أشراط الساعة الكبرى 1

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :

فقد وعدناكم بالحديث عن المهدي المنتظر وأشراط الساعة الكبرى ، وها نحن نفي بالوعد .

 

المهدي المنتظر

المهدي المنتظر عند أهل السنة والجماعة يخرج في آخر الزمان من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، يؤيده الله بالدين ، يملك سبع سنين ، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، تنعم الأمة في عهده نعمة لم تنعمها قط ، تخرج الأرض نباتها وتمطر السماء قطرها ويعطى المال بلا عدد .

اسمه كاسم الرسول صلى الله عليه وسلم ، واسم أبيه كاسم أبي النبي صلى الله عليه وسلم ، فيكون اسمه : محمد بن عبد الله .

وهو من ذرية فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم من ولد الحسن بن علي رضي الله عنهم .

صفته كما في الأحاديث : أجلى الجبهة (أي خفيف شعر ما بين النزعتين من الصدغين والذي انحسر الشعر عن جبهته) ، وأقنى الأنف (أي طول ورقة أرنبته مع حدب وسطه) .

يخرج المهدي من قبل المشرق ، فقد جاء في الحديث عن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ، ثم لا يصير إلى واحد منهم ، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم ، ثم ذكر شيئا لا أحفظه فقال : فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج فإنه خليفة الله المهدي) [رواه ابن ماجه والحاكم وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي ، وقال ابن كثير : هذا إسناد قوي صحيح ، وقال الألباني : الحديث صحيح دون قوله : فإن فيها خليفة الله المهدي] .

قال ابن كثير : "والمراد بالكنز المذكور في هذا السياق كنز الكعبة ، يقتتل عنده ليأخذوه ثلاثة من أولاد الخلفاء ، حتى يكون آخر الزمان فيخرج المهدي" أهـ .

وقد دلت السنة المطهرة على ظهوره ، فمن الأحاديث : عن أبي سعيد بن الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (يخرج آخر أمتي المهدي يسقيه الله الغيث وتخرج الأرض نباتها ويعطي المال صحاحاً وتكثر الماشية وتعظم الأمة يعيش سبعاً أو ثمانياً ـ يعني حججاً ـ ) [رواه الحاكم وقال : حديث صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وقال الألباني : هذا سند صحيح رجاله ثقات] .

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أبشركم بالمهدي يبعث على اختلاف بين الناس وزلازل فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض يقسم المال صحاحاً  ، فقال له رجل : ما صحاحاً ؟ قال : بالسوية بين الناس  ، قال : ويملأ الله قلوب أمة محمد صلى الله عليه وسلم غنى ويسعهم عدله حتى يأمر منادياً فيقول : من له في مال حاجة ؟ فما يقوم من الناس إلا رجل  ، فيقول : ائت السدان ـ يعني الخازن ـ فقل له إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالاً  ، فيقول له : احث حتى إذا حجره وأبرزه ندم فيقول : كنت أجشع أمة محمد صلى الله عليه وسلم نفساً ؟ أو عجز عني ما وسعهم ؟ قال : فيرده فلا يقبل منه فيقال له : إنا لا نأخذ شيئاً أعطيناه  ، فيكون كذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو يسع سنين ثم لا خير في العيش بعده أو قال : ثم لا خير في الحياة بعده) [رواه أحمد قال الهيثمي : ورجاله ثقات] .

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (المهدي مني أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً  ، يملك سبع سنين) [رواه أبو داود والحاكم وقال : صحيح على شرط مسلم  ، وقال ابن القيم عن سند أبي داود : جيد] .

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي) [رواه أبو داود وقال الألباني : صحيح] .

وعن جابر بن عبد الله  رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة  ، قال : فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم : تعال صل لنا فيقول : إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة) [رواه مسلم] .

وعن علي  رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة) [رواه أحمد وقال الألباني : صحيح]  ، قال ابن كثير : "أي يتوب عليه ويوفقه ويلهمه ويرشده بعد أن لم يكن كذلك" أهـ .

هذا هو المهدي عند أهل السنة والجماعة .

المهدي عند الرافضة الإمامية : هو محمد بن الحسن العسكري المنتظر من ولد الحسين بن علي ـ لا من ولد الحسن ـ الحاضر في الأمصار الغائب عن الأبصار  ، الذي يورث العصا ويختم القضا  ، دخل سرداب سامراء طفلاً صغيراً من أكثر من خمسمائة سنة فلم تره بعد ذلك عين ولم يحس فيه بخبر ولا أثر  ، وهم ينتظرونه كل يوم ويقفون بالخيل على باب السرداب  ، ويصيحون به أن يخرج إليهم : اخرج يامولانا أخرج يا مولانا  ، ثم يرجعون بالخيبة والحرمان  ، فهذا دأبهم ودأبه .

المهدي عند اليهود : كذلك اليهود لهم المسيح المنتظر  ، وله صفات في كتبهم .

المهدي عند المهدية : يزعم مؤسسها محمد أحمد المهدي أنه المهدي المنتظر  ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه في اليقظة ومعه الخلفاء الراشدون والأقطاب والخضر وأمسك بيده وأجلسه على كرسيه وقال : أنت المهدي المنتظر ومن شك في مهديتك فقد كفر .

المهدي عند البابية والبهائية : يعتقدون أن الباب والبهاء هما إلهان مرة ورسولان أخرى ومهديان ثالثة .

أشراط الساعة الكبرى

أما أشراط الساعة الكبرى فهي عشرة  ، ولم يرد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم صحيحاً صريحاً في ترتيبها إلا في ثلاث علامات هي : خروج المسيح الدجال ثم نزول عيسى عليه السلام ثم خروج يأجوج ومأجوج .

وحدوث أشراط الساعة الكبرى بعضها إثر بعض  ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (خروج الآيات بعضها على إثر بعض يتتابعن كما تتتابع الخرز في النظام) [رواه الطبراني] .

وأشراط الساعة الكبرى يجمعها الحديث الذي رواه مسلم عن حذيفة بن أسيد الغفاري  رضي الله عنه قال : (اطّلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر  ، فقال : وما تذاكرون ؟ قالوا : نذكر الساعة  ، قال : إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات فذكر : الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم ويأجوج ومأجوج وثلاث خسوفات خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب ، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم) .

وهذا الحديث لا يدل على الترتيب لأنه جاء العطف بالواو وهي لا تدل على الترتيب .

ولعل الحديث في الرسالة القادمة إن شاء الله يكون حول المسيح الدجال ونزول عيسى عليه السلام وقتله للدجال وخروج يأجوج ومأجوج ...

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

 

حادي الطريق