كسوة العروس – القلائد والخرز - لصالح زيادنة

كسوة العروس – القلائد والخرز

بقلم: صالح زيادنة

 

بعد أن قطعنا شوطاً لا بأس به في شرح كسوة العروس وأدوات زينتها بقي علينا أن نتطرق إلى القلائد والخرز وهي من الأشياء التي تتزين بها المرأة وإن كانت قيمتها لا تضاهي قلائد الذهب والفضة. والخَرَزُ في اللغة: فُصوص من حجارة، واحدتها خَرَزَةٌ. وقيل: الخَرَزُ فصوص من جَيّد الجوهر ورديئه من الحجارة ونحوه. وهي تُنْظَم في خيطٍ أو سِلْكٍ وتصنع منها القلائد. وقلائد الخرز تقسم إلى عدة أقسام ؛ منها ما هو قصير يدور حول العنق ويطوقه ويكاد يلتصق به، وقسم آخر أطول منه بقليل يصل إلى النحر، أو الجزء المكشوف من العنق، وقسم يتدلى ليصل إلى نصف الصدر، وقسم أطول منه يصل إلى أسفل الصدر، ولهذه القلائد التي تستعمل للزينة أسماء مختلفة منها:

الدِّخْنِقَّة: وهي القلادة القصيرة والصغيرة التي تُشَد حول العنق ولا تتدلى، وقد تتألف من حبل واحد من الخرز أو من حبلين أو أكثر، وكلّ حبل من حبال الخرز يسمى " بَتّ "، تقول المرأة هذه قلادة من بَتَّين، أو من بَتٍّ واحد أو أكثر، وربما جاء اسم الدخنقة من كونها تلتصق بالعنق وكأنها تكاد تخنق المرأة.

أما القلائد الأخرى التي ذكرناها فتحمل اسم قلادة مضافاً إليها اسم الخرز التي تصنع منه، فنقول قلادة مرجان أو قرنفل أو غيره، ومنها أنواع مختلفة نذكر منها:

قلادة المَرْجَان: والمَرْجَان خرز أحمر فاتح اللون رفيع وأسطواني الشكل، وطول الخرزة منه ما يقارب السنتيمتر الواحد. وقد تضع المرأة خرزات مختلفة اللون بين كل حَبَّة مرجانٍ وأخرى، أو تضع خرزة كبيرة في أسفل القلادة في المكان الذي تتدلى فيه، وتلفظ النساء كلمة المرجان بقولهن: مَرَجَان وليس مَرْجَان كما في الفصحى.

قلادة القَرَنْفُل: هي قلادة مصنوعة من حبات القرنفل اليابسة، وهذه الحبّات عبارة عن براعم يابسة لنبتة القرنفل ذات الرائحة النفّاذة، تنظمها المرأة في خيط طويل، وتفصل بينها ببعض الخرزات الصغيرة الملونة، وعندما تضعها في عنقها تخرج رائحة القرنفل الزكية، فترتاح نفسية المرأة لهذه الرائحة التي تبعث منها.

قلادة الدمدم: الدِّمْدِم خرز صغير جداً متعدد الألوان تصنع منه بعض القلائد، ويستخدم في تزيين فتحة عنق الثوب، أو في بعض الأشكال التي تُطرّز على القُنْعَة، وكذلك تصنع منه بعض الحجب المثلثة ذات الشناشيل الملونة والتي تعلقها المرأة على صدرها أو على صدر طفلها في بعض الأحيان.

قلادة الطَّرْف: وهي قلادة تصنع من خرز الطَّرْف، وهو خرز أحمر يميل إلى اللون العنابيّ، ومنه نوع كرويّ الشكل، ونوع آخر يشبه الأول ولكن به بعض الزوايا وكأنه مثمّن الشكل.

قلادة الكَهْرَمَان: والكهرمان خرز أسطواني الشكل ذو لون برتقالي، ومنه نوع كبير يسمى كهرمان صادق، أي أصلي، ونوع آخر أصغر حجماً ولونه أكثر شفافية، ويسمى كهرمان كذَّاب، أي مزيَّف وغير أصلي. وبعض النساء تلفظ الكلمة بشكل آخر فتقول: كَرْهَمَان.

قلادة اللؤلؤ: وهو خرز أبيض كرويّ الشكل وبه بريق أخّاذ، والأصلي منه - إن وجد - أصله من أصداف البحر، ولكن الغالب الموجود منه زجاجيّ مزيّف، وتلفظ المرأة الكلمة فتقول: قلادة لُولِي.

وقد ورد ذكر اللؤلؤ في القرآن الكريم في الآية 22 من سورة الرحمن ؛ حيث تقول الآية:" يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ "،وكذلك في الآية 23 من سورة الواقعة:" كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ".

قلادة العقيق: وهو خرز أحمر طويل له زوايا، وبه خطوط بيضاء مختلفة، وتصنع منه بعض القلائد، وقد يكون في القلادة الواحدة عدة أنواع من الخرز يكون من بينها العقيق.

ويسود لدى النساء اعتقاد بأن لبعض الخرز منافع وفوائد جمة، ومنه ما يجلب الحظ والبخت والسعادة الزوجية، ومنه ما يجعل الزوج كالحمل الوديع لا يفكر إلا في امرأته ولا ينشغل باله في امرأةٍ سواها، ومنه ما يجلب العريس للفتاة العانس فتتزوج بعد أن عزَفَ عنها الخاطبون، وهذه الخرزات أو هذه الحجارة الثمينة تضعها المرأة في قلائدها وتحافظ عليها لندرتها ولأهميتها في نظرها، أو قد تخبئها في مكان أمين عند أشيائها الثمينة، حتى تبقى قريبة منها وتنتفع بسرها وبمفعولها العجيب والذي تتوارثه النساء وينقلنه من جيل إلى آخر، ومن هذه الخرزات:

خرزة السِّمْلِكْ: وهي عبارة عن حجر أملس صغير ناصع البياض، وهو في نظر المرأة يحافظ عليها ولا يمكّن زوجها من الزواج من امرأة أخرى، وتعتقد المرأة إن التي تحمل خرزة السملك فإن زوجها " يخطب ولا يملك "، أي لا تتم خطوبته وينتهي أمر زواجه.

خرزة السَّلْوَى: وهي حجر أبيض صغير مستدير الشكل أقل بياضاً من السملك، والتي تحمله زوجها لا يسلوها، ولا يتزوج عليها.  

خرزة القُبْلَهْ: وهي حجر أحمر غامق اللون على شكل الكبد، والتي تحمل القبلة يظل زوجها مقبلاً عليها ولا يلتفت لغيرها من النساء، أما الفتاة التي لم تتزوج بعد فإن العريس يُقبل عليها ويطلب يدها وتتزوج بسرعة.

خرزة المَدْوَس: حجر أخضر غامق اللون طويل بعض الشيء، والتي تحمله تدوس على قلب زوجها فلا ينظر إلى غيرها من النساء ويظل رهن إشارتها.

خرزة العِمْلاَقَة: حجر بني اللون، تعتقد النساء أن من تحمله فإن زوجها لا يتزوج عليها ولو خطب فإنه " يخطب ولا يُوَفّي سياقه ". والسياق هو المَهْر، أي تُفسخ خطوبته قبل إنهائها.

 

وهناك منافع أخرى للخرز لا تقل أهمية عن تلك التي ذكرناها، ومنه أنواع تستعمل للوقاية من العين والحسد وطرد الشيطان، وبعضها يستعمل للمعالجة من بعض الأمراض التي تصيب المرأة ومنها:

خرزة النَّفْس: وتجمع على " نْفُوس "، وهو خرز له عدة ألوان، منه الأبيض الذي به بعض الخطوط الرمادية، ومنه الذي يميل إلى اللون الأخضر الغامق، وهو شبه بيضوي، رفيع من الجانبين منتفخ من الوسط، وتعتقد المرأة أنه يبعد عنها النفس وهي عين السوء، والتي تصاب بالعين تسمى منفوسة.

خرزة العين: وهي خرزة بيضاء في وسطها دائرة زرقاء تشبه بؤبؤ العين وهي تقي من العين والنَّظْرة ومن عين الحسود، وأغلب استعمالها للأطفال حيث تُعلق على كتف الطفل أو على صدره لتقيه من عين الحسود التي لا تصلي على النبي.

خرزة العاقر: وهي خرزة تحملها المرأة التي يتأخر حملها أو تتعوّق عن الحمل كما يقولون، ولم أشاهد هذه الخرزة ولكنني سمعت عنها كثيراً.

خرزة الكبسة: وهي خرزة خضراء اللون بعضها على شكل قلب وبعضها الآخر مثمن الشكل، وتضع المرأة هذه الخرزة في قلادتها الذهبية، أو مع المشخص كما رأينا في العدد الماضي، أما الكَبْسة ؛ فإن المرأة النفساء تعتقد بأنه لو دخلت عليها إمرأة حائض أو نفساء فإنها تصيبها بالكبسة، وعندها تظهر بعض البثور الحمراء الصغيرة على جلد الطفل وتنتشر على سائر جسده، ولعلاج هذه الظاهرة تذهب مع الفجر وتأتي بأوراق مختلفة من الأشجار كأوراق التين والجميز والأثل، وبعض أوراق النباتات كالقُضَّاب والزَّقُّوح وغيرها، وتغلي هذه الأوراق في ماء حتى ينحلّ لونها ويصبح الماء أصفر اللون، وعندها تخرج قلادتها الذهبية وخرزة الكبسة التي بضمنها وتغطُّها في الماء عدة مرات مع قراءة الشهادتين سبع مرات، وتحمم طفلها بذلك الماء فتزول عنه الشدّة وتختفي البثور. أما في عصرنا فإن المرأة النفساء التي تلد في مستشفى الولادة فإنها تُحقن بحقنة خاصة تحميها وتقيها من الكبسة ولا يهمها حالة من يدخل عليها من النساء.

أما أوراق الأشجار والنباتات التي تجمعها المرأة فهي تسمى " نَشْرَة "، فتقول: ذهبت أجمع نَشْرَة من المكان  الفلاني.

خرزة الديود: هي حجر أبيض ذو رؤوس تشبه الأصابع، وبها ثقوب صغيرة تشبه ثقوب الاسفنجة، وهي كما يبدو عبارة عن كائن بحري من نوع المرجان الذي يتحول إلى مادة صلبة، وإذا ما أصاب المرأة مرض في أثدائها فإنها تعلقها على صدرها وتخفيها تحت طيّات ثوبها لعدة أيام حتى تتعافى من علتها. أما كلمة ديد وجمعها ديود فهي تعني الثدي. 

خرزة الحَصْر: هي خرزة حمراء تعلق على من أصيب بحصر البول مدة من الوقت وبفضل قوتها العجيبة فإن الحصر يزول، ومنها نوع صغير ونوع أكبر بقليل، وقد يتعدى العلاج بها بني البشر فنراها أحياناً تستعمل للمواشي إذا ما أصيبت أحداها بحصر البول، فإذا ما رأينا شاة يلتف على حقويها خيط رفيع، فإن ذلك يدلّ على أن خرزة الحصر الحمراء تتدلى في أسفل الخيط، وقد تظلّ تلك الخرزة معلقة على الشاة حتى تشفى من مرضها وتعود إليها عافيتها.

وهناك نوع من الخرز يشبه السلحفاة وهو خزفي أو عظمي تسمي النساء الواحدة منه " قُرْقَعَة "، وله مفعول وقيمة لا يستهان بها عند النساء.

وهناك نوع من الخرز يدخل في باب السحر، وتستعمله بعض من تتقن هذه الصنعة من النساء كمخدر للزوج المتعوس الحظ، حيث تقوم بنقعه في الماء ومَرْسِه وفَرْكِه حتى يخرج منه محلول أبيض يمتزج بالماء ويُسقى للزوج الغافل فيظل ساهماً لا يدري ما يدور حوله وتنفرد المرأة بالسلطة فتفعل ما تشاء.

وهناك عقود من الخرز تتفنن المرأة في تصميمها وتشكيلها بمختلف الأحجام والألوان وتزين بها جيدها ونحرها، لتظهر بذلك مقدرتها على ذلك الفنّ وبراعتها فيه.

وبذلك نكون قد تطرقنا في هذا المقال إلى معظم أنواع القلائد والخرز التي تستعمل في مجتمعنا، إن كان مع العروس الصغيرة الشابة أو مع المرأة الكبيرة البالغة متمنين لكم وقتاً ممتعاً على أمل اللقاء بكم في مقال آخر.

 ---------------

نشرت في صحيفة أخبار النقب بتاريخ 15/02/2004

 

  جـميع الحقـوق مـحفوظـة

« لا يسمح باستخدام هذه المادة بشكل تجاريّ دون أذن خطّيّ من المؤلف »

 ولا يسمح بنقلها واستخدامها دون الإشارة إلى مصدرها.


صممت هذه الصفحة في 27/08/2008م

بريد الكتروني

موقع الشاعر صالح زيادنة