nadin

  زهير بن أبي سلمى



زهير بن أبي سُلْمى ( ؟ - 627م). ربيعة بن رباح المزني. جاهليٌ من شعراء المعلقات، اختلف الرواة في نسبه، فبعضهم ينسبه إلى غطفان، وآخرون يردونه إلى مزينة، ولا يعرف بالتحديد متى وُلِدَ، ولكن يجمع الرواة على أنه عاش في الفترة التي سبقت ظهور الإسلام، وأنه شهد حرب داحس والغبراء ويوم جبلة. كما عاصر نفرًا من شعراء العصر الجاهلي منهم النابغة الذبياني، وأوس بن حجر، وعنترة بن شداد العبسي. ونستنتج من شعره أنه عمّر طويلاً.

تزوجت أمه بعد أبيه من الشاعر أوس بن حجر التميمي، وكان زهير راوية له. وفي حياة زهير لمع شاعر آخر انقطع له زهير وأخذ عنه وأعجب بشعره ، ذلك هو خاله بشامة بن الغدير. وكان من أحزم الناس رأيًا، لذلك كانت غطفان تستشيره إذا أرادت الغزو وتصدر عن رأيه.

وقد انقطع زهير لهرم بن سنان، وقال فيه جل مدائحه، وشهد حرب داحس والغبراء بين عبس وذبيان، انظر: أيام العرب . ونظم فيها معلقته التي مطلعها:

أمن أم أوفى دمنة لم تكلّم بحومانة الدراج فالمتثلّم

وقد مدح فيها هرم بن سنان والحارث بن عوف؛ لأنهما تحملا الديات، وسعيا لإحلال السلم. وفي قصيدته إشادة بصنيع الرجلين، وتنفير من الحرب، وتحذير من الغدر والخيانة، وتذكير للمتحاريين بأخطار الحرب وويلاتها. وختم قصيدته بطرح تجاربه في أبيات تفيض بالحكمة، وهي خلاصة تجربته على مدى ثمانين حولاً.

وزهير أحد الشعراء الثلاثة الفحول المتقدمين على سائر الشعراء بالاتفاق، وإنما الخلاف في تقديم أحدهم على الآخر وهم: امرؤ القيس وزهير والنابغة الذبياني. واشتهرت أسرة زهير بالشعر، ذكروا أنه لم يتصل الشعر في ولد أحد من الفحول في الجاهلية ما اتصل في ولد زهير؛ فقد ورث زهير الشعر عن أبيه وأخواله. وتجلّت الموهبة الشعرية كذلك في أخيه أوس، وتجلت في أختيه سُلمى والخنساء. ثم اتصل الشعر بعدئذ في ولده، فكانت ابنته وبرة شاعرة وابناه بجير وكعب شاعرين.

ويحظى شعر زهير بتقدير النقاد لأسباب فنية وأخلاقية؛ فأما الفنية فإنها تتصل بعنايته بشعره وحرصه على تنقيحه، حتى عرفت بعض قصائده بالحوليات؛ فقد كان يعيد النظر في بنية القصيدة، وفي صورها الجزئية ومعجمها اللفظي، وينقحها قبل أن يظهرها للناس. انظر: الشعر (الحوليات).

وأما الأسباب الأخلاقية، فإنها تتصل بقيمتي الصدق والإخلاص في التعبير عنده، ولذا أعجب عمر بن الخطاب رضي الله عنه بشعر زهير للصدق في منطقه، ولأنه لايحسن في صناعة الشعر أن يُعطى الرجل فوق حقه من المدح.

ومن أعمق شعره وأشده تأثيرًا في النفس تلك الأبيات من معلقته التي يصدر فيها عن تجربة في الحياة ومعرفة بالأحياء من حوله. يقول:

سئمت تكاليف الحياة ومن يعشْ *** ثمانين حولاً لا أبالك يسأم
وأعلم مافي اليوم والأمس قبلَه *** ولكنني عن علم مافي غدٍ عَمِ
رأيت المنايا خبط عشواء من تصبْ *** تُمتِه ومن تخطئْ يُعَمَّرْ فيهرَمِ
ومن لم يُصانعْ في أمور كثيرةٍ *** يضرّس بأنياب ويَوُطأ بمَنسْمِ
ومن يجعل المعروف من دون عْرضِه *** يَفِرْه ومَنَ لايتّقِ الشتم يُشتَمِ

وأما أبياته التي مدح بها حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري فقد أضحت المثال الكامل لشعر المدح الذي رام الشعراء من بعده الوصول إليه فلم يدركوه. تقول:

وأبيض فياضٍ يداه غمامةٌ *** على معتفيه ماتغبّ فواضِلهُ
بكرتُ عليه غدوةً فرأيتهُ *** قعودًا لديه بالصريم عواذله
يُفَدِّينه طورًا وطورًا يَلمنه *** وأعيا، فما يدرين أين مخاتله
تراه إذا ماجئتهُ متهللاً *** كأنك تعطيه الذي أنت سائلهُ

 

المصدر / الموسوعة العربية العالمية 


 


 

عودة إلى صفحة البداية