شعراء ... ولكن!

شعراء ... ولكن!

 ما أكثر رجال الأدب في بلادنا، الذين يصنَّفون تحت اسم "شاعر"، فإذا لم يضعهم أحد في خانة الشعراء ، قاموا هم بانتزاع هذا اللقب لأنفسهم !! ويعتقد البعض أنّ الشاعر هو من أجاد الأوزان والكلمات المعسولة، ونشر صورته عابثاً في أعلى الصفحة الأدبية، أو الذي يحشر أنفه في كل منصة أدبية .

الشاعر يجب أن يكون في طليعة أبناء مجتمعه، يعطي من أجل العطاء ، ينفذ النخوة العربية التي لبست أشعاره، ويكون قلبه مفعماً بحب الآخرين ، ولا يعرف الحقد الطريق الى قلبه. الشاعر ، هو من لا يكتب لأجل المال ، ولا يقبل أفي يُستكتب بل يكتب إحساسه الصادق دون تصنّع .

لا ينتمي الى مملكة الشعراء من يُدعى إلى أمسية أدبية فيرفض بسبب قلة الأضْواء ، أو بسبب اشتراك أحد الأدباء ، أو يشترط اشتراك أحد أصدقائه ..

أذكر أننا ، وفي كل أمسية أدبية نظمناها في الجنوب ، ودعونا فيها الأخوة ، الشعراء من الجليل والمثلث للاشتراك ، كنا نصاب بالذهول عندما يطلب منك أحد الشعراء عدم إشراك أحد المدعوين كي يتمكّن هو من الاشتراك ، أو عندما يهمس في أذنك أحدهم : ما جدوى القدوم ؟ هل من أجل ربع ساعة من إلقاء الشعر والتحدث الى الحضور؟ فأتساءل في أعماق نفسي : ما جدوى كل الوطنية والتضحية إذا كانت في الدواوين فقط ؟ واعتاد أحدهم أن يعدنا بالمشاركة وبعد أن ننشر اسمه بين طلاب الجامعة والمثقفين، يعتذر في الدقيقة " التسعين " .

وفي هذا السياق أجد لزاماً عليّ أن أشكر الشعراء ، والأدباء الذين لبُّوا نداء الواجب الثقافي والإنساني ووصلوا الى الجنوب البعيد جغرافيا والقريب الى قلوبهم .

ليس بالشاعر من يحاول مضايقة الآخرين، الذين لا ينتمون الى مدرسته الضيقة، والذين يستحقون التقدير، وليس الشاعر الذي إذا حرّر صفحة أدبية، استغلّها لتصفية حساباته الشخصية والتحدث عن الأنا الأعلى.

ليس بالشاعر ، من تبعث إليه برسالة ليتبرّع بإمداداته لمكتبة عامة أو للسجناء العرب في غياهب السجون، فيعرض ويطلب المال، وهو مع ذلك يرى أن من لا يقرأ كتاباته- وكتاباته فقط- فإنه لا يمتّ الى الشعر والشعراء بأدنى صلة.

مسكين هو الشاعر الذي لا يتّسع قلبه وعقله لجميع الأدباء في البلاد وفي العالم العربي.

 صوت الحق والحرية  /2002


رجوع