New Page 1

مناظرة إبراهيم مع الملك الجبار النمرود

 

 

أقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام الحجة على قومه بعد أن حطم أصنامهم، فاغتاظوا منه وأحضروه أمام ملكهم المرود وأشراف قومه، فأخذ النمرود ينكر على إبراهيم دعوته إلى دين الإسلام وأن الله تعالى هو رب العالمين لا رب سواه، وأخذ يدعي عنادًا وتكبرًا أنه هو الإله وقال لإبراهيم: أخبرني الذي تعبده وتدعو إلى عبادته ما هو، فقال إبراهيم عليه السلام: وبين له أن الله تعالى هو خالق كل شىء، واستدل على وجود الخالق بحدوث هذه المشاهدات من إحياء الحيوانات وإماتتها، وأنه لا بد لهذه الكواكب والرياح والسحاب والمطر من خالق مسخر لها ومدبر، فقال النمرود الجبار المستكبر: أنا أ ُحيي وأميت أي أنا أحيي من أشاء بالعفو عنه بعد أن يكون صدر الحكم عليه بالقتل فينعم بالحياة، وأنا أمبيت من أشاء بأمري وأقضي عليه بحكمي، وقال: ءاخذ رجلين قد استوجبا القتل فأقتل أحدهما فأكون قد أمته وأعفو عن الآخر فأكون قد أحييته.

ظن نمرود بمقالته هذه البعيدة عن الحقيقة أنه على صواب وأراد المراوغة والاستكبار والعناد، فأراد إبراهيم عليه السلام أن يفحمه بالحجة القوية ويضيق عليه الخناق ويظهر له جهله وسخف عقله أمام قومه، فأعطاه دليلا قويا على أن الله تعالى هو الخالق المدبر لهذا العالم، وأن ما ادعاه عنادًا واستكبارًا باطل فقال له: أي أن هذه الشمس مسخرة كل يوم تطلع من المشرق كما سخرها الله الذي هو خالقها وخالق كل شىء، فإن كنت كما زعمت باطلا أنك تحيي وتميت فأت بهذه الشمس من المغرب، فإن الذي يحيي ويميت هو الذي يفعل ما يشاء ولا يمانع ولا يُغالب، وأمام هذه الحجة الساطعة وقف نمرود مبهوتا مبغوتا أمام قومه، قال الله تعالى في كتابه العزيز: .  

وأمام عناد واستكبار هذا الملك الطاغية واستمراره على غيّه وضلاله، يقال: إن الله بعث إلى ذلك الملك العنيد ملكًا يأمره بالإيمان بالله والدخول في دين الإسلام، فأبى عليه ثم دعاه ثانية فأبى عليه ثم دعاه الثالثة فأبى عليه وقال له: اجمع جموعك وأجمع جموعي، فجمع النرود جيشه وجنوده وقت طلوع الشمس وأرسل الله عليه ذبابًا من البعوض بحيث لم يروا عين الشمس وسلط الله هذه الحشرات عليهم فأكلت لحومهم ودماءهم وتركتهم عظاما، ودخلت ذبابة في منخر النمرود فمكثت فيه أربعمائة سنة عذبه الله بها فكان يضرب رأسه بالمرزاب في هذه المدة كلها حتى أهلكه الله عزوجل بها.