سلبيات ترسية المشاريع الحكومية على أقل العروض

سلبيات ترسية المشاريع الحكومية على أقل العروض

 

عند الرغبة في انشاء مشروع تشييد عام فإن الإجراءات المتبعة هي طرح ذلك المشروع في مناقصة عامة يتبع فيها خطوات قد تختلف بشكل جزئي من بلد إلى أخر ولكنها  جميعاً تسعى إلى ترسية المشروع على العرض الأفضل مع تحقيق العدالة لجميع المتنافسين .

وللوصول إلى العرض الأفضل هناك مرحلتان هامتان يجب إيلاؤهما القدر الكافي من الاهتمام . ففي المرحلة الأولى ، وهي ما قبل أو أثناء طرح المناقصة ، يجب التأكد من أن جميع المتنافسين تتلاءم قدراتهم وإمكانياتهم الذا تية ( فنية ، مالية ، تنفيذية ، إدارية ) مع المشروع المطروح في المناقصة ، حتى يمكن الحصول على عروض دقيقة ومدروسة مما يسهل عملية اختيار العرض الأفضل . أما بالنسبة للمرحلة الثانية فهي مرحلة تحليل العروض ، فللتأكد من ترسية المشروع على العرض الأفضل يجب التأكد من أن خطوات التحليل ودراسة العروض تتم على الوجه الصحيح وبشكل دقيق لا يدع مجالاً للآحتمالات . وللوصول إلى ذلك فإنه يجب أن تتم عمليات تحليل العروض من النواحي الفنية والمالية كل منها على حدة لأن دراسة وتحليل العروض من الناحية المالية لاتستهلك وقتاً طويلاً لحسابها والتأكد من صحتها ، بينما تحليل ودراسة النواحي الفنية تحتاج إلى مختصين لديهم خبرة كافية في عمليات تحليلل العروض كما يجب أن يكون لديهم الخلفية الكافية لجميع متطلبات وأهداف وظروف المشروع المراد إنشاؤة لتتم عمليات التحليل والدراسة للعرض بشكل موضوعي ودقيق .

ولان ترسية المشروع على أقل العروض دون التحليل الوافي قد يؤدي إلى عدم اختيار العرض الأفضل مما يؤثر وبشكل سلبي على المشروع ويعرضه إلى مشاكل لا حصر لها من عدة جوانب قد تؤدي في بعض الأحيان إلى إيقاف المشروع أو تغيير المقاول ، ومن الأمثلة على هذه الجوانب التي قد تتأثر بالترسية غير الصحيحة ما يلي :

الجوانب الفنية

إن عدم ترسية المشروع على المقاول المناسب يتسبب في تنفيذ المشروع بشكل غير جيد وبجودة أقل بكثير مما يجب وذلك لعدم معرفة المقاول بأبعاد المشروع وعدم إلمامه بجوانبه وذلك لقلة خبرته حتى ولوكان مصنفاً من الفئة المطلوبة للمشروع كما أن تقديم عرض منخفض يدفع المقاول إلى المحاولات الكثيرة وغير المنطقية لتقليص تكاليف المشروع باستخدام طرق تكون في أغلب الأوقات مرفوضة في عمليات التنفيذ لأنها تسبب في انخفاض مستوى الجودة والنوعية للمشروع . كما أنه قد ينفذ المشروع بشكل يصل إلى الحد الأدنى من القبول لدى المالك عند الستلام ، ولكن وللأسف فقد اكتشف في كثير من المشاريع أثناء عملية التشغيل وجود عيوب كثيرة ، ورغم أن عقد الأشغال الموحد يحمي المالك في مثل هذه الأحوال إذ ينص على أن المقاول مسؤول عن العيوب الناتجة عن سؤء التنفيذ وذلك لمدة سنة من فترة تشغيل المشروع ، ولكن مجرد الدخول مع المقاول في مطالبات ومنازعات بحد ذاته من الأمور غير المرغوب فيها . كما أن تقديم العرض المنخفض يدفع المقال إلى استخدام مقاولين من الباطن على درجة أقل من المطلوب مما يؤثر وبشكل سلبي على جودة المشروع. 

 

الجوانب المالية

قد يحاول المالك تقليل ميزانية المشروع الذي يرغب في إنشائه وذلك بالترسية على أقل العروص المقدمة متنازلاً بذلك عن عدة نقاط هامة جداً في المشروع ومتناسياً أن هذه التنازلات والترسية على المقاول غير المناسب تعرضه في أغلب الأحيان إلى الدخول في منازعات وخلافات غير مرغوب فيها مثل التأخير في وقت المشروع أو رداءة التنفيذ أو عدم التقيد بالمواصفات التصاميم المعتمدة أو الشروط المتنفق عليها في العقد ، مما قد يؤدي إلى استنزاف المواد المالية والبشرية الضخمة للأجهزة المرتبطة بالمشروع ، حيث توجه موارد تلك الأطراف إلى جهود في غالب الأحيان غير منتجة مما يضطر الجهة المستفيدة من المشروع إلى دفع مبالغ إضافية غير متوقعة تصل في بعض الأحيان إلى أضعاف ماكان مخطط له وقد تفوق أعلى  عرض كان مقدم للمشروع في بعض الأحيان . 

 

الجوانب الزمنية

 

إن هذا  الجانب يتأثر بشكل رئيسي لأنه عند البدء في منازعات بين أطراف العقد فإن ذلك يؤدي إلى تأخير أكيد في الوقت المحدد للمشروع وتأخير الاستفادة من تلك المنشأة في الوقت المناسب ، وهذا ما لايرغب فيه المالك بكل تأكيد ، إضافة إى أن ذلك التأخير قد يؤدي إلى إلى المطالبات والتقدم إلى الجهات المسؤول لرفع شكوى من الجهة المتضررة مما ينتج عنه الدخول في قضايا ومطالبات ترهق وتشغل كبار المسؤولين لتلك المصلحة الحكومية وذلك بكثرة الاستفسارات والبيانات المطلوبة لإثبات الحق ، وغيره من التبعيات الرتيبة والمزعجة والبطيئة . وبكل تأكيد لم يكن هذا هو الهدف من قرار إمنشاء هذا المشروع . لذا فإنه يجب على من يتولى مهام تحليل ودراسة عروض المشاريع العامة ومن ثم ترسيتها أن يولي عملية اختبار العرض المناسب أهمية قصوى منعاً لنشوب اشكالات غير مرغوب فيها بتاتاً من جميع أطراف العقد .

من المعروف ان أن الإجراءات الأساسية المعتمدة في عمليات ترسية المشاريع العامة تشمل التصنيف المسبق للمقاولين من قبل وكالة تصنيف المقاولين ودعوة المقاولين المنتافسين على مشروع معين وذلك من خلال الإعلان عنه في الصحف الرسمية ، ومن ثم استلام وفحص جميع العروض واختيار العرض الأفضل . ومع أنه من المفترض أن تكون هذه الإجراءات كفيلة بالترسية الصحيحة ، إلا أنهه من خلال مناقشى أطراف عقود بعض المشاريع العامة التي تم إبرامها في السابق وبالإطلاع على بعض الدراسات السابقة والتي سيتم الإشارة لها لاحقاً تبين أن هنالك مشاكل كثيرة في تنفيذ المشاريع العامة مما يدل على وجود ضعف في إجراءات الترسية المتبعة حالياً . لذلك أراد الباحث دراسة تلك الإجراءات وطرح استبيان على أطراف العقد ليتمكن تحديد نقاط الضعف والمسببات الرئيسة وراء تلك المشاكل ومعرفة المعايير الواجب إتباعها لتحديد دقة ومعقولية أفضل العروض من جميع النواحي ، ليمكن بالتالي الحصول على عروض مدروسة لمتنافسين أكفاء فقط عند طرح أي مناقصة حكومية والترسية على أفضل العروض .

 

مجلة المهندس

  

إعداد م/عارف سمان        -         موقع مركز المدينة للعلم والهندسة ©          -    اتصل بنا لأي مشكلة أو اقتراح