التربوي الإسلامي العربي * د. يسري مصطفى * الموضوع الأول من الفصل الثاني لمساق تكنولوجيا التعليم

أنواع وسائط الاتصال التعليمية

 

* مقدمة :     

هناك محاولات عديدة لتصنيف وسائط الاتصال التعليمية إلى أنواع متشابهة متقاربة لكي يسهل دراستها والإفادة منها، غير أن بعض هذه التقسيمات قد لا يتسم بالشمول نتيجة لتأثير واضعيها بعوامل مختلفة مثل التخصص الدراسي أو بمجال عمله الخاص، فنجده يهتم بأنواع معينة من الوسائط ويهمل غيرها. كما قد لا يكون التصنيف علمياً تفصيلياً بدرجة تحقق الهدف منه وهو تسهيل دراسة أنواعها المختلفة والإفادة منها.

 

وعلى سبيل المثال: صنفت وسائط الاتصال التعليمية في وقت من الأوقات إلى أصناف ثلاثة هي:

1 ـ وسائط سمعية: كالمحاضرة، والتسجيلات الصوتية، والإذاعة.

2 ـ وسائط بصرية: كالرسوم، والصور، والمجسمات، والخرائط، والشرائح، والأفلام الثابتة.

3 ـ وسائط سمع بصرية: كالأفلام الثابتة الناطقة، والسينما، والتليفزيون، والتمثيليات.

 

ومثل هذا التقسيم قد ركّز على حاستي البصر والسمع كأساس للتصنيف باعتبار أنهما الحاستان اللتان يتعلم عن طريقهما المتعلم، مغفلاً بذلك خواص الوسائط نفسها، فضلاً عن إغفال باقي الحواس التي يتعلم المرء عن طريقها، ولذلك قد يكون هذا التقسيم محيراً وغير دقيق، عند النظر إلى وسائط الاتصال التعليمية المختلفة ففي معرض تعليمي مثلاً قد تستعمل حاسة السمع والبصر واللمس وغيرهما، وهكذا الحال في الرحلات التعليمية والخبرات المعدّلة وغيرها.

 

ولعل من التصنيفات القديمة الجديرة بالذكر ـ رغم قدمه النسبي ـ هو التصنيف الذى قدمه " إدجار ديل Dale  Edgar "، والذي وضعه على أساس الخبرة التعليمية التي يمر بها التلميذ في عملية التعلم، فرتّب الوسائط المختلفة في شكل مخروط أسماه "مخروط الخبرة"، واضعًا الوسائط المجرّدة كاللغة، وهى الرموز اللفظية التي يستخدمها المعلم لتحقيق أهداف التعليم عند قمة المخروط، حيث يكون عمل التلميذ هو الاستماع والقراءة، بينما وضع المواقف الحياتية، التي يتعلم فيها التلميذ بممارسة العمل المتصل بهدف هذا التعلم، وهو الخبرة المباشرة عند قاعدة المخروط، وفيها يقوم التلميذ بعمل ما، ثم رتب الوسائط المختلفة البديلة عن هذه المواقف الحياتية على بقية جسم المخروط بين هاتين النهايتين فى مستويات تقترب أو تبتعد عن القمة حسب قربها أو بعدها عن المجرد.

 

 

الرموز اللفظية

 

المجرد
الاتجاه إلى أعلى

الرموز البصرية

الواقع المحسوس

الاتجاه إلى أسفل

 

التسجيلات الصوتية

 

 

الأفلام المتحركة

 

 

التليفزيون التعليمي

 

 

المعارض والمتاحف

 

 

الرحلات والدراسات الميدانية

 

 

العروض التوضيحية العملية

 

 

الخبرات الممثلة

 

 

الخبرات المعدلة

 

 

الخبرات الهادفة المباشرة

 

                        مخروط الخبرة لإدجار ديل Edgar Dale

 

كما يلاحظ في هذا التصنيف أن الدور الذي يقوم به المعلم في طريق الدراسة التقليدية (الشائعة حالياً) يكون كبيراً عند استخدام الوسائط المجردة (الرموز اللفظية) قرب قمة المخروط ويقل دور المعلم بالتدريج، ويزداد دور المتعلم كلما ابتعدنا عن قمة المخروط، مقتربين من قاعدته.

 

وهناك تصنيف حديث يقسم تلك وسائط الاتصال التعليمية وفق خصائص محتواها، باعتبار أن هذا المحتوى هو المؤشر الأول في استخدامها، فيقسم هذه الوسائط إلى:

 

ـ وسائط لفظية: وهي التي تتكون من اللغة اللفظية وتصوغ بها المادة العلمية أو الفنية ومن أبرز هذه الوسائط الأحاديث الإذاعية ومحاضرات المعلم، فهي كلها رموز لفظية.

ـ وسائط غير لفظية: وهي التي تتكون من لغة غير لفظية تقدم بها المادة التعليمية أو الفنية، ومثال ذلك الصور الفوتوغرافية والنماذج والعينات.

ـ وسائط لفظية وغير لفظية: وهي التي تجمع في محتواها لغتي التعليم الأساسيتين: الرموز اللفظية والوقائع والأصوات غير اللغوية والأشكال والصور، ومثال لها: هو الافلام السينمائية والبرامج التليفزيونية والمعرض والبيان العملي.

 

ونتناول بالشرح والتفصيل فيما يلي أهم أنواع وسائط الاتصال التعليمية:


وسائط الرموز اللفظية

وهذه تشمل اللغة اللفظية منطوقة أو مرسومة، والرموز الحسابية والجبرية والعلمية وغيرها، وخير مثال لها كلام المعلم والكتاب المدرسي، وهذه اللغة اللفظية رمز لخبرة، ولا يدرك التلميذ معناها أو مدلولها إذا لم ترتبط بهذه الخبرة. فكلمة (فيل) مثلاً لا تشمل شيئاً من حقيقة هذا الحيوان، ولكنها اسم لمدرك معين، فإذا رأينا هذه الكلمة أو سمعناها، وكانت لنا بها خبرة سابقة فإن عقلنا يتجه إلى إدراك المقصود من الرمز فهو يعني حيواناً ضخم الجثة، رأيناه في حديقة الحيوان  ـ أو في فيلم أو صورة ـ يتغذى على الحشائش ويمتثل لأوامر مدربه.. إلخ. وكلمة (صرصور) كلمة أطول من كلمة فيل، ولا يعني هذا أن الصرصور أكبر من الفيل، فالكلمة رمز لخبرة، وهي صورة مجردة للتعبير عن الخبرات، ولا تعني شيئاً بالنسبة للمتعلم، ما لم يكن قد مر بخبرة مباشرة.

 

لاشك أن اللغة اللفظية من أكثر وسائط الاتصال شيوعاً واستخداماً بين الناس، لدرجة أن الإنسان المثقف يقاس عادة بقدرته على استخدام هذه الوسيلة في التعبير عن نفسه، وتتميز بسهولة استخدامها إذا ما قورنت بوسائط الاتصال الأخرى كالسينما والمجسمات أو الرموز التصويرية التي تتطلب إنتاج أدوات وتشغيل أجهزة.

 

وبالرغم من المزايا العديدة للوسيلة اللفظية، ومع أن الخطوات التالية لتفاعل التلميذ مع المحسوسات هو الخروج بتعميمات، وكلمات تشرح هذه الخبرات، إلا أن استخدام اللغة اللفظية وحدها في التدريس تشوبه الأخطاء في كثير من النواحي، ويرجع ذلك عادة إلى إغفال حقيقة هامة، وهي أن (الكلمة اسم لخبرة) فهي لا تحمل في نفسها أي عنصر من عناصر الخبرة، فكلمة (قط) لا تحوي شيئا من عناصر القط، ولكن اصطلح على أن يكون هذا اللفظ (القط) المسموع أو المكتوب دليلاً أو اسماً لحيوان خاص، يتميز بصفات خاصة عن الحيوانات جميعها، ولكي يفهم القارئ أو السامع مضمون الرموز (قط) لا بد وأن يربط بين هذا الرمز ومدلوله.

 

وبناء على ما تقدم يشترط في تعليم الكلمة الجديدة إتاحة الفرصة للتلميذ للتفاعل مع المدلولات المحسوسة لهذه الكلمة، وعندما لا تتوافر الإمكانات للتفاعل مع الواقع تستخدم الوسائط البديلة التي تعرض هذا الواقع أو المدلول.

 

ولذلك ينبغي أن يتأكد المعلم من وضوح معاني الكلمات الجديدة التي يستخدمها، وذلك بربطها بكلمات معروفة، أو بتوفير خبرة واقعية او بديلة تظهر معنى هذه الكلمات.

 

* وسائط نقل اللغة اللفظية نوعان رئيسيان: نوع ينقل الكلمة صوتا مسموعا، وآخر ينقلها رموزا مكتوبة مرئية.

 

*وسائط نقل اللغة مسموعة:

اجتهد الإنسان في ابتكار وسائط وأدوات تستطيع أن ترسل ذبذبات صوته إلى مسافات أبعد، فاخترع الإذاعة الداخلية (المقفلة ـ المدرسية ـ التعليمية)، والراديو، ثم حاول الإنسان تعبئة الأصوات حتى توصل إلى الأسطوانات وأشرطة الكاسيت.

 

*وسائط نقل اللغة مرئية:

وهنا يتم تسجيل الكلمات في صورة أو أشكال خطية (مكتوبة أو مطبوعة) على أي سطح من الورق، وقد تطورت وسائط نقل اللغة اللفظية كتابة وتنوعت، فمنها الصحف والمجلات العامة، والكتب والمجلات الخاصة (مثل الكتب المدرسية ودوائر المعارف والمجلات العلمية)، والكتيبات والنشرات، والمصغرات الفيلمية (وهي أفلام 35 مم، أو بطاقات تسمى الواحدة منها ميكروفيش، تُصوّر بطريقة خاصة، فتسع البطاقة الواحدة لستين صفحة من القطع المتوسط.

 

ونتناول فيما يلي بمزيد من التوضيح بعض وسائط نقل اللغة مسموعة، ومرئية وهي: الإذاعة التعليمية (الراديو) باختصار، وشرائط الكاسيت بشيء من التفصيل، والكتاب المدرسي.

 

* من وسائل نقل اللغة مسموعة *

أولا: الإذاعة التعليمية ( الراديو )

يعتبر المذياع وسيلة تعليمية هامة زيادة عن دوره التثقيفي العام، حيث يصل تأثير ما يذاع بالمذياع إلى منطقة كبيرة الانتشار والاتساع يسمعها ملايين عديدة من الناس. هذا ويذيع نوعين من البرامج، النوع الأول: هو الإذاعة العامة للجمهور، والنوع الثاني: هو ما يقتصر على الإذاعة الخاصة بالمناهج الدراسية أي الإذاعة التعليمية. وما يهمنا هنا هو النوع الثاني وهو (الإذاعة التعليمية).

  

* أوجه استخدام الإذاعة التعليمية:

تستخدم الإذاعة التعليمية في تعليم اللغات على اختلاف أنواعها، وكذلك في التعاليم الدينية وفي المواد القومية والمواد الاجتماعية والعلوم والموسيقى، والآن تساهم الإذاعة التعليمية مساهمة فعالة في برامج محو الأمية. ونظراً لعدم الاعتماد عليها بقوة حالياً في منطقتنا العربية والإسلامية لسيطرة أجهزة التلفاز وقيامها بمعظم الوظائف التي كانت تقوم بها الإذاعة التعليمية سنقصر حديثنا في هذا المجال على شرائط التسجيل الصوتية وهي الأكثر استخداماً في الوقت الحاضر.

 

ثانياً: أشرطة التسجيل

(1) ماهيتها:

 

هي عبارة عن أشرطة رقيقة من مادة البلاستيك تغطى إحدى وجهيها بمادة مغناطيسية (خليط من أكسيد الحديد وأكسيد الحديديك المغناطيسي). وتتم عملية التسجيل عندما يتحدث الشخص حيث تتحول الموجات الصادرة عنه إلى نبضات كهربية داخل الميكروفون الموجه إلى هذه الموجات، ثم تنتقل هذه النبضات الكهربية عبر الأسلاك إلى قطعة دقيقة من الحديد، فتتحول هذه الأخيرة إلى مغناطيس كهربي يتراوح في شدته وضعفه تبعاً لقوة أو ضعف الموجات الصوتية، هذا المغناطيس يؤثر بدوره على المادة المغناطيسية التي تغطى أحد وجهي الشريط فتتم عملية التسجيل، وعند الاستماع تتم عملية عكسية لما حدث في عملية التسجيل (لمشاهدة الصورة التوضيحية لكيفية التسجيل والسماع: أنقر هنا على الصورة).

 

(2) أوجه استخدامها تربويا:

تستخدم أشرطة التسجيل في أغراض تربوية عديدة من بينها ما يلي:

(أ) يمكن استخدامها في برنامج إعداد المعلم:

1 ـ حيث يمكن للطالب المعلم أن يستمع إلى تسجيل لما شرحه أمام التلاميذ لكي يتبين نقاط القوة  والضعف.

2 ـ يمكن استخدامها في تسجيل بعض الدروس النموذجية ويقوم الطلاب المعلمون بسماع هذه التسجيلات لكي يتعرفوا على طرق التدريس الملائمة.

3 ـ يمكن استخدامها في برامج التعليم المصغر، وتحليل التفاعل اللفظي، وتدريب الطلاب المعلمين على مهارات التدريس.

4 ـ يمكن استخدامها في تسجيل بعض المحاضرات والدروس العملية بهدف الإستماع إليها أكثر من مرة..

(ب) يمكن استخدامها في دراسة اللغويات:    

حيث تساهم في تحسين فهم التلاميذ للأحاديث عن طريق تدريب آذانهم للاستماع، وتدريبهم على نطق المفردات والعبارات وتكوين الجمل والعبارات الإنشائية الصحيحة، وتدريبهم على القراءة السريعة الصحيحة. 

(ج) يمكن استخدامها في دراسة آداب اللغة:

حيث تساهم في تحسين قدرة التلاميذ على تذوق الشعر والأدب وأساليب الألفاظ.

(د) يمكن استخدامها في تسجيل المحاضرات والندوات والمقابلات والزيارات التي تتم خارج المدرسة، والحفلات والتمثيليات والبرامج الإذاعية والأحاديث العلمية، ثم إذاعتها على المتعلمين خلال الإذاعة الداخلية، أو سماعها فرديا، أو داخل الفصل الدراسي.

(هـ) يمكن استخدامها في تعليم التلاميذ للغات الأجنبية و ذلك عن طريق تسجيل نطقهم ثم إعادة سماعهم لما قاموا بتسجيله ليتبينوا الأخطاء التي وردت في النطق والعمل على تصحيحها، كما يمكن تسجيل دروس اللغات الأجنبية بصوت المتكلم الأصلي للغة أو خبير في كيفية نطقها وإذاعة التسجيل مرات عديدة على الدارسين لزيادة معرفتهم بمفردات اللغة وأساليبها وطريقة نطقها.

(و) عمل تسجيلات صوتية لكي تصاحب الأفلام الثابتة أو مجموعات الشرائح تتضمن شرح ما فيها والتعليق عليه.

(ز) تسجيل الكتب باختلاف أنواعها كالقرآن الكريم، وقصص الأطفال، وسماعها وقت الحاجة إليها، كما يحدث في تعلم تلاوة وقراءة سور القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.. إلخ.

 

( ج ) مميزاتها:

1 ـ تحتفظ بالمادة المسجلة لفترة طويلة جداً حيث يمكن استعمال الشريط المسجل أكثر من حوالي 3000 مرة بدون حدوث أي تلف أو تآكل أو نقص في جودة الصوت.

2 ـ يمكن إزالة التسجيل بسهولة إذا أُريد تحسين التسجيل لنفس المادة المسجلة أو إذا أُريد تسجيل مادة أخرى.

3 ـ يمكن لصق الشريط بسهولة في حالة حدوث قطع فيه.

4 ـ تزيد من فاعلية التدريس خاصة إذا أدمجت بعض الأصوات أو الموسيقى أو نواحي أخرى تساهم في زيادة فاعلية التدريس.

 

وتنفرد التسجيلات الصوتية بإمكانات تتفوق بها على الراديو يمكن تلخيصها فيما يلي:

 

1 ـ رغم أن التسجيلات الصوتية وسيلة اتصال من جانب واحد هو جانب المرسل، إلا أنها تتيح فرصة أكثر لعملية اتصال وتفاعل بين المعلم والمتعلمين، إذ يمكن للمعلم إيقاف شريط التسجيل مؤقتا لحين مناقشة وتوضيح نقطة من النقاط التي غمضت على المتعلمين أو الإجابة عن سؤال، أو الاستماع إلى تعليق المتعلمين على المادة التي يسمعونها.

2 ـ يمكن للمعلم الاستماع إليها وتقييمها قبل إذاعتها على المتعلمين.

3 ـ التسجيلات لا تثير مشاكل بالنسبة لتوقيت إذاعتها، فيمكن إذاعتها في أي وقت يراه المعلم مناسبا.

4 ـ يمكن تنقيح الشرائط واختصارها قبل إذاعتها إذا رأى المعلم ذلك.

5 ـ الكثير من أوجه استخدام شرائط التسجيل (الواردة في البند ’’ 2’’) لا يمكن تحقيقها من خلال الإذاعة التعليمية. 

والله عز وجل دائماً، وأجيالنا وتقدمنا التربوي من وراء الجهد والقصد
وهو الكامل المعين والسلام

د / يسري مصطفى السيد
 

http://www.khayma.com/yousry/index.htm
http://www.yousry.bravepages.com/index.htm
http://yomoal.members.easyspace.com/index.htm
yousry62@emirates.net.ae
yomoal@hotmail.com

********