الشيخوخة - لصالح زيادنة

الشيخوخة

بقلم: صالح زيادنة


 

ويتقدّم العمر، ويضرب الوهنُ أطنابَه، فيسير الإنسان سيراً بطيئاً متثاقلاً، يسير الإنسانُ وخلفه سِجِّلٌ حافلٌ من الأعمال التي يتذكَّرها، ويهضمها ويحاول أن يعيشها، ولكنه يقصُر دونها، وتقصُرُ همّتُـهُ الواهيةُ بعد أن أثقلت السنونُ أطرافه، ورَضَّتِ الحياةُ عظامه.

ما زال قلبُه شاباً من حيث الإحساس، من حيث الشعور، ولكنه من حيث الصحة ضعيفٌ واهٍ يكاد يتوقّف عن النبض، يتمنى أن يعود الزمان، زمان القوة والشباب والفُتُوَّة، ولكنه لم يَعُد لغيره فهل يعود إليه؟ هيهات هيهات؟!.

ينظر إلى الدنيا حوله فإذا بها ليست الدنيا التي عرفها، والتي كانت تأتيه طائعة منقادة، فما بالها اليوم تنأى عنه وتبتعد، وتُحجم عنها كلما طلبها أو حاول التودد إليها.

 ها هم الناس ينظرون إليه نظرة رحمةٍ وإشفاق، نظرة ملؤها الرحمة والعطف لهذا الضعيف الذي لا تكاد تحمله قدماه، والذي ترتجف يداه وهو يحمل عكازته أو يده الثالثة كما يسميها ليستند عليها خشية الوقوع فيُعرّض نفسه لمزيد من الآلام والأوجاع.

 وعندما ينظر إلى نفسه وإلى ماضيه العريق يقف وقفة المتسائل ويسأل نفسه: ماذا تبقى؟ فلا يجد بجانبه إلا كيساً من النايلون يحمل أدويته المتنوعة التي يُسَكّنُ بها أعاصير مرضه وزوابع أوجاعه وآلام روحه.

 هذا هو الإنسان في صورته الأخيرة وفي مرحلة ضعفه وعجزه، فهل تستحق الدنيا أن نلهث وراءها مذعورين، وأن نستجدي عطفها في كلّ حينٍ وحين.

* * *

                                                                   رهط في : ‏20/ 8 / 2005

- مستوحاة من منظر شيخ يحمل كيس أدويته ويصعد بخطى ثقيلة على الدرجات الطويلة لعيادة المرضى.