قصيدة أخشى عليك للشاعر صالح زيادنة

أخشى عليكَ من الكتابةَ يا أبي

شعر: صالح زيادنة

 

وتقولُ لي بنتي الصغيرةُ..

أَخْشَى عليكَ من الكتابةِ يا أبي.

أَخْشَى عليكْ..

عيناكَ شاحبتانِ   

كالحزنِ العميقِ بمقلتيك

عيناكَ جمرتانِ .. هل تُبصرهما

أم قد سهوتَ

وصرتَ تنسى ناظِرَيْك

أَخْشَى عليك..

يخبو بعينيك البريق

وتصير تبحثُ في ليالي العُمْرِ

عن نُورِ الطريق

أَخْشَى عليك..

من المحابرِ والدفاترِ والكتب.

وأرى يديكَ تصلَّبتْ

وغَدَتْ كعيدانِ الحَطَب.

ماذا ستجني يا أبي..

من هذه الكلمات

تَرْصُفُها ... تُوَشِّيها

وتكسوها ثياباً من ذَهَب

والناسُ أبعد ما تكونُ

عن القراءة والصحائفِ والكُتُب

الناس جَوْعَى يا أبي

والكلُّ يلهثُ خلفَ غاياتِ الوَصَب

جَوْعَى تُفتِّش عن رغيفِ الخُبْز

في عصرِ المشقَّةِ والتفاهةِ والتعب

وهل سيقرأُ يا أبي..

شَعْبٌ يُعاني من سَغَب

الناس ترزحُ يا أبي

تحت نيرِ الظُّلمِ

والقهرِ المعاصرِ والكَمَد

وشقاؤهم تجنيه

سُلْطَاتُ الضرائب والجباية والبلد

الله أكبرُ يا أبي

كم يُعاني الناسُ في هذا البلد

انظر إليهم والشقاءُ يلفّهم

وعلى غُضُونِ جباههم

نَفَدَ التَجَّمُلُ والجَلَد

* * * *

وتعود تكتبُ يا أبي

عن الفضيلةِ والمحبّةِ..

والطهارةِ والجمال

 وهي أبعدُ ما تكونُ عن الحقيقةِ

وهي أدنى ما تكونُ من الخيال

فدعِ الكتابة يا أبي

قبل أن ترميك في ذلّ السؤال

قبل أن ترميك في ذلّ السؤال

* * *

رهط في: ‏29‏/03‏/2011

 

 

 ---------------

نشرت في صحيفة الحدث بتاريخ الأربعاء 30/03/2011، العدد (180).

 

  جـميع الحقـوق مـحفوظـة

« لا يسمح باستخدام هذه المادة بشكل تجاريّ دون أذن خطّيّ من المؤلف »

 ولا يسمح بنقلها واستخدامها دون الإشارة إلى مصدرها.


رجوع