هواجس فلسطيني

هواجس فلسطيني

قبل وبعد انتفاضة الأقصى

 انتفاضَة الأقصى كشفت اللثام عن الكثير الكثير من الأقنعة المزيّفة، لأشخاص وأنظمة ومبادىء وشعارات رنانة. قبل هبّة الأقصى كنت أحسب أنّ في إسرائيل أنصاراً لما يسمى بـ "اليسار" وأنَّهم سوف يتجنّدون إذا ما حُطِّمت أسس الديمقراطية، وأنهم يملأون كلّ حيّ ومفرق ومدينة.

ذُبحنا من الوريد إلى الوريد، وقُصفت المدن الفلسطينية وكل يوم يسقط الشهيد تلو الشهيد واليسار الإسرائيلي لا يصمت فقط ، إنما يطالب بتصعيد الردّ الإسرائيلي.

اليسار الإسرائيلي تمثيلية في وضح النهار ، سقط القناع عن ممثله الأكبر شمعون بيرس الحاصل على جائزة نوبل للسلام !!!

قبل أكتوبر كنت أحسب أن الديمقراطية الإسرائيلية تنطبق على الأقلية الفلسطينية في إسرائيل. خرج شبابنا معبّرين عن غضبهم لزيارة شارون للمسجد الأقصى والتعبير عن القهر اليومي العتيق، فحصدت بنادق الغدر 13 شهيداً ومئات الجرحى . الديمقراطية للجميع ما عدا الناطقين بالضاد ، للروس ، للأثيوبيين، للشرقيين، للغربيين ، للعلمانيين، للمتزمّتين .

قبل هبّة الأقصى كنت أحسب أن الإعلام الإسرائيلي موضوعي ومنصف للحق ، لكنّه تجنّد للآلية الإسرائيلية بكل ثقله، ودسّ السمّ في السمن وتعامل مع الأقلية الفلسطينية في إسرائيل كأعداء وقدَّمنا للقارىء اليهودي في صورة قاتمة ، وركّز على صورة الألم في الشارع اليهودي ولم يلتفت لمعاناة شعبنا والجرائم التي تُرتكب بحقه .

قبل هبة الأقصى كنت أظنّ أننا ننتمي إلى أمّة عريقة من المحيط إلى الخليج لن تتخلّى عنا ولو ظاهرياً ولن تسمح بذبحنا ولن تسمح للكرامة العربية بأن تُداس . انتفاضة الأقصى أخافتهم أكثر مما أخافت إسرائيل . كل زعيم ارتعدت فرائصه خوفاً على عرشه. كلّهم أراد لهذه الانتفاضة أن تخمد وأن لا تقوم لهذا الشعب قائمة. الشعب الفلسطيني يعرف جبن الأنظمة العربية، لذا لا نحتاج إلى سلاحكم .. ولا أموالكم .. ولم نطلب سوى وقفة دبلوماسية إعلامية .. إغلاق أنابيب النفط العربي .. الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية .. دفع روسيا والدول الأوروبية لتتدخّل بسرعة.

ماذا فعلت الدول العربية ؟!

الرقص في أحضان البيت الأبيض .. الصمت على تشديد الحصار على الشعب العراقي .. تنديد .. استنكار .. استجداء الولايات المتحدة .. قمع الشعوب العربية .. منع مظاهرات التضامن مع الشعب الفلسطيني .. الدعم المالي الذي لا يصل .. الضغط على القيادة الفلسطينية في القمم العربية .. قمة الجهل والذل والعجز العربي والإسلامي .. الاستخفاف بالإنسان العربي ..

كان الرئيس ياسر عرفات على حق عندما أدرك أنّ القضية الفلسطينية يجب أن تتحوّل من عربية إلى فلسطينية فلسطينية ، لأننا في واد والأنظمة العربية في واد آخر .

المواكب عدد 7+8 / 2001


رجوع