التطريز عند المرأة البدوية - لصالح زيادنة

من هوايات المرأة البدوية: التطريز

بقلم: صالح زيادنة

التطريز هو هواية أخرى من الهوايات التي تحبها المرأة وتقضي كثيراً من وقتها وهي تمارسها، إن كان ذلك في صباها أو في شبابها، وهي تتعلم فنَّ التطريز صبيةً من أمها وأترابها، وتُعلِّم بناتها من بعدها لينتقل ذلك الإرث الثمين من جيل إلى جيل. وكم رأينا أمهاتنا وأخواتنا وهن يعملن جاهدات على تطريز ثيابهن التقليدية الجميلة، وكم رأينا فتيات من البادية يرعين المواشي وفي يد كل واحدة منهن قطعة قماش سوداء تطرز عليها أشكالاً هندسية مختلفة لتكمل جزءاً من ثوب تعمل في تطريز قطعه المختلفة.

وكثيراً ما تحمل بعضهن خريطتها أو حقيبتها القماشية التي تضم شَلاَّت خيوطها الحريرية، وبعض إبرها وقطع القماش التي تطرزها.

والتطريز في اللغة: هو وَشْيُ الثياب ورَقْمُها، وطَرَّزَ الثوب ؛ أي وشّاه وزخرفه. وفي الرائد ؛ التطريز: هو الوشي والتزيين بالخيوط والرسوم في الثياب أو نحوها. 

والتطريز عبارة عن رسمٍ هندسيّ معيّن ترسمه المرأة بإبرتها على قماش ثوبها، أو على أي قطعة قماش أخرى تريدها، وهو يتكون من غُرَزٍ متناسقة بشكل هندسيّ متقن، تأخذ شكل الرسمة التي تريدها المرأة بعد تطريزها، وتتكرر تلك الرسمة مرات ومرات في كثير من الحالات حتى تصبح قطعة هندسية جميلة.  

والغُرْزَة تُسمّى عند العامة "رِتْبة" وتُجمع على رُتَب، وحتى غرز العمليات الجراحية تسمى رتب، يقال خاطوا جُرْحَه 10رتبات وهكذا..

وكل غرزة متكاملة تسمى "حَبَّة"، وكلّ رسْمة متكاملة تسمى "دار"، تقول المرأة:ظَلّ عَلَيّ دارين، أو ظل على الدار حبّتين وهكذا..

وهناك طريقتان تستعملهما المرأة في تطريز ثوبها هما:

التطريز العادي: وهو الذي يتكون من غُرزة غُرزة، أو حَبّة حَبّة كما تسميها المرأة، وتكون الحَبَّة منها مكوّنة من غُرزتين متقاطعتين على شكل علامة الضرب "x". وهذا النوع من غُرز الخياطة أو التطريز هو السائد والأكثر انتشاراً لسهولة العمل به، وما زال كذلك حتى اليوم.

التطريز المثَمَّن: وهو نوع آخر من غرز التطريز ظهر في العقود الأخيرة ولم يكن معروفاً من قبل في الصحراء ، ويتكون من أربع غرزات متقاطعة، هي الحبّة العادية التي ذكرناها أعلاه، ويضاف إليها غرزتان على شكل علامة الجمع (+)، فتبدو وكأنها ثماني غُرز ومن هنا جاءها الاسم (مثَمَّن)، والتطريز بهذه الطريقة أقل جمالاً لكثافة الخيوط والتفافها فوق بعضها البعض ولحجم الحبّة الكبيرة نسبياً.

هذان النوعان من غرز التطريز هما المستعملان في تطريز الثياب حيث يكون الأول في الدرجة الأولى والثاني يأتي بعده وهو أقل منه انتشاراً كما ذكرنا.

ومن عيوب التطريز مَدّ الغرزة بشكل أفقي طويل ثم العودة إليها بغرز قصيرة متتالية فتكون عدة حَبّات قد بُنيت على خيط واحد، والأفضل أن تُطرز كلّ حَبّة بشكل منفرد، وكثيراً ما تقول المرأة لابنتها: "لا تمدّي الخِيطَة"؛ أي لا تخيطي وتطرزي بهذه الطريقة.

أما لتركيب القماش ووصله ببعضه البعض فهناك عدة أنواع أيضاً من الخياطة هي:

الشلاَلة: هي خياطة ذات غرز طويلة متتابعة ويفصل بين كل غرزة منها وأخرى فراغٌ بحجم الغرزة العادية، أي أن المرأة تخيط غرزة ثم تبقي فراغاً بقدر غرزة وبعدها غرزة أخرى وهكذا، فتكون غرزة مليئة وأخرى فارغة فتسمى عندها شْلاَلة، وتقول شِلَّي الثوب جيداً، و "شَلَّتْ الثوب أي خاطته بهذه الطريقة". والشلالة طريقة سريعة لوصل قطع الثوب المختلفة بعضها ببعض ثم العودة إليها بخياطة أقرب غُرَزَاً وأكثر متانة وهي ما يسمى بـ "التنبيتة".  فتُنَبِّتها جيداً وتكون بذلك قد أخذت شكلها النهائي.

التنبيتة: هي الخياطة ذات الغرز القصيرة المتتابعة والمتقاربة التي لا تفصل بينها فراغات، وهي تستعمل لوصل قِطَع الثوب بعضها ببعض وصلاً متيناً وجميلاً في آنٍ واحد، فتقول المرأة: نَبِّتِي الثوب جيداً، أي اجعلي غرزه قريبة ومتلاصقة فيكون قوياً، و"نَبَّتَتْ الثوب أي خاطته بهذه الطريقة".

الكفافة: هي خياطة أطراف الثوب من عنق وذيل وغيره بطريقة لَفِّ الخيط على الجوانب المقصوصة كفتحة العنق والذيل وغيرها حتى لا يظهر مكان القصّ، وكذلك للمحافظة على تلك الحواشي حتى لا تنسل خيوطها أو يظهر تشريمها فيقال: كَفَّتِ الثوبَ تكفّه كفافةً، أي خاطته بتلك الطريقة.

2 - وفي لسان العرب: وكِفافُ الثوب: نَواحِيه. وكَفَفْت الثوبَ أَي خِطْت حاشيته، وهي الخِياطةُ الثانية بعد الشَّلِّ في تلك الحواشي.

إبرة بنت إبرة: هي نوع من الخياطة يشبه الدَّرْك، ويُخيّط على أسفل ذيل الثوب وعلى زَمّة الأكمام.

عوينة الصوص: هي خياطة متعرجة على شكل سنّ المنشار، وتحلّ أحياناً مكان التنبيتة في تركيب مفاصل الثوب وقطعه من على الجانبين، وتسميها النساء أحياناً "عِرْوِجّة" نظراً لشكلها المتعرّج.

التكبيسة: هي خياطة تشبه المناجل ولكنها صغيرة الحجم وتخيّط على أسفل الثوب، وأحياناً تُخيّط بإبرتين من أجل إضافة لونٍ آخر لها. يقال:كّبَّسَتْ الثوب ؛ أي خاطت أسفله بالطريقة المذكورة.

الدَّرْك: هو نسجٌ بالإبرة على ياقة الثوب وعلى زَمّة الأكمام. يقال: دَرَكَتْ الثوب أي نسجت حواشيه بالطريقة المذكورة.

الخْطَافَة: هي نفس طريقة الدّرك المذكورة، ولكنها تكون بالصنارة وليست بالإبرة.

التكعيبة: هي خياطة تشبه التكبيسة ولكنها تتكون من أربعة خطوط متوازية وليست من خطين كما هو الحال في التكبيسة، ومكانها على أطراف الثوب السفلى. 

الخيوط:

أما الخيوط التي تطرز منها المرأة ثوبها فتتكون من طُبَب من الحرير كل طُبَّة منها تتكون من لفّة خيط بطول 80 متراً، وهذه الطبب تباع في الأسواق أو مع الباعة المتجولين، وتقسم تلك الطبب إلى نوعين حسب لونها:

اللون السادة: وهي الطبب ذات اللون الواحد وكل طُبَّة منها تكون بلون واحد لا غير.

اللون الموَنَّس: يكون لون خيطها يتدرج من الفاتح إلى الأكثر غمقاً إلى الغامق ثم يعود إلى اللون الفاتح وهكذا، فالأحمر يصبح في طرف منه وردياً ثم يقترب من البياض، أما الطرف الثاني فيتدرج من الأحمر إلى العِنَّابي ثم إلى العِنّابي الغامق وهكذا، وبذلك يضفي جمالاً على التطريز.

خيوط النايلون: أما خيوط النايلون الملونة فقد جاءت بعد السبعينات، وهي على شكل لفّات صوفية غير مفتولة تقوم المرأة بفتلها خيطاً خيطاً، وهذه العملية مرهقة ومتعبة، إضافة لكون خيوطها خشنة وسميكة ولا تصلح لتطريز ثوب فاخر، ولذلك فالثياب التي تُطَرز بها تكون للاستعمال المنزلي ليس أكثر، ولم تكن هذه الخيوط معروفة في الصحراء من قبل.

وهناك أدوات أخرى تستعمل في الخياطة والتطريز منها:

الإبرة: وهي الإبرة العادية وهناك عدة مقاسات مختلفة منها، فهناك القصيرة الناعمة والطويلة الغليظة وتختار منها المرأة ما يناسبها.

الميبرة: هي المئبرة وهي إبرة سميكة وطويلة لا تستعمل للتطريز بل لتركيب بعض القماش السميك بعضه ببعض.

المرَدّ: هو غطاء معدني به تجويفات صغيرة يوضع على رأس الإصبع الوسطى لدفع الإبرة عند التطريز وردّها عن لحمة الإصبع، ويسمى أيضاً الكشتبان.

الماركة: قطعة من القماش الأبيض تشبه الشبكة تستخدم لضبط غرزات التطريز حيث يمكن عَدّ غرزات كل صورة وملاءمة الأشكال حتى تأخذ شكلاً هندسياً متناسقاً. وأعتقد أن هذا الاسم جاءها من عبارة "ماركة مسجلة" التي تكون على الغلاف الورقي الذي يغلّفها، ولما لم يجدوا لها اسماً أسموها "ماركة"، أو "ميركة" والياء إمالة لحرف الألف عند النطق. 

المقص: هو المقص المعروف وقد تستعيض عنه بشفرة أو بسكين حادة عندما تقص القماش.

 

 أنواع العروق:

العروق هي رسوم تطرزها المرأة على جانبي ثوبها، حيث يكون على كلّ جهة من الثوب ثلاثة عروق طولية تبدأ من أسفل الثوب وتنتهي عند أعلى الخصر، وهي عبارة عن أشكالٍ هندسيّة مُتقنة لصورة معينة من نبات أو طيور أو غيره، أو لشكل هندسيٍّ خاص، وهذا الشكل يتكرّر حتى يصل إلى طول العِرق المطلوب، فإذا كانت الرسمة للطاووس مثلاً، فإنّ صورته تتكرر حتى نهاية العِرْق وهكذا.

والعِرْق يُسمى في البادية "سِيف" أي سَيْف ويجمع على سيوف، وربما جاءته التسمية من شكله الطولي الذي يكون بطول السيف.أما كلمة عِرْق فهي مستحدثة نوعاً ما، وأصبحت تستعمل في العقود القليلة الماضية.

2 - وكلمة عِرْق جاءت من عِرْق النبات لأن عرق التطريز يشبه عرق النبات الذي تتفرع منه الفروع والأوراق ويمتليء بالأزهار والورود.

وهناك أنواع مختلفة من هذه العروق لكلٍّ منها اسم تدل عليه الرسمة التي يتألف منها، فإذا كانت الرسمة لحمامة فإن العرق يسمى ؛ عِرْق الحمامة، وإذا كانت الرسمة لزرافة فإنه يسمى عرق الزرافة وهكذا مع باقي العروق. وكلّ رسمة كاملة في العِرق تسمى "دار"، فتقول المرأة خيطت اليوم دارين من عِرْق الملفوف، أو داراً واحدة أو أكثر وهكذا.  

وهذه قائمة بأسماء بعض العروق المستعملة في الثياب:

- عِرْق الإنجاص: نوع من التطريز على شكل حبّة الأجاص المعروفة.

- عِرْق الحمامة: نوع من التطريز على شكل الحمامة.

- عِرْق الحمامتين (في قفص): نوع من التطريز على شكل حمامتين متقابلتين.

- عِرْق الحوت: نوع من التطريز على شكل حوت.

- عِرْق الحية النائمة: نوع من التطريز على شكل حيّة.

- عِرْق الدوالي: نوع من التطريز على شكل ورق العنب (الدوالي).

- عِرْق الزرافة: نوع من التطريز على شكل الزرافة.

- عِرْق السرو: نوع من التطريز على شكل شجرة السرو.

- عِرْق السفينة: نوع من التطريز على شكل السفينة.

- عِرْق الطاووس: نوع من التطريز على شكل الطاووس.

- عِرْق القلوب: نوع من التطريز على شكل القلب.

- عِرْق الملفوف: نوع من التطريز على شكل ثمرة الملفوف.

- عِرْق موج البحر: نوع من التطريز على شكل الموج.

- عِرْق النجمة: نوع من التطريز على شكل النجمة.

- عِرْق الورد: نوع من التطريز على شكل الورد.

ولا بد أن نشير إلى أن الكثير من هذه العروق هي أنواع مستحدثة ولم تكن موجودة في الصحراء من قبل.

 

النَّتْرَات: وهي العروق الخفيفة غير كثيفة التطريز، وسميت نترات لنثر حباتها وغُرَزها ووجود فراغات بينها بالرغم من تناسقها إلا أن عدم كثافتها وانتثارها كما ذكرنا قد أكسبها هذا الاسم.

المناجل: نوع من التطريز بعرض حوالي 2 سم يتكون من غرزتين طويلتين الواحدة على رأس الأخرى وتلتصق غرزاته فوق بعضها البعض فيبدو متناسقاً، ويُغيّر لون فتلة الخيط بين الحين والآخر فيبدو ملوناً وجميلاً. وهو يطرز على مفاصل الثوب وأماكن وصل القطع ببعضها فيخفي مكان وصلها فيبدو الثوب أكثر تناسقاً وجمالاً. وقد استعمل هذا النوع في الثياب الخفيفة بدل العروق الثقيلة والكثيفة التطريز حيث لا حاجة لعروق ثقيلة لثوب الشغل أو البيت.

2 - وربما جاءه الاسم من شكل الغرزتين الطويلتين، وكأنّ كل غرزة منه سَحْبَة منجل لطولها بعكس الغرزة العادية القصيرة.

قماش الثياب:

القماش الذي تصنع منه المرأة البدوية ثوبها هو قماش سميك أسود غامق اللون، تطرز عليه ما تريده من أشكال التطريز المختلفة، وهناك عدة أصناف من القماش الأسود الذي تستعمله المرأة لهذا الغرض:

- الثوبيت: وهو قماش قطني سميك وثقيل لا يكشف ولو بعض الظلال الخفيفة من الجسم وسواده يميل إلى الزُرقة. 

- الحَبَر: وهو قماش أقل سمكاً، ويتميز بنعومة ومُلُوسة خاصة، ولكنه أيضاً لا يكشف ما تحته بسبب كثافة خيوطه، وسواده يبدو رجراجاً مع ميلٍ إلى شيء من الصُّفرة.

2 - وقد يكون جاءه هذا الاسم من كلمة حَبَرَة التي تعني القماش اليمني الناعم، كما ورد في اللسان في مادة "حبر": والحِبَرَةُ، والحَبَرَةُ: ضَرْبٌ من برود اليمن، والجمع حِبَرٌ وحِبَرات. قال المَرَّارُ العَدَوِيُّ:

         قَدْ لَبِسْتُ الدَّهْرَ من أَفْنَانِهِ             كُلَّ فَنٍّ ناعِمٍ منه حَبِرْ

ثم ظهرت أصناف أخرى من القماش منها الدولين، والدرافيل وغيرهما.

الثياب وأنواعها:

نود أن نشير قبل أن نذكر أنواع الثياب إلى أن جيل المرأة هو الذي يحدد نوعية ثوبها من حيث كثافة التطريز، وعرض العروق واختيار الألوان ونوع القماش والخيوط.

ثوب الفتاة قبل الزواج: الثوب الذي ترتديه الفتاة قبل زواجها يكون عادة مطرزاً بالألوان الخفيفة والتي يبرز من بينها اللون الأزرق وتكون عروقه رفيعة ولا كثافة في تطريزه، وهو يدلّ على الحياء والخجل التي تتصف بهما الفتاة قبل زواجها.

ثوب المرأة المتزوجة: أما ثوب المرأة المتزوجة فتبرز فيه كثافة التطريز وبروز اللون الأحمر بشكل جالب للأنظار، وقد يكون مطرزاً باللون الأحمر بالكامل، ويلاحظ فيه العروق العريضة، وكثافة التطريز على الذيل والقبة والحِجْر والأكمام.

ثوب المرأة المتقدمة في العمر: أما ثوب المرأة المتقدمة في العمر فيبرز من خلال تطريزه باللون الأزرق أو الأخضر وبعض الألوان الأخرى الخفيفة، وتكون عروقه أعرض من عروق ثوب البنت، وهو يدل على الحشمة والوقار التي تتميز بها المرأة الأم في مثل هذه السن.

وكانت كلّ فتاة قبل زواجها تقضي معظم وقتها في الخياطة والتطريز، فكانت تطرز ثياباً ثقيلة كثيفة التطريز، تعدّها للزواج حتى تأخذها معها لبيتها الجديد، وكانت كلما تنتهي من ثوب تبدأ في ثوب آخر، وهكذا حتى يصبح لديها من الثياب ما بين 15 إلى 20 ثوباً، وكلما تأخر زواجها يزداد عدد الثياب التي تطرزها وتعدّها لهذا الغرض، أما إذا داهمها الزواج المبكر فكثيراً ما تلجأ لقريباتها وصديقاتها لإعداد عدة ثياب أخرى على وجه السرعة.

وطبيعي أن الفتاة تنتقي ألوانها بعناية فائقة، وتختار العروق العريضة والتي يبرز من بينها اللون الأحمر لون الفتوّة والشباب. وبعد الزواج تقلّ نسبة التطريز عند المرأة، بسبب انشغالها بزوجها وشؤونها الأسرية، وكذلك إذا أتى الإنجاب سريعاً فتنشغل في تربية الأطفال، ولكنها بين الحين والآخر تستغلّ شيئاً من الوقت لتطرز فيه ثياباً أخرى.

أنواع الثياب:

- ثوب البيت أو ثوب الشُّغل: وهو ثوب خفيف التطريز قليل الألوان تلبسه المرأة في المنزل، حيث تقوم بمزاولة أعمالها اليومية ولا حاجة لثوب ثقيل من أجل ذلك قد يتعرض لبعض الأوساخ من أعمال البيت المختلفة.

- ثوب الدَسّ: هو ثوب مليء بالتطريز، تتفنن المرأة في تطريز عروقه وقُبَّتِه وأجزائه الأخرى، ويستغرق معها وقتاً طويلاً قد يصل عدة أشهر في تطريزه وتركيبه وما شابه، وهي ترتديه عندما تكون على سفر، أو في المناسبات المختلفة كحفلات الأعراس والختان وغيرها. وغالباً ما يكون اللون الأحمر بارزاً في هذا الثوب.

2 - وكلمة دَسَّ يدسُّ بمعنى خبّأ وأخفى، أي أن هذا الثوب يكون مُخَبَّأً ولا يُلبس إلاّ في المناسبات كما ذكرنا.

- ثوب الطَّلْس: وهو الثوب الذي يكاد يكون مطرزاً بالكامل باللون الأحمر، وهو ثوب ثقيل، ذو عروق عريضة، يطرز حجره بتطريز كثيف وكذلك ذيله وأكمامه، وتلبسه المرأة في الأفراح والمناسبات، وقد جاءه هذا الاسم من كلمة طلس يطلس طلساً فهو مطلوس، والمطلوس هو المليء بالشيء من أوله إلى آخره، يقال "مطلوس طَلْس" أي مليء كله بالشيء المذكور من خياطة وتطريز أو غيره.

- ثوب الحِدَاد: هو ثوب ذو تطريز خفيف يكون تطريزه باللون الأخضر أو الأزرق فقط ولا ألوان أخرى فيه، وهو يلبس في أيام الحداد على المتوفين من أقارب المرأة. وكانت فترة الحِداد تدوم إلى انقضاء العيدين عيد الفطر وعيد الأضحى المبارك، وعلى المرأة أن تلبس هذا الثوب طيلة فترة الحِداد وقد تطول هذه الفترة أو تقصر بحسب قرب وفاة المتوفى من العيدين.

أقسام الثوب:

يتكون ثوب المرأة البدوية من عدة أجزاء، لكل جزء منها اسم خاص به وله أيضاً تطريز خاص به، حيث تقوم المرأة بعد أن تفرغ من تطريز هذه الأجزاء بجمعها وتوصيلها بعضها ببعض فيتكوّن منها ذلك الثوب العربي الجميل الذي نعرفه ونألفه، وأجزاء الثوب هي: القبة، البَدَن القدّامي، البَدَن الورّاني، البنايق، الأكمام.

- القُبَّة:  هي القسم العلوي من الثوب من جهة الصدر، وهي قطعة مربعة مطرزة تطريزاً كثيفاً تغطي الصدر بأكمله، وتكون بها من الأعلى فتحة العنق وهي فتحة دائرية تسمى الياقة، تنفرج منها من الأمام فتحة مستطيلة متجهة نحو الأسفل تسمى فتحة الجيب، ويكون تحت القبة بطانة من قماش الثوب نفسه. والقبّة هي التي تكشف جمال الثوب وبهاءه، وتجدر الإشارة إلى أن القبّة العادية هي التي تُخيّط على البدن الأمامي، أما القبّة التي تُخيّط على قطعة قماش منفردة فتسمّى "قبة رَحَّالية"، ثم تُرَكَّب على البَدَن فيما بعد.

2- وقد سميت القبة بهذا الاسم لأنها تكون في أعلى الثوب كما تكون القبّة في أعلى البناء.

ومن الأمثال الشعبية قولهم: "أَكَلْهَا قُبَّة وردَان"، أو فلان أكلها قبة وردان، أي أنه أكل علقة محترمة.

- البَدَن القُدّامي: هو الجزء الأمامي من قماش الثوب ويبدأ من أسفل الثوب وحتى أعلى الكتفين، ويُطرّز عليه عِرقٌ عريض في طرفه الأيمن يبدأ من أسفله حتى الخصر، وعرق آخر مشابه له في طرفه الأيسر وتكون هذه العروق متشابهة مع العروق التي على البدن الوراني ومع العروق التي على البنائق لأنه يجمع بينها عند تركيب أجزاء الثوب، فيكون على الجانب الأيسر من الثوب عرق من البدن الأمامي وبجانبه عرق البنيقة وبعده عرق البدن الخلفي، وكذلك في الجانب الأيمن من الثوب.أما التطريز على الجزء الفارغ من البدن الأمامي فيختلف وضعه حسب عمر المرأة، فالفتاة الشابة تُكثر من التطريز على البدن حتى تغطي الجزء الأكبر منه، أما المتقدمة في السن فتطرز عليه شريطاً رفيعاً من الأسفل وتترك الباقي بلا تطريز.والبَدَن يُجمع عند العامة على "بْدُون".

- البَدَن الورّاني: هو الجزء الذي يقابل البدن الأمامي من الخلف، والتطريز عليه يشبه التطريز على البدن الأمامي كما ذكرت.

- البنايق: والواحد منها بنيقة وهي قطعة طولية من قماش الثوب تبدأ من أسفل الثوب حتى الإبط، وهناك بنيقة في جهة اليمين تكون فوق الساق والفخذ الأيمن،وأخرى في جهة اليسار، ويُطرز على كل بنيقة عِرْق واحد فقط يكون مشابهاً للعِرْق الذي على البنيقة المقابِلة، ومشابهاً للعِرْقين الذين على البدن الخلفي والبدن الأمامي، وبذلك يكون في كل ثوب بنيقة يمنى وبنيقة يسرى.

2 - وقد ذُكرت البنيقة والبنائق في الشعر العربي في أكثر من موضع، وقد تحرينا بعضاً منها ونسوقها هنا زيادة في الإيضاح وإكمالاً لصورة هذا البحث.

ففي مادة بنق من لسان العرب:

والبِنَقة والبَنِيقةُ: رُقْعة تكون في الثوب كاللَّبِنةِ ونحوها، وقيل: البَنِيقة لَبِنة القميص، والجمع بَنائقُ وبَنِيقُ ؛ قال قيس بن معاذ المجنون:

         يَضُمُّ إليَّ الليلُ أَطْفالَ حُبِّها        كما ضَمَّ أزْرارَ القَمِيصِ البَنائقُ

أما طرَفة بن العبد فيقول في معلقته:

         تلاقى، وأَحياناً تَبِينُ كأَنها        بَنائقُ  غـرٌّ  في  قَمِيصٍ  مُقَدَّدِ

ويقول نُصَيْب وكان أسود اللون:

         سَوِدْتُ فلم أَمْلِكْ سَوادِي، وتَحْتَه    قَمِيصٌ من القُوهِيِّ، بِيضٌ بنَائقُهْ

أما الفرزذق فيصف ناقته قائلاً:

         تَظَلُّ بعيْنَيْها إلى الجَبَلِ الذي       عليه مُلاء الثَّلْجِ  بِيضُ  البَنائِق

- الأكمام: وتسمى الردَانَات والواحد منها رِدْن، ويكون على كل ردن منها شريط طولي من التطريز يبدأ من الكتف إلى آخر اليد، وكذلك تطريز ناحية زمّة اليد.

2 - وفي اللسان في مادة ردن: الرُّدْنُ، بالضم: أَصل الكُمّ. يقال: قميص واسع الرُّدْن. وقيل: هو الكمّ كله، والجمع أَرْدانٌ وأَرْدِنَة. وأَرْدَنْتُ القميصَ ورَدّنْته تَرْديناً: جعلت له رُدْناً، وفي المحكم: جعلت له أَرْداناً؛ قال قيس بن الخَطِيم الأَنصاري:

         وعَمْرَةُ من سَرَواتِ النِّساءِ            تَنْفَحُ بالمسكِ أَرْدانُها

- العِبّ: هو جَيْب يكون تحت القبّة فوق الصدر، وله فتحة من جهة اليمين تضع فيه المرأة حافظة نقودها أو بعض أشيائها الصغيرة.ويجمع على "عبُوب".

- الذيل: هو الجزء الأسفل من البدن الخلفي، أو المساحة الموجودة بين العرقين المطرزين على جانبي البدن الخلفي من الأسفل حيث تُطرز عليه بعض الشجيرات الطولية أو الأشكال الأخرى بارتفاع قد يصل 30 سم، وأحياناً يترك بلا تطريز.

- زِيق الثوب: هو شريط طولي أسفل الثوب وعليه تطريز في الغالب وله بطانة سميكة من القماش مما يجعله قوياً ومتيناً ويحافظ على الثوب من الانثناء أو التمزق. وتقول المرأة زَيَّقْتُ الثوب.

2 - وزيق الشيء طرفه أو حافته ؛ يقال جلست على زيق فلان، أي جلست بجانبه، جلس على زيق الحائط، أي جلس بجانبه وهكذا.

وهناك بعض كلمات تتعلق بالخياطة والتطريز نذكر منها:

- الفَتْلة: وهي القطعة القصيرة من الخيط.

- لَضَمَ الإبرة: أي وضع فيها الخيط، وتوجد هذه الكلمة في بعض معاجم العربية، ولكنها تحمل معنى آخر يختلف عن المعنى الذي يصطلح عليه الناس هنا.

- الوَرْب: هو القصّ المائل للبنائق حيث تكون عريضة من الأسفل ثم تضيق تدريجياً نحو الجهة العليا.

- الخَصْر: تضييق الثوب عن طريق ثنيه من جانبيه أو من خاصرتيه ومن هنا جاءه الاسم وتخييطه بالعرض المناسب دون قَصّ ما ثُنِيَ منه حتى يمكن إرجاعه إلى وضعه السابق إذا ما اقتضت الضرورة ذلك.  

- الخَبْن: تضييق الثوب من عند الحزام من الداخل وتخييطه بالطول المناسب دون قَصّ ما ثُنِيَ منه حتى يمكن فكّه وإرجاعه إلى سابق عهده إذا ما اقتضت الضرورة ذلك، وهذا يعني تقصير طول الثوب.

وبهذا نكون قد قطعنا شوطاً ممتعاً مع خيوط المرأة وألوانها وأدوات تطريزها، على أمل اللقاء بكم في مقال آخر.

   ---------------

نشرت في صحيفة أخبار النقب بتاريخ 10/05/2004

 

  جـميع الحقـوق مـحفوظـة

« لا يسمح باستخدام هذه المادة بشكل تجاريّ دون أذن خطّيّ من المؤلف »

 ولا يسمح بنقلها واستخدامها دون الإشارة إلى مصدرها.


صممت هذه الصفحة في 27/08/2008م

بريد الكتروني

موقع الشاعر صالح زيادنة