يا أخي للشاعر عمر مطر

يا أخي - للشاعر عمر مطر

بعث لي الأستاذ صالح زيادنة رسالة قال فيها إنه اجتمع مع بعض أصدقائه في رهط يستمعون إلى شعري. فوالله لقد كان أولى أن أكون مستمعاً لا محدثاً في مثل هذه الصحبة الخيّرة. وقد أثرت مقالته هذه في نفسي عظيم الأثر. وترقرقت بسببها الدموع في عيني. فهي ما بين ذهولٍ وغبطة، تجود تارة وتعصي تارة. فكتبت هذه الكلمات.

بَــلَــغَـتْ خــواطــرُ صــاحـبـي iiمـيـنـائـي

وعـــرفــتُ فــيــهـا نــشــوةَ iiالــصـحـراءِ

فَهَمَمْتُ من طيب المعاني أنتشي

حـــتـــى الــثــمـالـةَ والـــفــراقُ iiعـــزائــي

وعــجـبـتُ مــــن قــــولٍ أتــانــي iiأنــنــي

أسْــمَــعـتُ رهـــطــاً حــيـرتـي iiوعــنـائـي

ولـــقـــد ظــنــنــتُ بــأنــنــي مــــــا iiقــلــتـه

إلاّ لــنــفـسـي فــــــي دجــــــىً iiوخـــفـــاءِ

فَـضَـحِـكْتُ حــتـى خـلـتني لا iiأحــزنُ

يــومــاً إذا نــــالَ الــفـنـا iiحــوبـائـي(1)

وبــكــيـت حـــتــى خــلـتـنـي لا iiأفــــرحُ

بـهلاك خـصمي فـي الـوغى iiوبـقائي

يـــــا قــلــبُ مــــا أبــكــاك بــعــد iiتــرنُّــمٍ

أهــــــــو الــــمــــدامُ وقــــلــــةُ iiالـــنـــدمــاءِ

أم أنّـــــه حـــــبُّ الــصــحـاري iiلابــنـهـا

وحـنـيـنـهـا مـــــن بـــعــد طــــولِ iiجــفــاءِ

والــحــقُ أنـــي لــسـتُ أعـــذلُ بـاكـيـاً

فــلـطـالـمـا شـــهـــد الـــظــلامُ iiبــكــائـي

لـــكـــنَّ حـــبّــي لــلـمـضـاربِ iiشــاقــنـي

وبـــكــاءُ قــلــبـي مــثـقـلٌ iiأعــبـائـي(2)

فـالـقـلب إن يـبـكـي عــلـى مـــا iiفــاتـهُ

فــعــنــاهُ بـــؤســـي والـــدمـــوع iiدمـــائــي

ولـــقــد أتـــانــي مَــــن أحــــبُّ iiوأكــبــرُ

بــمــقــالـةٍ هـــــــزَّت نـــجـــومَ ســمــائــي

بَـعَـثـتْ لـــيَ الـدنـيـا رســـولاً iiصـالـحـاً

عَــظُــمَ الــرســولُ وحــــقَّ فــيــهِ iiثـنـائـي

يــا صـاحـبي هــل لـي بـقولةِ يـا iiأخـي

فَــبِــكُــمْ وإن عـــــزَّ الـــرجــاءُ iiرجـــائــي

فـأنا أخـوكَ بحُكْمِ خمسٍ قد iiبَدَتْ

إلا لــــصــــاحـــبِ مــــقــــلـــةٍ iiعــــمـــيـــاءِ

أوَ لــيــسَ فـــي شـــرعِ الإلـــه iiشـريـعـةٌ

فَــرَضَـتْ عـلـيـكم نُـصـرتـي iiوإخـائـي

ديـــــنٌ حــنــيـفٌ عــــزَّ مــكــةَ إذ iiبــنــى

فــيــهـا أســـاســاً تـــحــتَ خـــيــرِ iiبــنــاءِ

وعــروبـةٌ مـــن نـسـلـها جــاء الـهـدى

فـــتـــبـــدَّلـــتْ ظُـــلُــمَــاتــهــا iiبــــضــــيـــاءِ

وبـــلادنـــا شَــمِــلَــتْ رُبـــاهــا iiقُــدسَــنـا

فَـــتــقَّــدسَــتْ وتـــجــمَّــلَــتْ iiبـــســـنــاءِ

وحـنـيـنُـنـا أبــــداً وإن طــــالَ iiالــمــدى

مـــثـــلُ الـــرمـــالِ يـــعـــودُ iiلــلــصـحـراءِ

ولــقــد رمــتـنـي فــــي طــريـقـك iiعَــبـرةٌ

أنـشـدتـها مـــن حـرقـتي iiوعـنـائي(3)

فَـسَـمِـعْتها و أتـيـتَ نـحـوي iiمُـصْـغياً

وأحـــــقَّ مـــــن قـــولــي أرى iiإصــغـائـي

وبــهــذه أتـمـمْـتَ خـمـسـاً يـــا iiأخـــي

فَـــتـــمــامُــهُــنَّ أخــــــــــــوَّةُ iiالــــشــــعـــراءِ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحوباء: هي الروح.

(2) المضارب: هي بيوت الشَعَر.

(3) العَبرة: هي الدمعة أو الحزن والمقصود بها قصيدة مأدبا التي أنشدتها من حزني ولوعتي.

عمر المطر، تشارلستون - الولايات المتحدة في 23/5/1998م.

......................................

(*) وهذه قصيدة للشاعر الأردني الكبير عمر المطر، وهو من مأدبا ويقيم في الولايات المتحدة الأمريكية. المقدمة والشروحات التي في نهاية القصيدة كتبها الشاعر نفسه.