nadin


التدخين
 

التدخين سَحْبُ دخان التبغ من سيجارة أو سيجار أو غليون أو غير ذلك إلى داخل الفم ـ وعادة مايكون إلى داخل الرئتين ـ ثم نفخه إلى الخارج. يشير هذا المصطلح إلى تدخين السيجارة الذي يعد أكثر أنواع التدخين شيوعًا.

دخن الناس التبغ منذ آلاف السنين. وعلى سبيل المثال، دخن الهنود الأمريكيون التبغ عن طريق الغليون، أثناء الاحتفالات الدينية، قبل قدوم البيض إلى العالم الجديد بفترة طويلة. وفي القرن السادس عشر بدأ الكثير من الأوروبيين التدخين لأنهم كانوا يعتقدون بأن للتبغ فوائد طبية. وفي الوقت الحاضر يزعم بعض الناس أنهم يدخِّنون من أجل الاسترخاء والمتعة، ولإشباع رغبة جامحة من أجل النيكوتين، وهي مادة كيميائية في دخان السجائر. ومع ذلك، فلقد وجد العلماء خلال القرن العشرين دليلاً متزايدًا على أن التدخين يعرض صحة الإنسان للخطر.

وفي عام 1964م، وجه الجراح العام الأمريكي أول تحذير رسمي بأخطار التدخين على الصحة. ومنذ ذلك الحين، ظهرت تقارير عديدة، تربط بين تدخين السجائر، ومرض القلب، ومرض الرئة، وسرطانات الرئة والفم وغيرهما من الأنسجة. كما تم الربط بين السيجار والغليون وبين سرطانات الفم.

وعلى الرغم من أخطار التدخين يزداد عدد المدخنين. ويبدأ الكثير من الشباب في التدخين، باعتباره تصرُّفًا دالاً على التمرد، أو الاستقلال. ويدخِّن بعض البالغين لتخفيف رغبتهم الجامحة في النيكوتين، حيث إن النيكوتين ينبه الجهاز العصبي، والقلب وغيرهما من الأعضاء. وعلى أية حال فإن تأثيره على الجهاز العصبي يجعل الكثيرين مدمنين عليه. ومثل هذا الإدمان يصعب الإقلاع عنه.


لماذا يعد التدخين خطرًا. يحتوي دخان السجائر على آلاف المواد الكيميائية، التي تم الربط بين الكثير منها وبين حدوث الأمراض. وتوجد المواد الكيميائية في دخان السجائر في شكل غازات أو جسيمات دقيقة.

الغازات. من الغازات الموجودة في دخان السجائر، والتي تشكل تهديدًا عظيمًا للصحة، سيانيد الهيدروجين، وأكاسيد النيتروجين، وبوجه خاص أول أكسيد الكربون. ويعتبر أول أكسيد الكربون، غازًا سامًا يتحد بسهولة مع الهيموجلوبين وهو مادة في الدم، تنقل الأكسجين إلى أنسجة الجسم. ووجود أول أكسيد الكربون في الدم يمنع الأكسجين من الوصول إلى الدماغ، والقلب، والعضلات الأخرى. ومن المعتقد أن التعرض المستمر للمعدلات العالية، من أول أكسيد الكربون المرتبط بالتدخين، يؤدي إلى الإصابة بمرض القلب.

الجسيمات الدقيقة. يشار إلى الجسيمات الدقيقة الموجودة في دخان السجائر عادة باسم القطران. وتشتمل هذه الجسيمات، على مجموعة متنوعة، من المواد المدمرة للصحة، التي يعتبر النيكوتين أخطرها على الإطلاق. فحوالي 60ملغم من النيكوتين يمكن أن يقتل شابًا يافعًا إذا تعاطاه جرعة واحدة. والسيجارة العادية تحتوي على حوالي 1ملغم من النيكوتين. ويمنع الجسمُ تراكم الجرعات القاتلة، بقيامه بسرعة تكسير النيكوتين، الموجود بكل سيجارة. ومع ذلك فإن النيكوتين يرفع ضغط الدم، ويزيد من ضربات القلب، ويؤدي إلى انقباض الأوعية الدموية، بالقرب من الجلد. وقد تساهم تأثيراته على الجسم، بالإضافة إلى تأثيرات أول أكسيد الكربون ، في ارتفاع نسبة مرض القلب بين المدخنين. ومن المعتقد أيضًا أن النيكوتين يساهم في نمو أنواع عديدة من السرطان.

وللجسيمات الدقيقة الموجودة في دخان التبغ، آثار مختلفة على وظيفة الرئة، اعتمادًا على مدى ترشيح السيجارة، وإلى أي مدى يتم تدخين السيجارة، ومدى حجم هذه الجسيمات الدقيقة. وتزيل مرشحات السجائر بعض النيكوتين وبعض الجسيمات الدقيقة الأخرى في الدخان. ولكن تركيز هذه الجسيمات في النفثات الثلاث الأخيرة من السيجارة يزيد بمقدار 67 مرة عن تركيزها في النفثات الثلاث الأولى.

وأثناء التدخين، تترسب الجسيمات الدقيقة الأكبر حجمًا على البطانة المخاطية للرئتين، وعلى القنوات الهوائية الكبرى، المؤدية إلى داخل الرئتين. ومع مرور الوقت، تعمل الجسيمات الدقيقة الكبيرة، وبعض الغازات الموجودة في دخان السيجارة، على إحداث قروح في الرئتين وتدمير الأهداب، وهي آلاف من الشعيرات الدقيقة التي تبطن القنوات الهوائية. وتساعد هذه الأهداب، على إخراج المخاط والملوثات التي تتراكم في المخاط، من الرئتين نحو الحلق. وعندئذ يتم ابتلاع المخاط أو يتم بَصْقه. وتصاب أهداب المدخنين المسرفين في التدخين بالشلل، وتظل الملوثات داخل الرئتين. ونتيجة لهذا، تتزايد احتمالات إصابة المدخن بالتهاب القصبات أو بالإنفلونزا. وقد يؤدي تَرَسُّبُ الجسيمات الصغيرة في القنوات الهوائية الصغرى بالرئتين إلى الإصابة بمرض رئوي يطلق عليه انتفاخ الرئة.


التدخين والمرض. يعد تدخين السجائر، من الأسباب الرئيسية، للأمراض العديدة، المهددة للحياة. ويبلغ معدل الوفيات بسبب السرطان، ومرض القلب بين المدخنين، ضعف ذلك الموجود بين غير المدخنين. علاوة على هذا فإن كفاءة الرئتين تتناقص، مع التقدم في السن، بسرعة أكبر لدى المدخنين. ولقد أظهرت الدراسة الأولى عن آثار التدخين أن الرجال الذين يقضون حياتهم مدخنين قد ماتوا قبل غيرهم من غير المدخنين بحوالي 18 عامًا. وطبقًا للتقرير فإن الرجل الذي يدخن ويبلغ الثلاثين من العمر من الممكن أن يتوقع وفاته في الرابعة والستين من العمر في حين أن رجلاً في نفس السن، ولم يدخن على الإطلاق، يتوقع أن يعيش حتى الثانية والثمانين من العمر (وكل ذلك يتم بتقدير الله لأعمار عباده). وقد أُجْرِيَ هذا المسح، في إحدى مدن بنسلفانيا، بالولايات المتحدة الأمريكية.

وتشير الأدلة المتزايدة على أن دخان السيجارة يضر أيضًا غير المدخنين، ويُظهر البحث أن غير المدخنين الذين عملوا على مقربة جدًا من المدخنين، يعانون من انخفاض في كفاءة الرئة. وتشير الدراسات أيضًا إلى أن الأزواج غير المدخنين المتزوجين بمدخنات تكون معدلات إصابتهم بسرطان الرئة، ونوبات القلب أعلى بكثير عنه بين الأزواج غير المدخنين المتزوجين بغير مدخنات. وكذلك فإن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عام واحد وتدخن أمهاتهم يصابون بأمراض في الرئة، تبلغ ضعف إصابات الأطفال الذين لاتدخن أمهاتهم.

ارتبط التدخين أيضًا، بمضاعفات متنوعة أثناء الحمل. فالسيدات الحوامل اللاتي يُدخِّنَّ يتعرضن للإجهاض، بمعدل أعلى مما تتعرض له الأمهات غير المدخنات. والأطفال الذين يولدون لأمهات مدخنات، يُتوقع أن يكون وزنهم أقل من المعدل الطبيعي، مما يعتبر خطرًا على صحتهم.


كيف يتوقف المدخنون عن التدخين. منذ أن حذر الأطباء، والحكومات، لأول مرة من المخاطر الصحية، التي يسببها تدخين السجاير في ستينيات القرن العشرين، توقف ملايين الناس عن التدخين. وتمكن معظمهم من التوقف بطريقتهم الخاصة على الرغم من أن الكثيرين قد بذلوا محاولات عديدة قبل أن يتمكنوا من الكف تمامًا عن التدخين. ويتردد الكثير من المدخنين، على عيادات خاصة، لتساعدهم في التغلب على إدمانهم. وفي تلك العيادات، يتعلم المدخنون كيفية تحاشي المواقف التي تجعلهم يفكرون في التدخين، وكيفية التخفيف من مشاعر الإجهاد بدون التدخين. وعلى سبيل المثال، يتعلم المدخنون أن يصبحوا واعين لكل سيجارة يدخنونها، وأن يستعيضوا عن التدخين بممارسة نشاطات أخرى مثل التمرينات الرياضية.


قوانين التدخين. منذ السبعينيات من القرن العشرين، أدخل الكثيرمن الدول إجراءات لمنع التدخين. وبعضها أصدر قوانين تتطلب وجود تحذير لضرر الدخان، مع الإعلانات الخاصة بالسجائر وتعبئتها. وحرم بعضها إعلانات السجائر، في الإذاعة والتلفاز. وفي الكثير من الدول، مُنِعَ التدخين في وسائل النقل العام وفي بعض الأماكن العامة مثل المستشفيات والمدارس والمسارح ودور السينما، وتقنن أو تحرم شركات خاصة كثيرة التدخين في أماكن العمل أيضًا.

بناء على ما تقدم في هذه المقالة من معرفة الأمراض الناتجة عن التدخين وأثر التدخين في أجهزة الجسم وبما تسببه من السرطانات الخطيرة والمشاكل الجسمانية الجمة، فقد قرر بعض العلماء حتى من غير المسلمين أن التدخين من الأمور التي تلحق ضررًا بالجسم والتي يجب الامتناع عنها فورًا.

والإسلام يرفض التهلكة سواء في المال أو الجسم أو النفس بأوامر صريحة قاطعة. ففي هذا يقول القرآن الكريم ﴿ولاتلقوا بأيديكم إلى التهلكة﴾ البقرة: 195. ويقول أيضًا : ﴿ولا تبذر تبذيرًا﴾ الإسراء: 26.

ولاشك أن التدخين تهلكة للمال والجسم وتبذير في غير محله.

المصدر / الموسوعة العربية العالمية 


 


 

عودة إلى صفحة البداية