موقع القدس


الصفحة الرئيسية لموقع القدس
تاريخ القدس القديم |  قبل الإسلام |  الرومان والقدس |  منذ الفتح الإسلامي |  عهد الأمويين |  عهد الفاطميين |  الإحتلال الصليبي
عهد الأيوبيين |  عهد المماليك |  عهد العثمانيين |  العهد العباسي |  عهد الطولونيين |  الإحتلال البريطاني |  الإحتلال الصهيوني
الصحابة |  علماء وزهاد |  مؤرخون ورحالة |  نساء |  أدباء |  شخصيات فلسطينية وعربية
القدس في التاريخ |  مكانة القدس |  الموقع الفلكي |  كنيسة القيامة |  موقف العرب |  المقاومة |  برنامج القدس
دعم أمريكا لإسرائيل |  القضية الفلسطينية في قرنين |  إحصائيات عن اليهود |  الصهيونية
العهدة العمرية واللورد بالمرستون ونابليون والبيع لليهود ورد الشريف حسن ووعد برلفور
صور القدس 1 |  صور القدس 2 |  صور القدس 3 |  صور القدس 4 |  صور القدس 5 |  مواقع

القضية الفلسطينية

حسام الحوراني
رياض حمودة

1- شخصيات فلسطينية وعربية

عز الدين القسام: (1882-1935)

نشأ في "جبله" على الساحل السوري، وكان في صغره يميل إلى الانفراد والعزلة وإطالة التفكير .. ودرس في الأزهر حيث كانت مصر تموج بروح الثورة والتغيير.

عاد إلى موطنه يحمل رسالة التعليم والثورة إلى الصغار والكبار .. الشباب والشيبة على حد سواء .. معلماً حاذقاً وخطيباً مفوهاً.

قام بحشد الشباب للتطوع للجهاد في ليبيا عندما وطئتها أقدام الغزاة الإيطاليين، وحالت القوات الرسمية العثمانية دون سفرهم إلى هناك، وشارك في القوات المحتشدة ضد المحتل الفرنسي في سوريا، وخصوصًا ثورة الشيخ صالح العلي.

انتقل إلى حيفا على الساحل الفلسطيني حيث عاش بين الفقراء والفلاحين الذين اضطروا للنزوح من قراهم والعيش في ذلك المستوى المنخفض من الحياة بسبب الهجرة اليهودية، ومارس التدريس والخطابة في مسجد الاستقلال، الذي كان بؤرة الانتقاء للثوار فيما بعد، ثم انتسب لجمعية الشبان المسلمين التي تولى رئاستها عام 1926م، وعمل مأذونًا شرعيًا يجوب المدن والقرى. وقد مكنته هذه الوظائف من الاتصال بقواعد المجتمع وبث أفكاره الثورية، وانتقاء المجاهدين لتنظيم مسلح شديد السرية.

بعد ثورة البراق عام 1929 زادت قناعة القسام بحتمية المواجهة المسلحة، وتابع اتصالاته وعمله الجماهيري. وبعد حوادث عام 1923 بدأ يجمع التبرعات لابتياع كميات صغيرة من السلاح استعداداً للثورة محافظاً خلال اتصالاته وإعداداته على السرية التامة.

وما إن حل عام 1935 حتى كان قد نظم خمس لجان للدعاية، والتدريب العسكري، والتموين، والاستخبارات والعلاقات الخارجية. وكان على رأس كل فرقة واحد من رجالاته الأوفياء.

أعلن الثورة المسلحة ضد الإنجليز والصهاينة في آن واحد من منبر الاستقلال بحيفا: "باسم الله نعلن الثورة" واستشهد في أولى عمليات الثورة، حيث آثر الاستشهاد على الاستسلام للقوات المعادية وقال كلمته التاريخية: " إنه جهاد، نصر أو استشهاد" ليحيي في النفوس الروح إحياءً عمليًّا لا نظريًّا منبريًّا.

كان استشهاد القسام صعقة عنيفة لكل السياسات العربية  ألقت بظلالها على المسرح الفلسطيني لترسم ملامح العلاقة بين المحتل والشعب وصورة المواجهة

حسن البنا: (1906-1949)

كانت صلة الأستاذ البنا بفلسطين مبكرة جدًّا يوم أن كان الحاج أمين الحسيني طالباً في القاهرة؛ إذ كانت الصلة وثيقة بينه وبين الأستاذ البنا فكانا يتجاذبان أطراف الحديث عن فلسطين.

كان الناس في مصر في ذلك الوقت يجهلون أن هناك بلداً اسمه فلسطين، وأن هذا البلد بجوارهم أقرب إلى القاهرة من أسوان؛ فشرع الإمام يرسل شباب الإخوان في مساجد القاهرة والمحافظات يحدثون الناس عن ظلم الإنجليز وبطشهم وتآمرهم على أهل فلسطين، ثم دعا بعد ذلك إلى مقاطعة المجلات اليهودية في القاهرة، فطبع قائمة كشوف بأسماء هذه المجلات وعناوينها، والأسماء الحقيقية لأصحابها وذيلت الكشوف بعبارة "إن القرش الذي تدفعه لمجلة من هذه المجلات، إنما تضعه في جيب يهود فلسطين ليشتروا به سلاحاً يقتلون به إخوانك المسلمين في فلسطين".

ولقد استطاع الأستاذ البنا أن يتجاوز بنشاطه الإعلامي للقضية الفلسطينية حدود مصر فدعا إلى عقد أول مؤتمر عربي من أجل نصرة فلسطين، ووجه الدعوات إلى رجالات البلاد العربية، فلبوا النداء.

ولم يغفل الإمام الجانب المالي في الحركة الجهادية الفلسطينية وحاجتها إليه؛ ولهذا نشط في جمع التبرعات لها، ومن الوسائل البديعة التي ابتكرها إصدار طابع بقيمة قرش وتوزيعه على الناس.

ومع حرصه على أن تصل قضية هذا الشعب المتآمر عليه وعلى أرضه إلى جميع المسؤولين في مصر وخارجها.. آمن بأن القوة أضمن طريق لإحقاق الحق فلا بد للحق من قوة تحميه، ومن هنا بدأ البنا بإرسال شباب الإخوان من مصر إلى فلسطين في بداية الثلاثينيات خلسة، حيث تسللوا من شمال فلسطين وعملوا مع المجاهد عز الدين القسام وأبلوا معه بلاءً حسناً، ودخل قسم من المجاهدين من الإخوان تحت قيادة الجيوش العربية التابعة لجامعة الدول العربية، وبلغ مجموع الإخوان المسلمين الذين استطاعوا أن يدخلوا أرض فلسطين بشتى الوسائل 10 آلاف مجاهد، وقاموا بنسف مقر قيادة اليهود في صور باهرة، وأبلوا بلاءً حسنًا في مدينة الفالوجة.

بعد قضية تزويد الجيش المصري بأسلحة فاسدة، تيقن البنا من عدم جدية الدول العربية في القتال، وأنها تخضع لرغبات الدول الاستعمارية وقال حينها: إن الطريق طويل والمعركة الكبرى معركة الإسلام التي ربينا لها هذا الشباب لا تزال أمامه، أما إسرائيل فستقوم، وستظل قائمة إلى أن يبطلها الإسلام.

وقاد بعدها الإمام مظاهرة في مصر خرج فيها نصف مليون شخص في عام 1947 -قبل استشهاده بسنتين- ووقف فيهم خطيباً وقال:

دماؤنا فداء فلسطين.

أرواحنا فداء فلسطين.

 

أمين الحسيني: (1895-1974)

ولد في أعرق بيوت القدس وعائلاتها، وتلقى علومه الأولية، ثم التحق بالأزهر، منارة العلم آنذاك. وأثناء دراسته الأزهرية أدى فريضة الحج فأطلق عليه لقب "الحاج" وهو لا يزال شابًّا يافعاً، ولازمه اللقب حتى وفاته .

التحق بالكلية العسكرية التركية وتخرج فيها برتبة ضابط صف، والتحق بالجيش العثماني الذي ما لبث أن فارقه وأخذ يخدم الثورة العربية سرًّا في لوائي القدس والخليل . نشأته وعلمه المتنوع المصادر خَلَقا منه مزيجاً سياسيًّا عسكريًّا فريداً ؛ فأتقن لعبة  المقاومة بوجهيها السياسي والعسكري، وبمجرد احتلال البريطانيين القدس، نادى علناً بوجوب محاربة هذا الحكم وذيوله الصهيونية فاستجاب له نفر من أصحابه وشكلوا برئاسته أول منظمة سياسية في تاريخ فلسطين وهي "النادي العربي" في القدس، ولهذا النادي أثر كبير في انطلاق مظاهرات القدس الكبيرة عامي 1918 و 1919 وعَقْد المؤتمر العربي الفلسطيني الأول.

اعتقله الإنجليز بعد مظاهرة كبرى، يوم وصول لجنة الاستفتاء الأمريكية تعبيراً عن رفض وعد بلفور، ثم أُعيد اعتقاله أثناء الاحتفالات في موسم النبي موسى عام 1920، واستطاع الهرب عبر البحر الميت إلى الكرك ثم دمشق وحُكم عليه غيابيًّا بالسجن لمدة 15 عاماً، ثم عفي عنه من قبل المندوب السامي عندما حلت الإدارة المدنية محل العسكرية صيف عام 1920 إثر ضغط شعبي كبير. فكانت العودة الأولى للقدس.

في 1921 تُوفي المفتي كامل الحسيني، وتم انتخاب الحاج محمد أمين الحسيني لهذا المنصب ليصبح مفتي القدس، وعمل بقوة وإخلاص من خلال منصبه وأنشأ المجلس الإسلامي الأعلى ليكون الهيئة الإسلامية التي تشرف على شؤون المسلمين ومصالحهم بطريقة مستقلة، ومع مرور الأيام أصبح هذا المجلس أقوى قوة عربية وطنية في البلاد، ومن خلاله كان يدعو إلى اعتبار قضية فلسطين قضية العرب كلهم والمسلمين، وكُللت هذه الجهود في عام 1931 بالمؤتمر الإسلامي الأول الذي عُقد في المسجد الأقصى على مستوى عالمي للدفاع عن القدس. كما أصدر فتوى تعتبر باعة الأراضي الفلسطينية لليهود والسماسرة فيها خارجين عن الدين؛ وبالتالي لا يجوز دفنهم في مدافن المسلمين، ولم يكتفِ بذلك، بل عمد إلى شراء الأراضي المهددة بالتسرب لليهود من أموال الوقف الإسلامي وجعلها تابعة للوقف الإٍسلامي.

وعلى جبهة المجتمع كان الرجل يعزز العلاقات داخله وكون "جمعيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " لإصلاح ذات البين وفض النزاعات وحض الجماهير على مقاومة البيوع، ومن ناحية أخرى كان يشعر بأن عرب فلسطين ليسوا مستعدين بعد لخوض الكفاح المسلح، فأخذ في الظاهر يؤيد الجهود السياسية لحل القضية ويعمل سرًّا مع قلة من الشباب المقربين جدًّا  لخلق منظمة سرية مدربة عسكريًّا كانت نواة جيش الجهاد المقدس الذي قاده عبد القادر الحسيني فيما بعد .

بعد ثورة القسام واستشهاده عام 1935 تقرر تأسيس اللجنة العربية العليا برئاسته التي تضم الأحزاب السياسية الفلسطينية، وهكذا دخل المعترك السياسي إلى جانب المجلس الإسلامي الأعلى، ودعم من خلال المنصب ثورة 36-39 وساعد في توفير الأسلحة اللازمة، ودعم حركة التطوع العربية ؛ فدخل إلى فلسطين المجاهدون من كافة الأقطار.

وفي مطلع يوليو عام 37 قاوم بشدة قرار التقسيم من خلال اللجنة العليا، وعلى إثر ذلك داهمت قوات الاحتلال البريطاني حي الشيخ جراح في القدس للقبض عليه، ولكنه التجأ للأقصى المبارك الذي خاف الإنجليز من اقتحامه خوفًا من ردود الفعل العنيفة فتابع إدارة العمل من داخله.

بعد اغتيال حاكم اللواء الشمالي إندروز حل المندوب السامي اللجنة العربية، وأقال المفتي واعتبره المسؤول عن الإرهاب، وضيق الخناق مما اضطره لمغادرة الأقصى والتسلل إلى يافا ثم لبنان في مركب شراعي فقبضت عليه القوات الفرنسية، ولم تسلمه للقوات البريطانية، وظل في منفاه يتابع عمله وشؤون فلسطين وزاد من سخط البريطانيين عليه رفضه للكتاب الأبيض وإصراره على المطالب الفلسطينية العربية.

 بعد التقارب الفرنسي البريطاني هرب سرًّا للعراق، ولحق به عدد من المجاهدين والقادة حتى أصبحت بغداد مركز ثقل القيادة، ثم اضطر لمغادرة العراق إلى طهران فتركيا فبلغاريا فألمانيا بعد أن أصبح مطلوباً حيًّا أو ميتاً. مكث في أوروبا حوالي أربعة أعوام، وطالبت بعض الدول الغربية بمحاكمته كمجرم حرب إلى أن استطاع الهرب والعودة لمصر ليقود الهيئة العربية العليا مرة أخرى، ويعيد تنظيم جيش الجهاد المقدس بعد أن قررت الهيئة العربية وجوب العمل على إعداد الشعب لخوض غمار الكفاح المسلح، وتولى قيادة التجهيز والتنسيق والإمداد بين المجاهدين، وأنشأ منظمة الشباب الفلسطيني التي انصهرت فيها منظمات الفتوة الكشافة والشجادة والجوالة ليتم تدريبهم على السلاح.

بعد وقوع كارثة 48 ظل يعمل للدفاع عن القضية، وزادت ضغوط الخيانات العربية عليه حتى اعتُقل في منزله في القاهرة وشُدّدت حوله المراقبة، ولما خفّت عنه القيود قليلاً أخذ يقاوم إسكان اللاجئين وأصر على عدم اعتراف العرب بالدولة الصهيونية، ثم تعاون مع قادة الثورة المصرية عام 52 لنقل الأسلحة سرًّا إلى سيناء لإمداد العمل الفدائي داخل فلسطين، وفي مطلع 1959 انتقل إلى سوريا ثم إلى لبنان واستأنف فيها جهوده في سبيل هذه القضية وظل فيها حتى وافته المنية عام 74 فدفن في مقبرة الشهداء بلبنان.

 

بداية الصفحة     الصفحة الرئيسية للملف

أحمد عبد العزيز: (1907-1948)

مضى على رأس المتطوعين للجهاد في فلسطين بعدما نال مرتبة البكباشية في الجيش المصري.

جذبت انتصاراته في فلسطين أنظار الصحف العربية آنذاك فعكفت على تتبع أنبائه وتحركاته، وأولته من العناية والاهتمام ما لم تولِ أحداً من قادة الجيوش العربية، ممن يفوقونه في المركز والصيت. وتجلت انتصاراته في المعارك التالية:

- حينما عجزت قوات الجيش الأردني عن اقتحام مستعمرة "رامات راحيل" الواقعة على الطريق بين القدس وبيت لحم، كانت قوات المجاهد أحمد عبد العزيز قد أعدت الخطة وأحكمتها لدك حصون هذه المستعمرة التي كانت دائماً تشكل مصدر خطر كبير على المجاهدين، وتمكنت من دكها في 26 مايو 1948.

- بعدما قبلت الجيوش العربية الهدنة في عام 1948 نشط اليهود في جمع الذخيرة والأموال وقاموا باحتلال قرية (العسلوج) التي كانت مستودع الذخيرة الذي يمون المنطقة، بل كان يعني احتلالها قطع مواصلات الجيش المصري في الجهة الشرقية ومع فشل محاولات الجيش المصري استرداد هذه القرية استنجدوا بالبطل أحمد عبد العزيز وقواته التي تمكنت من دخول هذه القرية والاستيلاء عليها.

- حاول اليهود احتلال مرتفعات جبل المكبر المطل على القدس، وكان هذا المرتفع إحدى حلقات الدفاع التي تتولاها قوات أحمد عبد العزيز المرابطة في قرية صور باهر، وقامت هذه القوات برد اليهود على أدبارهم وكبلتهم الخسائر الكثيرة، واضطرتهم إلى الهرب واللجوء إلى المناطق التي يتواجد فيها مراقبو الهدنة ورجال هيئة الأمم المتحدة.

وكان البطل فخوراً بجنوده وبما أحرزوه من انتصارات رائعة مما جعله يملي إرادته على اليهود، ويضطرهم إلى التخلي عن منطقة واسعة مهدداً باحتلالها بالقوة، وبعد هذه البطولات التي سطرها جاءت نهاية هذا البطل، ولنترك الضابط محمد حسن التهامي -نائب رئيس الوزراء الأسبق في مصر- يوضح هذه النهاية حيث قال : "استدعت القيادة المصرية بأوامر من القاهرة البطل أحمد عبد العزيز في عام 1948 ليترك الجبهة التي كان يسيطر عليها بقواته لينزل إلى القاهرة للقاء هام مع الملك فاروق نفسه، وكان البطل في حالة من الغضب لما يجري من تواطؤ في هذه الحرب لصالح اليهود، ونزل في ذلك اليوم المشهود في سيارة جيب هو والصاغ صلاح سالم والسائق، وأثناء دخوله إلى مواقع الكتيبة السادسة في عراق المنشية، والتي كان جمال عبد الناصر أركان حربها، قُتِلَ عبد العزيز في سيارته برصاصة أصابته وحده، ووصل المجدل حيث فارق الحياة، واختفى عن مسرح العمليات العسكرية التي كان يحسب لها موشى ديان ألف حساب.

 

بداية الصفحة     الصفحة الرئيسية للملف

أحمد الشقيري (1908-1980):

ولد في لبنان وتشرب روح الإباء والنضال، حيث كان والده الشيخ أسعد الشقيري منفيًّا من فلسطين إلى لبنان لمناهضته سياسة السلطان العثماني عبد الحميد، وعاد إلى فلسطين وترعرع فيها وعاش ويلات شعبه ومعاناته تحت نير الانتداب البريطاني والاستيطان الصهيوني، فناصبهم العداء وشرع قلمه سيفاً مسلطاً في الصحف الوطنية ضدهم، حتى ضاقت السلطات البريطانية ذرعاً بنشاطاته، وفرضت عليه الإقامة الجبرية بالقرب من مدينة حيفا في نهاية العشرينيات.

توجه لدراسة الحقوق في القدس لعله يدافع عن المعتقلين الفلسطينيين أمام المحاكم البريطانية وقد كان له ذلك. فبعد أن شارك في الثورة الفلسطينية الكبرى (1936-1939) لاحقته سلطات الانتداب البريطاني واعتقلته ولجأ بعدها إلى القاهرة، وعاد إلى ساحة الجهاد مرة أخرى مع أوائل الحرب العالمية الثانية، ومارس عمله كمحام، واختص بالدفاع عن المناضلين الملاحَقين، وبقضايا الأراضي فعمل على إنقاذ قسم من الأراضي الفلسطينية ومنع تسربها لليهود.

انتقل بنشاطه إلى الساحات الدولية؛ حيث أسس عام 1945 مكتباً إعلاميًّا عربيًّا في واشنطن وعُين مديراً له لشرح القضية الفلسطينية، وبعدها نُقل مديراً لمكتب الإعلام العربي المركزي في مدينة القدس.

خلال نكبة 1948م واشتداد شوكة اليهود في فلسطين، انتدبته الحكومة السورية ممثلاً لها في الأمم المتحدة، ثم عُين أميناً مساعداً للجامعة العربية، وقد كان الشقيري خلال وجوده في الأمم المتحدة خير محام عن القضية الفلسطينية ثم شغل منصب ممثل فلسطين في الجامعة العربية.

كُلف في عام 1964 بقرار من جامعة الدول العربية بإنشاء كيان فلسطيني؛ فقام بوضع مشروع الميثاق الوطني، والنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية وأكد فيه الناحيتين التنظيمية والعسكرية للكيان، وتم انتخابه رئيساً لهذه المنظمة ليكون أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتفرغ الشقيري لهذه المنظمة وبنى لها جهازاً عسكريًّا تحت اسم جيش التحرير الفلسطيني، واستمر يوجه هذه المنظمة ويرعاها حتى عام 1967، حيث قدم استقالته نتيجة تباين وجهات النظر بينه وبين أعضاء اللجنة التنفيذية.

تفرغ للكتابة في القاهرة علّه بذلك يواصل مسيرة الوفاء لقضيته ووطنه، فلم يكن بيته في القاهرة يخلو من الزائرين الفلسطينيين وغيرهم، وكان يؤكد لهم دائماً أن المساومات السياسية لن تُحرر فلسطين، وأن الجهاد هو وحده الطريق السليم للتحرير.

وكان مدركاً للدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في تثبيت دعائم الكيان الصهيوني في فلسطين؛ فبذل جهده وفاءً لقضيته بتبصرة أبناء الجيل بأن عليكم محاربة الولايات المتحدة وفكرها الذي تدعو إليه.

غادر القاهرة إلى تونس عام 1978 بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد التي اعتبرها خيانة عظمى للقضية، وأمضى فيها شهوراً ثم أصيب بمرض عضال غادر على إثره إلى عمان، ومكث فيها يصارع الموت حتى فاضت روحه في عام 1980م، ودُفن -كما أوصى- على مشارف فلسطين في غور الأردن بالقرب من قبر الصحابي الجليل أبي عبيدة عامر بن الجراح علّه بذلك يخالط بجسده التراب الذي مرت عليه جحافل المسلمين الأوائل فاتحين لفلسطين.

 

بداية الصفحة     الصفحة الرئيسية للملف

ياسر عرفات: (1929- )

أبدى عرفات في صغره اهتماماً بالشؤون السياسية والعسكرية؛ إذ كان يجمع حوله رفاقه ويدربهم على المشي العسكري، وكثيراً ما كان يتسلل ويهرب من المدرسة ليذهب إلى الأماكن التي يرتادها رجال السياسة ويشترك في عملية تهريب الأسلحة من مصر ثم تطور دوره بعدها ليصبح مشترياً للسلاح.

وبعد استشهاد عبد القادر الحسيني في القسطل عام 1948م اجتمع الطلبة الفلسطينيون في كلية الهندسة في جامعة الملك فؤاد الأول بالقاهرة، وكان من بينهم محمد القدوة المشهور باسم ياسر عرفات وكان حينذاك في التاسعة عشرة من عمره، وقرروا إحراق كتبهم والذهاب إلى فلسطين للالتحاق بصفوف المجاهدين.

وصل عرفات وزملاؤه إلى فلسطين في عام النكبة 1948م، وانضموا إلى صفوف المجاهدين وأبلوا بلاءً حسناً، ولكن تدخل الجيوش العربية أضعف مقاومتهم وجرّدهم من السلاح فغادر عرفات ورفاقه مضطرين إلى القاهرة مسلوبي الجنسية والهوية، ولكن اليأس لم يكن ليعرف طريقه إليه فحرص على إعداد نفسه وخدمة قضيته وشعبه ورأى أن جهاد شعبه سيتواصل ولا بد من تضافر الجهود وإعداد أبناء هذا الشعب.

شرع يدرب الطلاب الفلسطينيين في مصر عام 1954م بعد ثورة يوليو وكان هذا نتاجاً للقائه مع الرئيس  جمال عبد الناصر، وكانت تربط عرفات بقادة ثورة يوليو روابط قوية بحكم مشاركته المصريين في معارك القتال ضد الإنجليز. وكان قبلها قد قدّم للرئيس محمد نجيب وثيقة مكتوبة بالدم تطلب منه ألا ينسى القضية الفلسطينية.

وبعد تخرجه في كلية الهندسة أصبح رئيساً لرابطة الخريجين الفلسطينيين؛ مما أتاح له الاتصال بالفلسطينيين المثقفين في جميع أنحاء العالم.

توجه إلى الكويت للعمل مهندسًا، وهناك كانت البداية حيث أسس هو وخليل الوزير "أبو جهاد" أولى الخلايا السرية لحركة فتح ونشط في ترسيخها وطلب من الرئيس الجزائري أحمد بن بلا السماح بفتح مكتب لحركة فتح في الجزائر. وعقب حرب يونيو 1967م شرع ينتقل بين القدس ورام الله ونابلس ليبني قواعد تحتية للعمل الفدائي في الأرض المحتلة. وتولى رئاسة حركة فتح ومن بعدها اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 1973م التي لا يزال رئيساً لها.

تنقل بين لبنان والأردن وسوريا ودول أخرى حيث تشرد الشعب الفلسطيني، وقاد معارك لبنان عامي 1978 و1982، وغادر بيروت عقب الحصار الطويل في عام 1982 إلى تونس حيث جعل منها مقرًّا لمنظمة التحرير، وركز على العمل السياسي لحل قضيته.

في 1993 وافق على خطة أوسلو، وفي 1994 عاد إلى فلسطين رئيسا للسلطة الفلسطينية في غزة وأريحا.

 

بداية الصفحة     الصفحة الرئيسية للملف

2- شخصيات صهيونية يهودية

هرتزل ، ثيودور: (1860-1904)

ولد بمدينة بودابست لأب تاجر وغني، والتحق بمدرسة يهودية دون أن يستكمل التعلم فيها حتى إنه لم يعرف العبرية. لكنه التحق بمدرسة ثانوية فنية ثم بالكلية الإنجيلية منهياً دراسته عام 1878. أكمل دراسته الجامعية في جامعة فينا؛ حيث حصل على درجة الدكتوراه في القانون الروماني، وعمل في المحاماة، ولم يستطع التخلص من رواسبه القانونية عندما ألّف مسرحيات وروايات لم تصب حظها من النجاح.

عمل هرتزل في صحيفة (نويه فرايه بريسي) بين 1891-1895، وفي العام التالي أصدر كتيباً بعنوان "دولة اليهود.. محاولة لحل عصري للمسألة اليهودية"، طُبع ونُشر في 5 لغات وتضمن القواعد التي تقوم عليها الصهيونية في صورتها الجديدة، والتي تهدف إلى جمع اليهود في دولة خالصة لهم.

استهل هرتزل نشاطه بالدعوة إلى عقد مؤتمر يضم ممثلين لليهودية الأوروبية بمدينة بازل السويسرية. وفي العام 1897 انتُخب رئيساً للمؤتمر فرئيساً للمنظمة الصهيونية. وهذا المؤتمر هو الذي أصدر ((برنامج بازل)) الشهير الذي تضمن محاولة الحصول على موافقة دولية على مشروعية الهجرة اليهودية الجماعية لفلسطين لبناء دولة يهودية خالصة. وتوالى هذا المؤتمر في كل عام برئاسة هرتزل؛ مما يؤشر إلى دوره الكبير في نشاط الحركة الصهيونية.

ويرتبط اسم هرتزل بمحاولة مخاطبة السلطات العثمانية، والبابوية والسلطات الاستعمارية لتذليل كل العقبات أمام تنفيذ المؤتمرات الصهيونية. وهو صاحب فكرة تحويل الأنظار عن فلسطين وسيناء إلى مستعمرة أوغندا البريطانية، ورُفضت هذه الفكرة من قبل المؤتمرين بشدة .

تُوفي هرتزل ببلدة أولاخ في الثاني من يونيو 1904، ثم نُقل رفاته إلى فلسطين المحتلة.

من أفكار هرتزل الأساسية إيمانه بأن اليهود، وخصوصاً في أوروبا، شعب عضوي منبوذ بدافع العداء الناجم عن المنافسة التجارية واستقلال اليهود ماليًّا وقوتهم الاقتصادية الرهيبة، وهذا هو جوهر هوية اليهود كشعب، ومع ذلك فإن هرتزل أصر على ربط المشروع الصهيوني بأوربا الاستعمارية؛ فهو يرى أن الانقلاب الصناعي وحركة المواصلات العالمية هما ضمان حل المشكلة السكانية عموماً والمشكلة اليهودية خصوصاً. أما إقامة وطن يهودي فلن يعود على أوروبا بفضائل اقتصادية فحسب بل سيحقق لها قوة إمبريالية مهمة في المنطقة العربية.

 

بداية الصفحة     الصفحة الرئيسية للملف

جابوتنسكي: (1873-1917)

ولد جابوتنسكي في روسيا لعائلة تنتمي إلى الطبقة الوسطى، ورغم ضآلة معرفته باليهودية فإنه أظهر نزوعاً صهيونيًّا منذ صباه. درس القانون في سويسرا وإيطاليا وفيها استوعب الرؤية الإمبريالية للأمور؛ من ذلك أنه تأثر بواقعية ثوماس هوبز معلناً أن العالم ساحة لصراع الجميع ضد الجميع، كما تأثر بالفكر الدارويني والنيتشوي والفاشي، وبأفكار أنطونيو لابريولا عن الإرادة وقدرة الإنسان على تغيير المستقبل بالإرادة .

بدأ جابوتنسكي نشاطه الصهيوني الفعلي عام (1903) بحضور المؤتمر الصهيوني السادس، فاضطلع على كتابات الصهاينة الأوائل لا سيما هيرتزل وبفسكر وليلينبوم، وحاول تنظيم بعض خلايا الدفاع اليهودية في روسيا، وعرف عنه معارضته لمشروع وطن قومي في شرقي أفريقيا لإدراكه العميق لوثاقة الصلة بين الموقع الإستراتيجي لفلسطين ومصالح أوروبا. 

أصبح جابوتنسكي أوائل العشرينيات مسؤولاً عن أجهزة الدعاية والصحافة الصهيونية في الدولة التركية بعد سقوط الخلافة، ثم التحق بعصابات الهاجناه الصهيونية لقمع المظاهرات العربية في القدس، مؤمنًا بسياسة فرض الواقع بالقوة العسكرية.

وفي عام 1923، وإثر خلافه مع المنظمة الصهيونية العالمية ذات الصبغة العمالية.. انشق عن المنظمة الصهيونية وأسس المنظمة الصهيونية الجديدة، داعيًا إلى التعامل مع القضية الصهيونية بالمزيد من الحسم والراديكالية وإقامة الدولة الصهيونية بالقوة.

 

بداية الصفحة     الصفحة الرئيسية للملف

دافيد بن غوريون (1886-1973م)

بدأ دافيد بن جوريون نشاطه الصهيوني وهو فتى؛ إذ هاجر إلى فلسطين سنة 1906م، وبدأ التأكيد على الاهتمام بالمستوطنين الصهاينة، وإحياء اللغة العبرية. وإبّان الحرب العالمية الأولى (1914-1918م) ذهب إلى الولايات المتحدة وأسس جماعة (( الرواد ))، وساهم في تكوين الفيلق اليهودي في الجيش البريطاني .

عاد بن غوريون إلى فلسطين سنة 1918م، وساهم في تأسيس اتحاد النقابات العمالية ((الهستدروت)) على أساس ألا يقتصر هذا التنظيم على العمل النقابي العمالي، بل ليكون وسيلة صهيونية استيطانية أيضاً. وتولى رئاسة الهستدروت من عام 1921-1932م. كما ساهم في سنة 1930م في تأسيس حزب الماباي وفرض نفسه زعيماً سياسيًّا على الحركة الصهيونية في الثلاثينيات. كما أسس فرق الحراسة التي تحولت فيما بعد إلى الهاجاناه. ونجح بن جوريون من خلال عضويته في اللجنة التنفيذية الصهيونية واللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية في وضع برنامج بلتمور، الذي تبنته المنظمة الصهيونية العالمية، والذي أعلن انتقال الرعاية الإمبريالية للصهيونية بإنشاء دولة إسرائيل؛ وكان ذلك انتصاراً مركزيًّا لمدرسة بن جوريون في صراعه مع قيادة المنظمة الصهيونية في جَعْل تجميع اليهود إلى فلسطين مهمة رئيسية للمنظمة الصهيونية، كما كان من مطالب بن جوريون المستمرة جَعْل الهجرة إلى إسرائيل الدليل الحاسم على صهيونية أي زعيم أو فرد من أبناء الشعب اليهودي.

 قام دافيد بن جوريون في 14/5/1948م، بإعلان قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين. وترأس الحكومة المؤقتة للدولة الجديدة التي تشكلت من بين أعضاء اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية، في حين ترأس حاييم وايزمن رئيس المنظمة الصهيونية الدولة، وبقي في رئاسة الحكومة حتى استقال سنة 1955م. وفي سنة 1965 استقال من حزب (( الماباي )) وأسس حزب (( رافي )) مع بعض أعوانه أمثال موشيه دايان وشيمون بيريز.

آمن بن جوريون بالفكر التوسعي، وترك حدود إسرائيل مفتوحة، كما طالب بجعل القدس عاصمة الدولة الصهيونية. ولعب دوراً رئيسيًّا في بلورة الفكر الصهيوني في فلسطين. وكان من مؤيدي مقاطعة العرب وطردهم من أراضيهم. وبعد إقامة الدولة أقدم على حل كل المنظمات العسكرية الصهيونية وحولها إلى (( جيش الدفاع الإسرائيلي ))، وأولاه اهتمامه وشغل منصب وزير الدفاع في معظم الوزارات التي كان يرأسها. واعتمد في سياسته على التحالف مع القوى الإمبريالية بعد أن أكد دور إسرائيل كحامية للمصالح الإمبريالية في المنطقة العربية؛ فتحالف مع بريطانيا وفرنسا، واشترك في شن العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956م وشهد هزيمة إسرائيل السياسية والعسكرية في حرب أكتوبر 1973م.

 

بداية الصفحة     الصفحة الرئيسية للملف

إسحق رابين: (1922-1995)

ولد رابين في القدس، ودرس في مدرسة زراعية، ثم انخرط ابتداءً من العام (1940) في منظمة صهيونية إرهابية تدعى (البالماخ) وتحول إلى الهجوم على حكومة الانتداب، وفي حرب 1948 عمل كضابط عمليات، واشترك في الاستيلاء على القدس وما لبث أن صار قائداً للواء عسكري ثم ضابطًا مسؤولاً عن  الجبهة الجنوبية .

وخلال الأعوام العشرين التالية شغل مناصب عسكرية متصاعدة، فكان قائدًا للمنطقة الشمالية (1956-1959) ثم رئيساً لشعبة العمليات ونائباً لرئيس الأركان ثم رئيساً لها (1964-1968) وقائداً للجيش خلال حرب 1967.

تقاعد في عام 1968، وعمل سفيرًا لإسرائيل في أمريكا، وبعد عودته في 1973 نشط حزبيًّا، ودخل وزارة جولدا مائير وزيرًا للعمل، وعقب سقوط الحكومة بسبب حرب 1973، انتخب رابين من قبل حزب العمل لخلافة مائير، وفي ظل حكومته وُقّعت اتفاقية الفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية والمصرية (1974) والاتفاق المرحلي مع مصر (1975) وأول مذكرة تفاهم بين أمريكا وإسرائيل (1975)، إلى أن سقطت حكومته بدعوى انتهاك حرمة يوم السبت. بقي رابين ـ رغم ارتباط اسمه بفضيحة مالية بسبب زوجته ـ في طليعة الصف الأول من السياسيين الإسرائيليين.

وفي الأعوام التي سبقت 1982 وقف رابين مع الغزو الإسرائيلي للبنان واقترح انسحاب الجيش من لبنان مع الاحتفاظ بشريط أمني، وذلك أثناء توليه وزارة الدفاع في حكومة الوحدة (بين حزبي العمل والليكود) (1984-1990).

وأثناء الانتفاضة الفلسطينية (1987-1991) انتهج رابين سياسة عُرفت باسم "تكسير العظام"، وهي التي ألجأته إلى تبني أساليب وحشية منظمة لقمع الفلسطينيين، وكانت مثار انتقاد واسع، عربيًّا ودوليًّا.

وبعد انطلاقة عملية التسوية في مدريد، وعقب سقوط حكومة الليكود، لمع نجم رابين من جديد فتولى رئاسة حزب العمل ثم رئاسة الحكومة في عام (1993)، ووقَّعت حكومته اتفاق "أوسلو" مع منظمة التحرير الفلسطينية، واتفاقية "وادي عربة" مع الأردن 1994، وخاضت مفاوضات مطولة مع سوريا أفضت إلى ورقة عُرفت بوديعة رابين نصت على انسحاب كامل من الجولان لقاء ترتيبات أمنية وتطبيع للعلاقات.

اُغتيل رابين على يد يميني متدين سنة 1995 احتجاجًا على سياسته في عملية التسوية.

 

بداية الصفحة     الصفحة الرئيسية للملف

هنري كيسنجر: (1923- )

ولد كيسنجر في بفاريا بألمانيا لعائلة يهودية في ظل الحكم النازي. وتسبب هذا الأخير(الحكم النازي) في طرده مع شقيقه من المدارس الحكومية، وطرد والده من عمله كمعلم إلى أن هرب إلى أمريكا رهبة من النازية، وهناك تجند في الجيش الأمريكي عام 1943 وعمل في المخابرات، ثم خدم في ألمانيا مترجمًا ومدرسًا في المدرسة الأوروبية لقيادة المخابرات.

برز كيسنجر كواحد من علماء السياسة المرموقين، حيث بدأ مشواره الأكاديمي في معهد جورج واشنطن العالمي، ثم في جامعة هارفارد مدرسًا للعلوم السياسية ودرَّس في الجامعة ذاتها حتى سنة 1971 . وكتب عدة كتب مهمة في مجال شؤون الدفاع والأمن القومي؛ فنال سمعة عالمية في هذا المجال أهمها: "القوى النووية والسياسة الخارجية" (1956)، و"عالم مرمّم : كاشريغ ومتيرنيخ وترميم السلم" (1812-1822)،  و"الزعامة القلقة : إعادة النظر في الحلف الأطلسي". 

انخرط كيسنجر في الحياة السياسية كمستشار لعدة رؤساء أمريكيين، وهم : أيزنهاور وكيندي ونكسون، وشهدت صلته بالرئيس الأخير تناغماً أفضى به إلى العالمية لا سيما إثر نجاحه في ترتيب زيارتين للرئيس نيكسون إلى الصين. كما نجح في تدشين سياسة الوفاق الدولي في الاتحاد السوفييتي تُوجت بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة الإستراتيجية الأولى (سولت) 1972.

     وجه كيسنجر اهتمامه نحو المنطقة العربية مع حرب 1973 وفي العام نفسه عُين وزيراً لخارجية أمريكا إلى مجيء الرئيس كارتر حيث بدأ نجمه في الأفول، ومع ذلك استمر في تقلد مناصب أكاديمية وتجارية ومالية رفيعة.

     يرى المحللون أن فكر كيسنجر الإستراتيجي يتمحور حول مفهوم النظام الدولي الشرعي المستقر؛ فالاستقرار يصنع السلام من خلال وجود شرعية دولية تقبلها الأطراف الأساسية في النظام الدولي.

    كما لعب الصراع الدولي بين الدولتين الكبريين دوراً حاسماً في تفكيره وممارسته السياسية، بل في أفول نجمه لا سيما بعد فشله في أزمة غزو تركيا لقبرص ونزاعها مع اليونان. وهو ذاته الذي يفسر اهتمامه الحثيث بقضايا فيتنام والشرق الأوسط والأمن الأوروبي.

     إن ممارسة اكتشاف بُعد يهودي في تفكير كيسنجر لا طائل تحته؛ لأن تفكيره وممارسته السياسية والدبلوماسية يتأسسان على إدراك عميق لطبيعة المصالح الغربية والأمريكية خصوصاً، وأما إدارته للأزمات الدولية بما فيها أزمة الشرق الأوسط فما هي إلا نتاج فكرة الصراعات الداروينية وفلسفة الدولة والمصلحة ؛ ولهذا فحرصه على إسرائيل نابع من علاقة إستراتيجية مع أوروبا وأمريكا وليس لاعتبارات دينية .

 

بداية الصفحة         الصفحة الرئيسية للملف

3- شخصيات صهيونية غير يهودية

آرثر بلفور : (1848-1930)

ارتبط اسم آرثر بلفور بوعد بلفور الصادر في نوفمبر 1917م، الذي تضمن التصريح البريطاني الرسمي بالتعاطف مع الأماني اليهودية في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وذلك على شكل رسالة بعث بها اللورد بلفور الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية إلى اللورد روتشيلد المليونير اليهودي المعروف.

درس بلفور تعاليم العهد القديم، واهتم بالمسألة اليهودية خلال فترة توليه منصب رئاسة الوزراء في بريطانيا (1902-1905) وذلك عندما بدأت موجات هجرة شرق أوربا تجتاح بريطانيا، وكان بلفور معارضًا لهذه الهجرة؛ انطلاقًا من موقفه الذي يستند إلى فكرة: أن الشعب المختار هو أيضاً جماعة أجنبية معادية تؤمن بدين هو محل كره متوارث من المحيطين بها، وأنهم  جماعة لا تندمج وتعاني ازدواج الولاء بل انعدامه أحياناً، وأنهم سيتسببون في كوارث قد تلحق بإنجلترا ؛ ولذلك فإن من الأفضل تحويلهم إلى مادة نافعة لخدمة التشكيل الحضاري الغربي من خارج أوربا.

استمر بلفور بدعم الصهيونية بعد إصدار تصريحه الشهير، لا سيما في المؤتمرات التي عُقدت بعد الحرب العالمية الأولى (1914-1918)؛ ففي سنة 1922م ألقى خطاباً في مجلس اللوردات البريطاني حثّ فيه بريطانيا على قبول فرض الانتداب على فلسطين، وتقدم بمسودة قرار الانتداب لعصبة الأمم، كما شارك في افتتاح الجامعة العبرية في القدس سنة 1925م.

وتقديرًا لإسهامه في خلق الدولة الصهيونية.. توجد في إسرائيل مزرعة تعاونية تُدعى ((بلفوريا)) أسسها مستوطنون من الولايات المتحدة، كما توجد شوارع في تل أبيب والقدس سُميت جميعها باسمه، ويُطلق كثير من اليهود على أبنائهم اسم ((بلفور)) مع أنه ليس اسماً عبريًّا أو يهوديًّا.

 

بداية الصفحة     الصفحة الرئيسية للملف

هربرت صموئيل: (1870-1963م)

تلقى تعليمه في جامعة أكسفورد، وانضم إلى الحزب الليبرالي، وتدرج في الوظائف إلى أن أصبح وزيراً في الحكومة البريطانية، وهو بذلك أول إنجليزي يهودي يشغل هذا المنصب.

تبنى صموئيل الفكرة الصهيونية عام 1914م عندما رأى أنها تخدم المصلحة الإمبريالية البريطانية في المنطقة العربية، علاوة على أسباب تتعلق بتحويل سيل الهجرة اليهودية عن أوربا الغربية؛ وقد كتب في ذلك مذكرة عام 1915م مررها على أعضاء الوزارة البريطانية تنطلق من أن تركيا ستُهزم في الحرب مقترحاً إنشاء محمية إنجليزية في فلسطين ومشجعاً الاستيطان اليهودي فيها، لكن هذه المقترحات لم تجد تشجيعاً من رئيس الوزراء البريطاني اسكويت.

وحين تولى لويد جورج  رئاسة الوزراء ـ التي كانت تضم بلفور وزير الخارجية ـ تم تبني أفكار صموئيل الاستعمارية، ونظراً لما عُرف عن أفكاره تلك فقد عُين صموئيل أول مندوب سامي بريطاني في فلسطين عام 1920 أي بعد صدور قرار الانتداب. وفي 2 أغسطس من العام نفسه استصدر صموئيل قانوناً للهجرة يسمح لـ 16.500 يهودي بدخول فلسطين، ولكن بسبب رد الفعل العربي الرافض، عدلت بريطانيا عن سياستها قليلاً وبدأت تتحرك في إطار مفهوم القوة الاستيعابية للبلد. ومع ذلك.. زاد عدد السكان اليهود في الفترة بين 1918-1925م من 105 آلاف إلى 118 ألفاً .

وقد ساعد صموئيل النشاط الاستيطاني الصهيوني على مستويات أخرى عديدة، من بينها : الاعتراف بالمؤسسات السياسية الصهيونية في فلسطين، والاعتراف باللغة العبرية كإحدى اللغات المحلية في فلسطين، وقد زاد عدد المستوطنات الصهيونية في عهده من 44 إلى 100 مستوطنة.

تابع صموئيل الاهتمام بالمستوطنين الصهاينة حتى بعد تركه منصبه، فكان رئيساً لشركة فلسطين للكهرباء ورئيساً للجامعة العبرية، وقد هاجم الكتاب الأبيض عام 1939م، وهاجم السياسات المعادية للصهيونية.

صنّفت قطاعاتٌ من أعضاء بعض الجماعات اليهودية في فلسطين وخارجها -صموئيلَ باعتباره أول حاكم يهودي لفلسطين منذ سقوط الهيكل. وهذا التصنيف لا يأخذ في اعتباره التكوين الثقافي أو السياسي لدى صموئيل، ولا الإطار الذي تم فيه تقليده منصبه؛ فقد كان صموئيل –في واقع الأمر- مندوب الإمبراطورية البريطانية لدى اليهود، وليس مندوب اليهود لدى الإمبراطورية البريطانية.

 

بداية الصفحة     الصفحة الرئيسية للملف

تشرشل: (1874-1965)

ونستون ليونارد سبنسر تشرشل، ينتمي إلى أسرة بريطانية محافظة سياسيًّا.

بدأ حياته العملية في الخدمة العسكرية في الهند وكوبا والسودان عام 1895، وعمل مراسلاً حربيًا، وأُسر في حرب البوير في جنوب أفريقيا . وبعد عودته انتخب نائباً عن حزب المحافظين في البرلمان . وبعد 4 سنوات انضم إلى حزب الأحرار ، وبدأ يتقلد مناصب رفيعة؛ إذ عُين وزيراً للتجارة (1908-1910م) ثم وزيراً للداخلية فوزيراً للحربية عام 1911م، وبعدها عُين وزيراً للذخائر الحربية والطيران ثم استلم وزارة المستعمرات بعد أن وُضِعت فلسطين تحت الانتداب الإنجليزي سنة 1920م.

توجه تشرشل وزير المستعمرات سنة 1921م إلى مصر وفلسطين، واطلع خلال زيارته على المشكلة التي يعاني منها العرب الفلسطينيون نتيجة خطورة وعد بلفور على مستقبلهم، واستمع تشرشل إلى المشكلة من الوفد العربي برئاسة موسى كاظم الحسيني الذي طالب بإلغاء وعد بلفور كليًّا، وبعد عودته إلى لندن بشهر اندلعت موجة جديدة من العنف صعدت مزيداً من الضحايا، وفي صيف العام نفسه غادر وفد عربي إلى لندن وقابل تشرشل بصفته وزيراً للمستعمرات في الحكومة البريطانية، وألح الوفد على تشرشل لإلغاء وعد بلفور، لكن تشرشل استخف بالعرب ولم يُبدِ اهتماماً كبيراً بقضاياهم.

يُعدُّ الكتاب الأبيض الذي أصدره تشرشل ووافق عليه البرلمان البريطاني سنة 1922م من أهم الوثائق وأخطرها للتطورات اللاحقة؛ فقد تضمن هذا الكتاب شرحاً من وزارة المستعمرات لطبيعة السياسة البريطانية في فلسطين وتفسيرها لوعد بلفور . وجاء فيه أن الغرض ليس تحويل جميع فلسطين إلى وطن يهودي، بل إقامة هذا الوطن في جزء منها، على أن لا يؤدي ذلك إلى إخضاع السكان العرب أو اختفاء اللغة أو الثقافة العربية. ونفى الكتاب تصريح وايزمن بالعزم على أن تكون فلسطين يهودية كما أن أمريكا أمريكية، ونفى حجة العرب بتعهدات إنجلترا إلى الشريف حسين، وأصر على استثناء فلسطين من التعهدات. وأكد الكتاب تمسك إنجلترا بوعد بلفور، وبأن وجود الشعب اليهودي في فلسطين يقوم على حق. عُرف عن تشرشل نزعته الأرستقراطية البعيدة عن الشعب في الداخل، والاستعمارية المتطرفة في الخارج. وكان صهيونيًّا متطرفاً لعب دوراً خطيراً في دعم مشروع إقامة دولة صهيونية على حساب العرب في فلسطين كما اتضح من خلال الكتاب الأبيض.