حدث في رمضانالحرب بين المسلمين واليهودالعاشر من رمضان 1393هـ

Wednesday 6th December,2000

العدد 10296

جريدة الجزيرة - الطبعة الأولى - رمضانيات

الاربعاء 10 ,رمضان 1421

 

حدث في رمضان
الحرب بين المسلمين واليهود
العاشر من رمضان 1393هـ

 

د, احمد الصاوي :
في العاشر من رمضان عام 1400 ه انطلقت الجيوش المصرية والسورية في هجوم منسق لاستعادة أراضيها التي قام الكيان الصهيوني باحتلالها عقب حرب يونيو (حزيران) عام 1967م، وذلك في أول سابقة من نوعها في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، إذ كان الطرف العربي هو صاحب المبادرة خلافا لكل الحروب السابقة فضلا عن التنسيق العربي الذي شمل دولتين من دول الطوق (مصر وسوريا) ومشاركات فعلية ورمزية من جيوش بعض الدول العربية.
وقد كان لحرب أكتوبر (تشرين) أثرها البعيد ليس فقط في تاريخ الصراع بالمنطقة ولكن أيضا في تاريخ العسكرية العالمية, فقد أدت المفاجأة العسكرية الكاملة إلى تحطيم أسطورة جيش الدفاع الإسرائيلي الذي لا يقهر ومثلما كشفت هجمات يوم الغفران عن الامكانات الهائلة للجندي العربي فقد أثبتت الدول العربية قدراتها في الضغط على دول العالم من خلال اشهار سلاح النفط ومن هذه الزاوية على وجه التحديد فإن حرب أكتوبر تعد علامة فارقة في تاريخ الغرب الأورو أمريكي، إذ أدت حرب النفط إلى التأثير بعمق في انماء الإنتاج والاستهلاك بل وعلى معدلات التنمية، وأسفر ذلك عن أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة غيرت من وجه السياسات الاقتصادية العالمية وخاصة بعد نجاح الاتجاهات المحافظة في إزاحة الحكومات القائمة بدءا من فوز حزب المحافظين بقيادة مارجريت تاتشر في انتخابات 1979 وريجان الجمهوري في العام التالي.
وليس هناك شك في أن الدعم العسكري والسياسي الذي حصلت عليه تل أبيب قد ساعدها على تدارك بعض خسائرها في الأيام الأولى لحرب الغفران وخاصة على جبهة الجولان، في حين أفلحت ثغرة الدفرسوار في حمل مصر على الاستجابة لقرار وقف إطلاق النار والبدء في مفاوضات فك الاشتباك دون التخلي عن الأراضي التي تم تحريرها على الشاطئ الشرقي للقناة وبذلك وضعت البذور الأولى لما يعرف بالحلول السلمية التي بلغت ذروتها باتفاقات كامب ديفيد (1979) وما أعقبها من انفراط العقد العربي وتداعيات مختلفة أدت إلى الأخذ بمبدأ المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين من أجل الوصول إلى حلول سلمية.
وعلى الصعيد العسكري كشفت وقائع الحرب عن فعالية الأسلحة الصغيرة في مواجهة العتاد الحربي التقليدي، فقد نجحت الصواريخ المضادة للدبابات المحمولة على الكتف في قهر تفوق الدبابات في حروب الصحراء بفضل صلابة المقاتلين المصريين ويعتبر أسر قائد اللواء المدرع (190) والمعروف باسم عساف ياجوري تتويجا لتفوق هذا السلاح الصغير الذي أوقع الدمار بدبابات هذا اللواء وأجبر قائده على الاستسلام للقوات المصرية.
ولحق بهذا السلاح في قائمة الانجازات العسكرية نوع آخر من الصواريخ ولكن من النوع المستخدم في مقاومة الطيران المنخفض (صواريخ سام) ومن قبل أثبتت لنشات الصواريخ الصغيرة قدرات لا نهائية في المعارك البحرية وخاصة بعد نجاحها في إغراق المدمرة إيلات أمام سواح بور سعيد في أكتوبر 1967.
وفضلا عن هذا وذاك فقد قوضت حرب يوم الغفران خرافة الأسوار والخطوط الدفاعية التي تنتمي بفلسفتها العسكرية إلى العصور القديمة، إذ رغم التجهيزات الفنية الفائقة وأنواع الدفاعات المتقدمة والمدمرة التي زود بها خط بارليف على شاطئ القناة إلا أن هذا الخط انهار في ساعات قليلة باستخدام مدافع المياه وهي من ابتكارات سلاح المهندسين المصري وهو ما غير من استراتيجيات الدفاع في العسكرية العالمية.
لقد كانت حرب العاشر من رمضان أول حرب يسجل فيها العرب انتصارات عسكرية واضحة على الطرف الصهيوني وأهم حادث في تاريخ العرب الحديث تجلت فيه مظاهر وحدتهم وكذلك قدراتهم على قيادة الفعل على مسارات الحرب والسياسة الدولية في آن واحد.