لقاءات: إضبارة د. عبد الله الفـَيْـفي http://www.alfaify.cjb.net

موقع مجلة اليمامة العدد 1958، 26/ مايو /2007

خلية تفجير النِّفط السعوديّ
د. عبدالله بن أحمد الفَيْفي

حينما نتأمّل ملامح أولئك الفتية من (خليّة النفط) الذين كشفوا أقنعة مخططهم الجهنمي لتفجير بعض مواقع إنتاج النفط في بلادنا، ثم نقرأ خطابهم المستكنّ، ندرك حجم الكارثة الثقافيّة والفكريّة التي تلتفّ حول أعناقنا جميعًا! بالأمس كانوا يقولون: "أخرجوا الكفّار من جزيرة العرب!"، واليوم يسعون إلى استدراج "الكُفّار" بأنفسهم إلى جزيرة العرب، لإيجاد ذريعة لأعمالهم، في تفكير لا تنقصه السذاجة، ولتحقيق أحلام خيالية لا تقلّ حماقة عن أحلام الحادي عشر من سبتمبر!
والحقّ أن هؤلاء لا يختلفون عن أقرانهم في مجتمعنا، من شباب متخطّف بالأفكار، عبر مختلف الأقنية والمنابر والآليّات، متخبّط في ضلالاته، دون أن يجد البديل الكافي الذي يحتويه تربويًّا، ويستقطبه فكريًّا، ويملأ وجدانه اجتماعيًّا. ولذلك فإن يجب- قبل المسارعة إلى إدانة هؤلاء بأعيانهم- أن تُدرس حالتهم، نفسيًّا واجتماعيًّا، لكي يُجتث أساس الفكر الذي غذّاهم، وتقتلع الجذور التي أهّلتهم لهذا المنحدر الخطر. ذلك أن الجريمة لا يخلو منها مكان ولا زمان، غير أن الجريمة حين تكون ذات خلفيّة فكريّة، مهما كانت تلك الخلفيّة، تصبح الفِكرة أخطر من الجريمة، فهي بيت الداء وأُسّ الدواء.
لقد آن أن يتخطّى الأمر المعالجة الأمنية إلى المعالجة العلميّة، وأن يتجاوز تلك الاسطوانة المشروخة من الشجب والإدانة والاستنكار، ونسبة الحالة إلى فئة صغيرة ضالة شاذّة، مع رمي الأمر برمّته على مشجب خارجيّ، وكأننا نتبرّأ من المسؤولية في الداخل، ونتنصّل من مواجهة الواقع، كما هو، لا كما نحلم! ثم لماذا لا نسأل في النهاية: وهؤلاء الذين في الخارج، تُرى من أين جاؤوا؟ ألم يأتوا من هنا.
آن- بعد هذا التاريخ من اللدغات الإرهابية- أن تُدرس ظاهرة الإرهاب على مستوى البِنَى التربوية والتعليميّة والإعلاميّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والفكريّة، بشفافية ومسؤوليّة! آن أن تتمّ مكاشفة شاملة، دون كبتٍ ولا تغطيات ولا التماس معاذير، فالكبتُ يولد الانفجار، والحرمان من التعبير- مهما كان أو كان موقفنا من صاحبه- قد يحيل الكلمة إلى قنبلة، والتستّر على الأمراض، دون أن يسمع كُلٌّ من كُلٍّ، سيظلّ يشحن المجتمع باحتقانات تؤدي إلى التمزّق والكوارث. نعم، هنالك عوامل خارجيّة ودوليّة، إلا أنها تُقابلها قابليّات داخليّة، وهكذا تلتئم خلايا الإرهاب التي تفتك بالجسد الوطني!
لقد آن أن نعرف- بجلاء تامّ ودون تمويه- ما المناخات التي تُهيّء هؤلاء ليتسرّبوا من بين أصابعنا، فإذا هم ينقلبون حرابًا في وجوهنا بين عشيّة وضحاها، مغسولي الأدمغة، مسلوبي الإرادة؟ .. فالمجرم ليس يولد مجرمًا!






شكراً لقراءتك هذه المقابلة!

أنت القارئ رقم :


FastCounter by bCentral

جميع الحقوق محفوظة ©