التربوي الإسلامي العربي * د. يسري مصطفى * الجزء الثاني من الموضوع الأول لمساق تكنولوجيا التعليم

* ثانياً: أهمية وسائط الاتصال التعليمية في مواجهة بعض المشكلات التعليمية:

     أكدت معظم البحوث التي أُجريت حول فعالية تكنولوجيا التعليم نجاحها في معالجة العديد من المشكلات التربوية والتعليمية، ويرجع ذلك إلى ما تمتلكه من خصائص ومزايا (سيتم تناولها بشيء من التفصيل)، ويمكن لتكنولوجيا التعليم إذا ما أُحسن توظيفها أن تساهم في حل بعض ـ أو كل ـ المشكلات التالية:

 

1 ـ تسهم في تعليم أعداد متزايدة من الدارسين في صفوف مزدحمة:

     تساهم وسائط الاتصال التعليمية وخاصة الجماهيرية منها (مثل التليفزيون والإذاعة والكمبيوتر (شبكات المعلومات) في حل مشكلة تعليم الأعداد المتزايدة من المتعلمين والتي نتج عنها ازدحام الفصول بدرجة أصبح فيها من الصعب على أي معلم مهما بلغت كفايته أن يؤدي رسالته بطريقة منتجة وفعّالة، بل ويمكن إعداد وتدريب المعلمين على مستوى الدولة باستخدام هذه الوسائط.

 

2 ـ تسهم في علاج التضخم والانفجار المعرفي والتكنولوجي:

     أدى تزايد المعلومات والاكتشافات إلى تضخم المناهج الدراسية وتضاعف حجم الكتاب المدرسي وبالتالي زيادة العبء المُلقى على عاتق المعلم باعتباره المصدر الأساسي والوحيد للمعلومات (في ظل التعليم التقليدي)، وهكذا أصبح المعلم غير قادر على أداء عمله بصورة مرضية.

 

     وهكذا أصبح استخدام وسائط الاتصال التعليمية ضرورة لا غنى عنها في تدريس كثير من المعلومات والمهارات التي تتضمنها المناهج الدراسية.

 

3 ـ تسهم في علاج مشكلة قلة عدد المدرسين المؤهلين علمياً وتربوياً:

     تستعين وزارة التربية والتعليم في كثير من الدول في ظروف معينة (مثل : العجز في التخصصات ـ الحاجة إلى التوطين ـ التأنيث ) بأفراد غير مؤهلين علمياً ولا تربوياً للقيام بعملية التدريس، ويمكن أن تساهم وسائط الاتصال التعليمية خاصة الجماهيرية منها في إعداد المعلم تربوياً عن طريق البرامج التدريبية والتأهيلية، والنماذج الجيدة للتدريس والتي يمكن أن يحتذي المعلم بها، مما يؤدي إلى رفع كفاءته التربوية والعلمية.

 

4 ـ تساعد المتعلمين في تعويض الخبرات التي قد تفوتهم داخل الصف الدراسي:

     يعاني المتعلم الذي يتغيب لسبب أو لآخر من مشكلة صعوبة اللحاق بزملائه عند عودته وتعويض ما يكون قد فاته خاصة وأن أعباء المعلم لا تسمح له بمساعدة المتعلم الذي تغيب في تحصيل ما فاته.

 

     وهنا يمكن استخدام وسائط الاتصال التعليمية (مثل التسجيلات الصوتية وأشرطة الفيديو التعليمية واسطوانات الكمبيوتر المدمجة ROM ـ CD) التي يستطيع المتعلم التعلم من خلالها في غير وقت الدرس بمشاهدتها أو الاستماع إليها أكثر من مرة دون إعاقة سير الدرس في الفصل.

 

5 ـ تساهم في حل مشكلة زيادة نفقات التعليم:

     يعتقد البعض أن النفقات الكبيرة على قطاع الصناعة لها ما يبررها .. وذلك لضخامة العائد منها، وسرعة الحصول عليه، أما بالنسبة لقطاع التعليم فهو قطاع خدمي استثماري بعيد المدى، هو استثمار لعقول الأمة.

 

     لكن إذا ظل النظام التعليم جامداً معتمداً على الأساليب التقليدية في محاولات تحقيق أهدافه، فإن ثورة الجماهير عليه تصبح حتمية، ولتجنب هذه الثورة تصبح التكنولوجيا التعليمية السبيل الوحيد نحو تحقيق هذا الهدف.

 

     وعندما ينجح النظام التعليمي في استثمار إمكانات التكنولوجيا التعليمية، وزيادة إنتاجيته الكمية والكيفية، فإن مشكلة زيادة نفقات التعليم تصبح أقل حدة. حيث أن العائد المتمثل في تحقيق أهداف العملية التعليمية سيكون معادلاً (وربما أكبر من) في قيمته للموارد المالية المستثمرة في النظام التعليمي.

 

6 ـ تطوير أدوار المعلم في ظل استخدام التكنولوجيا التعليمية:

     تساهم وسائط الاتصال التعليمية في إقلاع المعلم عن دور المسيطر، الملقن للمعلومات لعدد كبير من المتعلمين.

 

     ويحدد "جو ستانشفيلد" أربعة أنماط رئيسة لدور المعلم في ظل استخدام تكنولوجيا التعليم وهذه الأنماط هي:

 

(أ) ـ في حالة استخدام الوسائط التعليمية كمعينات متممة لعمل المعلم داخل الفصل، فإن دوره سيكون منحصراً في التخطيط، وفي وضع خطة زمنية لاستخدام وتشغيل هذه الوسائط، أي يكون المعلم مديراً للتعلم ومستشاراً وموجهاً.

 

(ب) ـ في حالة استخدام الآلات التعليمية (كما في نماذج التعليم المبرمج)، فإن دور المعلم سيكون كموجه ومرشد.

 

(ج) ـ في حالة وجود مركز للوسائط التعليمية بالمدرسة فإن المدرس المسئول عن هذا المركز سوف ينحصر دوره في الإشراف على مجموعات من الطلاب يعملون في أزمنة محددة ومساعدتهم في إنجاز المهام الموكولة لهم. ويُسهّل لهم استخدام التجهيزات التكنولوجية، أي أن المعلم هنا يعمل كمنسّق وكمرشد.

 

(د) ـ في حالة التعليم بمساعدة الكمبيوترComputer Assisted Instruction فإن التعليم سيكون فردياً حيث يتعلم كل تلميذ حسب مستواه وخطوه الذاتي في التعلم، وينحصر دور المعلم هنا في تقويم احتياجات التلاميذ  وميولهم التعليمية ويمدهم بمساعدات فردية خاصة، وفي الوقت نفسه يمكنه أن يُعد البرامج التعليمية للكمبيوتر .

 

     وما سبق يعني أن الوسائط التعليمية يمكنها مساعدة المعلم، ولكن بالتأكيد لن تستطيع أن تحل محله.    

 

     * لكن :

     مع ما تقدمه التكنولوجيا التعليمية من إسهامات رائعة في مجال حل مشكلات العملية التعليمية، وتطويرها داخل وخارج جدران هياكلها الرسمية وغير الرسمية، فإنه ينبغي الحذر من الاستغراق في التأمل المُشبّع بالمبالغة وعدم الواقعية في تمجيد دورها واعتبارها العصا السحرية التي تحل كل مشكلات التعليم.

 

* الخصائص المميزة لوسائط الاتصال التعليمية:

 

1 ـ  وسائط الاتصال التعليمية جزء لا ينفصل عن مكونات المنهج الأخرى:

     تُجمِع معظم الآراء التربوية على أن عناصر المنهج في أبسط صورة لها تضم أربعة عناصر رئيسة متفاعلة هي: الأهداف التعليمية، ومحتوى المنهج، والوسائط والأساليب والأنشطة التعليمية، والتقويم، ويضيف تانر (Tanner) إليها عنصر ترتكز إليه هذه العناصر الأربعة مجتمعة وهو فلسفة واضعي المنهج.

 

2 ـ  وسائط الاتصال التعليمية حليفة وليست خليفة للمعلم :

     وسائط الاتصال التعليمية تعين المعلم على أداء مهمته، وإذا أُحسن اختيارها واستخدامها فإنها تُكمّل عمله، وتُزيد من فعالية أدائه، أي إنها لا يمكن أن تحل محله أو تقوم بعمله، فهي حليفته وليست خليفته، ومجرد وجودها في الموقف التعليمي ليس ضماناً لتحقيق الأهداف، وإنما اختيارها وتوظيفها الجيد من جانب المعلم هو مصدر زيادة فاعلية التعلم.

 

3 ـ  وسائط الاتصال التعليمية ليست ترفيهية فقط بل تعليمية وترفيهية:

     يستخدم المعلم وسائط الاتصال التعليمية لتحقيق أهداف تعليمية وتربوية لا تتحقق بدونها، فهي ليست بالكمالية أو الترفيهية، وإنما لها قيمتها وأدوارها الهامة في عمليتي التعليم والتعلم.

 

4 ـ  وسائط الاتصال التعليمية ليست بديلة للغة أو الكتاب المدرسي:

     تطرّف البعض ممن بهرتهم فعالية وسائط الاتصال التعليمية في مواقف التعليم والتعلم، فاعتقدوا أنها يمكن أن تحل محل الكتاب المدرسي، لكن هذا أمر لا يمكن حدوثه، فما وسائط الاتصال التعليمية إلا معينات جيدة في توضيح ما في الكتاب المدرسي من كلمات وألفاظ ورموز وأرقام.

 

5 ـ  وسائط الاتصال التعليمية ليست مجرد عملاً جمالياً فنياً:

     يخطئ من يعتقد أن وسيلة الاتصال التعليمية ما هي إلا إنتاج فني جمالي تُستخدم في تجميل جدران المدرسة وفصولها، وهي وسيلة للتنافس في المعارض البهيجة، فهذا الأمر لا يدخل ضمن الوظائف التربوية لها، بل إن الإسراف في الجوانب الجمالية للوسيطة قد يأتي على حساب القيمة والدقة العلمية، فيحدث التشتيت وتفقد الوسيطة أهميتها وفعاليتها.

 

6 ـ  وسائط الاتصال التعليمية لا يقتصر استخدامها على مادة معينة:

     لا يقتصر استخدام وسائط الاتصال التعليمية على مادة معينة كالعلوم أو الرياضيات فقط، إنما يمكن أن تخدم جميع المواد من جغرافيا إلى تاريخ، ومن لغة محلية إلى لغة أجنبية.

 

7 ـ  وسائط الاتصال التعليمية لا يقتصر استخدامها على مرحلة تعليمية معينة:

     لا يقتصر استخدام وسائط الاتصال التعليمية على مرحلة تعليمية دون أخرى وليس معنى ذلك أن وسيطة للصف السادس الابتدائي تصلح للصف الثالث الإعدادي، لكن ربما كان العكس صحيحاً. وتخدم وسائط الاتصال التعليمية أغراض التعلم في المراحل التعليمية المختلفة، وذلك لتفاوت مستويات الصعوبة والسهولة والتجريد بين هذه الوسائط، وهذا يمكّن المعلم من اختيار الوسائط المناسبة لمستويات المتعلمين.

 

8 ـ  وسائط الاتصال التعليمية لا يقتصر استخدامها على توضيح الأمور المادية والحسية فحسب بل على توضيح الأفكار المجردة أيضاً:

     فهناك من يعتقد أن وسائط الاتصال التعليمية لا تصلح إلا لتوضيح الأمور المادية والحسية كجسم الإنسان، وتضاريس الدولة، وتركيب آلة الاحتراق الداخلي، لكن الواقع أن الوسائط تصلح أيضاً لشرح الأفكار المجردة كالحرية، والاتحاد، والمساواة، والرموز الكيميائية، والمعادلات الجبرية.

 

* العوامل التي تساهم في زيادة فعالية استخدام وسائط الاتصال التعليمية:

 

     لكي تؤدي وسائط الاتصال التعليمية دورها بطريقة أكثر فعالية ينبغي توفّر عوامل معينة هي:

* أولاً : عوامل ينبغي أن تتوفر في المعلم المُستخدم لوسائط الاتصال التعليمية.

* ثانياً : شروط ينبغي أن تتوافر عند اختيار وتصميم وسائط الاتصال التعليمية.

* ثالثاً : قواعد عامة ينبغي مراعاتها عند استخدام وسائط الاتصال التعليمية.

     والآن .. سنتناول كلاً منها بشيء من التفصيل :

 

* أولاً : العوامل التي ينبغي أن تتوفر في المعلم المُستخدم لوسائط الاتصال التعليمية:

 

     إن المعلم الذي يستخدم وسائط الاتصال التعليمية لا بد أن تتوافر فيه كفاءات خاصة لكي يستخدمها استخداماً سليماً يمكن تلخيصها فيما يلي:

 

1 ـ أن يكون المعلم مُلماً بنظريات علم النفس التعليمي وخاصة ما يتعلق بمراحل النمو المختلفة:

     وبذلك يتمكن من تكييف عرض الوسيلة واستخدامها مع استعدادات وميول المتعلمين في كل مرحلة، وإذا لم يتحقق هذا الشرط في المعلم فيكون استخدامه للوسائل المختلفة خاطئاً في معظمه مما يترتب عليه عدم جدواها عند استعمالها، وربما يكون لها تأثير سيئ فاقدة بذلك أداء وظيفتها، أي يصبح استخدام الوسيلة قليل أو عديم الفائدة.

 

2 ـ أن يكون المعلم على دراية بتشغيل الوسيلة التي يريد استخدامها:

     لا يكفي أن يكون المعلم مُلماً بنظريات علم النفس التعليمي، إنما بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون على دراية بتشغيلها لأنه إذا لم يكن كذلك فربما لا يجد من يشغّل له جهازاً معيناً كجهاز السينما مثلاً في الوقت المناسب لاستخدامها، ربما لانشغال الشخص الآخر في عمله أو لغيابه، أو لخلافِه معه أو لأي سبب آخر مما يترتب عليه تعطيل العمل، بالإضافة إلى أن تلاميذه ربما لا يُقدّرونه التقدير الكافي بسبب اعتماده على الآخرين في تشغيل الأجهزة، ولكن بتوافر هذا الشرط فإن المعلم يشعر باطمئنان في استخدام الوسيلة في الوقت المناسب وبالطريقة التي تتلاءم معه، وكذلك يزيد من تقدير تلاميذه له.

 

3 ـ أن يكون المعلم على دراية بصيانة وسائل الاتصال التعليمية:

    لا يكفي أن يكون المعلم على دراية بتشغيل الوسيلة التي يريد استخدامها، وإنما يجب عليه كذلك أن يكون على دراية بصيانة الأجهزة ووسائط الاتصال التعليمية خاصة الحساس منها كأجهزة السينما والفيديو والحاسبات وغيرها من الأجهزة الحساسة وذلك لكي يدوم استعمالها، ويستمر لفترات طويلة. أما في حالة جهل أو عدم دراية المعلم بصيانة هذه الوسائل، فإن ذلك سوف يؤدي إلى قلة فاعلية هذه الأجهزة مما يترتب عليه استبدالها بغيرها مما يكلف نفقات كثيرة.

 

4 ـ أن يكون المعلم على دراية بمصادر الحصول على وسائل الاتصال التعليمية وعلى أنواع الوسائل المختلفة وفوائدها التربوية:

     فإذا تحقق كل ذلك فسوف يكون المعلم على علم كامل بزمن الحصول على الوسيلة، ومكان الحصول عليها، وأنواعها المختلفة، والفوائد التربوية التي تتحقق من استعمالها، مما يترتب عليه زيادة الفاعلية من استخدامها والانتفاع بها، واختيار المناسب منها، طبقاً لطبيعة كل درس. أما إذا لم يتحقق هذا الشرط بسبب جهل المعلم بكيفية الحصول على الوسائل أو معرفة أنواعها أو العلم بفوائدها التربوية فسوف تقل فاعلية التعليم ويصبح قليل أو عديم الجدوى.

 

5 ـ أن يكون المعلم مُلماً بشروط العرض المناسب لكل وسيلة:

     فمثلاً عند استعماله لجهاز السينما، ينبغي أن يكون على علم بأنه محتاج لمكان مُجهّز بالستائر السوداء وبمصدر للتيار الكهربي، وبالمسافة المناسبة التي يجلس عندها الصف الأول من المشاهدين، وغيرها من الشروط.

 

6 ـ أن يكون المعلم مؤمناً ومقتنعاً بالدور الهام الذي يمكن أن تحققه وسائل الاتصال التعليمية في التعليم :

     فإذا تحقق هذا الشرط فسوف يكون المعلم مُقتنعاً باستعمال وسائل الاتصال التعليمية ليس فقط لمجرد الاستعمال، وإنما عن إيمان واقتناع بدورها الفعّال في المواقف التربوية المختلفة. أما إذا استعملها تقليداً لغيره، أو خوفاً من قرارات المشرف التربوي (الموجه)، أو لمجرد تضييع الوقت، أو لراحته الشخصية وليس عن اقتناع بأهميتها فسوف يؤثر ذلك على النتائج المرجوة من استخدامها.

 

* ثانياً : الشروط التي ينبغي أن تتوافر عند اختيار وسائط الاتصال التعليمية:

     على فرض أنه صار أمام المعلم أكثر من وسيلة تحقق الغرض، فعلى أي أساس يختار بينها؟ يجدر بالمعلم أن يسأل نفسه :

ـ لماذا يستخدم هذا الفيلم بالذات؟ أو هذه الرحلة؟ أو تلك التمثيلية؟ وأيها يحقق غرضه بكيفية أفضل؟

ـ وهل الوقت الذي تستغرقه هذه الوسيلة أو تلك يتناسب مع ما ستحققه من فوائد؟

ـ وهل يمكن أن تغني المناقشة والقراءة عن هذه الوسيلة أو تلك؟

ـ وهل تجدي مع تلاميذه؟

ـ وهل المادة التعليمية التي تقدمها الوسيلة موثوق بها؟ وتساعد على تحقيق أهداف الدرس ومتصلة بموضوعه؟

ـ وفي مستوى إدراك التلاميذ وأعمارهم؟ وتناسب قدراتهم؟

ـ وهل تثير الوسيلة في التلاميذ أسئلة جديدة ومزيد من حب الاستطلاع، ومشكلات ورغبة في إجراء التجارب وممارسة أوجه نشاط إبتكارية وتطبيقات جديدة؟

ـ وهل يسهل استخدام الوسيلة؟ أم أن في استخدامها أخطاراً؟

ـ وهل ثمنها مناسب؟ وكيف يُقارن ثمنها بأثمان الوسائل الأخرى؟

 

     كل هذه التساؤلات وغيرها يتمكن المعلم من الإجابة عنها بمعرفته للشروط التي ينبغي توافرها عند اختيار الوسائل التعليمية ويمكن إجمالها فيما يلي:

 

1 ـ أن تكون الوسيلة ذات قيمة تربوية من حيث توفيرها للوقت والجهد والمال:

     فإذا لم يتحقق أي عامل من هذه العوامل كتضييعها الوقت مثلاً بدلاً من توفيره كأن تكون خارجة عن نطاق ما يُدرس، أو تحتاج إلى جهد أكبر عند استعمالها، وكأن تكون معقدة التركيب أو تحتاج إلى مال كثير لشرائها فيحسن بالمعلم عدم الاستعانة بها، أو التعليم بدونها أو اختيار غيرها.

 

2 ـ أن تكون الوسيلة مفهومة لدى التلاميذ:

     قد تكون الوسيلة التعليمية مفيدة لمرحلة من المراحل، ولكنها لا تفيد مرحلة أخرى.

 

     فمثلاً عند دراسة الجهاز الهضمي في دروس الأحياء قد لا يكون الفيلم التعليمي الذي يحمل اسم الجهاز الهضمي مناسباً للمرحلة الإعدادية، ولكنه يتناسب مع المرحلة الثانوية، فعند عرضه بالمرحلة الإعدادية فسوف يكون قليل أو عديم الجدوى لاحتوائه على معلومات قد يصعب على تلاميذ المرحلة الإعدادية استيعابها، وبذلك فسوف يكون استعمالها عديم القيمة التربوية.

 

3 ـ أن تكون الوسيلة واضحة من حيث رسمها والبيانات والألوان وتناسب حجم أجزائها المختلفة:

     تفتقر بعض الوسائل التعليمية إلى الوضوح من حيث رسمها والبيانات عليها، أو ألوانها، أو تناسب حجم أجزائها المختلفة مما يؤثر تأثيراً كبيراً عند استعمالها.

 

     فمثلاً عند استعمال لوحة للجهاز الهضمي في الإنسان ينبغي مراعاة نسب حجم وأطوال أعضاءه المختلفة كالفم والبلعوم والمريء والمعدة والأمعاء الرفيعة والغليظة الخ، كما أن رسم الجهاز ينبغي أن يكون واضحاً مع استخدام الألوان المناسبة القريبة من لونها الطبيعي بقدر الإمكان، فإذا لم تتوفر هذه الشروط فسوف يكون من الخطأ اختيارها.

 

4 ـ أن يكون اختيار الوسيلة متمشياً مع مكان عرضها وظروفها:

     فمثلاً عند استخدام خريطة أو لوحة يجب على المعلم أن يكون متأكداً من المكان المهيأ لتعليقها عند الاستعمال، وكذلك عند اختيار فيلم تعليمي لعرضه على التلاميذ ينبغي على المعلم أن يكون متأكداً من المكان الذي سيُعرض فيه من حيث إظلام المكان ووجود مصدر كهربي، وإلا قلت أو انعدمت فائدة اختيار هذا الفيلم لعرضه.

 

5 ـ أن يكون اختيار الوسيلة متمشياً مع أهداف الدرس:

     ينفرد كل درس بأهداف خاصة تميزه عن غيره، وبذلك فربما يكون الأفضل لدرس من الدروس اختيار نموذج معين بدلاً من عرض فيلم، أو القيام برحلة تعليمية لمكان معين بدلاً من سماع شريط مُسجّل، أو زيارة متحف أو معرض بدلاً من اختيار لوحة، وهكذا … ولذا يجب أن يكون اختيار الوسيلة قائماً على الأهداف التي يضعها المعلم عند تدريسه لموضوع معين.

 

* ثالثاً : القواعد العامة التي ينبغي مراعاتها عند استخدام الاتصال التعليمية:

1 ـ تحديد الغرض من استعمال الوسيلة:

     لا يعتبر مجرد استخدام وسيلة تعليمية أو أكثر في الدرس ضماناً لاستفادة التلاميذ: فرُبّ معلم يدخل فصل لتدريس موضوع عن الجهاز التنفسي في الإنسان، وكان معه فيلم عن الجهاز التنفسي في الإنسان، وعند بدء عرضه في الصف، سرعان ما تساءل التلاميذ: "ما مناسبة عرض هذا الفيلم؟ وما الغرض منه؟ وما علاقته بمنهجنا؟ " وساد الدرس الهرج، وشعر المعلم بفشل العرض، وتساءل عن أسباب الفشل، فوجد أنه لو شوّق التلاميذ إلى موضوع الدرس، وموضوع الفيلم قبل عرضه، وما ينبغي أن يركّز التلاميذ عليه أثناء مشاهدتهم للفيلم، أو لو أنه عرض مشكلة تتطلب حلاً يجده التلاميذ في الفيلم لكان شوق التلاميذ واهتمامهم به كبيراً، ولكانت فائدته المتوقعة عظيمة.

 

     من هذا المثال يتضح أنه من الضروري تحديد الغرض أو الأغراض للتلاميذ قبل استخدام أي وسيلة تعليمية.

 

     وعلى ذلك فالمعلم الناجح ينبغي أن يكون على علم بالهدف الذي ستحققه الوسيلة عند استخدامها، وعليه أن يجيب عن الأسئلة التي تدور في ذهنه قبل استخدام الوسيلة مثل سبب استخدامها، والفوائد التي تعود على التلاميذ من استخدامها، وعن مدى الحاجة إليها، وعن مدى ما تساهم فيه في موقف التعليم ـ التعلم، ولا يقتصر تحديد الهدف بالنسبة للمعلم وحده، بل يجب أن يتعداه إلى معرفة التلاميذ أنفسهم بالهدف من استخدام الوسيلة، ويمكن أن تكون هذه المعرفة مباشرة أو ضمنية يحس التلاميذ بأهميتها بالنسبة لهم.

 

2 ـ أن يقوم المعلم بتجربة الوسيلة قبل استخدامها:

     أراد معلم أن يشرح درس عن الحصان وغذائه، وعلاقة ذلك بأسنانه، وتأكيد أن الحصان ليس له أنياب لأنه يأكل الأعشاب، ودخل المعلم الفصل بعد أن كلف عاملاً بإحضار لوحة عن الحصان (لم يسبق له مشاهدتها)، وفي اللحظة المناسبة قام المعلم بعرض اللوحة، فإذا بها لحصان فعلاً، ولكنه حصان ما قبل التاريخ، إنه حصان له أنياب واضحة، فارتبك المعلم وفشل الدرس.

 

     وقد يحدث أن يريد معلم العلوم أن يثبت أن الغاز المتصاعد في تجربة معينة هو غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يمتاز بقدرته على تعكير ماء الجير الصافي، وبالفعل مرر المعلم هذا الغاز في مخبار مكتوب عليه "ماء الجير"، لكن لم يحدث تعكير لأن الزجاجة كان بها ماءً عادياً، وفشل التجربة يرجع إلى أن هذا المعلم لم يتثبت قبل الدرس من محتويات تلك الزجاجة.

 

     ولذلك ينبغي أن يقوم المعلم بتجربة الوسيلة التي اختارها وذلك قبل عرضها على التلاميذ لعدة أسباب منها:

(أ) الحكم على الوسيلة قبل الاستعمال.

(ب) التأكد من دقة المعلومات المتضمنة في الوسيلة قبل العرض.

(ج) التأكد من صلاحية الوسيلة للاستعمال.

 

3 ـ أن تتوافر الاستعدادات والإمكانات لاستخدام الوسيلة:

     هناك بعض الوسائل تحتاج إلى استعدادات وإمكانات خاصة عند استخدامها، ولذلك يلزم توفير كل الاستعدادات، فمثلاً عند رغبة المعلم في عرض فيلم سينمائي فعليه أن يتأكد من إظلام مكان العرض، وأن يتأكد من سلامة الجهاز للعرض، وكذلك مدى ملاءمة التيار الكهربي في مكان العرض … الخ.

 

     وعند الرغبة في القيام برحلة علمية عليه أن يتأكد من إخطار الجهات التي سيزورها التلاميذ، وكذلك موافقة المدرسة وأولياء الأمور وحجز المواصلات وحجز الفندق … الخ.

 

4 ـ أن تُستخدم الوسيلة في الموعد المناسب:

     يجب على المعلم أن يستخدم الوسيلة في الموعد المناسب للاستخدام، أي في الوقت الذي يراه مناسباً لتقبُّل التلاميذ لها، واستعدادهم وتهيؤهم الذهني لها، وذلك لكي يكون استخدامها طبيعياً وليس مُفتعلاً، ولكي يتلاءم استخدامها مع باقي خطوات الدرس، وبذلك يتحقق الهدف من استعمالها.

 

     ويُفضل في معظم الأحيان ألاّ يُظهِر المعلم الوسيلة أو الوسائل التي سيستخدمها في درسه في الفصل إلا في الموعد المناسب، حيث يجب إخفاء هذه الوسيلة أو هذه الوسائل وعدم إظهارها إلا في الوقت المناسب، وبذلك يكون استخدام الوسيلة وظيفياً، لا لمجرد اللهو والزخرفة.

 

5 ـ أن تُستخدم الوسيلة في المكان المناسب:

     يجب أن يختار المعلم المكان المناسب لعرض الوسيلة، وهو المكان الذي يسمح بتسلسل الأفكار وحُسن تتبُّع الدرس واستفادة التلاميذ. وقد يكون هذا المكان هو الفصل المدرسي، أو المعمل، أو فناء المدرسة، أو مسرحها، أو المكان الذي يقصده التلاميذ في رحلة تعليمية … الخ. وتتدخل عوامل كثيرة في تحديد المكان منها:

 

(أ) عدد التلاميذ الذين ستُعرض الوسيلة عليهم.

(ب) إمكانيات المكان نفسه.

(ج) نوع الوسيلة المُزمع استخدامها.

     وغير ذلك من العوامل.

 

6 ـ أن يقوم كل من المعلم والتلاميذ بدور إيجابي فعّال أثناء استخدام الوسيلة:

     من الضروري أن يقوم كل من المعلم والتلاميذ بدور فعّال ونشط أثناء استخدام الوسيلة، ولتحقيق ذلك ينبغي أن يتيح المعلم لتلاميذه فرص التعبير عن نفوسهم واستجلاء الغامض عنهم والربط بين الخبرات التي يمرون بها.

 

     فمثلاً عند عرض فيلم تعليمي متحرك يجب على المعلم أن يتكلم عن الفيلم في صورة مقدمة صغيرة وعليه كذلك إذا لزم الأمر أن يعلق على أجزاء منه أثناء العرض، وإذا كان الفيلم يتضمن مصطلحات جديدة قد تعوق تسلسل أفكار التلاميذ، فعلى المعلم أن يُذلل هذه العقبة أولاً بأول بأن يتثبّت من أن التلاميذ يفهمون المقصود بهذه المصطلحات، ثم عليه تقويم الفيلم بعد عرضه، أما التلاميذ فعليهم تسجيل ملاحظاتهم على الفيلم وحسن متابعتهم له، وسؤالهم المعلم عما يريدون السؤال عنه … الخ.

 

7 ـ أن يقوم المعلم بتقويم التلاميذ لما حققته الوسيلة من أهداف:

     لا ينتهي استخدام الوسيلة بانتهاء عرضها: إنما يلزم التثبُّت من استفادة التلاميذ منها، وفهمهم محتوياتها بدقة، وربطهم لما في الوسيلة من مادة بما سبق عرضه في الدرس من خبرات، وحُسن الاستنتاج واستقامة التفكير، أي أنه يلزم تقويم التلاميذ، أي التأكد من أنهم ـ بمشاهدتهم أو سماعهم للوسيلة، أو تعاملهم معها ـ قد حققوا الأغراض التي كانوا ينشدونها من استخدام الوسيلة، سواء كان هذا الغرض إشعارهم بمشكلة، أو مقارنة عمليتين، أو تعلم مهارة .. أو غير هذا من الأغراض.

 

     ومن الطرق المفيدة في هذا الصدد: المناقشة، والأسئلة الموضوعية، واختبارات المقال، وإجراء التجارب والتطبيقات.

****************
 

والله عز وجل دائماً، وأجيالنا وتقدمنا التربوي من وراء الجهد والقصد
وهو الكامل المعين والسلام

د / يسري مصطفى السيد
 

http://www.khayma.com/yousry/index.htm
http://www.yousry.bravepages.com/index.htm
http://yomoal.members.easyspace.com/index.htm
yousry62@emirates.net.ae
yomoal@hotmail.com

********