ذاكرة النقب لصالح زيادنة

ذاكرة النقب

بقلم: صالح زيادنة

زبالة:

منطقة زبالة هي المنطقة الواقعة بين وادي الخَزَّان جنوباً ومنطقة ضحيّة شمالاً، وكانت تُسمَّى في العهد التركي بهذا الاسم، وورد اسْمُها في الوثائق التركية التي كانت في بداية القرن الفائت، وكذلك في الوثائق الرسمية من عهد الانتداب البريطاني.

ويذكر مصطفى مراد الدبّاغ سبب تسميتها بهذا الاسم فيقول: "زُبَالة بضم أوله كلمة عربية معناها القليل من الماء، فيقال ما في البئر زُبالة(1)"، ويضيف في مكان آخر نقلاً عن الوقائع الفلسطينية: "بأنها "ترتفع (235) متراً عن سطح البحر، وكانت تقوم عليها بلدة (سوبيلا - Sobila) الرومانية، وتحتوي هذه الخربة على بقايا جدران وصهاريج ومعصرة وقطع معمارية وبئر ومغر" (2).

وقد حدّدَ د. شكري عَرَّاف في كتابه "المواقع الفلسطينية بين عهدين - خريطتين" موقع خربة زبالة بالأحداثيات التالية: 1259.0914"(3).

وتقع بقايا رسوم خربة زبالة ضمن حدود مستعمرة شوفال التي أقيمت بتاريخ 6/10/1946.

ويبدو أن منطقة سوبيلا كانت تحتلّ مركزاً مرموقاً في العهد البيزنطي، فقد ذكر اسمها في خارطة الفسيفساء في مدينة مادبا، وقد أنشئت تلك الخارطة في العام 560 م، وتم اكتشافها في أواخر القرن التاسع عشر. وتشير الخارطة إلى برجين وأبنية أخرى في المكان.

ويبدو أن منطقة زبالة كانت أوسع كثيراً مما نتصوّر، فما بقايا "رجيم الذيب" الواقعة إلى الشرق من رهط إلا من بقايا بنيانها، وكذلك المغر المقابلة لها التي على حافة وادي الخزّان، والآبار الكثيرة التي تنتشر حولها، وهناك بقايا أساساتٍ لقصرٍ كبيرٍ ما زالت موجودة أعلى المغارة، وإلى الشمال منها بقايا طريق مرصوفة يبدو أنها كانت ممراً للعربات، وقد وجدنا صغاراً عدداً من العملات التي تعود لذلك العهد وكان بعضها فضياً وآخر زجاجياً يضرب لونه بين الأخضر والأصفر.

أما معصرة الزيت المذكورة فقد كانت حجارتها موجودة، وهي عبارة عن حجرين كبيرين مثقوبين كنا نسميهما "الخَرَزَات"، وقد نقلهما بعض السكان ووضعهما في ساحة بيته للزينة.

ورأى بعض الأخوة المعاصرين أن اسم زبالة غير ملائم، لأنه ينطوي على معنى غير لائق للمنطقة، فأطلق عليها البعض اسم "زوبالة"، والبعض الآخر سمّاها "سوبالة"، ولكن الحقيقة أن اسمها زبالة ويلفظونها "زْبَالِة"، هذا هو اسمها الذي كان يطلق عليها في السابق، ولا حاجة لتحريف التاريخ مهما كانت الأسباب.

أم نميلة:

تقع قرية أم نميلة إلى الشمال من مدينة رهط، وتبعد عنها مسافة 3 كم تقريباً.

وقد سُميت بهذا الاسم نسبة إلى أحد سفوحها الذي يطلّ على وادي الصَّفَا وتكثر فيه بيوت النمل بشكل ملفت للنظر مما جعل أهل المنطقة يطلقون عليها اسم "أم نْمِيلِة".

يحدّ القرية من جهة الشرق والجنوب وادي الصَّفَا، ومن جهة الغرب منطقة زبالة، ومن الشمال ضحيّة، وتقدّر مساحة أراضيها بحوالي 4 آلاف دونم.

تسكن في قرية أم نميلة منذ القدم عائلة الزيادنة، حيث تسكن مجموعة منهم في الجهة الغربية منها، وهم عيال محسن، أما في الجهة الشرقية فتسكن مجموعة أخرى منهم تُدعى عيال حسين.

يبلغ عدد سكان أم نميلة حوالي 700 نسمة، منهم أطباء ومحامون ومعلمون ومدراء مدارس، ونسبة التعليم عندهم عالية جداً.

يوجد في أم نميلة مسجدان صغيران، مسجد الظاهر في الجهة الغربية، ومسجد الفاروق في الجهة الشرقية.

أما في وسط أم نميلة فيوجد المكان الذي تكثر فيه بيوت النمل، وهو منطقة أثرية أو كِفْرِيّة كما يُعبّر سكان المكان قديمة العهد لم يبقَ منها إلا بعض قطع الفخار والحجارة السوداء التي تدلّ على أنه كان هناك مصنع للفخار. وربما كانت جزءاً من منطقة زبالة العامرة في العهد البيزنطي.

يمر من القسم الغربي من أم نميلة واد متوسط العمق يبدأ من شرقي منطقة ضحية ويصبّ في وادي الصفا، أما في جنوبها فيمرّ وادي الصَّفَا وهو وادٍ كبير تسيل فيه مياه الأمطار وتصبّ في الجزء الغربي من وادي الخزّان.     

قرية أم نميلة مربوطة بالمياه القطرية، والجزء الغربي منها مربوط بشبكة الكهرباء القطرية، أما في الجهة الشرقية فنصف السكان مددوا لأنفسهم كهرباء قطرية، بينما ظل القسم الآخر يستعمل المولدات الكهربائية في ساعات الليل فقط.

يعتمد سكان أم نميلة في معيشتهم على تربية المواشي والفلاحة والتجارة والصناعة، ويوجد لدى عدد منهم مصانع ومحلات تجارية ومطاحن للحبوب والعلف.

أماكن أخرى من مناطق النقب سنتطرق لها بإسهاب في مقالات قادمة بعون الله تعالى.

المصادر:

1. بلادنا فلسطين: مصطفى مراد الدباغ، الجزء الثاني، لا يوجد عليه تاريخ.

2. المواقع الفلسطينية بين عهدين - خريطتين:  د. شكري عراف، مطبعة الشرق العربية - القدس (شعفاط) 1992.

 

(1) - بلادنا فلسطين، ص 441.

(2) - الوقائع الفلسطينية 1553، (بلادنا فلسطين، ص 450-451).

(3) - المواقع الفلسطينية بين عهدين – خريطتين، ص 106.

 

qqq
 

---------------

نشرت في صحيفة الحدث بتاريخ ‏الأربعاء‏، 12‏ أيار‏، 2010، العدد (136).

 

  جـميع الحقـوق مـحفوظـة

« لا يسمح باستخدام هذه المادة بشكل تجاريّ دون أذن خطّيّ من المؤلف »

 ولا يسمح بنقلها واستخدامها دون الإشارة إلى مصدرها.


صممت هذه الصفحة في 02/06/2010م

بريد الكتروني

موقع الشاعر صالح زيادنة

رجوع