لقاءات: إضبارة د. عبد الله الفـَيْـفي http://www.alfaify.cjb.net

موقع مجلة اليمامة العدد 1936، 25 /11 /2006

هل الجامعات السعودية مظلومة؟
د. عبدالله بن أحمد الفَيْفي

س1) ما المعايير العلمية والفنّيّة التي يجب الاحتكام إليها في تصنيف الجامعات والمؤسسات الأكاديمية المماثلة؟
ج1) هي معايير تتعلق بأداء الجامعات العلمي والتعليمي والتنويري، وفق كل تخصّص، قياسًا إلى نظائر ذلك الأداء في جامعات أخرى. وتخضع تلك المعايير للتطوير، حسب معطيات العصر، والمنافسة بين الجامعات، وقياس التحوّلات التي مرّ بها المجتمع والعالم من حولنا. أي أنها معايير يجب أن تُبحث تفاصيلها من قِبَل مراكز متخصصة، وليست ارتجالية، ولا نهائية ثابتة، بل يُفترض أن تكون متحركة متغيّرة.
س2) إلى أي مدًى تنطبق هذه المعايير على التصنيفات التي وضعت الجامعات السعودية في ذيل القائمة؟ وما مدى مصداقية هذه التصنيفات ومرجعياتها؟
ج2) أوّلاً، لا أرى ضرورة لأن تأخذنا الحميّة العربية، ولا الغيرة الإعلامية، للتباكي والمنافحة عن الجامعات العربية عمومًا، بعيدًا عن تقبّل نقد الذات قبل نقد الآخرين، من أجل الإصلاح والتغيير إلى الأفضل. لقد احتُجّ- مثلاً- بأن بعض تلك التصنيفات بنيت على حجم المواد المبثوثة على مواقع الجامعات على شبكة الإنترنت. وهذا حقّ، لكن هل هو حجة دفاع؟ أليس نقص المواد الموجودة على شبكة الإنترنت- ونحن في عصره- مؤشّرًا على مستوى الجامعة، ومواكبتها لتقنيات العصر، وتواصلها مع العالم. لا شكّ أن هذا- في حد ذاته- مؤشر على تخلّف جامعاتنا، وعلى أنها تعيش خارج العصر. فلماذا التظلّم، والنّدب؟ إن أي إنسان اليوم، سواء كان باحثًا أو طالبًا، إذا أراد أن يستقرئ مستوى جامعة ما في العالم، سيستقرئ ذلك من خلال سجلّها "الإنترنتي".
س3) لماذا لا تقوم هيئات عربية متخصصة بتقييم علمي لمستوى الجامعات العربية استنادًا إلى المعايير الدولية العلمية وبإشراك جهات فنّيّة دوليّة متخصصة بحيث يصبح هذا التقييم مرجعًا معتمدًا؟
ج3) هذا أمر جيّد. لكن هل هو الأهم؟ أم أن الأهم رفع مستوى الجامعات أولاً، وبحث معوّقات أدائها الأمثل، ومن ثم ستُعلن الجامعات عن نفسها، دونما هيئات تصنيف.
س4) ما المطلوب من الجامعات السعودية على وجه الخصوص للتعريف بأوضاعها وأنظمتها وأنشطتها الأكاديمية عالميًّا لتفادي مثل هذه التصنيفات الظالمة التي تُضرّ بسمعة الجامعات والكلّيّات السعودية؟
ج4) هذا السؤال الأهم. لكن أهميته ليست في الانشغال بالتعريف الإعلامي الدفاعيّ المتظلّم، ولكن في مواجهة حقائق الجامعات السعودية، وتشخيصها بجدّيّة، وقبول نقدها جذريًّا، بل نقد التعليم العام لدينا كلّه، ثم لتخرج التصنيفات بعدئذ بأي طريقة، ظالمة أو عادلة! لن تضير الجامعات السعودية تلك التصنيفات الظالم أهلها. والجامعات ليست بالمباني الفخمة، ولا باستيراد التقنية، ولكن بالانفتاح على المجتمع والعالم، والإسهام في ترقيتهما بفعالية. قل لي، مثلاً: كم مؤتمر علمي كبير، عربي أو دوليّ، عقد هذا العام في الجامعات السعودية؟ بل كم باحث أكاديمي يشجّع على البحث، ويُدفع دفعًا إلى المشاركة في الأعمال العلمية والملتقيات الأكاديمية خارج المملكة؟ وكم أستاذ جامعي يحظى من جامعته بمكانة، كتلك التي يحظى بها نظيره في بعض الجامعات العربية، ولا نقول العالمية؟ هذا إن لم يكن ما يحدث هو العكس! وهو ما يدفع كثيرًا من الأكاديميين إلى البحث عن أعمال أخرى خارج الجامعات، ليس لأسباب مادية فحسب، ولكن أيضًا لأن الجوّ ربما لم يعد مريحًا، فضلاً عن أي يكون محفّزًا. وكم فعالية ثقافية حقيقية رعتها الجامعات السعودية شعر المجتمع بحضوره فيها؟ لقد قُيّدت الجامعات ببيروقراطيات لا أول لها ولا آخر، ولا ينتهي بعضها حتى يظهر غيرها. كما ظلّت الجامعات غير مستقلة ماليًّا وإداريًّا، فعجزت، أو تراجع مستواها عمّا كانت التطلّعات إليه في بداياتها، من حيث إن الجامعات ليست بمدارس تعليمية فحسب- على ما في التعليم لدينا من ضعف عامّ، ومنذ مراحله التأسيسيّة، لا يمكن أن تحمل الجامعات وزره- ولكن الجامعات كذلك منابر تنوير وفكر وبحث وإشعاع. إلا أنها في ظل ظروفها الراهنة لا تعدو كثيرًا- للأسف- مراكز لتخريج موظفين. حتى لقد خرجت علينا النداءات المتوالية مؤخّرًا بضرورة ربط مخرجات الجامعات بسوق العمل! فهل هذا هو دورها؟ وهل هذا هو المعيار؟ نحن لا نقلل من إنجاز الجامعات السعودية النسبي، قياسًا إلى عمرها المحدود، وقياسًا إلى محيطها العربي، ولكن باعث الفخر والغيرة على السمعة ينبغي أن لا يجعلنا ندس رؤوسنا عن مواطن القصور، أو عن آفاق الطموح التي نصبو إليها.






شكراً لقراءتك هذه المقابلة!

أنت القارئ رقم :


FastCounter by bCentral

جميع الحقوق محفوظة ©