الحجارة وأسماؤها في تراثنا الشعبي - لصالح زيادنة

الحجارة وأسماؤها في تراثنا الشعبي

بقلم: صالح زيادنة

الحجارة من الأشياء التي نراها في كلّ يوم ، وربما في كلّ مكان، ومن أجل ذلك فقد أطلق عليها الإنسان مسميات مختلفة، حسب نوعها حيناً، وحسب حجمها أو لونها حيناً آخر، فالملساء لها اسم، والمفلطحة لها اسم، والصغيرة والكبيرة كلٌّ لها اسم، ومن أجل ذلك فقد أعددنا هذا البحث وجمعنا فيه ما نعرفه من أسمائها واستعمالاتها ودلالاتها المختلفة، آملين أن  يجد الباحثون فيه ضالتهم المنشودة، وأن يكون مرجعاً لمن يريد أن يتعمّق في هذا الموضوع بشكلٍ أو بآخر، ونبدأ بـ:   

الدّمُوس:

الحجارة بشكلٍ عام تُسمّى عند البدو دْمُوس، والواحدة منها دِمْس، ويلفظ العامة كلمة دموس بتسكين الدال، فيقولون:«دْمُوس»، وإن كانت العربية لا تبدأ بساكن ولا تقف على متحرّك، وكلّ حجرٍ صغيراً كان أم كبيراً هو دِمْس، نقول:" دِمْس كبيرة، أو دِمْس صغيرة وهكذا.."، وقد تُجمع الدموس على دِمَاسين وهي صيغة مبالغة من الدموس. أما الدميسيّة فتعني التراشق بالدموس والتي هي الحجارة كما ذكرنا.

وفي اللغة: دَمَس الشيء يَدْمُسُه ويَدْمِسُه دَمْساً: أي دفنه في الأرض، أو تحت الحجارة.

الحجارة:

جمع حَجَر، وهي لفظة تطلق على كلّ قطعة من الصخر مهما كان نوعها، سواء كانت صلبة أم جيرية أو غير ذلك. وفي الأمثال الشعبية:

- بنرجمك بحجارك: أي نردّ عليك بما أقررتَ على نفسك.

- اللي بيته من قزاز لا يرمي على بيوت الناس حجارة.

- مجنون رمى حجر في بير مية عاقل ما بيطلعوه.

- من أحَبّ عبد عبده، ومن أحَب حجر شاله.

- ناره من أحجاره.

 الصَّوَّان:

هو الحجر الصلب الأملس الثقيل الملفوف الجوانب، ذو الشكل الكرويّ أو البيضويّ، سواء كان الحجر كبيراً أم صغيراً. والعامة تلفظ الكلمة بضم أولها فتقول:"صُوَّان"، بينما نجدها في معاجم اللغة مفتوحة الأول هكذا: "صَوَّان".

وهناك نوع من الصوان أسود اللون وشديد الملوسة يستعملونه لإشعال النار، حيث يضربون عليه بالزناد، وهو مثلث معدني ذو رأسين كرويين متقاربين، وعند ضربه على الصوان تخرج منه شرارة تشتعل في قطن ناعم يُستخرج من زهرة نبتة القَدْح التي تنبت في الجبال والمرتفعات الصخرية، ثم يضيفون القش الناعم حتى تشتعل النار بشكل جيد.

الرَّغَمُون:

والواحدة منه رَغَمُونة، وهو الحجر الجيري الأبيض، وتوجد منه في الأودية كتلٌ كبيرة على أطراف الأودية، وفي الصباح تخرج من هذه الكتل مادة كالطحين الناعم ذات طعم مالح، وكانت المواشي تلعقها عند مرورها بها.

وتبنى من هذا الحجر المُغُر جمع مغارة ، والبيوت الطينية والآبار وغيرها. ويقول عارف العارف في كتابه" تاريخ بئر السبع وقبائلها" إن معظم حجارة النقب هي من الحجارة الجيرية.

الزُّرْبُطَان:

والواحدة منه زُرْبُطَانة: وهي الحجر الصواني الأملس الذي يملأ اليد أو يكون بحجم حبة البرتقال أو دون ذلك بقليل.

الرَّضَف:

هي حجارة صغيرة ملساء توضع على الجمر والنار المستوية ثم يوضع فوقها قرص الخبز لينضج على حرارتها، وفي القرى يوضع الرضف في الطابون ويوضع الخبز فوقه حتى ينضج. وفي مادة "رضف" من لسان العرب: الرَّضْفُ: الحجارَةُ التي حَمِيَتْ بالشمس أَو النار، واحدتها رَضْفةٌ.

الحصوة:

وجمعها حَصْو، وهي الحصاة الصغيرة، وفي الأمثال الشعبية: «زي الحصوة في الوَطَى»، وفي القضاء العشائري يرمون حصوة من لا يتقيد بأوامر القبيلة وعاداتها وأعرافها؛ أي يتنكرون له ولا يعتبرونه واحداً منهم.

الصَّفَا:

الصفا جمع صَفاة وهي الحجر الكبير الأملس المنبسط الذي يغطي بقعة من الأرض، وغالباً ما يكون الصفا مكشوفاً لا يغطيه التراب، ومن أجل ذلك لا تنبت عليه النباتات، وهناك واد قرب قرية أم نميلة إلى الشمال من رهط يُسمّى "وادي الصفا" لكثرة الحجارة الملساء التي فيه، والتي غالباً ما تحفظ مياه الغدران فترة أطول من الزمن، وكنا صغاراً نَرِد بأغنامنا القليلة على واد الصفا ونسقيها من الغدران التي فيه.   

الصَّرَارَة:

وجمعها صَرَار، وهي الحصاة الصغيرة، كالحجارة الصغيرة التي تكون في قاع الأودية، وهناك واد اسمه "وادي الصَّرَار" لكثرة الصَّرَار الذي يغطى أسفله.

اللدايا:

واحدتها لدِيّة، وهي عبارة عن ثلاثة حجارة توضع على حافة الموقد لترفع الوعاء قليلاً عن النار، حتى يكون المجال مفتوحاً لإدخال بعض الوقود من زبل أو حطب أو غيره حتى تظل النار مشتعلة.

واللدايا حجارة تؤخذ من المكان ولا يهمّ شكلها، وتكون متقاربة الحجم حتى لا يميل مِن عليها وعاءُ الطعام، ويكون لونها بعد الاستعمال بين الرمادي والأسود، نتيجةً لعملية الاحتراق والاقتراب من لهيب النار وصَلْوِها. واللدايا هي الأثافيّ المذكورة في معاجم اللغة وواحدتها أثفية. ونجدهم في الأمثال العربية القديمة يقولون: ثالثة الأثافي، ومن أمثال العامة قولهم: "القِدْر ما بيقعد إلاّ على ثلاثة". والمقصود الحجارة المذكورة.

 الزَّلَط:

هو الحجر الصواني الأملس والواحدة منه زَلَطَة، وهو نفس الزربطان المذكور أعلاه، ومن أقوالهم: "فلان بياكل الزَّلَط".

بنت البلاد:

كِنية يطلقونها على الحجارة الصغيرة والمتوسطة لالتصاقها بالأرض والتراب، و"البلاد" عند أهل البادية تعني الأرض، يقولون: «رماه على البلاد»، أي رماه على الأرض والتراب، و«قَعَد على البلاد»؛ أي جلس على الأرض، وهكذا..    

 الحَصْمَة:

هي الحصى الذي يستعمل في البناء ويخلط مع الرمل والاسمنت، ومنه تُصب قواعد البيوت والأعمدة والأرضية والسقف وما شابه.

 الرخام:

هو نوع من الحجر الفاخر الذي تصنع منه أعمدة البيوت وقيسانها وخاصة بيوت الأثرياء من الناس أو أماكن العبادة، وتنقش عليها كتابات تدل على تاريخ البناء وما شابه.

 الصخور:

وهي الحجارة الكبيرة الصلبة أو الكتل الكبيرة منها. والواحدة منها صخرة. وفي معلقة امريء القيس:

            مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدبِرٍ مَعاً       كَجُلمودِ صَخرٍ حَطَّهُ السَيلُ مِن عَلِ

والجَلْمَد والجلمود المذكور في الشعر هنا هو الصخر أيضاً، وبعضهم يحدد حجمه بحيث تحمله بيدك قابضاً على عرضه ولا يلتقي عليه كفاك جميعاًً.

 الرِّجْم:

جمعه رجوم، وهو الكومة الكبيرة من الحجارة، يجمعها الفلاح أو صاحب الأرض من أرضه حتى يستغل الأرض ويفلحها، وكلّ كومة كبيرة من الحجارة تسمى رجماً، وفي منطقتنا مكان يسمى "رْجِيم الذيب"، يقع شرقي رهط بقليل، ويمكن رؤية رجوم الحجارة التي عليه.

 النَّجَمَة:

جمعها نَجَم، وهي المرتفع من الأرض الذي تغلب على أرضه الحجارة، والذي تصعب فلاحته بسبب كثرة حجارته وقلة تربته، والتي تجرفها السيول عند سقوط الأمطار فتبرز الحجارة أكثر وأكثر. وتخرج النباتات في هذه المرتفعات أو النَّجَم وتكون مرعى للمواشي نظراً لعدم استطاعة الفلاح من استغلالها كما ذكرنا.

 الرُّسُوم:

واحدها رَسْم، ولكن الناس يستعملونها بصيغة الجمع، فيقولون رسوم، وهي بقايا البيوت القديمة المهدمة، وبقية أساساتها التي هُدمت مع الزمن ولا يعرف أهلها، ولم يظلّ منها إلا أكوام الحجارة وبقية الأساسات. وقد وردت كلمة الرسوم كثيراً في الشعر العربي، فنجدها في القديم والحديث منه، وها هي في شعر امرئء القيس:

             وَإِنَّ  شِفائي  عَبرَةٌ  مَهَراقَـةٌ        فَهَل عِندَ رَسْمٍ دارِسٍ مِن مُعَوَّلِ

وكذلك في شعر علي محمود طه:

             يا رُبَّ رسْمٍ من ربوعك دارسٍ       قَصُرَ الثواءُ  به  وطالَ  وقوفي

 الدَّبْش:

واحدتها دَبْشة، وهي الحجر المفلطح الذي يملأ قبضة اليد أو يزيد قليلاً ويستعمل في بناء "السلاسل" في الجبال، وكذلك يستعمله القرويون من سكان الجبال في المشاجرات، حتى أن بعض القرويين كان يضع كومة من الدَّبْش فوق سطح بيته ليستعملها عند الحاجة.

وكلمة دَبْش تستعمل عند القيسية من أهل جبل الخليل، ورغم أن الناس يعرفونها هنا، ولكنهم لا يستعملون تلك اللفظة بل يستعملون كلمة دمس أو دموس لتؤدي نفس المعنى.

 

السلاسل:

واحدتها سلسلة، وهي حاجز من الحجارة يقيمه الفلاح ليحفظ به تربة أرضه حتى لا تجرفها السيول، وخاصة في الأرض المائلة والمنحدرات الجبلية والسفوح التي تتعرض تربتها للجرف أكثر من غيرها. ويُسميها أهل القرى "سناسل"، والواحدة منه "سِنْسلة"، وهي تكثر في القرى وفي المناطق الجبلية المائلة أكثر مما هي عليه في بلادنا السهلية.

 العْرَاق:

تعني عِرْق الصخر، أو الطبقة الصخرية منه التي تكون تحت الأرض، وهذه الكلمة تستعمل في القرى، حيث يحفرون الأرض حتى يصلوا الطبقة الصخرية منها، ثم يصبون أساسات بيوتهم.

 وهناك حجارة أخرى كحجر الرحى الخشن، ورواسي البير التي تصنع من الحجر الجيري الأبيض، وبعض الحصى الصغير الملون الذي تلتقطه النساء وتجعل منه قلائد مختلفة، وغيرها من الحجارة الكثيرة والتي استطعنا أن نجمع منها هذا الكم من الأسماء والكنى واستعمالاتها المختلفة.

   ---------------

نشرت في: مجلة المستقبل بتاريخ 15/10/2007، الموافق ‏04‏ شوال‏، 1428 هـ.

 

  جـميع الحقـوق مـحفوظـة

« لا يسمح باستخدام هذه المادة بشكل تجاريّ دون أذن خطّيّ من المؤلف »

 ولا يسمح بنقلها واستخدامها دون الإشارة إلى مصدرها.


صممت هذه الصفحة في 29/08/2008م

بريد الكتروني

موقع الشاعر صالح زيادنة