المبحث الثالث
السلاطين ودورهـم في نشر القبورية في اليمن
المطلب الأول: السلاطين هم وراء مظاهر القبورية في اليمن قبل الصوفية:
لعل أعظم نزعة لدى السلاطين دفعت بهم إلى إنشاء
المشاهد ومظاهر العظمة على القبور: هي أبهة الملك،ومحبة استمرار ناموس الملك بعد
الوفاة كما كان حال الحياة،كما صرح به المقريزي وهو يتحدث عن تربة أسرة آل قلاوون
بالقاهرة
[131]،مع
بواعث أخرى تقدم الحديث عنها في الفصل الثالث،[132].
ومن أجل الباعث الأول المشار إليه أصبح السلاطين
وراء معظم مظاهر القبورية في اليمن، فأول مشهد عرف وثبت وجوده في اليمن على الإطلاق
هو مشهد الزياديَيْن، الذي بناه مولاهما نجاح على جثتيهما عندما أنزلهما عن الجدار،
وقد تقدم
[133]،كما
أن السلطان أسعد بن وائل من أوائل من دفُنوا في المساجد في الديار الشافعية إن لم
يكن أولهم
[134].
وأول قبة بنيت في حضرموت على الإطلاق هي قبة
السلطان مسعود بن يماني المتوفىَّ سنة (هـ648)
[135]،
وهذه المشاهد كلها قبل رسوخ التصوف في اليمن، وحتى أول مشاهد الدولة الصليحية التي
سبق الكلام عنها والتي هي أول المشاهد المنظمة والمتوالية- والتي بقي أثرها إلى
اليوم- هي كذلك في بدايتها كان لدافع عظمة السلطان دخل كبير فيها، ثم جاءت الدولة
الأيوبية وكان معظم سلاطينها يدفنون إما في قباب خاصة، كما دفن المعز إسماعيل بن
طغتكين في قبة خاصة به في زبيد تعرف بقبة الخليفة
[136]،
أو في مدارس أو نحوها، ولإعطاء صورة لما علية سلاطين اليمن من اهتمام بالمشاهد
والقباب لأهداف مختلفة أضرب مثالين، أحدهما لإئمة الزيدية، والآخر لسلاطين الدولة
الرسولية، وذلك في المطلبين التاليين.
وأئمة الزيدية
يبنون المشاهد للسياسة ويهدمونها للسياسة كذلك؛ فالدليل على أنهم يبنونها للسياسة
ما بدر من الإمام عبدالله بن حمزة وذلك أنه عاش في آخر القرن السادس وبداية القرن
السابع
[137]،
وهو أول من سن لأئمة الزيدية سنة البناء على المشاهد حيث لم يُسجَّل لأحد من الأئمة
قبل عصره شئ من ذلك.
والذي يظهر لي- والله أعلم- أنه إنما فعل ذلك
مضاهاة لمعاصريه من الأيوبيين الذين عُرِف عنهم أنهم يبنون على قبور سلاطينهم
البنايات الضخمة في مصر والشام
[138]
وفي اليمن كذلك
[139]،فلعله
أراد أن يُظْهِر بذلك شيئاً من أبهة الملك للأئمة وهم أموات كما هي لهم وهم أحياء،
وقد لاحظ ذلك الأستاذ محمد محمود الزييري في كتيِّبه"الإمامة وخطرها على وحدة
اليمن" حيث قال: (بهذه النفسية يمارس الإمام أعباء منصبه،وتكاد هذه الأعباء تنحصر
في استصفاء ثروة الشعب باسم الزكاة وقمع الانتفاضات الشعبية باسم الجهاد وقتال
البغاة، ثم بناء مسجد باسم الأمام تضاف إلى جواره غالباً قبة الضريح لهذا الإمام
تمدّ نفوذه الروحي حتى وهو في القبر)
[140].
وهذا الذي نسبه الزبيري إلى الإئمة يجب أن يحدَّد
بأئمة القرن السابع فَمَنْ بعدهم، وأن أولئك الأئمة قد عمَّروا على معظم قبور
الأئمة السابقين مشاهد وقباباً.
وقد خَطَا هذا الإمام بالقبورية في الديار
الزيدية خطوات كبيرة جداً، إذ لم يكتف بأن يبني لنفسه مشهداً في حياته أو يوصِي أن
يبُنى له ذلك بعد وفاته، وإنما سن ذلك عملياً في حياته بأمر إمامي وتهديد شديد
اللهجة لأهل قرية "لصف " حيث قتِل عندهم أخوه إبراهيم بن حمزة وهو يقاتل الأيوبيين،
فلما حصل ذلك كتب لهم الأمام عبدالله بن حمزة هذه الرسالة يهدِّدهم فيها إذا لم
يبنوا عليه مشهداً أنه سينقل جثمانه عنهم،وهذا نص الرسالة:
(بسم الله
الرحمن الرحيم من عبد الله المنصور بالله أمير المؤمنين إلى كافة الساكنين بلصف من
المؤمنين والمسلمين، سلام عليكم، فإنا نحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو، ونسأله
لنا ولكم التوفيق لما يحب ويرضى0
أما بعد: فقد بلغنا جفوتكم للشهيد الذي توفي بين
أظهركم، وحطَّ رحله بين أفنيتكم، وجاد بنفسه دون بلادكم،واستقبل بوجهه العدوّ صبراً
واحتساباً حين زاغت الأبصار فشلاً، وبلغت القلوب الحناجر وجلاً، وظن قوم بالله
الظنونا جزعاً، وابتلي المؤمنون بالهزيمة امتحاناً، وزلزلوا بالحادثة اختباراً،
فرخص عنده من الموت ما غلا عند غيره، وغلا عنده من الفرار ما رخص عند سواه, وعلم
القصد فتم العزم، ومضى على البصيرة على مناهج السلف الصالح مستقبلاً لكثرة العدو
وعزمه، ومستصغراً لعظيمة نجده، فبلغنا أنكم هاجرون لقبره، قالون لمصرعه، قد صغّرتم
منه ما عظّم الله سبحانه جهلاً، وجهلتم ما علم الصالحون حيرة وشكاً، كأنكم لم
تسمعوا أقوال محمد صلى الله عليه وآله فينا – أهل البيت خاصة – ((أقرب الناس مني
موقفاً يوم القيامة بعد حمزة وجعفر رجلٌ منا أهل البيت خرج بسيفه فقاتل إماماً
ظالماً فقُتِل))، فهلا – رحمكم الله – استشفيتم بتراب مصرعه من الأدواء، وسألتم
بتربة مضجعه رفع الأسواء، واستمطرتم ببركة قبره من رحمة ربكم طوالع الأنواء,
وعظَّمتم حاله كما يُعَظَّم حال الشهداء، وأوجبتم من حقه ما ضّيع الأعداء، وعمَّرتم
على قبره مشهداً، وجعلتموه للاستغفار مثابة ومقصداً، ونذرتم له النذر تقرباً،
وزرتموه تودداً إلى الله سبحانه وإلى رسوله صلى الله عليه وآله وإلينا تحبُّباً،
فقد رُوِّينا عن أبينا صلى الله عليه في حديث فيه بعض الطول أنه نظر إلى الحسن
والحسين عليهما السلام وهما يلعبان بين يديه فبكى فهابه أهل المنزل أن يسألوه، فوثب
عليه الحسين عليه السلام فقال: ما يبكيك ياأبتي؟ فقال: إني سررت بكما اليوم سروراً
لم أسرّ به قبله مثله، فجاءني جبريل فأخبرني أنكم قتلى، وأن مصارعكم شتى، قال: يا
أبتي فمن يزورنا على تباين قبورنا؟ قال:
((قوم من أمتي يريدون بذلك برّي وصلتي إذا كان يوم القيامة أتيت حتى آخذ بأعضادهم
فأنجيهم من أهوالها وشدائدها)).
ألا فاعلموا بعد الذي بلغنا عنكم أنا قد قَلَيْنا
له جواركم، ورغبنا به عن داركم، وعزمنا بعد الخيرة لله سبحانه وتعالى على نقله من
أوطانكم إلى من يعرف حقه، ويتيقن فضله وسبقه، فلو رعيتم له حرمه القرابة وفضل وراثة
النبوة)تأمل(! لعلمتم حرمة
ذلك الدم الزكي، وكثر عليه منكم الباكون، والبواكي، فإن كان ذلك من غرضكم فإنا
نفعله إن شاء الله تعالى، وإن لم يكن من إرادتكم فلسنا بتاركيه بتوفيق الله
سبحانه،والسلام)
[141].
والرسالة لم تقتصر على بناء المشهد عليه بل تعدت
إلى طلب الاستشفاء بتراب مصرعه، والسؤال بتربته، والاستمطار بقبره، فهل كان الإمام
فعلاً- وهو من هو في العلم والعقل والدهاء - هل كان يعتقد ذلك؟! أظنه لم يكن كذلك
وإنما كما قلت سابقاً يريد إسباغ الهيبة وإضفاء المكانة على مشهد وقبر أخيه، ولذلك
فإنه حينما لم يتم الإصغاء إليه فأنه نقل جثمانه إلى قرية الزاهر بالجوف حيث قُبِر
هناك
[142].
والإمام الثاني الذي كرر نفس الأسلوب هو الإمام
يحيى بن محمد حميد الدين الذي أمر في رسالة أخرى قبيلة أرحب ببناء تابوت وقبة على
قبر الإمام أحمد بن هاشم الويسي المتوفي سنة (1269هـ)والمدفون في "دار أعلا" من
أرحب للتبرك به،وهدَّدهم إن لم يفعلوا ذلك بأنه سينقل رفاته إلى مكان آخر، فما كان
من أهل أرحب إلا أن بنوا له قبة ووضعوا على قبره تابوتاً
[143]،
والذي جعلني أدَّعي أن الباعث على ذلك هو السياسة أن الإمام يحيى كذلك كان عالماً
وعاقلاً ولم يكن من السذاجة بحيث يعتقد أن ذلك مما يحبه الله ويرضاه،ثم إنه في نفس
الوقت أو بعده بقليل كان ابنه وولي عهده الإمام أحمد بن يحيى يهدم قبور أولياء
الصوفية في الديار الشافعية كما سيأتي بعد قليل.
تلك هي الحوادث والتصرفات التي تدل على أن أئمة
الزيدية يبنون المشاهد لأجل السياسة وإن كان قد ترتب على ذلك خلل كبير في عقيدة
الكثير من العوام وأشباههم، كما صور ذلك الإمام الشوكاني رحمه الله حين ذكر ما يجري
عند مشهد الإمام أحمد بن الحسين صاحب ذيبين
[144]،
وبعد أن ألِفَ علماءُ تلك البلاد هذه المشاهد -وكان القائمون وراءها أئمة مجتهدين -
ركنوا إلى ذلك الواقع، وأحسنوا الظن بمن سن تلك السنة وتابعوهم عليها، ليس بالفعل
فقط ولكن بالإفتاء أيضاً، وهذه نقلة خطيرة جداً، وتحول كبير في هذا المسار عند
الزيدية، والذي أفتى بذلك هو الإمام الجليل يحيى بن حمزة الذي أثنى عليه الإمام
الشوكاني رحمه الله في البدر الطالع ثناءً عاطراً
[145]،
رغم رده عليه في هذه الفتوى، والفتوى المقصودة هي مانقلها عنه الإمام المهدي في
البحر الزخار حيث قال: (مسألة (ي) ولابأس بالقباب والمشاهد على الفضلاء لاستعمال
المسلمين ولم ينكر)
[146].
ثم تبع الإمام المهدي على ذلك الإمام يحيى فقال
في الأزهار وهو يتكلم عما يندب في القبر ومنه رفعه قدر شبر (وكره ضد ذلك والإنافة
بقبر غير فاضل)[147]
ومن المعلوم أن الإمام الشوكاني قد ردّ على هذه
الفتوى بكتابه المشهور "شرح الصدور في تحريم رفع القبور ".
هذا ما يتعلق ببناء المشاهد والقباب وأما هدم تلك
المشاهد وكونه للسياسة كذلك فهو أظهر، وإليك هاتين الواقعتين:
أما الواقعة الأولى فهي ما حدث من هدم للقبور
المشرفة والمشاهد المقامة عليها أيام الإمام المتوكل على الله المعاصر للشوكاني،حيث
إنه أجاب أئمة الدعوة النجدية إلى هدم بعض المشاهد في صنعاء وما حولها،وكتب بذلك
إلى سائر الجهات، ذكر ذلك الإمام الشوكاني في "البدر الطالع" وصاحب كتاب "حوليات
يمانية " وسيأتي نص كلامهما في الباب الثالث إن شاء الله
[148]،
وقد جزْمتٌ بأن الأمر كان سياسة لا تديناً؛ لأن ذلك الإمام بينما كان يرضخ للنجديين
ويداهنهم كما عبر بذلك صاحب الحوليات كان في نفس الوقت يكاتب الأتراك والمصريين
للقدوم إلى الجزيرة والقضاء على الدولة النجدية
[149].
والواقعة الثانية التي تدل على أن من أئمة
الزيدية من يهدم القبور لأجل السياسة هي حادثة هدم بعض القبور في الديار الشافعية
من اليمن، والتي قام بها الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين حيث أزال القبة التي على
قبر الفقيه أحمد بن موسى بن عجيل عام (1348هـ)، حينما كان والياً للعهد بعد أن تغلب
على معارضة قبيلة الزرانيق – التي كانت تعرف من قبل بالمعازبة- لامتداد نفوذ الإمام
يحيى إلى بلادها ودخولها تحت حكمه، كما أزال الإمام أحمد كذلك التابوت من على قبر
أحمد بن علوان في يفرس من ناحية جبل حبشى عام(1362هـ)
[150]،قد
يقول قائل لم لا تحمل هذا العمل على المحمل الحسن وتجريه على أفضل تقدير وتجعله من
باب إزالة المنكر؟
فأقول: إن الذي يمنع من حمله على ذلك هو عدم
إقدام الإمام أحمد عندما كان ولياً للعهد، أو بعد أن أصبح إماماً على إزالة شئ من
مشاهد البلاد الزيدية، فلو كان الأمر لوجه الله لما فعله في ناحية وتركه في ناحية
أخرى، قد يكون بعض مشاهدها أشد من تلك التي هدمها،كما قال القاضي إسماعيل الأكوع
حفظه الله
[151]،
ومما يؤكد صلة المشاهد الزيدية بالسياسة أن معظم المشاهد المعظمة في الديار الزيدية
هي للأئمة وحواشيهم، وقلّ أن تجد مشهداً لرجل فقير أوضعيف، وإليك قائمة بأهم
المشاهد الزيدية
وستكون إن شاء الله على حسب التسلسل
الزمني لإنشائها:
2) مشهد الأمير
عماد الدين يحي بن حمزة (أخو عبدالله بن حمزة) بمدينة كحلان.
4) مشهد الإمام يحيى بن حمزة (وليس أخا عبدالله
بن حمزة بل هو من ذرية الحسين وليس من ذرية الحسن
[152])ومشهده
بمدينة ذمار.
5) مشهد الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين
بصعدة[153]ومعه
عدد من أبنائه وأحفاده ومشهد الإمام المهدي باني تلك المشاهد.
6) مشهد الإمام صلاح الدين بصنعاء.
7) مشهد الإمام المهدي لدين الله أحمد بن المرتضى
حصن الظفير حجة.
8) مشهد الإمام المهدي صلاح بن علي بن محمد بن
أبي القاسم بصعدة.
9) مشهد الإمام الناصر محمد بن يوسف بن صلاح بن
المرتضى بمدينة ثلا.
10) مشهد
الإمام شرف الدين يحيى بن شمس الدين أحمد بن يحيى المرتضى بظفير حجة.
11) مشهد مدرسة
الإمام شرف الدين بثلا، وفيه عدد من أبنائه وبناته وذويه.
12) مشهد
الأمير صلاح الدين بن شمس الدين بن الإمام شرف الدين بمدينة ثلا.
هذه بعض المشاهد وقد تركت الكثير سواها وهي كلها
موجودة مشاهدة للعيان، وقد كتب عنها كتابة تاريخية أثرية الدكتور علي سعيد سيف في
رسالته المقدمة للدكتوراه من جامعة صنعاء باسم "الأضرحة في اليمن من القرن الرابع
إلى القرن العاشر"، فيمكن لمن أراد معرفتها بدقة أن يرجع إلى هناك.
مع العلم أن أكثر هذه المشاهد تضم إلى جوار من هي باسمه عدداً من أبنائه
وأحفاده وزوجاته، وهذا يثبت أن أئمة الزيدية قد ساهموا في نشر مظاهر القبورية في
جهاتهم كسائر حكام اليمن.
المطلب الثالث: الدولة
الرسولية ودورها في نشر القبورية في اليمن:
الدولة الرسولية منسوبة إلى مؤسسها " نور الدين
عمر بن علي بن رسول" (ت 647هـ)، وقد قامت على أنقاض الدولة الأيوبية،حيث كان عمر بن
علي من قواد هذه الدولة أيام آخر ملوكها الملك المسعود، وحين عزم الملك المسعود على
السفر إلى مكة حيث مات بها، استبد بالأمر ودعا إلى نفسه وخطب له بذلك، ثم توالى
أبناؤه وأحفاده في الملك والسلطنة، وامتدت دولتهم من حضرموت إلى مكة بل في بعض
الأحيان من ظفار إلى مكة، وعاشوا في صراع مع أئمة الزيديه حيناً يأخذون صنعاء وذمار
وحجة، وحيناً يصل أئمة الزيدية إلى زبيد أو إلى تعز أو إب وهكذا، وامتدَّ حكمهم من
سنة (625هـ) إلى سنة (958هـ) وهي مدة طويلة زادت على ثلاثة قرون وقد تميزت هذه
الدولة بالقوة والعظمة والإنجازات الضخمة في شتى الميادين.
ففي العمران فعلت ما لم تفعله دولة أخرى في
اليمن،وكان أكثر ملوكها مشاركين في العلم والأدب فبنوا المدارس وجلبوا العلماء
والمدرسين ووقفوا الأوقاف العظيمة عليها،كما جمعوا نفائس الكتب بل ألفوا الكثير
منها في فنون مختلفة، وفي عصرهم ازدهر التصوف وشجع بعضهم أتباع ابن عربي أصحاب وحدة
الوجود.
وبالجملة فقد كانت هذه الدولة مفخرة من مفاخر اليمن في جوانب كثيرة، كما
كانت فاتحة شر كبير في جوانب أخرى، ومن أهمها فتح الباب أمام التصوف المنحرف
الفلسفي تصوف أصحاب وحدة الوجود الذي ما تزال آثاره ظاهرة إلى هذا التاريخ وإن أفل
نجمه وذهبت دولته، كما أنهم رسخوا القبورية في اليمن من خلال قبور سلاطينهم وتبنيهم
لبناء بعض المشاهد على قبور بعض من يعتقدون فيه الصلاح، هذه هي الدولة الرسولية.
وإليك لمحة عن
بعض قبور الدولة الرسولية:
قبور الدولة الرسولية:
1) الملك نور الدين عمر بن علي بن رسول المتوفى(647هـ)
[154]
دفن في المدرسة الأتابكية في ذي هزيم في مدينة تعز بعد أن نقلوه إليها من الجند
[155].
2) الملك الأشرف عمر بن المظفر المتوفى (696هـ)
[156]
ودفن في المدرسة الأشرفية بمدينة تعز
[157].
3) الناصر بن الأشرف المتوفى (725 هـ)
[158]
ودفن في المدرسة الأشرفية مدرسة والده
[159].
4) الملك المجاهد المتوفى (764هـ)
[160]
ودفن في مدرسته المجاهدية بتعز
[161].
5) الملك الأفضل بن المجاهد
المتوفى (778هـ)
[162]
وحمل من زبيد إلى تعز ودفن في مدرسته الأفضلية
[163].
6) الملك الأشرف بن الأفضل المتوفى (783 هـ)
[164]
ودفن بمدرسته الأشرفية بتعز
[165].
7) الملك الناصر بن الأشرف المتوفى (878هـ)
[166]
ودفن في مدرسة والده الأشرفية
[167].
8) الملك المنصور بن الناصر بن الأشرف المتوفى (830 هـ)
[168]
ودفن بمدرسة جده الأشرفية،وقد كان موته بمدينة زبيد فُحمل إلى تعز
[169].
9) الملك الظاهر يحيى بن إسماعيل المتوفى (842 هـ)[170]ودفن
في مدرسته الظاهرية
[171]
بمدينة تعز.
10) الملك الأشرف إسماعيل بن الظاهر يحيى المتوفى (845 هـ)[172]ودفن
عند والده بالمدرسة الظاهرية بمدينة تعز[173].
هؤلاء الملوك الذين وقفت على التصريح بدفنهم في
المدارس التي بنوها، ولا يبعد أن يكون غيرهم من الأمراء ومن الملوك الذين ولّوا
ولايات قصيرة أو خرجوا على الملوك الرسميين أن يكونوا كذلك قد دفنوا في مدارس أو
مشاهد، بل لا يبعد أن تكون نساؤهم كذلك وقد وقفت على تصريح بواحدة منهن.
11) قال ابن الديبع: وفي السنة المذكورة (836هـ) توفيت أم السلطان الحرة الطاهرة،
أم الملوك جهة الطواشي، جمال الدين فرحان بمدينة زبيد في الثاني عشر من صفر، ودفنت
قريباً من تربة الشيخ طلحة بن عيسى الهتار، وأمر ولدها السلطان الملك الظاهر بإنشاء
مدرسة عظيمة على ضريحها ورتب فيها إماماً وخطيباً وأيتاماً ومعلماً لهم وعشرين
قارئاً يقرؤون القرآن عند ضريحها عقب كل صلاة، ورتب لهم ما يقوم بكفايتهم.
[174]
12) كما أشار الجندي إلى أن هناك
تربية خاصة بخواص وأقارب بني رسول حيث قال في ترجمة محمد بن القاضي عمر الهزاز:
(وكان المظفر يجله ويعتقد صلاحه وربما زاره سراً إلى منزله - إلى أن قال- وحين بلغت
وفاته الملك المظفر كتب إلى أولاده سألهم أن يدفنوه في التربة التي هي قبلي جامع
عدينه، ففعلوا ذلك إذ خواص بني رسول من القرابة والسراري مقبورون فيها)
[175].
وهذه التربة ربما كانت على غرار ترب الفاطميين والمماليك التي سبق ذكرها.
بنى سلاطين الدولة الرسولية المشاهد والقباب على
قبور من يعتقدون صلاحهم، ولكن للأسف لم نجد النص الصريح على شئ من ذلك إلا على قبر
الشيخ أحمد بن علوان، ومشهد أحمد بن علوان يوجد بمنطقة يفرُس محافظة تعز، وهو معاصر
للملكَيْن عمر بن علي بن رسول وابنه المظفر، ويعد من أكابر أقطاب الصوفية في اليمن،
عُمّر مشهده وأول من عمّره الملك المظفر ذكر ذلك صاحب الأضرحة، ولم يحدد التاريخ
الذي جرى فيه البناء،كما أن المشهد والمسجد المجاور له قد شهد توسعة وترميماً
كثيراً في فترات مختلفة، أهمها على يد السلطان عامر بن عبدالوهاب الطاهري كما هو
مكتوب هناك[176]،وآخرها
على يد بعض ولاة الأتراك.
المبحث الرابع
نشأة الصوفية ودورها في نشر
القبورية في اليمن
المطلب الأول: نشأة الصوفية في اليمن:
لعل حضرموت كانت هي الرائدة في جلب واستيراد
التصوف، فقد ذكر مؤرخو حضرموت أن أول من عرف بالتصوف فيها هو " عبدالله بن أحمد بن
عيسى المهاجر إلى الله " حيث ذكر الشاطري في " أدوار التاريخ الحضرمي " أن من شيوخه
أبا طالب المكي، فقد تلقى عنه علم التصوف، وقرأ عليه كتابه "قوت القلوب " ذلك
الكتاب الشهير في فن التصوف.وذلك لما حج سنة (377 هـ)
[177]
غير أن هذا الرجل لم يكن له أثر يذكر في نشر التصوف في حضرموت، كما سيأتي عند
حديثنا عن الفقيه المقدم، وهذا كما نرى من رجال القرن الرابع.
وفي
القرن الخامس:يطالعنا اسم الصوفي "سود بن الكميت" المتوفى (436 هـ) حيث ترجمه
الشرجي في "طبقات الخواص "،وذكر قصة تحوله إلى التصوف، وأنه كان له أصحاب ومريدون،
وأنه كان يجلس معهم في المسجد ويأكل وينام معهم فيه
[178]،وهو
أشهر من عرف بالتصوف أو من أشهرهم في هذا القرن،مع وجود آخرين أشار إليهم السيد
عبدالله الحبشي ولم يبين أسماءهم وذكر أنهم من المناطق المحاذية لتهامة ومن مدينة
تعز[179].
وفي القرن السادس: اشتهر الصوفي أحمد بن أبي
الخير الصياد المتوفى سنة (579 هـ) وقد كان رجلاً عادياً من عوام مدينة زبيد، وعلى
أثر رؤيا رآها تحول إلى التصوف، وصحب الشيخ إبراهيم الفشلي الآتي ذكره في القرن
السابع، قال الشرجي بعد ذكر الرؤيا:(ومنذ ذلك الوقت أخذ يترقى في درجات التصوف)
[180].
قلت: ثم اشتهر أمره، وتجمع حوله المريدون وسجلت له الكرامات،ونقلت عنه
أقوال ذات قيمة عند أهل التصوف
[181].
والملاحظ أنه في هذا القرن بدأت تتكون جماعات التصوف ويلتفّ المريدون حول شيوخهم لا
لطلب العلم ولكن لأخذ الفيوضات والبركات وسلوك ذلك الطريق المبتدع، وليس هذا خاصاً
بالصياد وحده بل قبله كان لشيخه إبراهيم الفشلي، الذي سيأتي الحديث عنه في القرن
السابع.
القرن السابع: هذا القرن هو في الحقيقة قرن التصوف ففيه نبتت وترعرعت
البذور التي بذرت في القرون الماضية وشهد تحولات كبيرة منها:
1)دخول مدرسة ابن عربي - مدرسة وحدة الوجود - إلى اليمن وكان ذلك على يد رجل غامض
مشبوه يقال له "المقدسي"، لا يعرف اسمه الحقيقي ولا شيء من ترجمته
[182]؛
وذلك لشدة حنق الفقهاء وأهل العلم عليه وهجره، بل ومحاولة قتله في قصة طويلة عجيبة
تدخّل على إثرها السلطان وزجر الفقهاء وتوعدهم أشد الوعيد إن هم تعرضوا له ولأصحابه
[183]،
ولكن هذا الرجل لم يمت إلا وقد غرس تلك النبتة الخبيثة في اليمن، وقد قرر العلامة
الأهدل أنه أول من قدم بكتب ابن عربي إلى اليمن.
[184]
كما ظهر هذا القول كذلك في هذا القرن لدى أبي الغيث بن جميل الملقب شمس
الشموس المتوفى سنة (651هـ) وألَّف في ذلك كتاباً
[185]،
ولدى معاصره أحمد بن علوان وله في ذلك عدة كتب منها:" البحر المشكل الغريب " و"
الفتوح المصونة والأسرار المخزونة " و" التوحيد الأعظم
[186]".
وقد ذكر مترجمو الرجلين أن لهما مكاتبة تشهد بمدى ما وصلا إليه من التبجح
والدعوى التي عرف بها أهل تلك النحلة، قال الشرحبي في ترجمة أبي الغيث:(وكتب إليه
الشيخ أحمد المذكور " ابن علوان " مرة من بلده كتاباً يقول فيه: أما بعـد. فإني
أخبرك أني:
فأجابه الشيخ أبو الغيث بكتاب يقول فيه: من
الفقير إلى الله تعالى أبي الغيث بن جميل غَذِيِّ نعمة الله تعالى في محل الحضرة،
أما بعد فإني أخبرك أني:
(3)
تجلـَّى ليَ الاسم القديم باسمه فاشتُقَّــتِ الأسماء من أسمائي
وحبانيَ الملك المهيمن
وارتضى فالأرض أرضي والسماء سمائي.
[187]
قال الحبشي:(وبهذين الرجلين – أبي الغيث وابن علوان – قامت مدرسة الفلسفة
الصوفية في اليمن، إلا أن قربهما المباشر من عصر ابن عربي لم يجعلهما يستفيدان من
كتاباته الخاصة، وإنما كان ذلك من خلال المشرب الذوقي الذي عُرِفتْ به تعاليم هذه
المدرسة، وهم ينهلون جميعاً من الاتجاه الذي سار عليه أسلافهم من دعواهم في الحب
والقرب وغيره من إشارات الصوفية)[188].
2)
في هذا القرن دخلت الطرق الصوفية من الخارج، ونشأت الطرق الصوفية المحلية،وإليك
لمحة عن أهم الطرق الصوفية التي عرفتها اليمن في هذا القرن في المطلب التالي.
المطلب الثاني: أهم الطرق الصوفية التي عرفتها اليمن:
الطرق الوافدة:
1) الطريقة القادرية: وهي أول وأشهر الطرق الصوفية في اليمن، وقد أعاد الحبشي أول
لقاء لليمنيين بهذه الطريقة وشيخها إلى سنة (561 هـ)، وهي سنة وفاة الشيخ الجيلاني
- رحمه الله - حيث لقيه اثنان من اليمنيين في موسم الحج، وهما الشيخ " علي بن
عبدالرحمن الحداد " والشيخ "عبدالله الأسدي "، أما الأول فالتقى به صدفة عند
الكعبة، وأما الثاني فقد سافر خصيصاً للقاء الشيخ عبدالقادر عندما علم بأنه ناوٍٍ
على الحج تلك السنة، فالتقى به في عرفات. ولم يوضّح ما هو دور الرجلين في نشر
الطريقة القادرية في اليمن؟ولكن من بين من ذكر أنهم أخذوا الطريقة القادرية من
صوفية اليمن "أحمد بن أبي الجعد "ووفاته ببضع وسبعين وسبعمائة
[189]،(وأبو
بكر بن محمد بن أبي حربه) وفاته (794هـ)
[190]
وبهذا نقطع أن هذه الطريقة دخلت اليمن في القرن السابع وربما قبله بقليل.
2) الطريقة المَدْيَنِيَّة:المنسوبة إلى الصوفي المغربي الشهير "شعيب أبي مدين
التلمساني"، وهذا الصوفي قد صدّر طريقته إلى اليمن عن طريق مكة عبر تلميذه
عبدالرحمن المقعد، ولكن المقعد مات في الطريق فوكل إيصالها إلى رجلٍ آخر هو
"عبدالله الصالح المغربي" الذي وصل إلى تريم،وإلى من سماه أبو مدين ووصفه الفقيه
المقدم- محمد بن علي باعلوي- المتوفى سنة (653 هـ)، فدخل خلسة إليه وهو في حلقة
شيخه الفقيه "علي بن محمد بامروان "فغمزه وأخذه من بين يدي شيخه فأبلغه الرسالة
وحكّمه وألبسه لباس الصوفية، فعاد إلى شيخه وهو كذلك فغضب عليه شيخه وزجره وظل
مقاطعاً له حتى مات "رحمه الله "، ثم ذهب إلى قيدون فلقي الشيخ "سعيد بن عيسى
العمودي" المتوفى سنة (671 هـ) فحكّمه كذلك وأدخله في عداد الصوفية،ولقي في دوعن
كذلك " باعمر " صاحب عُورَة وألحقه بالجماعة، ثم توجه إلى ميفعة ولقي الشيخ عبدالله
باحمران فحكّمه كذلك وألحقه بهم، واستقر في ميفعة حتى مات، وعند موته قسم تركته بين
تلاميذه وأشار إليهم بأن هناك علامة على من يكون شيخهم وهو أن يقع من نصيبه السبحة
فوقعت من نصيب الفقيه المقدم، وبذلك أصبح شيخ صوفية حضرموت وشيخ الطريقة المدينية
بها، وعند وفاته نصّب زوجته أم المساكين في منصب شيخ الصوفية بحضرموت
[191].
3)
الطريقة الرفاعية: المنسوبة إلى أحمد بن علي الرفاعي المتوفى (578هـ)، وقد دخلت
اليمن على يد عمر بن عبدالرحمن بن حسان القدسي المتوفى سنة (688هـ) وكان الشيخ قد
أدرك أحد أحفاد الشيخ أحمد الرفاعي وهو نجم الدين الأخضر،فأخذ عنه الخرقة الرفاعية،
وتربى بين يديه تربية صوفية، فلما استكمل الشيخ تعليمه أمره أن يدخل اليمن وينشر
الخرقة الرفاعية هنالك، وفي اليمن اجتمع القدسي ببعض من صوفيتها أمثال الشيخ عمر بن
سعيد الهمداني وغيره، ويقول الشرجي: أنه (تنقل بعد ذلك إلى عدة أماكن في اليمن
وابتنى عدة ربط بعد أن شهر الخرقة الرفاعية، وانتشرت عنه انتشاراً كلياً لاسيما في
مخلاف جعفر)
[192].
4)
الطريقة الشاذلية: نسبة إلى الشيخ أبي الحسن علي بن عبد الله الشاذلي المتوفى سنة
(656هـ)، وقد انتقلتْ هذه الطريقة إلى اليمن على يد الشيخ علي بن عمر بن دعسين
الشاذلي الذي كان من أوائل المؤسسين في اليمن
[193].
5)
الطريقة السهروردية: نسبة إلى الشيخ عمر بن محمد السهروردي المتوفى سنة (631هـ)
ذكرها العيدروس في الجزء اللطيف وذكر أن من أتباعها في اليمن إسماعيل الجبرتي
والعلوي
[194].
الطرق المحلية:
أهم الطرق المحلية التي نشأت في هذا القرن:
1) الطريقة العلوية: المنسوبة إلى الفقيه محمد بن
علي باعلوي المشهور بالفقيه المقدم الذي سبق ذكره آنفاً في الطريقة المدينية.
2) الطريقة الأهدلية: نسبة إلى الشيخ علي بن عمر
الأهدل المتوفى سنة نيف وستمائة، وهو أخذها في الأصل عن رجل من أصحاب الشيخ
عبدالقادر الجيلاني يسمى الأحوري وقد (كثر أصحابه وأتباعه وتخرج به جماعة ممن شهر،
وذكر منهم الشيخ أبو الغيث بن جميل وأحمد بن أبي الجعد)
[195].
3) الطريقة
العلوانية: نسبة إلى الشيخ أحمد بن علوان صاحب يَفْرس
[196].
وفي هذا القرن
" السابع " فشى وانتشر السماع الصوفي، وهو إنشاد الأشعار في المساجد ومواطن العبادة
بقصد التقرب إلى الله تعالى، واعتبار ذلك من ضمن الوسائل التي تقرب إليه وتزكِّي
النفس وتسمو بالروح، سواء حصل معها عزف بالمعازف المعروفة كالدفّ والشبَّابة ونحوها
أو لم يحصل، وفي كثير من الأحيان يصحب ذلك رقص وتمايل وطرب زائد، وربما وصل إلى
السكر والإغماء وفقدان الشعور، وكل ذلك تُعطى له المسوّغات، ويُؤصل له بما يظهره
وكأنه من أعظم القرب وأفضل الشعائر في العرف الصوفي، وكان من روّاده في هذا القرن،
الشيخ أبو الغيث بن جميل، والشيخ أحمد ابن علوان،والشيخ محمد بن أبي بكر العواجي،
والشيخ محمد بن عيسى الزيلعي
[197]،
والشيخ سفيان الأبيني وغيرهم
[198]
وسيأتي مزيد من الحديث عن السماع في الباب الثاني إن شاء الله.
عرَّفه المناوي بقوله: (كلام يعبِّر عنه اللسان مقرون بالدعوى، ولا يرتضيه
أهل الطريق من قائله وإن كان محقاً)
[199]،
وفي قوله لا يرتضيه أهل الطريق نظر؛ لأن الواقع أن أعظم من يعتبرهم الصوفية أهل
الطريقة أو أهل الحقيقة هم أهل الشطح بل المبالغون فيه، بل في كثير من الأحيان نجد
أعظمهم شطحاً أرفعهم رتبة، ثم كيف لا يرتضونه وهم ينقلونه عن أولئك الشاطحين
باعتباره من جواهر كلامهم ودرر ألفاظهم وخوارق كراماتهم، بل ربما أثبتوا به بعض ما
يقررون من القضايا 0
لاشكَّ أنهم يرتضونه وإنما يتظاهرون أمام الآخرين
بعدم ارتضائه أو بتأويله.
وكذلك قوله (وإن كان محقاً) الغالب في الدعاوى
والشطح ألا يكون محقاً، ومن تتبع تلك الشطحات عرف ذلك، والحق في هذه القضية أن أقصى
ما يمكن فعله هو التماس العذر للشاطح بأنه قال ذلك في حال سُكْر وغيبـوبة، ومن كان
هذا شأنه فإنه جدير أن يدرج في طبقات المجانين لا في طبقات الأولياء.
وقد نُقِل شطح كثير عن صوفية هذا القرن كان
كالمدخل لأصحاب الدعاوى والباحثين عن الشهرة والمنزلة عند عوام الناس، يتوسعون فيه
ما شاء لهم هواهم واستخفافهم بحدود الشرع وعظمة الحق وعقول الخلق.
ومن الصوفية الذين سجّلوا السبق في الشطح من أهل
هذا القرن أحمد بن علوان، وأبو الغيث بن جميل في قصتهما الشهيرة ومفاخرتهما التي
ساقها معظم من ترجمَ لهما وقد سبق ذكرها.[200]
والفقيه المقدم محمد بن علي باعلوي وهو من أعظمهم في ذلك
[201].
والشيخ أحمد بن أبي الجعد الأبيني.[202]
وفي هذا القرن انتشر التصوف في عموم مناطق اليمن،
وظهر في كل منطقة قطب من أقطابهم الذين لا يزال تأثيرهم وتعلق الناس بهم قائماً إلى
اليوم، وأكثر المناطق قبولاً للتصوف في هذه الفترة تهامة، فقد ظهر في شمالها صاحبا
عواجه محمد بن حسين البجلي (621 هـ)
[203]،
ومحمد بن أبي بكر الحكمي (617هـ)
[204]
وفي المراوعة ظهر علي بن عمر الأهدل (نيف وستمائة)
[205]
وفي بيت عطاء أبو الغيث بن جميل (651 هـ)
[206]،
وفي بيت الفقيه أحمد بن موسى بن عجيل (696)
[207]،
وفي التريبة قرب زبيد عيسى بن إقبال الهتار (606هـ)
[208]،
فهؤلاء ستة من كبار الصوفية كلهم من تهامة، وفي محافظة تعز أحمد بن علوان (655 هـ)
[209]،
وفي لحج سفيان بن عبدالله الأبيني (وفاته القرن السابع)
[210]،
وفي
أبين أحمد بن أبي الجعد الأبيني (690 هـ)
[211]،
وفي عدن جوهر بن عبدالله الصوفي سنة (616هـ)
[212]،
وفي محافظة شبوة محمد بن عبدالله بامعبد كان حياً سنة (680هـ)
[213]،
وفي حضرموت –دوعن- سعيد بن عيسى العمودي (671)
[214]
وفي تريم الفقيه المقدم محمد بن علي باعلوي (653هـ)
[215]،
ورغم عدم الاستقصاء فإنك ترى أن معظم ديار الشافعية في اليمن قد عمَّها التصوف في
هذا القرن.
في هذا القرن كانت الدولة الرسولية في أوج قوتها وعنفوان شبابها، وكان
سلاطينها يدينون بالولاء التام للصوفية؛لأن الصوفية قد اتخذوا عندهم أيادي جليلة،
من أهمها بشاراتهم بالملك واستمراره في أعقابهم،فجدهم عمر بن علي بن رسول بشَّرَه
جماعة من الصوفية بالملك وقوَّوا عزمه عليه
[216].
وكذلك بشَّرَ إبراهيمُ الفشلي الملكَ المظفر باستمرار الملك في ذريته حينما نازعه
إخوانه على ذلك
[217].
وبهذا حصل الاعتقاد التام في الصوفية لدى ملوك وأمراء بل وساء قصور بني رسول، وبذلك
مكَّنَتْ الدولة الرسولية للصوفية تمكيناً تاما ً، فما من اعتراض من الفقهاء على
الصوفية إلاَّ ويقمعه ملوك بني رسول، وما من انحراف يحدثه الصوفية إلا ويتأوّلونه
لهم، وانظر على سبيل المثال قصة النزاع بين الفقهاء وبين أصحاب وحدة الوجود،والتي
شرحَها وبيَّنَ مراحلها وأحداثها الأستاذ عبدالله الحبشي في كتابه " الصوفية
والفقهاء في اليمن "
[218].
هكذا تكامل نشر الصوفية ورسخت جذورها بل وبسقتْ وتمتْ فروعهاوآتتْ ثمارها
في هذا القرن، وواصلت التطور والتوسع في القرون اللاحقة
[219].
سبق الحديث عن نشأة المشاهد وبناء المساجد على القبور في اليمن، وأنها كانت على يد الدولة الصليحية الباطنية، وعلى أيدي السلاطين وبالأخص الأيوبيين والرسوليين ومن جاء بعدهم ومن عاصرهم من أئمة الزيدية، ولم يسجل في ذلك الوقت مشاهد خاصة بالصوفية، ومما يؤكد أنه لم يكن للصوفية مشاهد وقبور شهيرة - يقصدها الناس للتبرك بها وعَمَلِ ما يعمله الصوفية المتأخرون عند قبور أوليائهم - خلوُّ طبقاتِ فقهاء اليمن للجعدي من ذلك تقريباً، وقد كان فراغه منه في آخر القرن السادس في عام (586هـ) [220]، بينما نجد البهاء الجندي قد شحن كتابه السلوك بذلك، وأكثَرَ من ذكر القبور التي تزار ويتبرك بها [221]، وإن لم يذكر أن عليها مشاهد إلا نادراً [222]، حتى أن القاضي الأكوع في مقدمته للسلوك تبرَّم من ذلك، وأنكرَه وسجَّل كلمة قيمة وملاحظة طيبة عليه.
وفي تراجم رجال هذا القرن تُطالِعُك الزيارات
الحولية وغير الحولية للقبور وبعض الأماكن الأخرى، ففي ترجمة محمد بن ظفر الشميري
قال الجندي: (وبلغتُ تربته قاصداً زيارته،وأقمت عندها أياماً، وهو بمسجد وإلى جنبه
امرأته، وببركته مازالت قريته محترمة ما قصدها أحد بسوء إلا خذله الله، ولم أجد
بتلك الناحية مزاراً أكثر من تربته قصداً للزيارة وقضاء الحوائج التي تطلب من الله،
وكثرة النذور لها، وفي ليلة الرغائب من رجب يجتمع عندها خلق ناشر)
[223].
كما يطالعك في هذا القرن بدايةُ اتخاذ اجتماعٍ
موسميٍّ لزيارة قبر نبي الله هود على يد الشيخ عبد الله باعباد المعروف بـ" القديم
" وذلك بعد جذاذ النخل وتعبئة التمر، وليس على الأشهر القمرية
[224]0
وذكر اليافعي قصة زيارة الشيخ أحمد بن أبي الجعد
وأصحابه والشيخ سعيد بن عيسى العمودي وأصحابه لقبر نبي الله هود
u
وما جرى بينهما مما سيأتي في الباب الثاني
[225]،
كما ذكر زيارة الكثيب الأبيض بأبين، ويقال في ذلك المكان قبور بعض الصالحين، وهو
كثيب يزوره أهل تلك البلاد وما حولها من البلدان في كل سنة في وقت معلوم في رجب
[226]،
وفيه ذكر مؤرخو حضرموت أن الفقيه المقدم محمد بن علي باعلوي كان يزور قبر نبي الله
هود
u
[227].
وهكذا في هذا القرن تكاملت فصول الصوفية وظهر معظم مقوماتها وعرف أبرز رجالها ثم فشت وترسخت أكثر وأكثر حتى يومنا هذا.
----------------------------
[131]
الخطط المقريزية ( 3/480 ).
[132]
انظر ص (163) .
[133]
انظر المفيد في أخبار صنعاء وزبيد ص ( 86 ) .
[134]
السلوك ( 2/485 )
[135]
الفرائد في قيد الأوابد للعلامة المؤرخ عبد الله بن حسن بلفقية ، مخطوط بمكتبة
الأحقاف بتريم ، لديَّ صورة منه .
[136]
العسجد المسبوك ص ( 74 ) .
[137]
تاريخ اليمن المسمى فرجة الهموم والحزن في حوادث وتاريخ اليمن تأليف العلامة
عبد الواسع بن يحيى الواسعي ،طبع مكتبة اليمن الكبرى صنعاء الطبعة الثانية سنة
(1990م) ص ( 197).
[138]
سبق الحديث عن مساهمة الأيوبيين في نشر القبورية في الفصل الثالث .
[139]
انظر تراجم سلاطينهم في اليمن في الفضل المزيد من تاريخ زبيد وغيره من تواريخ
اليمن، وفيها يذكرون كيف يُقْبر سلاطين الأيوبيين.
[140]
الإمامة وخطرها على وحدة اليمن ص
(13-14) للأستاذ محمد محمود الزبيري طبع دار الكلمة صنعاء
بدون تاريخ .
[141]
هجر العلم (1/223-225)
[142]
المصدر السابق (1/224).
[143]
المصدر السابق (1/255).
[145]
البدر الطالع (2/ 332-332 )
[146]
البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار تأليف الإمام أحمد بن يحيى المرتضى
(2/132)، طبع دار الحكمة اليمانية صنعاء تصوير عام (1409هـ-1988م) عن الطبعة
الأولى (1366هـ-1947م)(2/132)0
[147]
الأزهار في فقه الأئمة الأطهار(1/361) للإمام المهدي صاحب البحر الزخار مع شرحه
السيل الجرار تحقيق محمد إبراهيم زايد طبع دار الكتب العلمية ببيروت الطبعة
الأولى الكاملة (1405هـ-1985م) .
[148]
الباب الثالث(ص 547 ).
[149]
انظر ذكريات الشوكاني ص (113- إلى آخر الكتاب ) تحقيق د.صالح رمضان محمود طبع
دار العودة (1983م) وحوليات يمانية ص (22-23) تحقيق عبدالله محمد الحبشي لم يسم
المؤلف طبع دار الحكمة اليمانية صنعاء ط الأولى (1411هـ-1991م )
[150]
هجر العلم (1/222-223).
[151]
نفس المصدر نفس الموضع.
[152]
انظر البدر الطابع ( 2/332-333 ).
[153]
وهو مؤسس الدولة الزيدية باليمن توفي سنة (298هـ) ولكن المشهد لم يعمر إلا
مابين سنة (733) و(750هـ) وهي فترة حكم الإمام المهدي لدين الله علي بن محمد
الذي كان أول من بنى مشاهد مقبرة
صعدة على قبور الإمام الهادي وبنيه ، انظر : الأضرحة ص (161)
ا[154]
نظر ترجمته في العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية(1/51) تأليف علي بن
الحسن الخزرجي تحقيق محمد بن علي الأكوع طبع مركز الدراسات والبحوث اليمني
الطبعة الثانية (1403هـ-1983م) وقرة العيون ص(299)
.
[156]
انظر ترجمته في: العقود اللؤلؤية (1/239) وقرة
العيون ص(337).
[157]
المفضل المزيد ص ( 94 )
[159][159]
الفضل المزيد ص (96 ).
[162]
انظر ترجمته في : العقود اللؤلؤية(2/111) وقرة
العيون ص (368). .
[163]
الفضل المزيد ص(102).
[164]
انظر ترجمته في العقود اللؤلؤية (2/141) وقرة
العيون ص(376).
[165]
الفضل المزيد ص (104).
[166]
المصدر السابق ص(104) .
[167]
المصدر السابق ص (108).
[168]
المصدر السابق ص (108).
[169]
المصدر السابق ص (109).
[170]
الفضل المزيد ص(109)0
[172]
المصدر السابق ص (113-114)0
[173]
المصدر السابق ص (115)0
[174]
المصدر السابق ص (111).
[175]
السلوك ( 2/ 117 ) .
[176]
الأضرحة ص ( 123 ) وما بعدها .
[177]
أدوار التاريخ الحضرمي ص( 162- 163 ) .
[178]
طبقات الخواص ص( 150-151 ) .
[179]
الصوفية والفقهاء في اليمن ص( 12 ) تأليف عبدالله بن محمد الحبشي توزيع مكتبة
الجيل الجديد صنعاء (1396-1976).
[180]
طبقات الخواص ص ( 64-69 ) .
[181]
المصدر السابق .
[182]
قال القاضي إسماعيل الأكوع في كتابه المدارس
الإسلامية في اليمن طبع مؤسسة الرسالة بيروت مكتبة الجيل الجديد صنعاء ط الثانية (1406هـ-1986م ) ص( 83- 84 ): (
لم نعرف اسم المقدسي كاملاً ولا تاريخ قدومه إلى اليمن ولا تاريخ ولادته ووفاته
ومكانهما فيما بين أيدينا من المراجع ، ولعل ذلك الإهمال كان مقصوداً من
المؤرخين نكاية به وتجاهلاً لعلمه ومعرفته لعلم المنطق ) ،قلت: ليس علمه علم
منطق ولكنه الفلسفة الإلحادية .
[183]
السلوك ( 2/111- 113 ) .
[184]
كشف الغطاء عن حقائق التوحيد وعقائد الموحدين
وذكر الأئمة الأشعريين ومن خالفهم من المبتدعة وبيان حال ابن عربي وأتباعه
المارقين ص(217) للعلامة الحسين بن عبدالرحمن الأهدل طبع تونس .( 1964م ) .
[185]
أنكر العلامة الأهدل أن يكون هذا الكتاب للشيخ
أبي الغيث وذلك لأنه أمي ، ولكن السيد عبدالله الحبشي رد عليه في ذلك وأثبت أن
الكتاب تأليف ابن جميل. انظر : الصوفية والفقهاء ( ص71 – 72 ) .
[186]
الصوفية والفقهاء ص( 72 ).
[187]
طبقات الخواص ص ( 409 _ 410 ) .
[188]
الصوفية والفقهاء ص (73)
[189]
طبقات الخواص ص ( 72 – 74 ) .
[190]
الطبقات الخواص ص ( 380 – 381 ) .
[191]
انظر : قصة إرسال أبي مدين إلى حضرموت في( الجوهر
الشفاف في ذكر فضائل ومناقب وكرامات السادة الأشراف) تأليف عبد الرحمن الخطيب
الأنصاري وهو مخطوط ، ولدي نسخة مصورة منه ( 1/81- 82 ) في الحكاية السابعة
والعشرين وفي المشرع الروي ( 2/
4-5 ) ،وحتى لا يظن أحدٌ أنني بالغت في تعبيري أو طعنت في ( عبد الله الصالح
المغربي – ومرسله أبي مدين – أو
في الفقيه المقدم ) ، أسوق قصتهم بحروفها من الجوهر الشفاف لعبدالرحمن الخطيب
حيث قال : ( الحكاية السابعة والعشرون: روى المشايخ
y
أنه قيل لشيخ شيوخنا الشيخ الفقيه محمد بن علي
y
:إنه لا يفك قفل قلبك إلا الشيخ عبدالرحمن المقعد
،وكان الشيخ عبدالرحمن
المقعد
y إذ ذاك بمكة -حرسها
الله تعالى- فسار الفقيه شيخ شيوخنا =
= قاصداً نحوه
، فلما بلغ أثناء الطريق أخبر بوفاته فرجع
إلى بلده ،وكان الشيخ عبدالرحمن المذكور
t
من كبار تلامذة الشيخ الكبير خاص الخواص أبي مدين
y
، وكان شيخه أبو مدين
y
قد أمره بالسفر إلى حضرموت ، وقال له: إن لنا فيها أصحاب سر إليهم وخذ عليهم
عقد الحكم ولبس الخرقة أو كما قال ، و قال له : ولكنك لاتصل إليهم بل تموت في
أثناء الطريق ونرسل إليهم من يأخذ عليهم ذاك ، فسار الشيخ عبدالرحمن طالباً
حضرموت ، فلما بلغ في أثناء الطريق حضرته الوفاة فأحضر تلميذه الشيخ الكبير
العارف بالله تعالى عبدالله الصالح المغربي - و كان من أولاد ملوك المغرب فآثر
سلوك هذه الطريقة ففتح له وكان من كبار تلامذته ولهما الكرامات الخارقة
والإشارات المفيدة الفائقة - وأمره بالمسير إلى حضرموت وقال له ما قال له الشيخ
أبو مدين
y
، وفي رواية أنه قال له أيضاً : اذهب إلى حضرموت تجد فيها الفقيه محمد بن علي
أبو علوي عند الفقيه علي بن أحمد أبي مروان يستقي يعني يأخذ منه العلم ،
طارح سلاحه فوق رجليه ، فاغمزْه من عند الفقيه وحكّمْه، واذهبْ إلى قيدون تجدْ
فيها الشيخ سعيد بن عيسى فحكّمْه ، قال الشيخ عبدالله : فلما وصلت إلى تريم
وجدت الفقيه محمد بن علي كما قال الشيخ عبدالرحمن فغمزته وحكّمته - و ما شاور
أبا مروان - فلما رجع إليه وفي رأسه الخرقة اغتاظ عليه وقال له : رجوناك إماماً
مثل ابن فورك فتركت صحبتنا ورجعت إلى زي الصوفية أو كما قال ، فقال له الفقيه
محمد بن علي
t
:
: =
الفقر خير 0وهجره أبو مروان إلى أن توفي
وستأتي حكايتهما في ذلك إن شاء الله تعالى ، فسار الشيخ عبدالله فلما وصل إلى
حضرموت اجتمع بشيخ شيوخنا الفقيه محمد بن علي
y
وقال له الشيخ عبدالله : أي لؤلؤة عجماء لو ثقبت ، فقال الشيخ محمد ، وما الثقب
قال :التحكيم ، فانخلع الشيخ محمد عما هو عليه من زي الفقهاء وترك صحبتهم
،وتحكم للشيخ عبدالله ولبس منه الخرقة ، وأقبل على الله تعالى في السر
والعلانية ورغب في صحبة الصوفية ، قالوا ودعا لذريته عند ذلك بثلاث دعوات (
الأولى ) بذل النفوس ولا يعودون إلى العمومية أي لا يزالون على زي الفقراء (
الثانية ) أن لا يسلط الله تعالى عليهم ظالماً يؤذيهم ( الثالثة ) أن لا يموت
أحد منهم إلا وهو مستور في دنياه - أي لا تكون به حاجة تضر بدينه - قالوا :
فقبلهن الله تعالى
، فما يموت أحد منهم
إلا وهو بتلك الصفة ، ولم يسلط الله تعالى عليهم بعد ذلك ظالماً أبداً ببركة
دعوة الشيخ لهم
t ) . الجوهر الشفاف
(1/81-83 ).
وكذلك قال الشلي في المشرع : ( فلما رآه شيخه علي
بامروان تغير عما كان قال له: أذهبْتَ نورك وقد رجونا أن تكون كابن فورك
واخترتَ طريق التصوف والفقر وقد كنت على المقدار والقدر ، فقال الأستاذ : الفقر
فخري وبه أفتخر ، وبه على النفس والشيطان أنتصر ، ولا أتباعد عنكم إعراضاً ،
ولا تبدلت بكم معتاضاً 0 وهجره الفقيه وظن أن يفيد فيه الهجر ، ورأى أنه أعظم
من الزجر ، واستمر مهاجراً له إلى أن مات0 ) المشرع الروي ( 1 /2- 5 ) ، وفي
هجر الإمام بامروان للفقيه المقدم دليل على أن أهل حضرموت كانوا على منهج
الكتاب والسنة ، وأنهم لم يعرفوا ذلك الانحراف الصوفي إلى أن قدم ذلك المغربي
بالتصوف وأخذه عنه الفقيه المقدم ، ولكن منذ ذلك التاريخ استفحل الشر وانحرف
الأكثر بتأثير ذلك الفقيه وأتباعه من أبنائه وفقرائه واللائذين بهم ممن ينسبون
إلى الفقه والعلم ، بعد أن ضعف الفقه وقل العلم ، ومازال التصوف يفشو والعلم
ينقص حتى أظلم الكون ، وعم الانحراف ، وظهرت الدعاوى والرسوم ، وزالت الحقائق
، وأصبح من النادر وجود
فقيه متضلع مدرك للأدلة ومذاهب العلماء قادر على الترجيح والاختيار ، أما علم
التفسير والحديث فلم يبق لهما أثر ، وسيأتي في الباب الثاني مزيد بيان لهذه
القضية .
[192]
طبقات الخواص ص ( 245 ) والصوفية والفقهاء ص ( 36
) 0
[193]
انظر الصوفية والفقهاء ص ( 35 )
[194]
انظر الجزء اللطيف ص ( 23 ) ضمن
المجموعة العيدروسية .
[195]
طبقات الخواص ص( 195 – 198 ) .
[196]
مقدمة كتاب الفتوح للشيخ أحمد بن علوان تحقيق عبد
العزيز سلطان طاهر المنصوب طبع دار الفكر المعاصر ط الأولى (1416هـ - 1995م ) بيروت
لبنان .
[197]
الصوفية والفقهاء ص (32) .
[198]
طبقات الخواص ص( 147 ) .
[199]
التوقيف على مهمات التعاريف ص ( 429 _ 430 )
[200]
انظر (ص 222 ).
[201]
انظر بعضاً من شطحه في : الجوهر الشفاف ( 1/ 35 )
وما بعدها والغرر ص ( 147 ) والمشرع (2/9 ) .
[202]
مرآة الجنان (4/ 349 – 350 ) .
[203]
انظر ترجمته في طبقات الخواص ص ( 267 ) .
[204]
انظر ترجمته في المصدر السابق ص ( 264 ) .
[205]
انظر ترجمته في المصدر السابق ص ( 195 ) .
[206]
انظر ترجمته في المصدر السابق ص ( 406 ) .
[207]
انظر ترجمته في المصدر السابق ص ( 75 ) ، ومرآة الجنان ( 4/395 ) .
[208]
انظر ترجمته في المصدر السابق ص ( 249 ) ، و ومرآة الجنان ( 4/458 )
[209]
انظر ترجمته في المصدر السابق ص (69 ) ، ومرآة الجنان ( 4/357 )
[210]
انظر ترجمته في المصدر السابق ص (146 ) ، ومرآة الجنان ( 4/348 ) .
[211]
انظر ترجمته في المصدر السابق ص ( 72 ) ، ومرآة الجنان ( 4/371 ) .
[212]
انظر ترجمته في المصدر السابق ص ( 120 ) ومرآة الجنان ( 4/347 ) .
[213]
إدام القوت أو معجم بلدان حضرموت للسيد عبدا
لرحمن بن عبيد الله السقاف منشور في مجلة العرب العدد (15) .
[214]
القول المختار فيما لآل العمودي من الأخبار جمعَه عبدالله أحمد الناخبي مخطوط
مصور لديَّ .
[215]
الغرر ص ( 145 ) وما بعدها والمشرع ( 2/2 ) وما
بعدها .
[216]
انظر العقود اللؤلؤية ( 1/ 52 ) .
[217]
الصوفية والفقهاء ص ( 47 ) .
[218]
المصدر السابق من ص ( 85 ) إلى آخر الكتاب .
[219]
انظر الفصل الرابع عشر من كتاب " التصوف في تهامة
" ص ( 117 ) وما بعدها تأليف محمد بن أحمد العقيلي ، الطبعة الثانية بدون تاريخ
ولا دار طبع .
[220]
مقدمة الكتاب ص ( ل ) .
[221]
انظر الجزء الأول الصفحات ( 356 ) و ( 392 و 393
) و ( 423 ) و ( 455 ) و ( 462 ) ، والجزء الثاني
( 60 و 61 ) و ( 62 ) , ( 65 ) و ( 82 ) و ( 117 ) , ( 182 ) و ( 183 ) و ( 188
) و ( 230 ) و ( 234 ) و ( 242 ) و ( 261 ) و ( 447 ) و ( 457 ) و ( 458 ) .
[222]
انظر : أمثلة ممن أقيم عليه مشهد أو فيه تابوت أو
بني على قبره مسجد أو دفن في مسجد في الجزء الثاني ص (263 )
و ( 426 ) و ( 485 ) .
[223]
السلوك (2/263) و الرغائب : هي الصلاة
المبتدعة التي تُصلى في ليلة أول خميس من شهر رجب ، وقوله" خلق ناشر " أي كثير.
[224]
انظر : تاريخ حضرموت (1/69) 0
[225]
انظر ص ( 237 ).
[226]
مرآة الجنان ( 4/ 352-354 ) .
[227]
انظر : الفرائد في قيد الأوابد للعلامة عبد الله
بن حسن بلفقيه ص ( 25 ) .