حكايات من الصحراء

الضابط التركي


في أواخر العهد التركي منعَ الأتراك بيع التبغ أو المتاجرة به ، وكان كُلّ من يُمسك وهو يحمل تبغاً يُعاقب ويُضرب ضرباً مبرحاً من قبل المسؤولين الأتراك ، ويغرّم غرامة عالية ، وكان البدو من عشّاق التدخين ومن المدمنين عليه ، ويندر أن تجد بيتاً لا يوجد فيه الغليون والمِنْكَاش(1) والمَاشَا(2) ، فنزل عليهم هذا القانون نزول الصاعقة ، وكان تطبيقه من الصعوبة بمكان ، وفي فجر أحد الأيام كان بدويّ يحمل على حماره كيساً كبيراً مليئاً بالتبغ وهو في طريقه إلى السوق في بئر السبع ليبيعه هناك ، فطلع عليه ضابط تركيّ يمتطي صهوة جوادِه ، وهو من الذين يفتشون عن التبغ ويصادرونه ، فسأل البدويّ : ما الذي تحمله في هذا الكيس الكبير ؟ فارتبك البدويّ وخاف إن هو كذب عليه أن يضربه فقال على الفور : أحمل دخّاناً ، فضحك الضابط التركيّ وظن البدويّ يقول ذلك من شدة خوفه وارتباكـه ، فتركه وسار في حال سبيله ، فحمد البدويّ ربّه وأثنى عليه حيث خلّصه من هذا الظالم الجبّار ، ثم تابع سيره نحو السوق ليبيع بضاعته في السوق السوداء .


(1) - قضيب معدني صغير لتحريك التبغ ونكشه داخل الغليون .

(2) - الماشا : مِلقط حديدي تُلتقط فيه الجمرات من الموقد .


عودة للصفحة الرئيسية