الشاعر السعودي د.عبدالله بن أحمد الفـَيفي لـ"الوطن": رابطة الكتاب والأدباء مرهونة بإقرار نظام الجمعيات والمؤسّسات الأهلية:5.لقاءات:إضبارة د.عبدالله الفـَيفي http://alfaify.cjb.net

الشاعر السعودي د.عبدالله بن أحمد الفَيْفي لـ"الوطن":
تمثل في تقديره مرجعيّة ضروريّة لاحتضان المواهب ورعاية المبدعين
الفيفي: رابطة الكتاب والأدباء مرهونة بإقرار نظام الجمعيات والمؤسّسات الأهلية
[صحيفة "الوطن" السعوديّة]
السبت 15 ذو الحِجّة 1429هـ= 13 ديسمبر 2008م



االرياض: خالد الأنشاصي:

أكد عضو مجلس الشورى، نائب رئيس لجنة الثقافة والإعلام، أستاذ النقد الحديث في جامعة الملك سعود الشاعر والناقد الدكتور عبدالله بن أحمد الفَيْفي أن (نظام رابطة الكتاب والأدباء السعوديين) يعد أبرز ما أنجزته لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشورى خلال الدورة الرابعة التي أوشكت على الانتهاء، مشيراً إلى أن عدم صدوره رسمياً حتى الآن يرجع "لارتباطه بنظام آخر، هو (نظام الجمعيات والمؤسّسات الأهلية)- الذي سيؤسّس لنهوض مؤسّسات مجتمعنا المدني- فقد رُؤي عدم صدور نظام منفصلٍ عن مظلّة ذلك النظام الشامل".
جاء ذلك في حوار لـ"الوطن" تحدث خلاله الدكتور عبدالله الفيفي عن رابطة الكتاب والأدباء السعوديين، وما يحول دون صدور نظامها، بالإضافة إلى إبداعه الخاص شعراً ونقداً، وموقع الشعر السعودي الفصيح على الساحة الأدبية العربية. وفيما يلي نص الحوار.

* بوصفك نائباً لرئيس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشورى، ما أبرز المشروعات التي تعكف اللجنة على دراستها؟ ومتى ستصبح هذه المشروعات واقعاً؟.
ج1- والدورة الرابعة لتشكيل المجلس في نهاياتها، يمكن القول: إن من أهم المشروعات التي أنجزتها اللجنة خلال هذه الدورة (نظام رابطة الكتاب والأدباء السعوديين). غير أن عمل اللجنة لا يقتصر على مراجعة الأنظمة أو اقتراح مشاريعها، ولكنها تدرس التقارير السنويّة المحالة إليها، والمتعلّقة بالشأن الثقافي والإعلامي، فتقوّم أداء الأجهزة المعنية، وتتخذ بشأنها التوصيات التي تراها مناسبة. هذا فضلاً عن استضافتها المسؤولين في تلك الأجهزة، للتباحث معهم في القضايا المتعلقة بمحتويات التقارير.

* "اتحاد" أو "نقابة"، أو قل: "رابطة" تجمع الكتّاب والأدباء...، ليس أمراً عجيباً أو غرائبيًّا، فما الذي يحول – إذن – دون سرعة إنجازه في بلد يزخر بالكتّاب والأدباء والمثقفين بشكل عام كالمملكة العربية السعودية، بينما هو موجود في دول ربما لا تمتلك مثل هذه النخب الثقافية سواء على مستوى الكم أو الكيف؟!.
ج2- كما ذكرتُ في إجابة السؤال السابق، فإن (نظام رابطة الكُتّاب والأدباء السعوديين) هو عمل في حكم المنجز الآن. إلاّ أنه نظرًا لارتباطه بنظام آخر، هو (نظام الجمعيات والمؤسّسات الأهلية)- الذي سيؤسّس لنهوض مؤسّسات مجتمعنا المدني- فقد رُؤي عدم صدور نظام منفصلٍ عن مظلّة ذلك النظام الشامل. وكلّنا تطلّعٌ إلى أن يتمّ صدور (نظام الجمعيات والمؤسّسات الأهلية)- ومن ضمنها: (رابطة الكُتّاب والأدباء السعوديين)- في أمد غير بعيد.

* ما مدى حاجة المبدع السعودي إلى مثل هذه الرابطة؟، وهل – برأيك - ستسهم هذه الرابطة في تشكيل ملامح أخرى للأدب السعودي؟، أم ستكون مجرد دافع لا تتجاوز آثاره مستوى الكم؟.
ج3- الأدب- من حيث هو- قائمٌ ونشط وفاعل، منذ نشوء المملكة العربيّة السعوديّة. والأديب منذ ارتضى الأدب حرفة، وهو يدرك أن "حرفة الأدب ستُدركه"! ومن ثمّ، فإنْ كان سيظلّ معوّلاً في حِراكه على قيام رابطة أو اتحاد أو نقابة، فقل على الأدب السلام! غير أن هناك جوانب تنظيمية، وأبعادًا إنسانيّة، سيكون لمثل ذلك الجهاز حين قيامه دور مهمّ في رعايتها ودعمها وتنميتها. ولا شكّ أن (رابطة للكُتّاب والأدباء السعوديين) ستمثّل- في تقديري- مرجعيّة ضروريّة في هذا العصر لاحتضان المواهب، ورعاية المبدعين، ونشر نتاجهم، وتنظيم تفاعلهم مع نظرائهم في العالم.

* عبدالله الفيفي الشاعر، هل يؤرقه كثيراً عبدالله الفيفي الناقد؟. وما أثر ذلك – إن صح التوقع - على نصك الشعري؟.
ج4- مطلقًا. ذلك أن عبدالله الفَيْفي الشاعر جاء أوّلاً، وعبدالله الفَيْفي الناقد جاء تاليًا. وأصدقك القول: إنني شخصيًّا لا أشعر بأنني أفدت من النقد كثيرًا في شعري! لأن الشعر حالة، والنقد عِلم. نعم قد يتدخّل الناقد خلال الكتابة الثانية للنصّ الشعري- أعني الكتابة التحريريّة النقديّة- لكنني أعمد إلى إيقاف الناقد هناك عند حدّه قبل أن يفسد النصّ. أعتقد أن هذه الإشكالية في ازدواج الممارسة، بين الشعر والنقد، إنما تحدث على نحو حادّ لدى الناقد بالأصالة، أي (الناقد) الذي تأتي صفته هذه أوّلاً، من حيث الزمن والموهبة، فتكون لها الغلبة على شخصيته ومزاجه. هنا يقع الصراع غير المتكافئ، وينتصر الناقد غالبًا. وهذا ما درسته في كتاب لي بعنوان "شعر النقّاد"، عالجت فيه تجارب ثلاثة نقّاد مشهورين، ولهم شعر، هم: (ابن رشيق القيرواني، -463هـ= 1071م)، (وحازم القرطاجني، -684هـ= 1285م)، و(عباس محمود العقّاد، -1383هـ= 1964م). وقد توصّلت إلى أن شعر هؤلاء هو شعر يمكن أن يوصف بالشعر النقديّ. صحيح أن (الشعريّة) لم تطمح بعد - كما يقول (تودوروف)- إلى فتح قمقم الجماليّة؛ وأن الحُكم التقويمي الجمالي ليس مرتبطًا ببنية العمل فحسب، إذ هناك القارئ أيضًا، الذي يكوّن والعمل وحدة ديناميكيّة لم تُستنطق بعد.. بيد أن القرّاء لن يختلفوا بحال من الأحوال على أن مصير الشعريّة يتحدّد علميًّا بقياس معدّل الانزياح عن اللغة الاعتياديّة. وبناء عليه، فإن شعر النقاد قد كشف لي عن بنية تتعارض مع طبيعة الشعر في مقوّماته التأسيسيّة، أو في أهون الحالات إلى ضعف تلك المقوّمات؛ من حيث هي تطعن في قِيَم : (اللغة الشعريّة)، و(الخيال الفنّي)، و(التفاعل النصوصيّ). فتلك إذن مادة تتيح الحَفْر في فهمنا للهويّة الشعريّة: بين الوعي النقديّ والموهبة الفنيّة. أمّا الشاعر الذي تشكّلت مَلَكته على نحو فطريّ، فهو بمنجاةٍ من مآزق (الشعر-نقد). والنماذج كثيرة من الشعراء النقّاد.

* أين يقف الشعر السعودي – الفصيح - على الساحة الأدبية العربية؟، وفي أي اتجاه أسهم شعراء القصيدة الجديدة؟.
ج5- نحن نظلم القصيدة العربيّة حين نُعرض عنها بإعلامنا، مسلّطين الجهود للشعر العامّي، ثم نقول: إن سوق الفصحى لم تعد رابحة! بطبيعة الحال، حينما يخدم الإعلام العامّيّة- فضلاً عن رسوخ العامّيّة الاجتماعية- سيزداد بُعد الناس عن اللغة العربية، وليس فقط عن الشعر العربي. الشعر في السعودية هو امتداد لتاريخ الشعر العربي الذي وُلد وشبّ ونضج على هذه الأرض. ولعل في مختبر شعريّ، كمسابقة "أمير الشعراء"، تعبيرًا رمزيًّا عن حضور الشعر السعودي على خارطة الشعر العربي، على الرغم من معايير تلك المسابقة الجماهيرية غير المنصفة نقديًّا في كل الأحوال. أمّا شعراء القصيدة الجديدة، فإنْ كان المقصود بهم أولئك الذين يصدرون عن علم باللغة العربيّة أساسًا، وانتماء إلى هويتهم الثقافية والحضارية، وهم يمتلكون مواهب حقيقيّة، ولهم مشاريع جادّة نحو التجديد، فهم حتمًا سيأخذون القصيدة في الاتجاه الذي أخذها إليه أبو تمام أو السيّاب. أمّا إذا كانوا ممّن يدارون خيباتهم، ويوارون أوهانهم، مع هوسهم بأن يُنعتوا بلقب (شعراء)، ولو بالباطل، فهم زَبَد, والزَّبَد لا مستقبل له ولا اتجاه. لقد امتُهنت اليوم كلمة "شِعر"، وابتُذلت جدًّا، كما لم يحدث ذلك في تاريخها، فأضحى كل كلام سفسطائي، تطفو عليه مسحة من تهويم، لا يُستحى من تسميته شعرًا. كانت عروض الشعر العربي أُولى الضحايا، ثم ضُحّي بموسيقى الشعر جملة وتفصيلاً، ثم ضُحّي بالبلاغة العربية، ثم بالقارئ وذوقه وخياله، وأخيرًا باللغة العربية نفسها، فأصبحتَ تقرأ كلامًا لا تدري أعاميّ هو أم فصيح؟ أعربيّ أم مترجم؟ لقد تخطينا اليوم مسألة الجنس الأدبي إلى مسألة الجنس اللغوي! نعم، هناك نصوص نثرية بديعة، إلاّ أن مشكلة كتابها أن قماءة طموحاتهم تصرّ على أن ما يكتبونه ليس إلا شعرًا، ولا يستثنون! وأنا لم أر أعجب ممّن ينكر على نفسه التجديد باسم التجديد، أعني مَن كلّ طموحه الأدبيّ أن يسجّل ولو في ذيل قائمة الشعراء، إذ يرى ذلك أعظم في نفسه من أن يستقلّ وأن يبدع في افتراع نصوص ذات هويّات مغايرة. وتلك قضيتنا مع أرباب قصيدة النثر، الذين يَحرمون أنفسهم من شرف الإنجاز؛ لأن غاية أمانيهم أن يُطلق عليهم: "شعراء"؛ لا لشيء إلا لأن في نصوصهم مخايل الشاعريّة والطرافة؛ ولأن صفة (الشاعر) ما زالت في مخيالنا الشعبي طاغية على ما سواها!

* ما أهم مشروعاتك المستقبلية شعراً ونقداً؟، وأيهما تفضل فيك على الآخر: الشاعر أم الناقد؟.
ج6- الشعر لديّ يأتي أوّلاً، وحين حضوره يتوقّف ما عداه. لستُ ممّن يتوهّمون أن الشعر قد مات، أو أن النقد قد ورثه، بل الزعم أن هذا الأخير قد أصبح جَدًّا لحفيد جديد! حداثة القطيعة وما بعدها ليست حداثتي، ولعبة الفناء الأجناسي ليست لعبتي! إن الشعر لا يموت، إلا بفناء الإنسانيّة، وسيبقى النقد الأدبي ما بقي الأدب. ومع هذا فإن عليّ أن أعترف أن دمائي مفرّقة في قبائل شتى من الكتابات والبحوث، في الشأن الأدبي والثقافي واللغوي. أجد التخصّص العقيم يقتلني، فأجدني أشتغل أحيانًا على جملة بحوث دفعةً واحدة، قد لا تبدو- ظاهرًا- بينها صلة. ألا ليت الزمان يتسع لمشاريع أحلامنا الشعريّة وآمالنا النقديّة!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صحيفة "الوطن" السعوديّة
http://www.alwatan.com.sa/news/newsdetail.asp?id=81664&issueno=2997






شكراً لزيارتك هذه الصفحة!

جميع الحقوق محفوظة ©
2001 - 2008