عبارات الوقت والزمان في التراث الشعبي لصالح زيادنة

عبارات الوقت والزمان في التراث الشعبي

بقلم: صالح زيادنة

السباحة في بحر التراث تحتاجُ إلى صبرٍ وأناة، وإلى علمٍ ومعرفة، واستمرارٍ ومثابرة، فالمواضيع التي يمكن الغوص فيها كثيرةٌ وشيقة، ولكن كيف يمكن أن نجمعَ أطرافها، ونلملم كلَّ ما يتعلّق بها، حتى نكوّن منها مادةً مترابطة متراصة تجمعها وحدة الموضوع والمعنى، فهذا هو ما يحتاج منا للصبر والمثابرة معاً، وقد جمعتُ في هذا البحث المتواضع بعض المصطلحات والجمل التي تتعلّق بالوقت والزمن، سواء كان ذلك ماضياً أو حاضراً أو مستقبلاً، مع إبقاء المجال مفتوحاً لمن يريد أن يَلِجَ هذا الباب أو يُدلي بدلوه فيه، ونذكر منها:
زمَان:
وهي كلمة تدلّ على أكثر من معنى، وتعني: منذ زمنٍ بعيد، أو قبل وقتٍ طويل، ومنذ زمن، وفي فترة سابقة. وقد يُقصد بها حدوث الفعل قبل سنوات طويلة، دون تحديد الفترة الزمنية التي حدث فيها الفعل؛ فإذا سألت أحدهم: متى عملتم هذا الشيء؟، يجيبك أحياناً بقوله: زمان؛ أي منذ زمنٍ بعيد. وهذا يدلّ على حدوث الفعل في وقت بعيد، دون تحديد الفترة الزمنية التي حدث بها، ولكننا نفهم منها أنّ حدوث الفعل كان قبل وقتٍ طويل.
وكثيراً ما يمدّون الألف في كلمة زمان للدلالة على بُعد المسافة الزمنية وطول الوقت، أو يكرّرون الكلمة فيقولون: "زمان زمان" للتوكيد على طول الفترة وبُعدها.
وقد تحملُ كلمة "زمان" معنى أقرب لحدوث الفعل كأن نقول لأحدهم: "زمان ما شفناك"، أو "زمان ما جيت علينا"، أي لم نشاهدك منذ مدة، ولم تأتِ لزيارتنا منذ فترة، ومثل هذه العبارات التي تدلّ على مثل هذه الأشياء.

عَامَ الأوّل:
يلفظونها "عَمَلَوَّل"، وتعني في عامٍ سابق، أو منذ عدةِ أعوام، وأصلها: في العام الأول (الذي سبق عامنا هذا)، ولكن معناها يتعدّى أحياناً أحداثَ عامٍ سابق إلى أعوامٍ أخرى تصل إلى عدّة سنوات. وسمعت بعضهم يمدّ الواو في عام الأوّل ويمطّها مطّاً طويلاً وكأنه بذلك يُعبّر عن بُعد الفترة التي حدثَ بها الفعل.
العَامّ:
تعني: في العام الماضي، ومعناها يقتصرُ على حدوث الفعل في العام المنصرم لا يتعداه.
هالسنة:
في هذه السنة، خلال هذا العام. ومعناها أيضاً يقتصر على حدوث الفعل في هذا العام الحالي ولا يتعدى ذلك.
مِنْ عَاش:
وتعني حدوث الفعل في العام القادم، ومعناها: إن عشنا حتى العام القادم، إن ظلّ في العمر بقية حتى العام القادم، أو كتعبير ألف ليلة وليلة: إن عشنا وأبقانا الملك، يقولون: "من عاش إن شاء الله وِدنا نجوّز الولد". أو مثل هذه العبارات التي تدلّ على نيّة عمل الشيء في عامٍ قادم.
اللي بيظلّ طيّب:
طيّب: حيّ، واللي بيظلّ طيّب: من يبقى حيّاً حتى العام القادم، وهي بنفس معنى جملة "من عاش" التي ذكرناها سابقاً.
البَارِح ومشتقاتها:
تعني: البارحة، واليوم الفائت الذي مرّ وانقضى، وعندما نقول البارح نعني حدثاً حدثَ بالأمس، وفي اليوم السابق تحديداً. أما "اللي قبل البَارِح" فتعني: أوّل أمس، في اليوم الذي سبق اليوم الفائت.
أَمْس:
نفس معنى كلمة "البارح".
أَوّل أمْس:
تُلفظ "أَوَلَمْس"؛ وهي تعني أوّل أمس، واليوم الذي قبل البارحة، وقد يتعدّى معناها حدوث الفعل في يومٍ سابق، ليصل إلى حدوثه في الأيام القليلة الماضية، وكثيراً ما يستعملون هذه الكلمة بصيغة الجمع فيقولون "أَوَلَمْسَات" لتدلَّ على حدوث الفعل قبل عدة أيام.
لِيَّامَات:
أي في تلك الأيام، ويقصد بها تلك الأيام السابقة التي قد تصل إلى عدة أسابيع، وهي بذلك أبعد معنى من أول أمس التي ينحصر معناها في أيامٍ قليلةٍ ماضية.
بُكْرَة ومشتقاتها:
غداً، في اليوم التالي، في مستقبل الأيام، ومن أغانيهم في "العتابا":

بُكْرَة تموت يا محمّد العابـد .... وبعدك ميـن يغنّـي في عتابـا

أما "بَاكِر"، فهي بنفس معنى كلمة "بُكْرَة"، أما "بعد بَاكِر" فتعني: بعد غد.
القابلة:
تعني: الليلة المقبلة، في قابل الأيام، يقولون: "تعالوا علينا القابلة": أي في الليلة القادمة.
هالحين:
الآن. في هذا الوقت والحين. بعد لحظات.
بعدين:
فيما بعد، بعد ذلك. يقولون: "تعال بعدين": تعال بعد ذلك. في مرة قادمة.
قبيلان:
أصلها قبل الآن، وتعني: قبل قليل. وقد سمعت أحدهم يسأل آخر ويقول له: هل رأيت فلاناً؟ فيجيبه الأول: قبيلان مرّ من هنا؛ أي مَرَّ من هنا قبل لحظات.
أَتَوّ:
قبل قليل. للتَوّ. ولها اشتقاقات مختلفة منها: من تُوّة ما جا فلان: من لحظة ما جاء. وكذلك يقولون: "من تِوّة ما صار معه الحادث وهو تعبان". أو مثل هذه الجمل التي تعني من فترة، أو منذ أن.
دِيمة ديمة:
تعني: عادةً، غالباً ما. وقد سمعت أحدهم يقول: "ديمة ديمة الدنيا بتمطر في شهر عشرة"؛ أي أنها كثيراً ما تمطر في هذا الشهر.
قد ساعة:
تعني: في قابل الأيام، بعد حين، وقد رأيت زوجتي يوماُ ترتّب بعض الملابس التي لا نستعملها وتضعها في الرفّ العلوي من الخزانة، فقلت لها: ما الذي تفعليه في هذه الملابس؟، فقالت: أرفعها الآن، قد ساعة بنحتاجهن.
حِتن:
تعني: منذ، منذ أن، يقولون: "من حِتن ما تزوج فلان وهو في مشاكل مع امرأته"، ومثل هذه العبارات التي تعني منذ أن حدث الفعل وحتى اليوم.
إسَّاع:
أصلها: لهذه الساعة، وتعني حتى الآن . إلى هذه الساعة، يقولون: إسّاع ما عملت هذا الشيء: أي لم أعمله بعد.
مع فَجّة العَلاَم:
تعني: منذ الساعات الأولى من الفجر، يقولون: "سرينا للسوق مع فجة العلام"، أي منذ أن تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.
مع ظبّة الرمَاس:
تعني: مع حلول الظلام. مع أول الليل، يقولون: "رحلوا مع ظبة الرمَاس"؛ أي ارتحلوا مع أول الليل.
وهناك العصيري، والمغيرب والتي تعني في ساعات العصر أو المغرب، وقد يدخل حرف الجر "مِنْ" على هذه الظروف الزمنية فيكون لها بمعنى "منذ"، فنقول: من ساعة، ومن ليلة، ومن حينة وغيرها من تلك العبارات.
ونكتفي بهذا القدر لضيق المجال، ومن يرى أن لديه ما يضيفه فليفعل وأجره على الله.
 

qqq
 

---------------

نشرت في صحيفة الحدث بتاريخ ‏الأربعاء‏، 07‏ نيسان‏، 2010، العدد (131).

 

  جـميع الحقـوق مـحفوظـة

« لا يسمح باستخدام هذه المادة بشكل تجاريّ دون أذن خطّيّ من المؤلف »

 ولا يسمح بنقلها واستخدامها دون الإشارة إلى مصدرها.


صممت هذه الصفحة في 01/06/2010م

بريد الكتروني

موقع الشاعر صالح زيادنة

رجوع