الغروب للشاعر سليمان العيسى

الغروب - لسليمان العيسى

كنا على شَفَةِ المحيطِ سُلافةً

حُلْمٌ يطيرُ بنا ،

وحُلْمٌ يقعدُ

ونَسِيتُ ما حولي ،

 ولو سَمََّرتني

بالصخرِ في شَفَةِ المحيطِ سأَشْرُدُ

              ***

هذي الهضابُ الزرقُ يَزْحَمُ بعضُها

بعضاً ، على أقدامِنا تَتَبَدَّدُ

هذي الهضابُ الزُّرْقُ زَخْرَفَ مَتْنَهَا

وَشْيٌ من الزَّبَدِ الغَضُوبِ يُعَرْبِدُ

يَفْنَى الخَيَالُ ،

وتَنْطَوِي آبَادُهُ

وتَظَلُّ تُغْنِي ذاتها ، وتُجَدِّدُ

         ***

لَمَّتْ ثُمَالاتِ الغُروبِ ، فخمرةٌ

نَفَدَتْ ،  وأُخرى في المَدَى مَا تَنْفَدُ

وانداحَ في عينِي رَحِيبٌ هائلٌ

غَرْثَـان ،

يَزْدَرِدُ الظنونَ ويُرْعِدُ

الهادِرُ الجبَّارُ

أَمْرُقُ وَمْضَةً

فيهِ ،  فأخلُدُ في مداه ، ويخلدُ

نِدَّانِ ، يا أمواجُ نحنُ ، قصيدةٌ

 عَطْشَى ، ولُجٌّ ثائرٌ متمرِّدُ

صُبِّي على عينَيَّ آخِرَ قَطْرَةٍ

في صدرِ عَوْسَجَةِ المغيبِ تَرَدَّدُ

حمراءُ عَوْسَجَةُ المغيبِ كأنَّها

 أُنشودةٌ في أضلعي تتوقَّدُ

حمراءُ .. تَلفظُ في المحيط ذَمَاءَهَا

لتقولَ :

إنِّي في خيالِكَ أَرْقُدُ

        ***

وتموتُ آخِرُ باقةٍ

 مخضوبةٍ بدَمِ النهارْ

وأَظَلُّ عَبْرَ الموجِ لحناً

كالمحيطِ ، بلا قَرَارْ

الهادرانِ بمسمَعِي

عاشا مَعِي .. أبداً مَعِي

صوتُ الظَّمَاءِ إلى الحياةِ ،

أخوكَ يا صوتَ العُبَابْ

هيهاتَ .. يُخْفِيهِ الغُروبُ الحُلْوُ

يا عينَ الذئابْ !

---------------

* عين ذئاب - أو عين الذئاب – بقعة ساحرة على شاطيء المحيط في الدار البيضاء بالمغرب .


بريد الكتروني

موقع الشاعر صالح زيادنة

عودة