شوق وحنين*

شعر:ربيع السعيد عبد الحليم

 

"أَمُنَى الرَّبِيعِ" بُنَيَّتِي وَحَبِيبَتِــي     أَشْكُو لِرَبِّي لَوْعَتِـي فِي غُرْبَتِـي

رَمَضَانُ مَرَّ وَآَخَرٌ فِي إِثْـــرِهِ      مَا زُرْتُ طَيْبَةَ أَوْ حَظِيتُ بِعُمْرَتِي

مَا كَــانَ عَامٌ يَنْقَضِي مِنْ دُوْنِهَا    تُجْلِي شُجُونَ القَلْبِ تَصْقِلُ مُهْجَتِي

رَبَّاهُ كَمْ أَسْعَدْتَنِي فِيمَا مَضَــى     بِجِوَارِ بَيْتِكَ حَيْثُ أَصْحَبُ أُسْرَتِي

وَالآَنَ شِئْتَ تَحَوُّلاً أَرْضَى بِــهِ     حَتَّى وَلَوْ عَصَفَ الرِّضَاءُ بِرَغْبَتِي

رَبَّاهُ، أَنْتَ تُحِيطُ عِلْمـاً بِالَّذِي       قَدْ غَابَ عَنْ فَهْمِي كَذَا عَنْ رُؤْيَتِي

وَلَرُبَّمَا يَرْجُو الفَتَى أَمْراً لَــهُ        فَإِذَا أَتَاهُ ذَاقَ مُرَّ الحَسْــــرَةِ

وَلَرُبَّمَا ضَاقَ الفَتَى ذَرْعاً لِخَطْبٍ      سَاءَهُ وَهُوَ السَّبِيـلُ لِعِــــزَّةِ

وَلَقَدْ رَضِينَـا بِالقَضَاءِ وَحُكْمِهِ       وَظَفِرْتُ فِي طَيَّاتِــهِ بِسَعَادَتِـي

وَإِذَا الشُّجُونُ تَحَرَّكَتْ وَتَفَاقَمَتْ      وَإِذَا الفِرَاقُ أَثَــارَ نَارَ حَفِيظَتِي

أَسْرَعْتُ أَذْكُرُ وَاحِداً أَحَداً رَحِيماً     قَادِراً فَتَـزُولُ عَنِّي غُمَّتِـــِي

وَيَفِرُّ شَيْطَانِي وَقَدْ أَجْلاهُ نُـورٌ       سَاطِــعٌ مُتَلأْلِئٌ بِبَصِيــرَتِي

وَأَرَى بِنُـورِ اللهِ عَلْماً نَافِعــاً      قُدُماً أَسِيـرُ فَلا تَضِلُّ قَرِيحَتِـي

وَاليَأْسُ لَمْ يَنْفَذْ إِلَى رُوحِي، كَذَا      شَيْطَانُ "لَوْ" مَامَسَّ حِصْنَ عَقِيْدَتِي

إِنِّي؛ وَإِنْ أُبْعِدْتُ عَنْ أُمِّ القُرَى        فَالكَعْبَـةُ الغَرَّاءُ دَوْمـاً وِجْهَتِي

إِنِّي؛ وَإِنْ حُرِمَتْ خُطَايَ مَطَافَهَا      فَمَدَارُ أَوْقَاتِي حَوَالَيْ قِبْلَتِــي

إِنِّي؛ وَإِنْ وَدَّعْتُ طَيْبَةَ مُكْـرَهاً       فَتَشَهُّدِي عِنْدَ الصَّلاةِ كَرَوْضَتِي

وَمَلائِكٌ تُزْجِي السَّلامَ إِلَى الرَّسُولِ   المُصْطَفَى نُورِ الفُؤَادِ وَقُدْوَتِـي

إِنِّي وَإِنْ أُبْعِدْتُمُو عَنْ نَاظِرِي           قَلْبِي يَرَاكُمْ دَائِماً فِي يَقْظَتِـي

وَحَدِيثُ رُوحِيَ قَدْ سَرَى فِي سَمْعِكُمْ        عَبْرَ الأَثِيرِ فَمَا أُحِسُّ بِوَحْشَةِ

وَكَأَنَّمَا أَنْتُمْ مَعِي فِي جَلْسَتِي          تَتَسَامَرُونَ وَتَذْهَبُونَ بِوَحْدَتِي

حُلْوُ الحَدِيثِ نِدَاؤُهُ بِمَسَامِعِي          أَرَبِيعَنَا!، أَبَتَاهُ!،  إِيهِ أَحِبَّتِـي!

وَبِذِكْرِ رَبِّي كَمْ يَطِيبُ، بِظَهْرِ غَيْبٍ،جَمْعُنَا فَيُنِيرُ ذَاكَ سَرِيرَتِــي

إِنِّي؛ وَإِنْ أُبْعِدْتُ عَنْكُمْ صُورَةً                فَالرُّوحُ مُولَعَةٌ بِكُمْ يَاعِتْرَتِـي

إِنِّي؛ وَإِنْ خَلَّفْتُكُمْ فِي غُرْبَـةٍ         فَاللهُ رَبِّي،  فِيكُـمُ، لَخَلِيفَتِي

يَحْنُو عَلَيْنَا كُلَّمَا ضَاقَتْ بِنَـا         هُوَ حَسْبُنَا وَإِلَيْهِ أَمْرُ وِلايَتِـي

يَرْعَاكُمُ، يَهْدِي بِكُمْ أَتْرَابَكُمْ          مِنْ فَضْلِهِ سَيُجِيبُ خَالِصَ دَعْوَتِي

وَسَلامُهُ ،مِسْكُ الخِتَامِ، بِهِ الأمَانُ      لِجَمْعِكُمْ، وَإِلَى اللِّقَاءِ بُنَيَّتِــي

 

Back To Contents