مكارم الأخلاق

مكارم الأخلاق وحاتم الطائي

الموضوع :

حاتم الطائي شاعر جاهلي معروف من أهل نجد ، فارس جوّاد من قبيلة طيئ مَضْرَب المثل في الجود والكرم كان رئيساً مطاعاً في قومه وشريفاً مقصوداً من معاصريه وسيداً مهاباً من ملوك عصره وأجداده جميعاً سادة نجباء تزوج ماوية بنت حجر الغسانية والنوار ثرملة البحترية ، له ديوان واحد من الشعر ويكنى أبا سَفَّانة ، وأبا عدى .
كان بحراً يفيض عطاؤه ، ولا يغيض سخاؤه
(أي لا ينقطع كرمه) ، لا يظمأ وارده ، ولا يمنع سائله ، وكان لا ينتظر السائل حتى يأتيه فحين يشتد القحط ويعز القِرَى في كلب الشتاء وتعصف الريح الباردة بأطناب (حبال) الخيام ويزيد البرد من شعور الإنسان بالطوى (الجوع) حتى كرب يقضى عليه ، يدرك حاتم ما يقاسيه الناس فيرسل إليهم - دون أن يسألوه - ما يدفع عنهم عادية (ضرر) الجوع ويأمر غلامه أن يوقد ناراً في بقاع من الأرض عسى السائر ليلاً أن يهتدي إليها :
أوقـــــــد فإن الليل ليل قر *** والريح يا موقد ريح صر
عسى يرى نارك من يمر *** إن جلبت ضيفاً فأنت حر
كان الجوع ينهش الأمعاء وكاد الفقر يفتك بالبسطاء في بيئة صحراوية قاحلة وظروف مناخية قاسية وحروب ونزاعات مستمرة فقدر حاتم معنى الإنسانية وقدم للسائل وغير السائل القريب والبعيد ما يحفظ عليه حياته أو يسد رمقه أو يروى غلته (عطشه) .
وقد هجرته زوجته ماوية وأكثرت زوجته نوار من لومه وأطالت في عذله ورأت أن أهله وعياله أحق بما يعطيه الناس وهنا أخذ حاتم ينصح زوجته نوار بالإقلال من لومه قائلاً لها : مهلاً يا نوار إن المال الذي أبقيه سيأخذه غيري إذا مت ولن يبقى لي سوى سوء الثناء .
وكان حاتم صفوحاً يغفر زلات قومه ؛ استبقاء لودهم وحفاظا على صداقاتهم وهو في سبيل ذلك قد شق على نفسه وكلفها فوق طاقتها
(قدرتها) ولكنه يدرك أن الحلم كفيل بدفع أذاهم وكم من مرة صكت سمعه (أي صدمت) كلمة قبيحة من شخص فأعارها أذناً صماء تنزيهاً لنفسه وتكريماً لها.
وكان عفيفاً عف عن كل ما يشين وكفّ نفسه عن المطامع وصانها عن فعل الدنيات وبلغ من استحياء حاتم من جاراته وحفاظه على شرفهن وعدم خدش حيائهن أنه ما مر بإحداهن إلا وتغافل أو تعامى كأنه لا يراها أو لا يعرفها .
ومن فضائل الكريم اللازمة - أيضا الصدق وحاتم كان إذا حدث صدق وإذا وعد أوفى بوعده فالكريم حريص على سمعته والإنسان رهن
(مقيد) بأعماله .
وحاتم رجل محب للسلام في عصر اتسم بالقوة عصر لا تكاد الحروب فيه تتوقف وأوشكت القبائل أن تتفانى فاعتزل حاتم حرب الفساد التي سقط فيها خيرة قومه ، ونزل في بني بدر ؛ لأنه كان يكره العنف ويعزف
(يبعد) عن الشر وكان ينصح ابنه عدياً قائلاً : إذا رأيت الشر يتركك فاتركه
وهو سيد في قومه مرموق المكانة ولكنه متواضع لا يتيه ولا يرى نفسه فوق الناس وليس من العسير أن يمتاز رجل بالجود وآخر بالعفة وثالث بالصفح والتسامح والتواضع لكن من العسير أن تجتمع كل هذه الشمائل لرجل واحد فإن اجتمعت له فهو الكريم بلا منافس
فليقرأ شباب العرب سيرة أرباب
(أصحاب) القيم وذوى مكارم الأخلاق حرى أن يتحلوا بهذه الصفات وعسى الأمة العربية أن تربى أبناءها على هذه القيم الرفيعة والصفات النبيلة .

اللغويـات :

- معروف : مشهور × مغمور ، مجهول - فارس : الماهر في ركوب الخيل ج فوارس ، فرسان - جوّاد : كريم ، معطاء ، سخي × بخيل ، شحيح ، ضنين - مَضْرَب ج مَضْرَب - مطاعاً : مسموع الكلمة - في قومه : أهله - شريفاً : عالي المنزلة ج شرفاء وأشراف × وضيعاً - مقصوداً : أي محط أنظار - معاصريه : من عاشوا في عصره - سيداً : كل شريف في قومه × عبداً ج سادة - مهاباً : وقوراً محترماً × مهاناً ، محقّراً- نجباء : نبلاء ، فضلاء ، كرماء م نجيب - يكنى : يسمى - كان بحراً : أي شديد الكرم - يفيض : يزيد × يغيض ، ينقص ، يقل - عطاؤه : منحه - يغيض : ينقص ، يقل × يفيض ، يزيد - سخاؤه : كرمه ، جوده - يظمأ : يعطش × يرتوي - وارده : آتيه - سائله : المحتاج ، المُعْدِم ، الشحاذ ج سائِلون ، سُؤَّال ، سَألَة - القحط : الجدب × الخصب - يعز : يقل ، يصعب - القِرَى : ما يقدم للضيف من طعام  - كَلَب الشتاء : حدته ، شدته - الشتاء : ج الأشتية - تعصف الريح : تشتد في هبوبها × تهدأ ، تسكن - الريح : الهواء ج  رياح ، أرياح - أطناب : حبال تشد بها الخيام م طُنب - الخيام : الخباء م خيمة - شعور : إحساس - الطوى : الجوع × الشبع - كرب : كاد ، أوشك - يقاسيه : يعانيه ، يكابده - يدفع عنهم : يبعد ، يزيل - عادية : ضرر ج عوادي (عوادٍ) - الجوع : الطوى ، التضور × الشبع - غلامه : أي خادمه ج غلمان ، غلمة - يوقد : يشعل × يطفئ ، يخمد - بقاع : أماكن م بقعة - السائر : المار ، الماشي - يهتدي : يسترشد × يضل - قر : برد - صِر : شديدة البرودة -  جلبت : أحضرت - ينهش : يعض ، يخدش - الأمعاء : أي الأحشاء م المعي - كاد : أوشك - الفقر : العوز × الاستغناء - يفتك : يقتل - البسطاء : أي الفقراء م بسيط - قاحلة : مجدبة ، قفر - نزاعات : خصومات ، قتال م نزاع - الإنسانية : أي الرحمة - للسائل : المحتاج الفقير - يحفظ عليه : يصون ، يحمي - حياته : عيشته ج حيوات - يسد رمقه : أي ينقذ روحه من الموت ، والرمق : بقية الروح ج أرماق - غلته : شدة عطشه ، ظمأه × ارتواءه ج غُلَل - هجرته : تركته × وصلته - لومه : عتابه - أطالت : أكثرت × قصّرت - عذله : لومه ، عتابه - عياله : أولاده - أحق : أولى ، أجدر - مهلاً : رفقاً - الثناء : المدح × القدح ، الهجاء ، الذم ج أثنية - صفوحاً : متسامحاً × منتقماً - يغفر : يعفو عن - زلات : هفوات ، سقطات ، أخطاء م زلة - قومه : أي أهله - استبقاء : حفظاً × تضييعاً - لودهم : لحبهم - سبيل : طريق ج سبل ، أسبلة - شق على نفسه : صعب ، اشتد - كلفها : حمّلها - طاقتها : قدرتها ج أطواق - الحلم : الأناة ، التعقل × الطيش ، السفه ، الحمق ج حلوم - كفيل : ضامن ج كفلاء - بدفع : إبعاد - أذاهم : ضررهم - صكت : عنّفته بصوت حاد أو نحوه ، والمقصود : صدمت - قبيحة : شنيعة ج قِبَاح ، قَبَائِح - أعارها : أعطاها - صماء : لا تسمع ، المذكر : أصم ج صمّ ، صمّاوات - تنزيهاً : إبعاداً  - عفيفاً : ممتنعاً عن الحرام ج أعفة ، أعفاء × فاسقاً - يشين : يعيب × يزين - كفّ نفسه عن : منعها - صانها : حفظها ، وقاها × ضيّعها ، بددها - الدنيات : النقائص ، حقار الأمور م الدنية - استحياء : خجل × تبجح - خدش : جرح ، تمزيق - حيائهن : خجلهن - تغافل : ادعى الغفلة - تعامى : أي كأنه لا يرى - فضائل : خصال حسنة ، محاسن × رذائل م فضيلة - اللازمة : المصاحبة ، الواجبة × المفارقة - أوفى : بَرّ × أخلف - وعده : عهده ج وعود - سمعته : ذكره الحسن ، صيته - رهن : مقيد ج رهون ، رهان - تتفانى : تتقاتل وتهلك بعضها البعض - خيرة : صفوة ، نخبة × حثالة - يعزف : ينصرف ، يبتعد × يقبل على - مرموق : مشهور ، معروف × مغمور - المكانة : المنزلة ، القدر - متواضع × تيّاه ، متفاخر ، متباهٍ ، متكبر - يتيه : يتباهى ، يفخر × متواضع - العسير : الصعب × اليسير الهين - بالجود : الكرم ، السخاء - الصفح : المغفرة × الانتقام - التسامح : التساهل × التشدد ، التعصب ، التزمت -  الشمائل : الأخلاق ، الطباع م شمال - منافس : مزاحم ، متبارٍ - سيرة : تاريخ حياة ج سيَر - أرباب : أصحاب م رب - القيم : المبادئ - مكارم : محاسن × مساوئ م مَكْرُمَة - حرى : عسى - أن يتحلوا : يتصفوا ، يتزينوا - القيم : المبادئ م قيمة - الرفيعة : السامية - النبيلة : الشريفة × الوضيعة .

فروق لغوية :

1 - " ليس من الإنسانية إيذاء الضعفاء " . أي ليس من الرحمة .

2 - " الإنسانية تعاني من ظلم الظالمين " . أي البشرية .

لمعرفة المزيد عن الفروق اللغوية اضغط هنا


س & جـ

س1: ماذا تعرف عن حاتم الطائي ؟ وبمَ اشتهر ؟
جـ :
حاتم الطائي شاعر جاهلي معروف من أهل نجد ، فارس جوّاد من قبيلة طيئ مَضْرَب المثل في الجود والكرم كان رئيساً مطاعاً في قومه وشريفاً مقصوداً من معاصريه وسيداً مهاباً من ملوك عصره وأجداده جميعاً سادة نجباء تزوج ماوية بنت حجر الغسانية والنوار ثرملة البحترية ، له ديوان واحد من الشعر ويكنى أبا سَفَّانة ، وأبا عدى .

س2: ما قبيلته ؟ وفيمَ ضُرِب به المثل ؟
جـ : من قبيلة طيئ ، وضرب به المثل في الجود والكرم

س3: ما الدليل على أن حاتم الطائي كان ذا مكانة مرموقة في عصره ؟ 
جـ : الدليل : أنه كان رئيساً مطاعاً في قومه وشريفاً مقصوداً من معاصريه وسيداً مهاباً من ملوك عصره

س4: مَن زوجاته ؟ وماذا ترك من الشعر ؟ وما كنيته ؟ 
جـ : تزوج ماوية بنت حجر الغسانية والنوار ثرملة البحترية ، له ديوان واحد من الشعر ويكنى أبا سَفَّانة ، وأبا عدى .

س5: بمَ استحق حاتم أن يكون رئيساً مطاعاً في قومه ؟ أو لماذا يُعد حاتم الطائي مَضْرَب المثل في الجود والكرم ؟
جـ :
لأنه كان بحراً يفيض عطاؤه ، ولا يغيض سخاؤه (يقل كرمه) ، لا يظمأ وارده ، ولا يمنع سائله ، وكان لا ينتظر السائل حتى يأتيه فحين يشتد القحط ويعز القِرَى (إكرام الضيف ) في كَلَب الشتاء وتعصف الريح الباردة بأطناب الخيام ويزيد البرد من شعور الإنسان بالطوى (الجوع) حتى كرب (كاد) يقضى عليه ، يدرك حاتم ما يقاسيه الناس فيرسل إليهم - دون أن يسألوه - ما يدفع عنهم عادية الجوع ويأمر غلامه أن يوقد ناراً في بقاع من الأرض عسى السائر ليلاً أن يهتدي إليها :
أوقــــــد فإن الليل ليل قر *** والريح يا موقد ريح صر
عسى يرى نارك من يمر *** إن جلبت ضيفاً فأنت حر

س6: كان حاتم الطائي نموذجاً يقتدى به في التكافل الاجتماعي . دلل على ذلك ، ثم بين علامَ يدل ذلك ؟
جـ : الدليل أنه عندما
كان الجوع ينهش الأمعاء وكاد الفقر يفتك بالبسطاء في بيئة صحراوية قاحلة وظروف مناخية قاسية وحروب ونزاعات مستمرة فقدر حاتم معنى الإنسانية وقدم للسائل وغير السائل القريب والبعيد ما يحفظ عليه حياته أو يسد رمقه أو يروى غلته .
- يدل على إنسانيته العظيمة وإحسانه وكرمه الفياض .

س7: تباين موقف كل من : حاتم الطائي وزوجتيه ماوية ونوار في الإنفاق . وضح ذلك . 
جـ : حاتم :رأى
أن المال الذي سيبقيه سيأخذه غيره إذا مات ولن يبقى له سوى سوء الثناء .
- زوجته ماوية : هجرته بسبب إنفاقه .
- زوجته نوار أكثرت من لومه وأطالت في عذله ورأت أن أهله وعياله أحق بما يعطيه للناس .

س8: علل : كان حاتم صفوحاً يغفر زلات قومه  .
جـ :
استبقاء لودهم وحفاظا على صداقاتهم وهو في سبيل ذلك قد شق على نفسه وكلفها فوق طاقتها ولكنه يدرك أن الحلم كفيل بدفع أذاهم وكم من مرة صكت سمعه كلمة قبيحة من شخص فأعارها أذناً صماء تنزيهاً لنفسه وتكريماً لها .

س9: دلل على عفة حاتم وحيائه . 
جـ :
كان عفيفاً عف عن كل ما يشين وكفّ نفسه عن المطامع وصانها عن فعل الدنيات وبلغ من استحياء حاتم من جاراته وحفاظه على شرفهن وعدم خدش حيائهن أنه ما مر بإحداهن إلا وتغافل أو تعامى كأنه لا يراها أو لا يعرفها .

س10: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا عاهد أخلف ، وإذا خاصم فجر) . هل ينطبق هذا الحديث على حاتم ؟
جـ : لا ؛ لأنه كان يتصف بالصدق  
، فكان إذا تحدث صدق ، وإذا وعد أوفى بوعده ؛ فالكريم حريص على سمعته والإنسان رهن بأعماله .

س11: بمَ اتسم العصر الذي عاشه حاتم الطائي ؟ 
جـ : اتسم هذا العصر بالقوة ؛ فهو عصر لا تكاد الحروب فيه تتوقف وأوشكت القبائل أن تتفانى .

س12: ما موقف حاتم من الصراعات القبلية وحرب الفساد ؟ ولماذا ؟ 
جـ : كان يرفضها لذلك اعتزل حرب الفساد التي سقط فيها خيرة قومه ، و
نزل في بني بدر .
- لأنه كان يكره العنف ويعزف (يبعد) عن الشر .

س13: ما النصيحة التي قدمها حاتم لابنه عدي للبعد عن حرب الفساد ؟  وعلامَ يدل ذلك ؟
جـ : كان ينصح ابنه عدياً قائلاً : إذا رأيت الشر يتركك فاتركه
(أي فابتعد عنه) .
- ويدل ذلك على حبه للسلام ، وكراهيته للعنف وللشر والأشرار .

س14: لماذا استحق حاتم أن نطلق عليه الإنسان المتواضع ؟ 
جـ : لأنه كان سيداً في قومه مرموق المكانة ، ولكنه لا يتيه ولا يرى نفسه فوق الناس .

س15: فيمَ يمتاز ويتفاضل البشر ؟  استحق حاتم أن نطلق عليه الإنسان المتواضع ؟ 
جـ : يمتاز ويتفاضل البشر
في الجود والعفة والصفح والتسامح والتواضع .

س16: لماذا استحق حاتم أن نقول عليه الكريم بلا منافس ؟ 
جـ : استحق ذلك ؛ لأنه اجتمعت له شمائل الجود والعفة والصفح والتسامح والتواضع التي من العسير أن تجتمع في رجل واحد .

س17: اجتمعت في حاتم فضائل تجعله الكريم بلا منافس . وضح ذلك.
جـ : حاتم سيد في قومه - مرموق المكانة - يمتاز بالجود - وبالعفة - وبالصفح والتسامح - والتواضع ، ومن العسير أن تجتمع كل هذه الشمائل لرجل واحد فإن اجتمعت له فهو الكريم بلا منافس .
 

س18: إلامَ يدعو الكاتب شباب العرب ؟ وماذا يتمناه من الأمة العربية أن تفعله ؟
جـ : يدعوهم لقراءة سيرة أرباب القيم وذوى مكارم الأخلاق كسيرة حاتم عسى أن يتحلوا بهذه الصفات وعسى الأمة العربية أن تربى أبناءها على هذه القيم الرفيعة والصفات النبيلة .


 

عودة إلى الصفحة السابقة

عودة إلى صفحة البداية