من يدون تراثنا - كتاب النحت في ذاكرة الصحراء

من يدون تراثنا

هنالك حاجة ماسة لدراسة وبحث وتدوين الحكايات والأشعار والقصص التراثية, هي مخزون وعمق ثقافي هام، لتتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيل, الموروث الإنساني المتدفق، مرجع وخيمة ثقافية نعود للاحتماء بها خلال العاصفة الرملية الهوجاء.

إن ما يبعث على القلق ويضغط على الصدر مثل الكابوس, عزوف أهل النقب عن التدوين والبحث والكتابة وخاصة في مجالات التراث بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948، صمت أهل القلم والحرف، لعلها الظروف الحالكة التي مر بها أهل المنطقة, من رحيلٍ وتهجيرٍ وحقبة الحكم العسكري الجائرة، صحيح أنَّ هنالك عدة أبحاث عن البادية وأهلها لباحثين عرب من النقب أمثال البروفسور عارف أبو ربيعة, في مجال التداوي بالأعشاب وله كتاب قيم "سحر القبور"، إلا أن معظم  من كتبوا عن البدو والبداوة والعادات والتقاليد كانوا من الباحثين اليهود، هذا الأمر هام جداً ومقبول على مضض، والأبلغ والأعمق والأصدق والأدق، أن ينقب أهل المنطقة عن منابع المعرفة والعطاء لديهم، عن الشخصيات الهامة التي رسمت معالم المكان عن العادات والتقاليد والتراث الشعبي.

ما يثلج الصدر قيام بعض الكتاب الطلائعيين من عرب النقب، الذين فهموا عمق المأساة، أن يبحث طلابنا العرب عن مواد تخص حضارتهم وأسلوب حياتهم فيجدونها بلغات أخرى وبعقول أخرى, أصدر الصديق الشاعر صالح الزيادنة, كتاب "حكايات من الصحراء" عام 2003 حين قام بجمع العديد من الحكايات من أفواه كبار السن, وكتاب "من الأمثال  البدوية" عام 1997، وكتاب "عبارات ومصطلحات من البادية" 2005 .

وأصدر المربي محمد الحمامدة كتاب "كنوز الأجداد", وأصدر المربي موسى الحجوج كتاب  "الألعاب الشعبية", هذه الكتب رغم شحها إلا أنها كتب هامة وخطوة على طريق الصواب، ورغم الجهد المبذول من خلالها إلا أن النقص في هذا المجال والهوة كبيرة بين الحاجة وعدد الكتب التي عالجت الموضوع  باللغة العربية، وعدد السكان العرب في النقب, الذين يزيد  عددهم عن 150,000 نسمة, إلا أن عدد الكتب التي صدرت بالغة العربية بأقلام عربية أقل  من 15 كتاباً، هنالك حاجة إلى استثمار الطاقات الأكاديمية لأجراء أبحاث بمستوى أكاديمي ونشرها على الملأ.

لعل روح الصحراء تعتمد على الذاكرة كمرجع هام,  لكن في ظل انتشار التكنولوجيا والحاسوب والكتاب والإنترنت, يمكن من استغلالها لخدمة الذاكرة الجماعية والمحافظة على الموروث الثقافي وهوية الإنسان وحضارته وتواصله مع العالم الكبير، من خلال النوافذ الجديدة التي تطل علينا في كل صباح, لننقل للعالم أجمل الصور عنا دون سماسرة أو وسطاء.

لعل روح الصحراء تعتمد على الذاكرة كمرجع هام,  لكن في ظل انتشار التكنولوجيا والحاسوب والكتاب والإنترنت, يمكن من استغلالها لخدمة الذاكرة الجماعية والمحافظة على الموروث الثقافي وهوية الإنسان وحضارته وتواصله مع العالم الكبير، من خلال النوافذ الجديدة التي تطل علينا في كل صباح, لننقل للعالم أجمل الصور عنا دون سماسرة أو وسطاء.


رجوع