أبو ذر الغفاري

 أبو ذر الغفاري

 هو أبو ذر جندب بن جنادة الغفاري. كان من السابقين إلى الإسلام. وهو أول من حيا النبي صلى الله عليه وسلّم بتحية الإسلام. وكان قد امتنع عن بيعة أبي بكر، ثم بايعه كارهاً.

رفض كل الأموال التي بذلت له في سبيل تغيير رأيه أو كتم أفكاره المعارضة للسلطة الأموية، وقد اعترض على سيرة الحكام في بيت المال، فقام عثمان بنفيه إلى الشام.

وقد فشل معاوية بتطويق أمره وثنيه عن سلوكه فكتب إلى عثمان بأمره، فأمره أن يحمله إليه على قنب يابس ، وان يعنِّفوا به السير .. ففعل. ولم يصل أبو ذر إلى المدينة إلا بعد أن تسلّخ لحم فخذيه. ثم نفاه عثمان إلى الربذة . فبقي هناك حتى مات قهراً وفقراً وذلاً .

وكان ما أصاب أبو ذر من معاملة عثمان له أحد أسباب نقمة المسلمين عليه وخروجهم عن طاعته.

 فكر أبو ذر الغفاري

بسبب موقفه الصحيح من بيت المال والغنى الفاحش ، ينظر بعض المؤرخين الجدد إليه على انه من أنصار الاشتراكية أو الشيوعية.

والحقيقة أن أبا ذر مصلح اجتماعي أراد محاربة السلطة بالطرق السلمية من خلال شرح موقفه المستند إلى القرآن والسنة النبوية. لهذا كان يدعو إلى التقشف وعدم التبذير. وهذا الأمر لم يرق لمعاوية وأهل بيته.

كان أبو ذر يعتقد انه لا يجوز لمسلم بان يكون له في ملكه أكثر من قوت يومه وليلته، مستنداً على الآية الكريمة "والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشّرهم بعذاب أليم".

وكان يخطب في أهل الشام فيقول:

"يا معشر الأغنياء والفقراء.. بشِّر الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله بمكاوٍ من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم ..".

 محنة أبي ذر

1 - حاول بنو أمية إتّباع أسلوب التهديد والوعيد والفقر والجوع والقتل.. وكان ردّ أبي ذرّ: "إن بني أمية تهددني بالفقر والقتل، ولبطن الأرض أحبّ إليّ من ظهرها والفقر أحبّ إليّ من الغنى".

2 - كما حاول بنو أمية نبذ أبي ذر اجتماعياً وإبعاد الناس عنه (كما فعلوا مع غيره، مثل عليّ بن أبي طالب مثلاً )، لهذا منعوا الناس من الاقتراب إليه، ووصل الأمر أن الناس كانوا يفرّون منه عندما يقبل!

3 - تم نفيه إلى الشام في زمن الخليفة عثمان بن عفان، وذلك حتى يكون تحت مراقبة معاوية والي الشام وأعوانه.

4 - محاولة إعطائه الأموال بغير حق وذلك كي يتم فضحه أمام الملأ.

5 - قطع عطاء أبي ذر وذلك من أجل الضغط الاقتصادي عليه.

6 - النفي إلى الربذة، وكان أبو ذر لا يحبّ هذا المكان.

 أبو ذر بين فكّي التاريخ

كان أبو ذر رمزا للصحابي المثالي الذي يتمسّك بدين الله ورسوله ولا يحيد عنه قيد أنملة ، رغم كل الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية والنفي والمقاطعة.

حارب الفساد بغير السيف.. لأنه لم يرغب بإراقة دم المسلم .. ولم يكن رجل حرب.. والغريب تجاهل العديد من المؤرخين العرب لقضيته الإنسانية ولثورته الاجتماعية والتي تعتبر من الثورات الأولى في صدر الإسلام.

وهنالك من حاول تنظيف يديّ عثمان بن عفان ومعاوية بن أبي سفيان من قضية محاربته وعزله.

وأخيراً : كانت أفكار أبي ذر إسلامية خالصة، وكان القرآن مرجعه الأول يضاف إليه الأحاديث النبوية الشريفة التي سمعها وحفظها عن ظهر قلب من الرسول مباشرة.


رجوع