نحو طاقة متجددة ونظيفة ورخيصة:

 

طواحين هواء.. لكن مفيدة!

الطواحين الهوائية الحديثة وهي تكنولوجيا نظيفة لكن تشوه منظر الطبيعة يمكن ابعادها قريبا عن السهول او الهضاب لتركيبها في البحار أو أعالي الجبال بفضل نوع جديد من التوربينات الهوائية عالية الفعالية التي تم تطويرها في السويد.

في التوربينات الهوائية التقليدية تكون الشفرات الدوارة متصلة بمولد داخل بواسطة محور. والمولد يحتاج عادة الى ان يدور بسرعات عالية تقتضي وجود علبة سرعات تزيد دوران المحور من 18 دورة في الدقيقة الى 1500 دورة. لكن علبة السرعات مكلفة جدا ويمكن ان تبلى بسرعة، وهكذا ينبغي اقامة «مزارع» طواحين الهواء حيث يمكن توفير الصيانة للتوربينات بسرعة.

لا يمثل هذا غير عقبة واحدة. فالتوربينات الهوائية التقليدية لا تولد غير تيار ذي فولطية اضعف من ان يمكن نقله بعيدا، حسب ما يقول ديفيد انفيلد مدير مركز تكنولوجيا نظم الطاقة المتجددة في جامعة لافيورو. والتيار المتناوب الناتج يتقوى بواسطة محول لكنه لا يحل المشكلة تماما. فالتيار المتناوب يصعب نقله عبر مسافات طويلة لأنه ينتقل عبر السطح الخارجي للأسلاك الموصلة وهذا ما يزيد المقاومة فتخسر الاسلاك طاقة عبر الحرارة. وهذا يضع حدودا امام تركيب التوربينات الريحية بعيدا في البحار.

الآن ابتكر ماتس ليغون من مؤسسة ABB الهندسية السويدية توربينا يعتقد انه يتغلب على كثير من هذه المشكلات. فبدلا من استعمال مولد صغير يدور بسرعة عالية، يشتغل توربين ليغون بواسطة قرص دوار ضخم ذي دوائر مغناطيسية تعمل بأي سرعة تدور بها الشفرات فلا تحتاج الى أي علبة سرعات. وينتج توربين ليغون تيارا ذي فولطية عالية فلا يحتاج الى اي محول كهربائي. ولما كان يحتوي قليلا من القطع فهو يتمتع بميزات اخرى، هي انه لا يحتاج الى صيانة كثيرة ولا يكلف كثيرا. وإضافة الى الاستغناء عن علبة السرعات والمحول يكون هذا التوربين الجديد أكفأ بنحو 20 بالمائة.

وكانت المهمة الثانية للمهندس السويدي هي العثور على طريقة ابسط لنقل الطاقة، وقال: «نأخذ التيار المتناوب من التوربين ونحوله الى تيار مباشر. وهذا الاخير يمكن نقله عبر سلك طويل عالي التوتر». وهكذا يمكن وضع التوربينات الهوائية في منطقة يصعب الوصول إليها مثل البحار والجبال العالية.

ويوضح مايكل غراهام وهو خبير في الطاقة الريحية لدى امبريال كوليدج في بريطانيا، ان القضية الجوهرية في الطاقة الريحية هي قبول الناس للضجيج الناتج من الشفرات وتشويه المنظر الطبيعي. وهكذا رأى ان امكانية ابعاد المولدات الريحية عن المناطق السكنية خيار مفيد.

(مجلة «نيوساينتيست»)

 

 

 

 

ألمانيا تلجأ إلى الطاقة المتجددة لحل مشكلاتها البيئية المعقدة


تخوض المانيا الاتحادية سباقاً مع الزمن لحماية البيئة الطبيعية والتغلب على مشكلات الطاقة المزمنة. ويقول خبراء في برلين ان الحكومة الالمانية التزمت بتخفيض معدل غازات ثاني اكسيد الفحم حتى موعد اقصاه عام 2005 بنسبة 25%, الامر الذي وافق عليه القطاع الاقتصادي, كما التزم القطاع الصناعي الالماني بخفض غازات ثاني اكسيد الفحم بنسبة 20% في حين التزمت الصناعات الكيمائية والورقية بنسبة تصل إلى 23% تقريباً.

ويقول خبير شئون الطاقة الالماني (كارل تسافاد تسكي) ان الحكومة الالمانية تسعى لحل هذه المشكلات باللجوء إلى الطاقة المتجددة, والتي تصل نسبتها في المانيا حالياً نحو 2% من مجموع احتياجات الطاقة الاولية فيها. واضاف: كما ان انتاج الطاقة الكهربائية يتم نصفها تقريباً عن طريق محطات الطاقة المائية, اما النصف الآخر فيتم انتاجه عن طريق احراق الخشب والقمامة والطين, بالاضافة إلى الغاز المستخرج من مقالب القمامة والمخلفات, وعن طريق طاقة الرياح والمجمعات الشمسية والخلايا الضوئية والطاقة الحرارية. وذكر انه يتم انتاج الطاقة الكهربائية اللازمة لشبكة الكهرباء العالية عن طريق السدود المائية الكبيرة, بينما تغطي معظم المساكن احتياجاتها من الطاقة عن طريق المجمعات الشمسية. وقال انه عندما تقوم المؤسسات والمنازل بإنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بكميات تزيد عن حاجاتها سواء اكان ذلك بواسطة طواحين الرياح او العجلات المائية او الاشعة الشمسية, فإن مؤسسات توزيع الكهرباء ملزمة قانونياً بشراء هذه الطاقة الزائدة وبسعر لا يعادل فقط نسبة توفير مواد الاحتراق لدى محطات انتاج الطاقة الكهربائية. وتشير التقديرات إلى انه بالامكان وعلى المدى البعيد ـ اعداد نصف كميات الكهرباء المتوفرة في شبكات الطاقة الالمانية عن طريق الطاقات المتجددة, اي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية والطاقة العضوية والحرارية والحرارة المحيطة, وتبذل المؤسسات الالمانية المعنية جهوداً كبيرة لتحقيق خطوات متقدمة في هذا المجال. ونتيجة لذلك يتوقع الخبير تسافادتسكي ان يتم تخفيض غازات ثاني اكسيد الفحم عن طريق تحسين استخدام الطاقة إلى جانب انتاج الكهرباء عن طريق مصادر الطاقة البديلة, وعلى سبيل المثال يوجد اليوم على السواحل الشمالية لولاية )شلزفيح ـ هولشتاين( حوالي الف طاحونة هوائية للرياح وهي عبارة عن مراوح ضخمة يصل ارتفاعها حتى 90 مترا, ويزيد طول ذراعها على 30 متراً. ويقول تسافادتسكي ان وزارة البحث العلمي الاتحادية في المانيا عمدت في الماضي على تشجيع مثل هذه المنشآت ودعمها مالياً, اما الآن فان الكهرباء المنتجة أصبحت اقتصادية ومربحة, اذ ان مؤسسات الكهرباء تشتري هذه الطاقة المتولدة من الرياح وتزود بها شبكتها الكهربائية وفي ولاية شمال الراين ـ فستفاليا يتم تزويد 50 ألف مسكن بالكهرباء المنتجة من طواحين الهواء, حيث بلغت طاقة منشآت الرياح التي يبلغ عددها في المانيا نحو 500 منشأة حوالي 108 ميجاوات. واقامت بعض الشركات الالمانية اسقف مصانعها من منشآت للطاقة الضوئيةالتي تولد الطاقة الكهربائية من الشمس وذلك بهدف التطبيق الصارم للسياسة البيئية بصورة عملية في المستقبل, ويبلغ حجم ما يوفره سقف منشأة صناعية واحدة من غاز ديكوكسيد الفحم حوالي 335 طناً سنوياً. كان خبراء المان توقعوا تفاقم ازمة الطاقة خلال السنوات القليلة المقبلة على المستوى العالمي وفي الدول النامية بوجه خاص, ويرى هؤلاء الخبراء انه في دول عديدة لايستطيع السكان الوصول الى الطاقة التجارية مثل منتجات النفط والغاز والكهرباء, الأمر الذي يضطرهم الى اللجوء الى مصادر الطاقة المتوفرة لديهم, وهي المنتجات والمواد الطبيعية والعضوية مما يؤدي الى انهاك الارض والطبيعة. لذلك تركز المانيا الاتحادية جهودها على تطوير الطاقات البديلة في الدول النامية, هذا ما قالته (ايملي لودرز) رئيسة ادارة التخطيط والتنمية في المؤسسة الالمانية للتعاون التقني. ويقول الخبير الالماني في شئون الطاقة (كارل تسافاد تسكي) انه من بين ما يزيد على 5.3 مليارات نسمة في الاقطار النامية هناك حوالي ملياري شخص يعتمدون في حياتهم اليومية على مصادر الطاقة التقليدية وخاصة الخشب والمخلفات الحيوانية والنباتية. وقال ان هذه المصادر تشكل نسبة 95% من مجموع استهلاك الطاقة تبعاً لمستوى التنمية في الدول النامية. وذكر استناداً الى التقديرات التي نشرتها منظمة الاغذية والزراعة الدولية )الفاو( ان هناك نحو ملياري شخص في الدول النامية يسدون احتياجاتهم من الطاقة في الوقت الحاضر عن طريق اجتثاث الاشجار القريبة اكثر مما تنمو عادة, وفي عام 2001 فان هذا العدد سوف يصل في حال استمرار هذا الاتجاه الى 4.2 مليار شخص, ويحتاج كل شخص لاغراضه المنزلية اليومية كمية من الخشب تتراوح ما بين 500 و700 كج سنويا اي ما يتراوح ما بين 7.2 و8.3 مليارات طن يومياً. وتستخدم مصادر الطاقة التقليدية عادة كالخشب والسماد والقش لاعداد الطعام وتسخين المياه والتدفئة, وحسب التقديرات ذاتها فان متوسط الاشجار والغابات القريبة من المدن والمناطق السكنية تتراجع بصورة مستمرة, هذا بالاضافة الى ما يسببه ذلك من جفاف في الارض والتربة والاضرار بالمياه الجوفية وزيادة في التصحر وزحف الرمال. ويقول (تسافاد تسكي) ان نسبة 90% من النمو السكاني في العالم تتركز في الدول النامية, ففي كل عام يزداد عدد سكان هذه الدول حوالي 90 مليون شخص الأمر الذي سيؤدي في العالم الثالث وحتى عام 2020 ـ بالمقارنة مع الاستهلاك الحالي ـ الى زيادة الحاجة الى الطاقة بنسبة تصل الى حوالي 65% وهو ما يصيب بالدرجة الاولى مواد الاحتراق التي يستخدمها الفقراء ـ اي الخشب والفحم الخشبي. فالحاجة الى الأخشاب تنمو بنفس نسبة نمو السكان تقريباً, كما نمو حركة التصنيع واكتظاظ المدن بالسكان وازدياد حركة المواصلات هي عوامل ادت الى نمو الاستهلاك للطاقات التقليدية المعروفة الأمر الذي يؤثر فيه أيضاً نقص الكهرباء وانتاج النفط والغاز على الانتاج الصناعي وحركة المواصلات والتجهيز العام للطاقة.

موت الغابات ويرسم الخبير الألماني تسافاد تسكي صورة كئيبة للعالم بسبب ازدياد معدلات غاز ثاني أكسيد الفحم ويرى ان احتراق مصادر الطاقة المنجمية يؤدي الى انطلاق غازات مختلفة كالميثان واكسيد الكبريت واكسيد النتروجين وبصورة خاصة أكسيد الفحم, التي تتسبب بصورة كبيرة في مشكلة انحباس الحرارة او ما يعرف باسم.. عامل البيوت الزجاجية. وقال انه في حال عدم اتخاذ اجراءات وقائية وفعالة في هذا المجال فإن حرارة الارض سوف ترتفع بمعدل درجتين مئويتين عما كانت عليه في عام ,1990 كما سوف يزداد مستوى سطح البحر, حتى عام 2100 حوالي 50 سنتيمترا مما سيؤدي الى تغيير المناطق والاحوال المناخية وموت الغابات والفيضانات والجفاف وانتشار المجاعة في كثير من دول العالم. ويقول ان الدول الصناعية في العالم تساهم بالجزء الاكبر من مشاكل المناخ التي تعود الى الطاقة تصل الى 75%, بينها 4% في ألمانيا الاتحادية كما تتسبب الاقطار النامية بحوالي 25% من انطلاق غاز ثاني اكسيد الفحم, ولكن نظراً لازدياد استهلاكها للطاقة نتيجة لنمو الحركة الصناعية وازدياد عدد السكان لديها اكثر من الدول الصناعية فإنها تتسبب فيما يزيد على نصف الزيادة في كميات هذا الغاز الضار, وحتى عام 2050 سوف يتضاعف معدل هذه الغازات الضارة مرتين نظراً لنمو عدد السكان في العالم.

الطاقة البديلة ويرى الخبير الألماني ان الطاقة الكهربائية في الدول الصناعية تتوفر للجميع, وبسبب زيادة تطور التقنية بشكل متواصل, تصل درجة تأثير محطات الطاقة في المانيا الى 45%, كما تصل نسبة ضياع الطاقة في الشبكات الكهربائية 5%, على العكس تماماً للوضع السائد في الدول النامية حيث يتطلب انتاج الكهرباء ما يزيد على ضعف هذه المعدلات بسبب احتراق المواد المنجمية, كماتصل نسبة الخسارة في مجال نقل الطاقة الكهربائية الى 40% وفي اطار الانتاج الصناعي فإن الاستهلاك النوعي للطاقة اعلى بمعدل 20%. ويحتل ترشيد الطاقة في المناطق الصناعية والمناطق المكتظة بالسكان في الدول النامية مرتبة متقدمة من الاهمية, بل ان هذا الترشيد الذي يتم عبر تحسين استخدام الطاقة يمثل اهم مصدر من مصادر الطاقة. ويرى تسافادتسكي انه يمكن للطاقات المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمواد العضوية ان تلعب دوراً مهما في مجال تجهيز الطاقة وحماية المناخ مستقبلا. ودعا الى ضرورة وضع خطة شاملة لهذه الطاقات المتجددة منذ الآن وتوفير الوقت اللازم لذلك, وتصل نسبة الطاقات المتجددة في مجال الطاقة الاقتصادية الأولية حوالي 6% وعند حساب استخدام المواد العضوية والحيوية في الاقطار النامية فإن هذه النسبة تصل الى 15% وذكر ان استغلال الطاقات المتجددة سوف يزداد مستقبلا على حساب احتياجات الطاقة الاولية في الوقت الحاضر. ويرى العديد من الخبراء انه لابد من انقضاء عدة عقود من السنين قبل ان تحتل مصادر الطاقات المتجددة حصة كبيرة في انتاج الطاقة اكثر مما هي عليه الآن, فالعالم الصناعي سيظل يعتمد بالدرجة الأولى على مصادر الطاقة الأولية في الخمسين سنة المقبلة على ادنى تقدير, الامر الذي يعني بالنسبة ليورجن تريتين وزير البيئة وحماية الطبيعة في ألمانيا ضرورة التوسع في مصادر الطاقات المتجددة بأقصى سرعة ممكنة, ويأمل تريتين من ذلك تحسين تجهيز الطاقة ورفع مستوى المعيشة في العالم الثالث, ويركز اهتمامه على مساهمة هذه القطاعات المتجددة في حماية المناخ ويذكر ان المؤتمر الدولي الذي عقدته الأمم المتحدة حول البيئة والتنمية في (ريو دوجانيرو) قبل سنوات أدى إلى دفعة كبيرة في هذا المجال اذ كان يهدف الى توفير تجهيز للطاقة بصورة تتناسب مع البيئة والمناخ خاصة على المدى البعيد, وقد صادقت اكثر من 150 دولة حتى الآن على اتفاقية المناخ الدولية التي تنص على ان الطاقة هي اهم العوامل اللازمة لتوفير اقتصاد صحيح وتنمية اجتماعية وتحسين مستوى المعيشة, مع التأكيد على خفض الغازات الضارة التي تتسبب في انحباس الحرارة وغيرها من المواد والغازات ينبغي ان تتحقق من خلال جهود كبيرة وتحول متزايد وحثيث الى مصادر طاقة اكثر ملاءمة للبيئة, وخاصة مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة, ويجب استخدام كافة مصادر الطاقة في اطار يحافظ على الصحة والبيئة) .

م/عارف سمان

©موقع مركز المدينة للعلم والهندسة -    اتصل بنا لأي مشكلة أو اقتراح