باب في الدين والديانة - من الأمثال البدوية - صالح زيادنة

باب في الدين والديانة


يعتزّ البدويّ بعروبته ، وبانتمائه لوطنه العربيّ الكبير ، ويعتزّ كذلك بعراقة أصله التي تنبع من الصحراء مهد الحضارة البشرية جمعاء وكأنه لم يبتعد بعد عن جذور الشجرة  الأم ، وهو شديد التمسّك بإسلامه وبدينه الحنيف ، يؤدي واجباته الدينية كما يجب ، من صلاةٍ وصيام وزكاة وحج إلى بيت الله الحرام ونراه يقول :  

   ◊   الدنيا ما بتغني عن الآخرة

أي أن أعمالنا في الدنيا وشؤون حياتنا المختلفة لا  تُغني عن وجود الآخرة والتي يجب أن نعمل لها في حياتنا ودنيانا ونؤدي كل ما فرض علينا من العبادات ، إضافة إلى أعمال الخير والبر والإحسان .

       

  أما قليل الدين ضعيف الإيمان الذي لا يخشى الله في أعماله وتصرفاته ، ويظلم الناس ويؤذيهم ويسبب لهم الضرر ، أو من يسرق أغراضهم وممتلكاتهم ، فهو عرضة لغضب الله وسخطه عليه ، ويقولون في مثل هذه المناسبة .

   ◊   اللي ما بيخاف من الله خاف منه وخاف عليه

أي أنّ الذي لا يخشى الله في أعماله وتصرفاته ، يُخشى جانبه فيما لو وقع أحد الأشخاص بين يديه لأنّ قلبه لا يعرف الرأفة والرحمة ، ويُخشى عليه أن ينزل به غضب الله وسخطه في أي لحظة ، نتيجة لأعماله السيئة وإيذائه للآخرين .

   ◊   عمله بيقعد  له

أي أنّ أفعاله السيئة وظلمه للناس ، وكل أعمال السوء التي يقوم بها ، فهي سوف تنتظره في المستقبل ، وسيلاقي سوء العاقبة جزاءً لأعماله هذه .

   ◊   دار الظالمين خراب

أي أنّ الذين يظلمون الناس فان الله سبحانه وتعالى سينتقم منهم ويقتصّ لمن ظلموهم منهم ، وسينالون جزاء أعمالهم وظلمهم للناس ، وستخرب بيوتهم مثلما خربوا بيوت غيرهم .

   ◊   بيت النتّاش ما بيعلاش

أي أنّ بيت اللص والخائن الذي يعتمد في حياته على النهب والسلب وسرقة أموال الناس وممتلكاتهم ، يظل حقيراً كما هو ، لا يعلو ولا يعمّه العمران ، لأن السارق لا يوفّر مما يسرقه ، بل ربما لا يكاد يسدّ رمقه ، إضافة إلى أن المال المسروق لا تصيبه البركة ، بل سرعان ما يفنى ويضيع ، ويبقى السارق على فقره وإدقاعه .

   ◊   مال جابته الأرياح تاخذه الزوابع

أي أنّ المال الذي يُكسب بسهولة ، وبالطرق الغير مشروعة ، ولا يتعب صاحبه في جمعه وتوفيره ، فهو سرعان ما يفنى ويزول ، وتفتح له أبواب التبذير فيضيع بسرعة ، مثلما جاء بسرعة وسهولة . 

   ◊   يا ويل الماسي ويا ويل جاره

يا ويل الذي يعمل السوء ويا ويل جاره ، لأن من يقوم بأعمال السوء قد يصيبه الأذى والضرر ، وقد يصيب جاره بعض هذا الأذى لقربه منه ،  فيكون ما أصاب الجار من المضرة نتيجة لجواره  لهذا الشخص الذي يقوم بأعمال السوء المختلفة .

والبدوي دائم التوكّل على الله في حياته ، وفي عمله من أجل رزقه ورزق عياله ، وأمثلتهم على ذلك كثيرة نذكر منها :

   ◊   الرزق على الله

أي أن الله هو المتكفّل بأرزاق الناس ، وسيأخذ كل واحدٍ منهم نصيبه ، ولا داعي للقلق المبالغ فيه من أجل رزق العيال. 

   ◊   رزقه أكثر من خَلْقِه

أي أن الأرزاق أكثر من العباد ، فالله كفيل برزق الناس جميعاً ، وسيجد كل منهم ما يكفيه ، ولا داعي لتخوفهم وقلقهم الزائد على ذلك . 

   ◊   الحيّ رزقه حيّ

أي أن الإنسان ما دام على قيد الحياة فان الله سبحانه وتعالى كفيل برزقه وإعالته .

   ◊   رزقة الناس من الناس ، ورزق الكل على الله

أي أن أرزاق الناس تكون عادة من بعضهم البعض ، حيث يبيعون ويشترون على بعض ، وحيث يعملون عند بعض فيأخذ كل منهم ثمرة أتعابه وأجرة عمله ، ورزق الجميع على الله سبحانه وتعالى الذي يتكفل برزق عباده ، ولا ينسى أحداً من فضله .

   ◊   يرزق الدود في الحجر الجلمود

أي أن الله كفيل برزق عباده ومخلوقاته ، فهو يرزق الدودة الصغيرة الموجودة في الحجر ، وعلينا ألا نقلق كثيراً من سوء الحالة المادية ، فالله كفيل برزقنا جميعاً ولا ينسى أحداً من فضله .

   ◊   الدكان جنب الدكان والرزق على الله

أي أن الأرزاق بيد الله سبحانه وتعالى وهو متوكل برزق الجميع ، والتيسير لهم بما يعتاشون منه ، ولو كانت الدكاكين متلاصقة فهو جل شأنه يبعث لكل منهم برزقه .

 

أما إذا وقع في ضيق من العيش ، أو إذا ألَمّت به كربة وضائقة مالية ، فلا يقلّل ذلك من إيمانه شيئاً ، ولا يزعزع ثقته  العميقة بالله وتوكّله عليه ونراه يقول :

   ◊   الشِدَّة ما هي مدّة

أي أن الشدّة وهي الكربة التي تحلّ بالإنسان في بعض الأوقات لا تطول مُدتها وسرعان ما تختفي ويحلّ الفَرَج مكانها ، وهذا يقال عادة لتعزية المرء ومواساته في شدته ، أي لا تقلق فإنَّ فَرَج الله قريب .

   ◊   اللي ناوي على الستر الله بيستره

أي أن من ينوي العيش بكرامة وبإستقامة ، دون أن يلجأ إلى الكسب الحرام ، فإن الله يستر حاله ويهيء له رزقه من حيث لا يحتسب .

   ◊   من مشى وجا ما خَيَّب الله له رجا

أي أنّ من يسعى في طلب الرزق من أجل إعالة عائلته وأبنائه بالرزق الحلال ، فان الله سبحانه كفيلٌ به وبرزقه ، وييسر له ما يعتاش منه ، ويفرج عليه ويزيل كربته  .

   ◊   ربّك  بيجيبها على أهون سبايب

أي أن الله سبحانه وتعالى يلهم المرء إلى ما فيه الخير ، ويدلّه على طريق الرشاد ، ويسهّل أمورة وييسر له من حيث لا يحتسب ، يقوله من يصعب عليه الحصول على بعض الأمور ، ثم لا يلبث أن تأتيه منقادة ميسرة دون أي مشقة أو عناء .

   ◊   الشكوى لغير الله مذلة

قد يتجرع البعض مُرّ الفاقة وقلة المال وقِصَر ذات اليد ، وقد يعانون من شدة الفاقة والعوز ويصبرون على ذلك صبر المؤمن الذي يرضى بمشيئة الله وحكمه ، وإذا سألهم أحد الناس عن حالهم يقولون له الشكوى لغير الله مذلة .   

وفي المرافق الحياتية الأخرى نراهم يقولون :

   ◊   اصرف ما في الجيب ياتيك  ما في الغيب

أي لا تبخل على عيالك واصرف عليهم وانفق عليهم مما أعطاك الله ، فإن الله سبحانه وتعالى كفيل برزقك ورزقهم لأنه لا ينسى من فضله أحداً .

   ◊   خُذ من عبد الله واتّكل على الله

يقال عندما يذهب أحدهم لأحد المُشَعْوِذين ، أو لأحد الأطباء ، فإذا لم يثق به وشَكَّ في أمره وأمر علاجه ، فإذا سأله أحد عنه وعن علاجه يقول خذ من عبد الله واتكل على الله ، أي ان الله هو الذي يشفي وليس دواء أو وصفة هذا المشعوذ أو الطبيب .   

   ◊    الدين محور ما وراه مدَوّر

الدين هنا هو القَسَم وحلف اليمين ، ومن يحلف يميناً وهو كاذب فانه يكون عرضة لغضب الله سبحانه وتعالى ولشدة عقابه . والدين ( القسم ) من العادات التي يلجأ اليها القضاء العشائري لإنهاء بعض الخصومات ، وهو الوسيلة الأخيرة التي يلجأ اليها القضاء لأنهم يخشونه ولا يلجأون إليه إلا عند الضرورة القصوى .

   ◊   رضى الوالدين من رضى ربّ العالمين

إن رضى الوالدين وطاعتهما تعتبر من رضى الله وطاعته ، وعلى المرء أن يحترم والديه ويطيعهما ولا يعصيهما وأن يكون رؤوفاً بهما محسناً إليهما فهذا من رضى الله وطاعته ، وتقول الآية الكريمة في سورة الإسراء :"وقضى ربّك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ، إمّا يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما  " .

   ◊   العبد في التفكير والرب في التدبير

أي بينما يكون المرء يفكر في الأمر النازل به ، ولا يجد له مخرجاً منه ، يتولاه الله عز وجل بلطفه وتدبيره ، فيأتيه بالفرج من حيث لا يحتسب .

   ◊    الطَّمَع في الدين

أي أن الطمع لا يُحمد إلا في الدين ، أما في سواه من الأمور فهو مكروه وغير مرغوب فيه. 

   ◊   ما ظَلّ في العمر قد  ما مضى

أي أن العمر قد مضى أكثره ، وفي ما تبقى يجب أن نعمل صالحاً ، وأن نعطي الله حقّه في الصلاة والصوم والعبادة ، فإن الدنيا لا تغني عن الآخرة ، وعلينا أن نعمل لآخرتنا كما نعمل لدنيانا .

   ◊   من دَنَّتْ رحايله رَحَل

أي من حان أجله ، واقتربت نهايته ، فانه يموت ويرحل عن هذه الدنيا الفانية ، ولا يستأخر عن وقته شيئاً ، لأن هذه سنة الله في عباده .

   ◊   الحي ما بيرافق الميت

أي أن الحي لا يدفن مع الميت ، وبمجرد الإنتهاء من الجنازة فان الناس يعودون إلى حياتهم الطبيعية ، ومزاولة أعمالهم الإعتيادية  .

   ◊   الدنيا بتروح  خراريف

أي أن الإنسان يمضي وتبقى أعماله ونوادره والقصص التي كان يحكيها على ألسنة الناس ، يقال ذلك عندما يتذاكر الناس قصةً حدثت مع أحد معارفهم الذين أصبحوا في ذمة الله ، وكأنّ أعمال الإنسان أبقى منه وأخلد .

   ◊    العُمْر كله مدرسة

أي أن الإنسان يتعلم طيلة حياته ، ويكتشف دائماً أشياء جديدة وخبرة متجددة في رحلة عمره ، فالحياة أشبه بمدرسة يتعلم فيها الإنسان من تجاربه وتجارب غيره .

   ◊   العمر مُطراد فَرَس

أي أن العمر قصير ، كأنه مسافة سباق قصيرة سرعان ما تصل الفرس إلى نهايتها ، وعلى الإنسان أن يستغل هذه الفترة إن كان في إنجاب الأولاد أو في غيره قبل أن تداهمه الشيخوخة والكبر .

   ◊    اللي له عمر ما بتهينه  شِدّة

أي أنه ما دامت للإنسان بقية من العمر فانه يخرج سالماً معافى من الحوادث التي تُلمّ به ، ويخرج من كل مكروه دون أن يصيبه ضررٌ أو أذى  .


رجوع