإن التراضي على الحرام لا يصيره حلالاً .

الخلوة بالأجنبية :
الشيطان حريص على فتنة الناس وإيقاعهم في الحرام ولذلك حذرنا الله سبحانه بقوله: ( يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ) ( النور : 52) . والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، ومن سبل الشيطان في الإيقاع في الفاحشة الخلوة بالأجنبية ، ولذلك سدت الشريعة هذا الطريق كما في قوله صلى الله عليه وسلم : [ لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان ] وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبه إلا ومعه رجل أو اثنان ] .

فلا يجوز لرجل أن يختلي في بيت أو حجرة أو سيارة بامرأة أجنبية عنه كزوجة أخيه أو الخادمة أو مريضة مع طبيب ونحو ذلك ، وكثير من الناس يتساهلون في هذا ؛ إما ثقة بنفسه أو بغيره فيترتب على ذلك الوقوع في الفاحشة أو مقدماتها وتزداد مأساة اختلاط الأنساب وأولاد الحرام .

----------------------

الشيخ / محمد المنجد