nadin

   للعباس بن الأحنف


العبّاس بن الأحنف ( ؟ -192هـ ، ؟ - 807م). أبو الفضل العباس بن الأحنف بن الأسود بن طلحة الحنفي اليمامي، والحنفي نسبة إلى بني حنيفة قومه. شاعر عباسي من شعراء القرن الثاني للهجرة. نشأ في بغداد. ويُعد من فحول شعراء الغزل، الذين اقتصروا عليه دون غيره من الأغراض إلا ما ندر، حتى قال ابن المعتز في طبقاته: ¸كان شعره كله في الغزل والوصف·. وتكاد المصادر تجمع على ما تحلى به الشاعر من الفضائل، فبعضها يصفه بأنه: ¸كان غزلاً ولم يكن فاسقًا·، كما وصفه آخرون بالكرم ومحاسن الأخلاق والفضل.

ويشبه العباس في عصره، عمر بن أبي ربيعة في العصر الأموي، فكلاهما انصرف إلى الغزل، غرضًا قائمًا بذاته. وقد توطدت علاقة العباس بالخليفة العباسي هارون الرشيد، فكان من ندمائه المقربين، ويقال: إنه كان يصحبه في غزواته لأرمينيا وأذربيجان. كما يقال إن جفوة وقعت بين الخليفة وإحدى زوجاته، وتثاقل كل من الزوجين على صاحبه، إلى أن نظم العباس قصيدة ما إن سمعها الرشيد، حتى بادر إلى مصالحة زوجته. ومن أبيات هذه القصيدة :


العاشقان كلاهما متجنِّـب ** وكلاهما متعتِّبٌ متغضِّب 
صدَّتْ مُغاضِبةً وصدَّ مُغاضبًا ** وكلاهما مما يعالج مُتْعَـبُ 
راجِعْ أحبتك الذين هجرتهـم ** إن المتيَّم قلمـــا يَتجنَّــبُ 
إن التجنب إن تطاول منكمـا ** دبَّ الســلوُّ له فعزّ المطلــب 

وقد وقع العباس بن الأحنف في حب جارية يقال لها فوز أشعلت قريحته الشعرية، فمضى يتغزل بها، ويصف مايعانيه من حبها، حتى أوقف عليها ديوان شعر، يفيض بصدق المعاناة، ويرسم صورة وضيئة للحب الطاهر العفيف، ويجعل حب العباس بن الأحنف وشعره الغزلي رمزًا خالدًا في الأدب العربي.

ومن رقيق غزله قوله في محبوبته (فوز) :


لما رأيت الليل سـدَّ طريقـه ** عنّي وعذّبني الظلام الرَّاكدُ 
والنجم في كبد السـماءِ كأنه ** أعمى تحـيّر مالديهِ قائـد 
ناديتُ من طَرَدَ الرقادَ بصـدِّه ** مما أعالج وهو خلوٌ هاجد 
ياذا الذي صدع الفؤاد بهجره ** أنت البلاء طريفـه والتّالد 
ألقيت بين جفون عيني حُرقة ** فإلى متى أنا ساهر ياراقد 

ومن الأبيات التي اشتهرت بين الناس من هذه القصيدة، قوله:

وسـعى بها ناس فقالوا إنها ** لَهِي التي تشقى بها وتكابد 
فجحدتهم ليكون غيرك ظنهم ** إني ليعجبني المحبُ الجاحدُ 

المصدر / الموسوعة العربية


 

عباس بن الأحنف

 هو ( العباس أبو الفضل , بن الأحنف بن الأسود بن طلحة بن جدان بن كلدة , من بني عدى بن حنيفة اليمامي ) هذه أشهر الروايات في نسبه .
وتقول أشهر الروايات أيضاً عن مولدة ووفاته : أنه ولد عام 103 هجري وعاش أقل من ستين عام ( هذا ما ذكره صديقة الصولى ) .
خالف العباس باقي شعراء عصره إذ أوقف شعره على الغزل والنسيب والوصف ولم يكتسب من وراء شعره ولم يتجاوزه إلى المديح والهجاء ,
أشاد به كثير من الأدباء وعلماء اللغة والأدب العربي فقال عنه الجاحظ :
(لولا أن العباس بن الأحنف أحذق الناس وأشعرهم وأوسعهم كلاماً وخاطراً , ماقدر أن يكثر شعره في مذهب واحد لا يتجاوزه , لأنه لا يهجو ولا يمدح ولا يتكسب ولا يصرف , وما نعلم شاعراً لزم فناً واحداً فأحسن فيه وأكثر ).

لقد كان شعر العباس امتدادا للشعر العذري الذي قاله قيس بن الملوح مجنون ليلى , وجميل بن معمر صاحب بثينة , وكثير صاحب عزة , وقيس بن زريح صاحب لبنى .

ولكن اللافت لنا في شعر العباس أنه لم يصرح باسم محبوبته وكان قد اختار لها اسما من عنده حتى لا يعلم الناس شيء عن صفة هذه المحبوبة , هل هي جارية أم أميرة , هل هي قريبة أو بعيدة فقال بنفسه :

كتمت اسمها كتمان من صان عرضه ......وحازر أن يفشو قبيح التسمع

فسميتها فوزاً , ولو بحت باسمها ........ لسميت باسم هائل الذكر أشنع .
أي أنه أطلق عليها في شعره اسم ( فوز) حتى لا يعلم الناس باسمها أو حقيقة أمرها .
ولكن استطاعت الشاعرة العراقية ( عاتقة الخزرجى ) في رسالتها لنيل الدكتوراه أن تميط اللثام عن ( فوز ) وأن تثبت بالبراهين والأدلة والنصوص الشعرية أنها (علية بنت المهدي أخت الخليفة هارون الرشيد ) وهذه الحقيقة حالت بين العباس والتصريح باسمها في شعره والاكتفاء بالإشارة إليها والرموز للإيهام دون تصريح , والإيحاء دون البوح .
روى ( المسعود ) في كتابه ( مروج الذهب ) عن وفاة العباس عن جماعة من أهل البصرة , قال :
خرجنا نريد الحج , فلما كنا ببعض الطريق , إذا غلام واقف على المحجة وهو ينادى : أيها الناس , هل فيكم أحد من أهل البصرة ؟ قال : فعدلنا إليه , وقلنا له ما تريد ؟ قال : إن مولاي لما به يريد أن يوصيكم , فملنا معه فإذا بشخص ملقى على بعد تحت شجرة لا يحير جوابا , فجلسنا حوله فأحس بنا , فرفع رأسه وهو لا يكاد يرفعه ضعفاً وأنشأ يقول : ياغريب الدار عن وطنه ........ مفرداً يبكى على شجنه ......... كلما جد البكاء به ......... دبت الأسقام في بدنه .
ثم أغمى عليه طويلاً , فبينما نحن جلوس حوله , إذ أقبل طائر فوقع على الشجرة وجعل يغرد , ففتح عينيه , وجعل يسمع تغريد الطائر ثم أنشأ يقول : ولقد زاد الفؤاد شجا....... طائر يبكى على فننه ........ شفه ما شفنى فبكى ......... كلنا يبكى على سكنه !
ثم تنفس نفساً فاضت نفسه منه , فلم نبرح من عنده حتى غسلناه وكفناه وتولينا الصلاة عليه , فلما فرغنا من دفنه سألنا الغلام عنه فقال : هذا العباس بن الأحنف .
نحن إذاً أمام شاعر عاشق , عاشق فحسب , شهد له البحتري أنه أغزل الشعراء .

 


 

عودة إلى صفحة البداية