موقع القدس


الصفحة الرئيسية لموقع القدس
تاريخ القدس القديم |  قبل الإسلام |  الرومان والقدس |  منذ الفتح الإسلامي |  عهد الأمويين |  عهد الفاطميين |  الإحتلال الصليبي
عهد الأيوبيين |  عهد المماليك |  عهد العثمانيين |  العهد العباسي |  عهد الطولونيين |  الإحتلال البريطاني |  الإحتلال الصهيوني
الصحابة |  علماء وزهاد |  مؤرخون ورحالة |  نساء |  أدباء |  شخصيات فلسطينية وعربية
القدس في التاريخ |  مكانة القدس |  الموقع الفلكي |  كنيسة القيامة |  موقف العرب |  المقاومة |  برنامج القدس
دعم أمريكا لإسرائيل |  القضية الفلسطينية في قرنين |  إحصائيات عن اليهود |  الصهيونية
العهدة العمرية واللورد بالمرستون ونابليون والبيع لليهود ورد الشريف حسن ووعد برلفور
صور القدس 1 |  صور القدس 2 |  صور القدس 3 |  صور القدس 4 |  صور القدس 5 |  مواقع

 1- رابعة العدوية:

هي رابعة بنت إسماعيل العدوية، أم الخير، مولاة آل عتيك، البصرية: صالحة مشهورة، من أهل البصرة، ومولدها بها. لها أخبار في العبادة والنسك، ولها شعر، من كلامها: "اكتموا حسناتكم كما تكتمون سيئاتكم".

 

زارت القدس، وتوفيت بها، قال ابن خلّكان: "وقبرها يزار، وهو بظاهر القدس من شرقِيِّه، على رأس جبل يسمى الطور".

وفاتها:

قال ابن خلكان: "وفاتها سنة 135هـ كما في شذور العقود لابن الجوزي.

 

2- أم المؤمنين صفية بنت حُيَيّ

هي صفية بنت حيي بن أخطب بن سَعْيَة بن ثعلبة بن عبيد بن كعب بن الخزرج بن أبي حبيب بن النضير بن النحام بن ناخُوم، وهم من بني إسرائيل من سِبْطِ لاوِي بن يعقوب، ثم من ولد هارون بن عِمران، أخي موسى ـ عليهم السلام.

أمها هي بَرّة بنت سَمَوْءَل. وكانت صفية زوجًا لسلام بن مشكم اليهودي، ثم مات عنها فتزوجها كنانة بن أبي الحُقَيق ـ وهما شاعران ـ فقُتِل عنها كنانة يوم خيبر، وصارت صفية مع السَّبْي، فاصطفاها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخَيَّرها بين أن يعتقها فترجع إلى مَنْ بقي من أهلها، أو تُسلم وتكون زوجة له، فأسلمت، وأعتقها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتزوجها سنة سبعٍ من الهجرة.

وقد رَوت الحديث عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورَوى عنها ابنُ أخيها، ومَوْلَيَاها: كنانة، ويزيد بن مُعتَّب، وزين العابدين علي بن الحسين.

 

أم المؤمنين صفيّة هي ابنة حيي بن أخطب؛ أخطر زعماء اليهود في المدينة، وقد أثَّرت أحداثُ العصر في مسار حياتها بصورة حاسمة، إذ كانت المؤامرات اليهودية تدفع المسلمين ـ في صراعهم مع الجاهلية بكل ألوانها ـ إلى تأديب المتآمرين، ووقعت في ذلك وقائع، منها غزوة خيبر، التي تحولت حصونها إلى مراكز للإضرار بالمسلمين ودينهم. ومن نتائج هذه الغزوة وقوع السيدة صفيّة في الأسْر، وهي ابنة حُيَيّ زعيم بني النضير، وزوجة زعيم خيبر كنانة بن أبي الحقيق، فأكرمها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجعلها عنده، ثم عرض عليها الإسلام فأسلمت، ثم تزوجها ـ صلى الله عليه وسلم ـ لتصير واحدة من أمهات المؤمنين.

وعاصرت السيدة صفية الامتداد العظيم للإسلام في أرجاء الدنيا، كما عاصرت أحداث الفتنة بآلامها، وبقيت إلى أن تولى معاوية الخلافة واستقرت له الأمور.

 

رُوي أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ دخل على صفية وقد بلغها عن حفصة وعائشة أنهما قالتا: نحن أكرم على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ منكِ؛ نحن أزواجه وبنات عمه. فذكرتْ ذلك لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: "ألا قلتِ: وكيف تكونان خيرًا مني وزوجي محمد، وأبي هارون، وعمي موسى" ؟‍!

وروت عائشة: أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان في سفر، فاعتلَّ بعيرٌ لصفية، وفي إبل زينب بنت جحش فضلٌ، فقال لها: إن بعيرًا لصفية اعتلّ فلو أعطيتها بعيرًا؟ فقالت: أنا أعطي تلك اليهودية؟! فتركها رسول الله ذا الحجة والمحرم؛ شهرين أو ثلاثة لا يأتيها، قالت زينب: حتى يئسْتُ منه.

ورَوَى البخاري في صحيحه عن الزهْرِي قال: أخبرني علي بن الحسين ـ رضي الله عنهما ـ أن صفية زوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخبرتْه أنها جاءت إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان؛ فتحدثت عنده ساعةً، ثم قامت..  فقام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ معها ـ يردّها إلى دارها ـ حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة مرّ رجلان من الأنصار، فسلَّما على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال لهما النبي ـ صلى الله عليه وسلم : على رِسْلِكُما، إنما هي صفية بنت حيي، فقالا: سبحان الله يا رسول الله! وكَبُرَ عليهما، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا.

 

قدِمت أم المؤمنين صفية ـ رضي الله عنها ـ بيت المقدس، وصلّتْ فيه، وصعدت جبل طُور زيتا، وصلتْ عليه، وقيل: إنها قامت على طرف الجبل، وقالت: مِنْ هاهنا يتفرق الناس يوم القيامة إلى الجنة والنار.

وفاتها:

توفيت ـ رضي الله عنها ـ في رمضان سنة خمسين بالمدينة المنورة ، وذلك في خلافة معاوية بن أبي سفيان ، ودفنت بالبقيع.

 

3- مريم ابنة عمران:

مثلما تَحِنّ كل امرأة إلى الولد، حَنّتْ إليه امرأةٌ صالحةٌ من بني إسرائيل، اسم زوجها عِمران، واسمها هي حَنَّة، وفي حرارة المناجاة لله ـ تعالى ـ الذي شاء أن تحمل في أحشائها جنينًا، نَذَرَتْ حنة ما في بطنها لله ـ تعالى ـ خالصًا مفرَّغًا للعبادة، ولخدمة بيت المقدس، ولعلها امتلأ خيالُها حينئذ بالصورة الجميلة للولد القادم، فتخيلتْه وقد شبَّ وصار رجلاً يملأ ساحَ المسجد الأقصى صلاة وعبادة، ويملأ الدنيا صلاحًا وإصلاحًا، بل لعلها رَجَتْ أن يكون هذا الوليد المنذور لله نبيًّا كالكثيرين من أنبياء بني إسرائيل.

ومع أن حَنة قد فوجئت بأن الوليد أنثى سمتها مريم، إلا أنها رَجَتْ من الله الخير لها ولذريتها، (فتقبلها ربها بقبول حسنٍ وأنبتها نباتًا حسنًا)، وزاد فضلُ الله على حنة وابنتها، إذْ قام على كفالتها وتربيتها زوج خالتها زكريا ـ عليه السلام ـ وهو نبيٌ مُبارك، ملأ ساحات المسجد الأقصى المبارك بالترتيل والعبادة، ولم يتوانَ عن نصح قومه بترك المعاصي، وتذكيرهم بأن معصيتهم لله تعالى كانت السبب في تشريدهم على يد الأمم المتجبرة.

تناول القرآن موضوعات شتى تخص هذه السيدة الكريمة (مريم)، من مولدها، وتربية نبي الله زكريا لها، وتبشير الملائكة لها بالمولود المبارك عيسى بن مريم ـ عليه السلام ـ وولادتها لعيسى، ومواجهتها لقومها في ثبات وإيمان بالله تعالى وهي تحمل مولودها الذي ولدته من غير أب، حتى أيدها الله وأثبت شرفها ونقاءها بكلام هذا الصغير في المهد.

وفي كل حديث له عن مريم، كان القرآن يثبتها في ديوان الشرفاء الصالحين، وضرب بها المثل للمرأة المؤمنة فقال تعالى: (ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين).

ومن الرتب العالية التي أعطاها الله لهذه المرأة المؤمنة أن سمى سورة في كتابه الخالد باسمها، دون نساء العالمين، بل دون آلاف آخرين من الرجال الصالحين الأتقياء، ليقرأ الناس في القرآن، دائمًا وإلى يوم القيامة، سورة باسم "مريم"، كما يقرءون سورًا أخرى بأسماء يونس وهود ويوسف وإبراهيم ومحمد ونوح ـ عليهم السلام.

بل إن هنالك سورة أخرى في كتاب الله تمثل قصة مريم وابنها عيسى ـ عليه السلام ـ واسطة العقد فيها، حتى نالت السورة اسمَها من مجريات هذه القصة وهي سورة "آل عمران".

وملامح الصورة المريمية في القرآن تظهرها طيبةَ الأصول، صالحة الأب والأم والمُربِّى، فأبوها عمران جذر من جذور الصلاح في بني إسرائيل، ويمثل هو وآله بيتًا مؤمنًا، فينتسبون هم إليه كما ينتسب هو إلى الصلاح، فيقال آل عمران. وقيل إن عمران مات وابنته مريم صغيرة فرباها زكريا ـ عليه السلام.

وأما أم مريم فقد بدت في آي الكتاب العزيز عظيمة الإيمان بالله متوكلة عليه، يقول الله تعالى: (إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررًا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم. فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك و ذريتها من الشيطان الرجيم. فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتًا حسنًا) .

وعُرفت مريم واشتهرت بين قومها بطيب الأصل وصلاحه وسط قومها، حتى قالوا لها: (يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا).

وأما مُربِّي مريم، فهو نبي كريم من بني إسرائيل، هو زكريا ـ عليه السلام ـ كان كثير العبادة لله، طويل الذكر لمولاه، لا يمل من ذلك، ومن الدعاء، والدعوة إلى الله، حريصًا على وجود الصالحين في بني إسرائيل حتى يقاوموا الفساد فيهم، ويعدلوا الدفة التي انحرفت .. يحكي القرآن ذلك في قول الله تعالى: ( ذِكْرُ رحمةِ ربك عبدَه زكريا. إذ نادى ربه نداء خفيًا. قال رب إني وَهَنَ العظم مني واشتعل الرأس شيبًا ولم أكن بدعائك رب شقيًا. وإني خِفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرًا فهب لي من لدنك وليًّا. يرثني ويرث من آل يعقوب واجعلْه ربِّ رضيًّا)، وقوله تعالى: (فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبِّحوا بكرة وعشيًّا).

كما أن الصورة المريمية في القرآن تبديها على تقى وصلاح منذ نعومة أظفارها، فهي حسنة التوكل على الله، قوية الثقة به سبحانه، (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقًا قال يا مريم أنَّى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب).

وقد تعلم منها أستاذها زكريا نفسه، إذْ سمع منها هذه الكلمات الأخيرة فطمع في فضل الله ـ تعالى ـ الذي يرزق من يشاء بغير حساب، (هنالك دعا زكريا ربَّه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء).

وفي السنة النبوية نجد بقية الصورة المشرقة لشخصية مريم ـ عليها السلام ـ فقد بين رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ منزلتها بين نساء البشرية، فبدت في مقدمة الفضليات العظيمات من بنات حواء، وقدمها على خديجة زوجته، وفاطمة ابنته، وآسيا بنت مزاحم التي واجهت جبروت فرعون وكبرياءه في ثبات وإيمان حتى قتلها.. يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم: "حسبك من نساء العالمين مريم ابنة عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية بنت مزاحم" وعدها فيمن كمل من النساء.

 

نشأت مريم وللمسجد الأقصى في ذاكرتها موقع جليل، فقد بلغها اهتمام آبائها وأجدادها بهذا البيت، وقيامهم على رعايته وإقامة العبادة لله فيه، كما صافحتْه عيناها كثيرًا، وامتلأت بالإجْلال له؛ وذات مرة داهم نفسَها إحساس غريب، وشعرت بوحشة تجاه قومها الذين لم يأخذوا درسًا من الشتات الذي أصابهم، ولم يأخذوا عبرة من سيطرة عدوهم عليهم، وهم يبصرون جنود الرومان من حولهم يَعُدّون عليهم أنفاسهم، ويضيقون عليهم حرياتهم.

شعرت مريم بهذه الوحشة فاعتزلت قومها، وتنحت عنهم، وذهبت إلى شرقي المسجد الأقصى تلتمس الخلوة للطاعة والعبادة، وبلغت من الطهر والصلاح درجات حتى صارت الملائكة تكلمها وتسقط تلك الحجب التي بين النور الملائكي والطين البشري، (وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين. يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين)، فكان هذا بمثابة البراءة المقدمة للسيدة العذراء الطاهرة من الزنا والفاحشة، وإعدادًا لها لتتلقى التكريم الإلهي العظيم في صورة بلاء.

وبينما مريم في خلوتها تتعبد شرقي المسجد الأقصى، كانت دعوة أمها تنتظرها، إذْ أتاها الملك جبريل في صورة إنسان يبشرها بالوليد المبارك عيسى ابن مريم ـ عليه السلام ـ الذي جعله الله آية للناس بولادته من غير أب، وتكليمه الناسَ بلسان فصيح، وهو في المهد طفل صغير يلتقم ثدي أمه..

لقد كان الشرف والعفة عند مريم شيئًا ثمينًا، حتى خافت على نفسها من هذه الصورة البشرية التي بدت لها حين اعتزلَتْ قومها في مكان شرق المسجد الأقصى، فراحت تحرك في هذا المخلوق (المَلَك) نوازع التقوى والخوف من الله؛ لعلمها أن ذلك هو ما يدفع بعيدًا عن المعصية والإثم، فلما أخبرها أنه الملك جبريل، وأنه يبشرها بغلام يولد لها، اندهشت لأنه لم يذكر له أبا.

وهنا يبدو شيءٌ من ثقافة مريم، فتدينها لم يَحُلْ بينها وبين تعلم أمور الحياة، وإن كانت أمورا حساسة كتلك المتصلة بمسائل الجنس، وبدا أنها تعلم ـ وهي صغيرة حديثة السن أن الولد لا يأتي إلا من زواج أو زنا، وهي أمور قد لا تعلمها الكثير من الفتيات في البيئات المتدينة والمحافظة، قالت كما حكى القرآن: (أنَّى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر ولم أكُ بغيًّا. قال كذلكِ قال ربك هو عليَّ هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرًا مقضيًّا).

ويُبدي القرآن ملمحًا آخر من ملامح  شخصية مريم، يبدو أنها تعلمته من مربيها الجليل زكريا ـ عليه السلام ـ وذلك هو الميل إلى اعتزال الناس حين يشيع بينهم الفساد، فقد اتخذت لنفسها مكانًا شرقي المسجد الأقصى تخلو فيه للعبادة، ولما جاء موعد وضع وليدها نَأَتْ عن الناس أكثر حياء وخوفًا، حتى وصلت بيت لحم، وهي تتمنى الموت ولا تدري كيف ستواجه قومها بأمرها؟

ولأنَّ مريم فتاة رقيقة ذات نفس شفافة، فقد كفاها الله أمر المواجهة مع قومها، وجاءها الأمر بأن تصمت، فسيتكلم عنها وليدها ويبرئها بما لا يدع مجالا للشك في شرفها وكرامتها؛ وكان أول ما سمعت الأذن من لسان النبي الكريم عيسى ابن مريم ـ عليه السلام ـ أنه قال: (إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيًّا. وجعلني مباركًا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيًّا. وبرًّا بوالدتي ولم يجعلني جبارًا شقيًّا. والسلام عليَّ يوم وُلدت ويوم أموت ويوم أبعث حيًّا).

 

4- هيلانة:

هيلانة هي أم الإمبراطور الروماني قسطنطين، وُلدت سنة 248م، وتزوجت من قنسطنطيوس خلوروس الذي كان ضابطًا شجاعًا غيورًا على مصالح الإمبراطورية، وأنجبت منه ابنَهُ قسطنطين، ولكن زوجها هَجَرَهَا لأسباب سياسية؛ حيث قرَّبه الإمبراطور إليه وزوَّجَه فتاةً من أصل رفيع يليق بمستقبله السياسي اللامع، فترك هيلانة ذات الأصل المتواضع ؛ إذ كان أبوها صاحب خان في نيقوميدية.

وفي سنة 306 الميلادية صار قسطنطين إمبراطورًا، فلُقبت أمُّه هيلانة بالإمبراطورة الأم، واعتنقت المسيحية، وكرّست حياتَها لحفيدها كرسبس قيصر الذي جعله قسطنطين واليًا على بلاد الغال (فرنسا حاليًا) شكليًا فقط، ثم حدث شقاق غامض في الأسرة الحاكمة قُتل على أثره كرسبس وفاوستا زوجة قسطنطين الثانية، ورُوي فيما بعدُ أن فاوستا كانت قد اتهمت كرسبس ابنَ زوجها بالتهجم عليها ومحاولة إغوائها، فكان أن قُتل كرسبس، وبعد ذلك استطاعت هيلانة فَضْحَ أمرِ زوجةِ ابنِها قسطنطين؛ مما أدى لقتل فاوستا أيضًا.

وبعد هذه المأساة قامت هيلانة بالحج إلى فلسطين، وقد أرادت بذلك أن تلفت الأنظار إليها لكي تبدو قدّيسةً من القديسات، وفي رحلتها هذه بنت كنائس كثيرة، ثم أعلنت أنها قد عثرت على صليب كبير من الخشب، قالت: إن المسيح قد صُلب عليه، فعادت به إلى بلادها، وقد كان لصنيعها هذا أكبرُ الأثر على مشاعر المسيحيين، ومن ثم رفعتْها الكنيسة الرومية الأرثوذوكسية إلى مصافّ القديسات، وأصبحت تلقب بـ"القديسة هيلانة".

كما يُذكر أنها بعد خروجها من الأراضي المقدسة مرت بسيناء وأمرت ببناء دير سانت كاترين جنوبَها، واستمعت إلى شكاوى الرهبان من عدوان البدو عليهم، وتأثرت كثيرًا عند مشاهدة الشجرة المقدسة عند سفح جبل موسى، فأمرت ببناء كنيسة عندها سَمَّتْها كنيسة مريم العذراء، كما أمرت بإقامة سور حول الدير والكنيسة لحماية الرهبان من غارات البدو.

وكانت وفاة هيلانة عام 328 م.