أبناء العرب وموقعهم من التعريب والترجمة - مجموعة المكتبيين العرب

الصفحة الرئيسية دليل المواقع Call to Islam اتصل بنا
الموضوعات التقنية الموضوعات الدينية الحياة الزوجية وتربية الأطفال المكتبات والمعلومات
التعليم في بلادنا أخبار محلية أخبار عالمية سجل الزائرين

العنوان: أبناء العرب وموقعهم من التعريب والترجمة

التاريخ : Oct 25, 2005

المصدر:  amiraahmed906 أحد أعضاء مجموعة المكتبيين العرب

نص الموضوع :

وردت في لسان العرب ان الترجمة هو المفسر كما ورد في مختار الصحاح ان
الترجمة هي تفسير الكلام بلسان اخر والترجمة تعني نقل معنى نص من لغة
الى ما يطابقه في لغة أخرى، وفي عصرنا عصر الانفجار المعرفي، عصر القرية
الكونية، عصر شبكات المعلومات والتلفزة عبر الاقمار الصناعية، عصر حوار
الحضارات وعصر الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين الدول اكتسبت الترجمة
اهمية قصوى وبعداً استراتيجياً فرضه واقع العصر على جميع دول العالم
غنيها وفقيرها.
"الرياض" استضافت عددا من الاكاديميين المتخصصين في هذا المجال لمناقشة
هذا الموضوع الحيوي.
د. محمد بن عبد الله آل عبد اللطيف عضو الهيئة التدريسية بجامعة الملك سعود
يقول: تمارس الترجمة في جميع انحاء العالم العربي بشكل يفوق ما يعتقده
الكثير من المهتمين، بل انني اعتقد ان جل ما كتب في تاريخنا الثقافي
الحديث وما يكتب الآن على المستويين العلمي والثقافي هو في الواقع ترجمة
جلها من مصادر غربية وجزء من معضلتنا الثقافية اليوم هي عدم قدرتنا على
انتاج ثقافة أصيلة خاصة بنا. وهناك الآن أصوات تطالب بقوة بالعودة الى
جذورنا الثقافية بعد سنوات طويلة من التغريب وبعد تجربة طويلة من
التسوق في دكاكين "التشليح" الثقافي في الغرب. الرومانسية والحداثة وما
بعد الحداثة والأنوثة والنقد الثقافي والخطاب والحوار كلها مصطلحات
وأنماط فكر عربية، والمثقفون قسمان قسم يؤمن بعالمية الثقافة وان ما
يصلح للبرازيل يصلح لليمن، ولذلك فهو يمارس عملية الترجمة بشكل مكثف
وغير متحفظ وقسم يؤمن بخصوصية الثقافة وتفرد التجارب الحضارية وانا
أشاطرهم الرأي وهؤلاء يمارسون الترجمة بشكل اكثر اعتدالاً الذين يعلقون
آمالاً كباراً على الترجمة هم في الغالبية من القسم الاول كل سعيد برأيه
والاختلاف لا يفسد للود قضية.
ويعزو د. محمد العبداللطيف اقتصار الترجمة على المؤلفات الغربية الى
اننا ومنذ مائتي عام لا زلنا مبهورين بالغرب ونتشبه بالغرب ونستهلك
بضائع الغرب وسلعه والثقافة سلعة من بين السلع ولم نترجم من الدول
الاسلامية لاننا انفصلنا منذ ذلك الوقت عن عمقنا الحضاري الاسلامي شرقاً
واتجهنا غرباً ثم ان الشرق الاسلامي ما زال حاله حالنا يمر بمرحلة ارهاص
نهضوي وما يحاول الغرب القيام به اليوم هو إجهاض نهضتنا ونهضتهم.
ويؤكد د. محمد العبداللطيف ان علاج تنسيق الترجمة بين الدول العربية
بسيط جداً وهو احترام حقوق النشر وحقوق المؤلفين والكتب التي تترجم في
أكثر من مكان بالعالم العربي هي في أغلبها كتبت وترجمت بدون إذن من
الناشرين الاصليين وموضوع تنسيق المصطلحات في العالم العربي موضوع مختلف
ويعتمد كلية على تنسيق الثقافة وتشجيع تبادلها بين بلدان العالم العربي.
ثم اذا كان هناك بين معظم دول العالم العربي ازدواج ضريبي وازدواج في
نقاط التفتيش الجمركي وفي وثائق السفر وازدواج في الانتاج الاقتصادي الى
آخر ذلك من الازدواجيات، فمن غير الطبيعي الا يكون هناك ازدواج ثقافي
ومصطلحي.

وضعنا سيء لغاية
في حين بدأ الدكتور عبدالله بن محمد الحميدان عميد كلية اللغات والترجمة
في جامعة الملك سعود محبطاً ومتشائماً وهو يقول: اعتقد ان الجهود
المبذولة في مجال الترجمة والتعريب ما زالت مخيبة للآمال ولا اعتبر نفسي
متشائماً اذا قلت انه اذا ما بقينا على هذه الوتيرة فاننا ننتقل بسرعة
عالية من سيء الى أسوأ ولا أدل على ما أرمي اليه مما ذكره التقرير
التابع لمنظمة اليونسكو العالمية (عبر مكتبها في القاهرة التابع لجامعة
العربية) إذ ذكر بالحرف ان مجمل ما ترجمه العرب منذ عهد الخليفة
العباسي المأمون حتى تاريخه لا يساوي ما تترجمه اسبانيا سنوياً وأن مجمل
ما يترجم في الوطن العربي برمته من الخليج حتى المحيط سنويا لا يساوي ما
تترجمه اليونان سنوياً وهي دولة لا يزيد تعداد سكانها على ستة ملايين نسمة
تقريباً، اما اذا ما تحدثنا عن اسهام التعريب في رفع مستوى الطلاب ودفع
عجلة التقدم العلمي فهذا أمر حتمي تؤكده الدراسات التربوية والابحاث
التي عالجت مسألة التعريب والمؤتمرات التي نادت وناشدت الاسراع في تفعيل
تعريب العلوم، ولكن الأزمة انه لا تتوفر لدى الطالب العربي ما يكفي من
المراجع العلمية بلغته الأم واذا ما كان هذا العصر عصر المعلوماتية فكيف
يمك
ننا مواكبة العصر ونحن لا نقرأ عما يدور حولنا مرة علوم ومعارف إلا النذر
اليسير بلغتنا الأم ببساطة يمكن اعتبارنا جهلة هذا القرن وكما قال احد
الغربيين "لقد ازداد العرب فناً ولكن لم يزدادوا تقدماً". وقد يكون الامر
اكثر خطورة فقد اثبتت الدراسات ان اللغة لها علاقة كبيرة بالادراك
والتخيل والتفكير وحتى الاحلام فهي وعاء لها جميعاً ما يؤدي الى الاستنتاج
ان الانسان لا يمكن ان يبدع بلغة اخرى غير لغته، وبالتالي فانه سيستمر
فرداً مستهلكاً لا منتجاً على المستويين المادي والابداعي.
ويضيف د. الحميدان: بما ان الغرب هو الذي يقود عجلة التقدم العلمي الآن
ولأن معظم الاكتشافات تكتب بالانجليزية او تترجم اليها كي تصل الى عالم
الشهرة واما عن الدول الاسلامية فهناك عدد قليل منها تتمتع ببعض التقدم
العلمي مثل ماليزيا وربما باكستان وهذه الدول وغيرها تعلم علومها
بالانجليزية اضافة الى لغتها الأم التي هي ليست عربية بطبيعة الحال، اما
معلومات الشرق التي تصدر في اليابان والصين فلا تفرق عنها الكثير لاننا لا
نجيد هذه اللغات ولأن معلوماتها ترد ايضاً باللغة الانجليزية واسجل هنا
ملاحظة ايجابية في ان كلية اللغات والترجمة في جامعة الملك سعود تدرس
بعض اللغات الشرقية ومنها اليابانية عسي ان تفتح نافذة ولو صغيرة تمر
من خلالها معلومات ومعارف هذه الدول الينا مباشرة.
وعن غياب التنسيق في مجال الترجمة والتعريب بيّن د. الحميدان بان أمره
عويص حقاً ومعالجته ليست سهلة اذا ما أخذنا تمزق العالم العربي واختلافه
اليوم على البديهيات بعين الاعتبار، وقد حاولت جامعة الدول العربية
ايجاد هذا التنسيق بانشاء مكتب تنسيق التعريب في الرباط بالمغرب، ولكن
ارى ان هذا المكتب قد تعثر أداؤه واصبحت الفائدة المرجوة منه محدودة
جداً لاسباب ادارية وتنظيمية مما يدعونا لمناشدة الجامعة لتصحيح وضعه،
ولكن قد يكون لمركز الملك فهد العالمي للترجمة والتعريب المزمع انشاؤه
دور هام في مجال التنسيق بين المترجمات. ومن الطبيعي ان يتوقف النجاح
في ذلك على تعاون الناشرين والجامعات وحتي المترجمين في هذا المجال،
فمن خلال تبادل المعلومات بين دور النشر الخاصة والعامة في العالم
العربي يمكننا حصر ما يترجم الان وما قد تم ترجمته وما ينبغي ترجمته
مستقبلاً وتوضع هذه المعلومات في قاعدة بيانات بموقع المركز ليتمكن
الجميع من استشارة القاعدة قبل الشروع في الترجمة.
ويؤكد د. الحميدان بانه اذا ما استمرت امور الترجمة والتعريب في العالم
العربي على هذه الوتيرة فلن يمضي وقت طويل حتى تصبح أمة العرب جهلة
القرن الحادي والعشرين لأن العلوم تتدفق كالتيار الجارف من كل حدب وصوب
شرقاً وغرباً وابناؤنا امامهم تحد في فهم المادة العلمية التي تحتاج الى
تركيز شديد ولغة يفهمها تماماً وتحد آخر في كون هذه المادة العلمية قد
كتبت بلغة اجنبية يعجزون عن فك طلاسمها في غالب الوقت.
فهل يعقل ان يتعلم الانسان العربي كل لغات العلوم الحديثة كالانجليزية
واليابانية والالمانية والفرنسية والروسية.. الخ لكي يتعلم ما كتب بها
من علوم تتعلق بتخصصه. العقل والمنطق هو ان تترجم هذه العلوم وتقدم له
بلغته ولغة قومه ولكن كيف؟ الاجابة كما تفعل كل دول العالم الحي اليوم
من خلال اقامة مراكز متخصصة ومؤهلة ومدعومة مالياً ومعنوياً من اعلي سلطات
الدولة كي تقوم بدورها في رفد المجتمع بالدم الجديد من العلوم التي
ستمكنه من مواكبة ما يجري حوله عن طريق الترجمة لتكون رافداً هاماً من
روافد التعريب.
ويواصل د. الحميدان بانه ما يلفت النظر في جامعات الدول العربية
وكلياتها العلمية والتقنية وفي اغلب جامعات وكليات العالم العربي ان
يكون الطالب عربياً والاستاذ عربياً والجامعة او الكلية تخدم مجتمعاً
عربياً، ولكن الطالب العربي يدرس العلوم والتقنية فيها باللغة الاجنبية،
لقد أوصى خبراء منظمة اليونسكو باستخدام اللغة الأم في التعليم لأعلى
مرحلة ممكنة واعترفت الامم المتحدة باللغة العربية لغة عمل في جميع
منظماتها، ولكن غالبية الدول العربية التي ناضلت للحصول على ذلك
الاعتراف لا زالت لم تستعمل اللغة العربية في تدريس العلوم والتقنية في
جامعاتها وكلياتها العلمية والتقنية.
إن من اغرب المفارقات التي تستدعي البحث ان تستمر الدول العربية في
تدريس ابنائها بلغة اجنبية مع انها تمتلك لغة من افضل اللغات وما يبرز
المفارقة للطالب العربي ان نظراءه في جميع دول العالم يدرسون في مراحل
تعليمهم العالي العلمي والتقني وغيرهما بلغاتهم الأم، اما الطالب العربي
فيتلقى معظم تعليمه العالي وخصوصاً العلمي والتقني في غالبية الدول
العربية باللغة الاجنبية التي فرضها الاستعمار لضمان تبعية الأمة العربية
له علمياً وتقنياً ثم بالتالي اقتصادياً وإبعاد امكانية نبوغ الأمة العربية
علمياً باضعاف اللغة العربية.
إن من التناقض ان نسعى الى تحقيق التنمية من خلال توطين التقنية
واستنبات العلوم في بلادنا ولكن في الوقت نفسه نصر على تدريس العلوم
والتقنية باللغة الاجنبية التي قد لا يتقنها طلابنا متجاهلين ان الاستمرار
في ذلك يضعف حصيلة طلابنا العلمية والتقنية ويعزل العلم والتقنية عن
المجتمع ويحد من اشاعتها وتيسيرها للدارسين ويلغي تأثيرها وتفاعل
المجتمع معها.. ومن المؤسف ان القيادات الجامعية والعلمية والتقنية في
الوطن العربي بوجه عام تجاهلت هذه المشكلة التعليمية والتنموية الملحة
في الدول العربية ولا يزال قسم كبير منهم يعتقد ان التقدم عملية آلية
تنجز عندما نجبر طلابنا على تلقي العلوم بلغة اجنبية ولكن عند النظر في
تاريخ الأمم والحضارات قديمها وحديثها نري ان جميع شواهده تشهد بجلاء انه
لم تتقدم أمة ما لم تيسر العلم لابنائها بلغتهم الأم. ان تعريب التعليم
العلمي والتقني في الدول العربية مطلب تنموي وحضاري لا يحتمل التأجيل
هدفه استنبات العلم الحقيقي بلغتنا العربية لبناء المواطن الذي سيكون
سلاحه في عصر ما بعد التكتلات السياسية والثقافية والاقتصادية والعولمة هو
الإيمان بالله والعلم والتقنية والتصنيع لخدمة وطنه ومجتمعه.

اجتهادات شخصية
من جانبه بيّن الدكتور احمد بن عبدالله البنيان استاذ اللغويات المشارك
وعميد كلية اللغات والترجمة بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية بان
للترجمة دورا في مد الجسور بين الحضارات المختلفة عبر العصور فهي بلا شك
تنمي الثقافة العالمية، فالجهود المبذولة على مستوى العالم العربي في
مجال الترجمة جهود مشكورة وهي في الوقت الراهن لا تخلو ان تكون اما
اجتهادات فردية او على المستوى الرسمي.
والترجمة من حيث مجمل ما ترجم وما هية ما ترجم فهي دون المطلوب ولا توجد
لدينا حالياً احصائية حديثة عن عدد ونوع ما ترجم الى يومنا الحاضر، ولكن
بالرجوع الى ما هو متوافر لدينا نجد ان بعض الدراسات اوضحت ان ما ترجم
الى اللغة العربية بين عامي 19481968م في الوطن العربي لا يزيد على
اربعة آلاف كتاب.. بالمقابل نجد ان ما ترجم الى اليابانية في عام واحد (
1975م) يصل الى مائة وسبعين الف كتاب وأفادت احدى رسائل الماجستير التي
تناولت حركة الترجمة بالسعودية ان اجمالي ما ترجم في 62عاماً ( 13511412
ه) لم يتجاوز 502كتاب فقط اي ما يقارب ثمانية اعمال سنوياً تقريباً ان
اعمال الترجمة والتعريب لا تتكافأ مطلقاً مع البحر المتدفق من المعلومات
والاكتشافات العلمية. بان للتعريب دورا مهما وهناك بعض الدول نشطت في
هذا المجال مثل سوريا حيث تم تأسيس المعهد الطبي في دمشق الذي اعتمد
منذ عام 1919م اللغة العربية تدريساً وتأليفاً.
ويضيف د. البنيان: في الواقع هناك ترجمات لمؤلفات تصدر في الشرق وفي
الدول الاسلامية، ولكن من حيث الكم فبلا شك ان ما ترجم من مؤلفات غربية
بعد اكثر ما ترجم من غيرها من المواقع.
وجاء هذا الفرق بسبب التقدم العلمي والتقني في اوروبا وامريكا وكذلك
بسبب البعثات الدراسية لتلك المناطق.
ويضيف: ان حركة الترجمة الحالية في حاجة ماسة الى مزيد من مؤسسات
التنسيق والبرمجة والتخطيط لكي نحيط بمخرجات الترجمة وبذلك نحقق الاهداف
المرجوة من حيث الكم والكيف المترجم، وبذلك يتم توجيه الترجمة الى كل
ما هو مفيد ونافع. فغياب التنسيق وما طرأ من ازدواجية في العمل المترجم
جاء بسبب عدم وجود الخطة الموحدة. ولكي نتجنب الازدواجية فلابد من وجود
مركز وطني للترجمة يعنى بأمور الترجمة والتعريب وبالنسبة للمملكة
العربية السعودية فلقد سعدنا أيما سعادة عندما اعلن عن انشاء مركز
الملك فهدالعالمي للترجمة. ومن اهم ما يمكن ان يقوم به هذا المركز هو
وضع ببلوغرافيا الاعمال المترجمة الى العربية من مختلف اللغات واتاحة
هذه الببلوغرافيا عبر شبكة الانترنت لكي يسهل الرجوع اليها من قبل
المهتمين بالترجمة من مختلف بقاع الارض وأيضاً من اهم ما يقوم به هذا
المركز محاولة الحد من فوضى المصطلحات والعمل على توحيدها عبر طرق
علمية محددة..

ليس هناك تنسيق أو خطط
ويختتم الدكتور محمد بن ابراهيم الأحيدب كلية اللغات والترجمة بجامعة
الامام محمد بن سعود الاسلامية التحقيق بمشاركة قيمة قال فيها: ان الجهود
المبذولة في مجال الترجمة على مستوى الوطن العربي محدودة وغير مجدية..
صحيح ان هناك حركات للترجمة في أجزاء متفرقة من الوطن العربي ولكنها
جهود مبعثرة وغير مخطط لها، وذلك لافتقادنا الى وجود خطة موضوعة ليس على
مستوى الوطن العربي فحسب، ولكن على مستوى كل دولة على حدة. وعلى الرغم
من وجود مكتب لتنسيق التعريب تابع لجامعة الدول العربية، إلا ان التنسيق
مفقود بين دولنا ونحن لا نطمح الى تنسيق على هذا المستوى الكبير بين
الدول العربية،
ولكن يكفي ان تكون هناك نية وخططا موضوعة على مستوى كل دولة او مجموعة
دول كدول مجلس التعاون الخليجي مثلاً، ولكي تنجح اية خطة للترجمة لابد
للحكومات العربية ان تؤمن بأن الترجمة هي طريقنا الوحيد للحاق بركب
التقدم العلمي. ولنا في تاريخنا العربي المجيد خير دليل على ذلك فقد
بدأت اولى محاولات الترجمة في عهد الدولة الاموية ثم ازدادت توسعاً حتي
بلغت أوجها في عهد الدولة العباسية وفي زمن الخليفة هارون الرشيد وابنه
المأمون. ففي ذلك الزمن انشئت دار الحكمة وهي عبارة عن هيئة للترجمة
أوكل لها ترجمة التراث الاغريقي الى العربية. وقد كان الخلفاء يعرفون
قدر وأهمية الترجمة ويرون ان الخليفة كان ينقد المترجم وزن الكتاب ذهباً
اذا أتم ترجمته ولولا الله سبحانه وتعالى ثم هذه الترجمات لما تطورت
الحضارة العربية التي كانت آنذاك مركز اشعاع للعالم اجمع وكان الطلبة
يتوافدون على حواضر الخلافة في بغداد ودمشق والاندلس للدراسة على ايدي
العلماء العرب ويكفينا فخراً نحن العرب ان مؤلفات وترجمات العلماء العرب
كانت تدرس في اوروبا حتى القرن الثامن عشر، فالعرب اعادوا اكتشاف
العلوم الاغريقية والهندية والصينية وزادوا عليها من تجاربهم وقدموها
للحضارة الانسان
ية جمعاء فتلقفتها اوروبا واستفادت منها وزادت عليها الى ان سادت
اوروبا العالم بما حصلت عليه من علوم ومعارف.
اما قضية التعريب فلم تهتم بها سوى الدول العربية المغاربية التي كادت
هويتها العربية ان يطمسها المستعمر الفرنسي. وفي المشرق العربي لم يعرب
التعليم الجامعي إلا في دول معدودة كسوريا والاردن والعراق وفي كل هذه
الدول كان قرار التعريب سياسياً ملزماً للجامعات. ما جعلها تضع خططاً
لترجمة المراجع العلمية في كلياتها.
ويجب ان نعلم ان العلم لا يمكن توطينه في وطننا العربي اذا لم ندرسه
باللغة العربية التي يفهمها الطلاب جيداً بوصفها لغتهم الأم غير ان
التعريب لا يعنى بأي حال من الاحوال ان نهمل اللغات الاجنبية وخاصة اللغة
الانجليزية، بل لابد من الاهتمام بها لان اللغة الانجليزية هي لغة العلوم
والتقنية في زمننا هذا، وجميع الابحاث والكتب تكتب غالباً بهذه اللغة
العالمية..
واهم شيء في قضية التعريب هي توحيد المصطلحات العلمية واعتقد ان مدينة
الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لديها مخزون كبير من هذه المصطلحات
المعربةة فيما يعرف بمشروع "باسم" وينبغي اذا توفرت القناعات لدى
المسؤولين لتعريب تعليمنا الجامعي، ان نستفيد من مدينة الملك عبدالعزيز
وجهودها المباركة في هذا الميدان. كما ان مكتب تنسيق التعريب يساهم
بشكل كبير في قضية توحيد المصطلحات العلمية.
ويرى د. الاحيدب باننا اذا اقدمنا على تعريب التعليم الجامعي سنساهم
بشكل كبير في توطين العلوم في بلادنا ودفع عجلة التنمية والتقدم العلمي.
ويجب الا ننسى ان دولاً متقدمة وكبيرة مثل روسيا واليابان والمانيا تدرس
العلوم بلغاتها القومية وتهتم في الوقت نفسه باللغة الانجليزية بوصفها
لغة العلم
والتقنية. فهذه الدول تقوم بترجمة ما يكتب باللغة الانجليزية الى لغاتها
القومية ليستفيد منه الطلاب والعلماء على حد سواء. وفي مطلع الثلاثينات
الميلادي قامت روسيا بتجنيد الف عالم وفرغتهم لترجمة الكتب والابحاث
العلمية المكتوبة باللغة الانجليزية وعن طريق هذه الترجمات بنت روسيا
نهضتها العلمية والعسكرية والشيء نفسه يمكن ان يقال عن بقية الدول الاخرى
.
ونادى د.. محمد الاحيدب بضرورة انشاء مركز وطني للترجمة والتعريب تكون
مهمته التخطيط للترجمة في بلادنا وجميع هذه الجهود المبعثرة في جامعاتنا
ومؤسساتنا العلمية وقطاعنا الخاص والعمل على توحيد المصطلحات بالتنسيق
مع الجهات المهتمة في خارج الوطن.
كما يمكن لهذا المركز ان يشرف على عملية تعريب التعليم الجامعي اذا ما
توفرت القناعات بذلك وبالتنسيق مع جامعاتنا التي تفخر بوجود كفاءات
علمية سعودية وعربية يمكنها ان تساهم بشكل كبير في اعمال هذا المركز
المقترح.
ولكي ينجح هذا المركز لابد لها من هيئة رسمية مستقلة بميزانيتها
الكافية فبدون الدعم المالي لا يمكن لأي عمل على الاقل في بدايات تأسيسه
ان ينجح،،ومن الملاحظ ان أمور البحث العلمي والترجمة لا تلقى الدعم
المالي الكافي حتى في جامعاتنا. وهذا أمر يدعو الى الغرابة لان هذه
المجالات هي التي يمكن ان تساهم في نقلتنا النوعية في مجالات العلوم
والتقنية وما يرتبط بها من أمور تصب في مصلحة الوطن بشكل عام.