| موقع تكنولوجيا التعليم | قسم الدراسات التعليمية |

تفضل بزيارة منتدى الموقع في حلته الجديد من هنا 

الـصـفـحـة الـرئيـسيـة

       

قـائـمـة الـدراســات

مـقـالات تـعـلـيـميـة

محاضـرات تـعـليـمية

قـضـايـــا تـعـلـيـميـة

مـشاركات الأعـضاء

 

جميع حقوق البحث والدراسة محفوظة لصاحبها ويتم الإشارة لإسم الكاتب والباحث والمصدر في حالة توفرهم .... ويسعدني تلقي مساهماتكم على بريدي الإلكتروني .... مع تحياتي .... معد ومصمم الموقع الاستاذ / ربيع عبد الفتاح طبنجة

 

موضوع المقالة :  المواقع الإباحية على شبكة الإنترنت وأثرها على الفرد والمجتمع

الباحث أو الناشر : د/ مشعل بن عبدالله القدهي

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

المواقع الإباحية على شبكة الإنترنت

وأثرها على الفرد والمجتمع

إعداد

د/ مشعل بن عبد الله القدهي

 وحدة خدمات الإنترنت

مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية


مقدمة:

بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته إلى يوم الدين، أما بعد

 

‏نحن أمة الإسلام قد من الله علينا بكتابه الكريم وهديه القويم والصراط المستقيم.  ما من خير إلا قد دلنا الله عليه وما من شر إلا قد نهانا عنه.  السعيد من اعتصم بحبل الله واتبع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ففاز بخيري الدنيا والآخرة.

 

خدمة الإنترنت هي ثورة العصر وحديث المجالس.  ولكنها أيضا سلاح ذو حدين يستخدم للخير أو للشر.  حالها في ذلك حال كثير من المصالح العامة الأخرى، فاستخداماتها تابعة لنوايا المستخدم،  إن كان خيرا فخير وإن كان شرا فشر.  وخدمة الإنترنت خدمة منافعها جمة وعطاؤها غزير وهي مصدر لخير وعلم ومعرفة وهداية وصلة وتطور لأمما وأفواجا.  وهي في الوقت نفسه قد تكون مصدر لشر عظيم لمن أصر على سوء استخدامها.  فإذا أدركنا هذه الحقائق وجب علينا أن نقرر:  أي الاستخدامين سنختاره؟

 

نحن أمة الإسلام جعلنا الله أمة وسطا.  وينبغي علينا مراعاة التروي والاتزان في كل أمورنا.  فلا إفراط ولا تفريط.  ولكننا لا نجد إخواننا دائما يتحلون بهذه السمة.  فنجد من يرى أن الإنترنت كلها شر.  شر ما فيها شر ما تبعها شر من جاء بها، وهؤلاء في نظري قلة.  وهنالك من قال إن الإنترنت كله خير ويتجاهل تواجد أي مصادر للشر في هذه الوسيلة النافعة.  وهؤلاء في نظري أكثر.  وإن النفس لأمارة بالسوء وكان الإنسان أكثر شئ جدلا.  ومن طبيعة النفس البشرية الجدل والخوض في النقاشات.  ويريد الله ليبين لنا ويهدينا سنن الذين من قبلنا ويتوب علينا وكان الله عليما حكيما.

 

أقدم بين يدي القارئ الكريم بعض الحقائق والدراسات ليقرأها على مكث بقلب واع وتأمل.  ولا حاجة للشرح المطول فالحقائق تغني عن كلامي.  وإن من حق الأخ على أخيه أن ينصحه وينبهه إلى ما قد يضره.  ألا فالحذر الحذر والنجاة النجاة.  فلينظر كل في نفسه وليتقي الله في رعيته.

 


 

بعض الآيات والأحاديث:

‏‏عن ‏ ‏أسامة بن زيد ‏ ‏رضي الله عنهما ‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏‏‏ (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)  رواه البخاري في صحيحه

 

} زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا[ (آل عمران: 14) ‏قال ‏ ‏عمر: ‏ ‏اللهم إنا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينته لنا ‏ ‏اللهم إني أسألك أن أنفقه في حقه

 

 

‏عن ‏ ‏أبي سعيد الخدري ‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ (‏إن الدنيا ‏حلوة خضرة ‏ ‏وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة ‏ ‏بني إسرائيل ‏ ‏كانت في النساء)  رواه مسلم في صحيحه

 

}‏ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ... [ النور : 30-31

 

}‏ إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما [ الأحزاب : 35

 

}‏ قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون[ المؤمنون : 1-7

 

}‏ ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا [ الإسراء : 32

 

‏‏‏عن ‏أبي هريرة ‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال (‏لكل بني ‏آدم ‏حظ من الزنا فالعينان تزنيان‏ وزناهما النظر واليدان تزنيان وزناهما البطش والرجلان يزنيان وزناهما المشي والفم يزني وزناه القبل والقلب ‏يهوى‏ ‏ويتمنى والفرج يصدق ذلك أو يكذبه) رواه أحمد في مسنده

 

عن ‏جرير ‏ ‏قال ‏ ‏(سألت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏عن نظرة الفجأة فقال اصرف بصرك) رواه أبو داود في سننه

 

عن الهيثم بن مالك الطائي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له).

 

 

 


 

حجم وأبعاد المشكلة:

مقدمة وتاريخ:

إن مسألة الإباحية الخلقية والدعارة من المخاطر العظيمة على المجتمعات القديمة والمعاصرة وقد أوردنا سابقا قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما تركت بعدي فتنة هي أخطر على الرجال من النساء)

 

لقد ذكرت وزارة العدل الأمريكية في دراسة لها[1] أن تجارة الدعارة والإباحية الخلقية تجارة رائجة جدا يبلغ رأس مالها ثمانية مليار دولارا ولها أواصر وثيقة تربطها بالجريمة المنظمة.  وإن تجارة الدعارة هذه تشمل وسائل عديدة كالكتب والمجلات وأشرطة الفيديو والقنوات الفضائية الإباحية والإنترنت.  وتفيد الإحصاءات الاستخبارات الأمريكية (FBI) أن تجارة الدعارة هي ثالث أكبر مصدر دخل للجريمة المنظمة بعد المخدرات والقمار[2] حيث إن بأيديهم 85% من أرباح المجلات والأفلام الإباحية[3].

 

وهنالك في الوقت الحاضر في أمريكا وحدها أكثر من 900 دار سينما متخصصة بالأفلام الإباحية وأكثر من 15000 مكتبة ومحل فيديو تتاجر بأفلام ومجلات إباحية.  وهذا العدد يفوق حتى عدد مطاعم ماكدونالد بنسبة ثلاثة أضعاف[4].  ولقد كانت أمريكا في الماضي تحارب إلى درجة كبيرة انتشار الإباحية في مجتمعها بفرض بعض الأنظمة والقوانين، ولكن من الملاحظ في هذا العصر أن المعارضين لانتشار الإباحية بدءوا يخسرون هذه الحرب حيث نجحت الاستوديوهات بتخفيف المراقبة على الأفلام وتغيير مفهوم الإباحية لدى المقيّمين فأصبحت الأفلام التي كانت لتندرج تحت بند الأفلام الإباحية(X) قبل قرن يعاد تقييمها اليوم وإدراجها تحت بند (R) الأخف.  كما تم إنشاء فئات أخرى بينية كفئة (NC-17) للهدف نفسه.  ولقد تم بنجاح مؤخرا في أمريكا قلب وإلغاء قانون "العفة في الاتصالات" (Communications Decency Act of 1996) ليتمكن الناس من الاستمرار في أعمال الإباحية دون أي قيود قانونية.

 

ومن المعلوم أن أمريكا هي أولى دول العالم في إنتاج المواد الإباحية.  فهي تصدر سنويا 150 مجلة من هذه النوع أو8000 عددا سنويا[5].  وتجارة تأجير الأفلام الإباحية قد زادت من 75 مليون سنة 1985 إلى 665 مليون سنة 1996.

 

ولقد عرف أهل هذه التجارة في السابق أن هنالك فئة من الناس قد تطاوعهم نفوسهم الخوض في هذه الأمور لولا خوف العار من أن يراهم الناس وهم يدخلون أمثال هذه المتاجر أو دور السينما.  لذا أخذوا في تسهيل هذه الأمور قدر المستطاع كالسماح للناس باقتناء هذه المواد عن طريق البريد.  واستكمالا لهذه الجهود (وبعد ضغوط من الحكومة) قاموا بتغليف هذه المواد بورق بني (plain brown wrapper) يخفي محتوياتها قبل الإرسال.  ومع ذلك أصبح الناس يعرفون محتويات أمثال هذه الرسائل فكان ذلك رادعا للبعض ممن لازالت فطرته سليمة ويخشى العار.

 

لاحظ تجار الدعارة هذه العوامل فأصبح من اللازم إيجاد طرقا لتوصيل هذه المواد إلى منازل الناس بطريقة مباشرة وخفية.  ومن هذا المنطلق تم الاستفادة من البث المباشر والهاتف وشبكة الإنترنت.  وقد تمثل شبكة الإنترنت في الوقت الحاضر اكثر هذه الطرق نجاحا في هذا الصدد حيث إن صفحات النسيج العالمي المتعلقة بالدعارة تمثل – بلا منافس – أشد الصفحات إقبالا في كل العالم.

.

 

 

ما هي شبكة الإنترنت؟:

شبكة الإنترنت عبارة عن مئات الملايين من الحاسبات الآلية حول العالم مرتبطة بعضها ببعض.  ومع ترابط هذا العدد الهائل من الحاسبات أمكن إرسال الرسائل الإلكترونية بينها بلمح البصر بالإضافة إلى تبادل الملفات والصور الثابتة أو المتحركة والأصوات.  وقد تم الاتفاق على نظام موحد لتبادل جميع هذه الأنماط من المعلومات تم تسميته النسيج العالمي.

 

 

 

انتقال الداء إلى الإنترنت وتوغله في المنازل

إن حجم الإقبال على شبكة الإنترنت يتضاعف تقريبا كل مائة يوم[6].  حيث صرحت وزارة التجارة الأمريكية بأن عدد الصفحات في النسيج العالمي بلغ 200 مليون صفحة في نهاية عام 1997 و 440 مليون صفحة في نهاية عام 1998  وأن عدد رواد النسيج بلغوا 140 مليون في عام 1998م[7] [8] .  ولقد أقر هذا العدد شركة جنيرال ماجيك[9] ومجلة تايم[10].  ولكن هنالك من يرى أن هذا العدد فيه تحفظ وأن العدد الحقيقي للصفحات في عام 1998 قد بلغ 650 مليون صفحة[11].  ويتوقع لهذا العدد أن يزداد إلى 8 مليار في عام 2002م.  وعدد الصفحات الإباحية في الإنترنت تقدر بنحو 2.3% من حجم الصفحات الكلية في الإنترنت[12]. وهذا العدد يعد صغيرا نسبيا إلا أنه لا يعطي الصورة الحقيقية لحجم المشكلة.

 

وكمثال على ذلك يمكن أن يكون في مدينة واحدة مائة سوق ولكن أكثر الناس مقبلون على سوق واحد بين هذه المائة.  وبالفعل نجد الأرقام تعضد هذه النظرية.  فشركة (Playboy) الإباحية مثلا تزعم بأن 4.7 مليون زائر يزور صفحاتهم في الأسبوع الواحد[13].  وقامت بعض الشركات بدراسة عدد الزوار لصفحات الدعارة والإباحية في الإنترنت فوجدت شركة (WebSide Story) أن بعض هذه الصفحات الإباحية يزورها 280034 زائر في اليوم الواحد وهنالك أكثر من مائة صفحة مشابهة تستقبل أكثر من 20000 زائر يوميا وأكثر من 2000 صفحة مشابهة تستقبل أكثر من 1400 زائر يوميا.  وإن صفحة واحدة فقط من هذه الصفحات قد استقبلت خلال سنتين 43613508 زائر.  وإن واحدة من هذه الجهات تزعم أن لديها أكثر من ثلاثمائة ألف صورة خليعة تم توزيعها أكثر من مليار مرة.   ولقد قام باحثون في جامعة كارنيجي ميلون بإجراء دراسة إحصائية على 917410 صورة استرجعت 8.5 مليون مرة من 2000 مدينة في 40 دولة فوجدوا أن نصف الصور المستعادة من الإنترنت هي صور إباحية وأن 83.5% من الصور المتداولة في المجموعات الأخبارية[14] هي صورٌ إباحية[15]

 

وفي عملية إحصاء أجرتها مؤسسة زوجبي (Zogby) في مارس عام 2000 وجد أن أكثر من 20% من سكان أمريكا يزورون الصفحات الإباحية.  ويقول الباحث ستيف واترز[16] أنه غالبا ما تبدأ هذه العملية بفضول بريء ثم تتطور بعد ذلك إلى إدمان مع عواقب وخيمة كإفساد العلاقات الزوجية أو تبعات شرٍ من ذلك.

 

وقد وجد التجار صعوبة فائقة في جمع الأموال عن طريق صفحات النسيج العالمي إلا في شريحة واحدة وهي شريحة صفحات الدعارة فإنها تجارة مربحة جدا[17] ويقبل الناس عليها بكثرة ولو اضطروا لدفع الأموال الطائلة مقابل الحصول على هذه الخدمة.  وفي سنة 1999 بلغت مجموعة مشتريات مواد الدعارة في الإنترنت 8% من التجارة الإلكترونية والبالغ دخلها 18 مليار دولارا كما بلغت مجموعة الأموال المنفقة على الدخول على الصفحات الإباحية 970 مليون دولارا ويتوقع أن ترتفع إلى 3 مليار دولارا في عام 2003[18].  وهذه الصفحات تتكاثر بشكل مهول تبلغ مئات الصفحات الإباحية الجديدة في الأسبوع الواحد، كثير منها تؤمن هذه الخدمة مجانا.

 

ولقد صرحت وزارة العدل الأمريكية قائلة: "لم يسبق في فترة من تاريخ وسائل الإعلام بأمريكا أن تفشت مثل هذا العدد الهائل الحالي من مواد الدعارة أمام هذه الكثرة من الأطفال في هذه الكثرة من البيوت من غير أي قيود"[19].

 

كما تفيد الإحصاءات بأن 63% من المراهقين الذين يرتادون صفحات وصور الدعارة لا يدري أولياء أمورهم طبيعة ما يتصفحونه على الإنترنت[20] علما بأن الدراسات تفيد أن أكثر مستخدمي المواد الإباحية تتراوح أعمارهم ما بين 12 و17 سنة[21]. والصفحات الإباحية تمثل بلا منافس أكثر فئات صفحات الإنترنت بحثا وطلبا[22].

 

وهل نتأثر بما نشاهده؟:

فمن قال إن الإنسان لا يتأثر بما يشاهد نقول له ليتأمل الآتي:

1) إن أكبر الشركات التجارية العالمية تدرك أهمية الدعاية والإعلام على استمرارية تجارتها وجلب الناس لشراء بضاعتها.  فشركة ماكدونالد مثلا تنفق 287 مليون دولارا سنويا على الإعلام وحده.  وشركة سيرز تنفق 225 مليون دولارا سنويا في نفس هذا المجال، وهكذا.  ولو كان الناس لا يتأثرون بما يشاهدون لما أنفقت هذه الشركات تلك المبالغ السنوية الطائلة في هذا الصدد.

 

2) تثبت الدراسات العلمية المكثفة أن هنالك تأثيرا مباشرا وملحوظا للتلفاز على سلوك وتفكير مشاهديه.  فمثلا لقد صرح الدكتور براندون سنتروال المتخصص بدراسة مصادر الأمراض (Epidemiology) أنه لو لم يخترع جهاز التلفاز لكان هنالك في أمريكا في هذا العصر انخفاض في الإجرام بنسبة عشرة الآف جريمة قتل سنويا وسبعين ألف جريمة اغتصاب وسبعمائة ألف جريمة عنيفة.  ولقد توصل الدكتور براندون إلى هذه النتائج إثر دراسة دامت قريبا من ثلاثين سنة[23].

 

لاحظ الدكتور براندون أن جهاز التلفاز قد دخل في أمريكا وكندا في سنة 1945م.  وفي الفترة ما بين 1945 و 1974 ارتفعت نسبة القتل في تلك الدولتين بنسبة 93% في أمريكا و92% في كندا.  فرأى الدكتور أن يعضد نظريته بعلاقة وسائل الإعلام في تفشي الإجرام بأن أجرى بحثا على مجتمع جنوب أفريقيا.

 

كانت حكومة جنوب أفريقيا قد منعت دخول جهاز التلفاز في دولتهم لأسباب سياسية حتى سنة 1975م.  ولقد كانت وسائل الإعلام الأخرى كالكتب والإذاعة والمجلات وغيرها متوافرة بكثرة ومتطورة، لذا أمكن استبعاد تأثيرها على دراسته هذه. لاحظ الدكتور براندون أن نسبة جريمة القتل قد انخفضت في جنوب أفريقيا بنسبة 7% في نفس الفترة ما بين 1945 و 1974 التي ارتفعت فيها نسبة جرائم القتل في أمريكا وكندا.  وفي سنة 1975 دخل جهاز التلفاز في جنوب أفريقيا فرأى الدكتور أن يتابع أثر هذا الجهاز على سلوك المجتمع وقيمه.

 

تنبأ الدكتور براندون بأن مجتمع جنوب أفريقيا سيشهد ارتفاعا في نسبة الإجرام خلال 10 إلى 15 سنة من تاريخ 1975 – سنة دخول التلفاز، وأن أول فئة ستقبل على هذه الجريمة الشباب البيض،  ثم يلحقهم الشباب السود بعد ذلك بحوالي ثلاث سنوات.  وبالفعل، لقد نشرت سنة 1989 إحصاءات عن عدد ضحايا جريمة القتل في جنوب أفريقيا في سنة 1987 فوجدوا أن نسبة القتل في تلك السنة قد ارتفعت بنسبة 130% عما كانت عليه سنة 1975.  أي أن عدد ضحايا جريمة القتل قد ازداد إلى أكثر من الضعفين خلال فترة الإثنا عشرة سنة هذه.

 

وحينما سُئل الدكتور براندون كيف عرف أن الشباب البيض سيسبقون الشباب السود إلى هذا الأمر صرح قائلا أن الطائفة الثرية في مجتمع جنوب أفريقيا في ذلك الوقت كانت طائفة البيض.  لذا عرف الدكتور أنهم سيكونون أول المقتنين لتلك الأجهزة الجديدة وأن أطفالهم سيكونون أول الأطفال تعرضا لهذه الوسيلة وتشبعا منه.  ثم بعد مضي ثلاثة سنوات سيشتري السود الأجهزة المستخدمة عند البيض فتبدأ بالتأثير عليهم.  فإذا مضى قرابة عشرة سنوات فسوف يشب أولئك الأطفال البيض الذين تربوا على التلفاز فيبدأ ظهور تأثيره عليهم، وهكذا مع السود.  وبالفعل حصل الأمر كما توقع الدكتور براندون.

 

ولقد بحث الدكتور براندون مجموعة أخرى كبيرة من العوامل المؤثرة المحتملة كفوارق السن والتمدن وانتشار الأسلحة والأحوال الاقتصادية وتناول الخمور وتطبيق القصاص والاضطرابات السياسية والقومية فلم يجد لأي من هذه العوامل تزامنا أو توافقا لهذه الأحداث حتى يتمكن من عزو هذه الظاهرة إلى شيء منها.

 

يلاحظ أن هذه دراسة واحدة فقط من ضمن عدد كبير جدا من الدراسات المشابهة التي تثبت تأثر البشر بما يشاهدونه والتأثير السلبي لتلك الوسائل على سلوكهم.

 

 

 

 

أثر الإباحية في انحطاط القيم وتفشي الإجرام:

ولقد وجد عالم النفس د/ ادوارد دونرستين من جامعة وسكونسون بأمريكا بأن الذين يخوضون في الدعارة والإباحية غالبا ما يؤثر ذلك في سلوكهم من زيادة في العنف وعدم الاكتراث لمصائب الآخرين وتقبل لجرائم الاغتصاب[24].

 

كما وجد عدد من الباحثين بأن مثل هذه الإباحية تورث جرائم الاغتصاب، وإرغام الآخرين على الفاحشة، وهواجس النفس باغتصاب الآخرين، وعدم المبالاة لجرائم الاغتصاب وتحقير هذه الجرائم[25] [26] [27].

 

ولقد قام الباحث الكندي جيمز شِك بدراسة عدد من الرجال الذين تعرضوا لمصادر مواد إباحية بعضها مقترنة بالعنف وبعضها لا تختلط بعنف.  وكانت نتيجة هذه الدراسة أن وجد هذا الباحث أن النتيجة واحدة في كلتا الحالتين ووجد تأثيرا ملحوظا في مبادئهم وسلوكهم وتقبلهم بعد ذلك لاستعمال العنف لإشباع غرائزهم[28].

 

ولقد وجد الباحثان دولف زيلمان وجينينجز براينت أن من أكثر تداول هذه المواد أصبح لا يرى أن الاغتصاب جريمة جنائية كما لاحظ هذان الباحثان على هؤلاء المبتلين الإدمان والانحطاط والتدني والشغف بما هو أشنع وأبشع من ناحية الإباحية الأخلاقية كالاغتصاب وتعذيب المُغتَصَبين واللواط واغتصاب الأطفال وفعل الفاحشة بالجمادات والحيوانات وفعل الفاحشة بالمحارم وغير ذلك[29] [30] – نسأل الله العافية.

 

ويؤكد هذه الحقيقة بحث أجراه الباحثون اليزابيث باولوتشي ومارك جينيوس و كلوديو فايولاتو في كندا   حيث قاموا بدراسة 74 بحثا مختلفا كلها تدرس تأثير المواد الإباحية  الجنسية على الجرائم الجنسية بشتى أنواعها.  ولقد شملت هذه الدراسات عددا من الدول الصناعية مثل أمريكا وكندا ودول أوروبا ما بين السنوات 1953 و 1997م تشمل في مجموعها دراسة 12912 شخصا قد تعرضوا لمثل هذه المواد.  كان من نتائج هذا البحث أن نسبة الانحطاط الخلقي العام - حسب معايير الغرب- هي 28% (وتشمل التعري، والتجسس على أعراض الآخرين بالكاميرات الخفية، والاحتكاك الجسماني بالآخرين في الأماكن المزدحمة، الخ).  كما وجدوا أن نسبة الازدياد في جرائم العنف والاغتصاب تزداد عند متداولي المواد الإباحية بنسبة 30%.  وإن نسبة الانحطاط في العلاقات الزوجية والقدرة الجنسية مع الزوجة تتدنى بنسبة 32%.  ونسبة تقبل جرائم الاغتصاب وعدم المبالاة بها تزداد بنسبة 31%[31].

 

ولقد قام دارل بوب الضابط في شرطة ميشيغان بأمريكا بدراسة 38000 حالة اغتصاب ما بين السنوات 1956 و 1979 فوجد أن نسبة 41% من مقترفي تلك الجريمة كان قد عرض نفسه قبل أو خلال ارتكاب جريمته إلى مواد إباحية.  ويدعم هذا الموقف الباحث ديفد سكات الذي وجد أن 50% من المغتصِبين قد عرضوا أنفسهم لمواد خليعة لتهيئة وتنشيط أنفسهم جنسيا قبل المباشرة بجريمتهم[32]. وإن الاستخبارات الأمريكية (FBI) قد وجدوا أن في 80% من حالات جرائم الاغتصاب يتم العثور على مواد إباحية إما في موطن الجريمة أو في منزل الجاني[33].  وفي دراسة للدكتور وليام مارشال اعترف 86% من المغتصبين بأنهم يكثرون من استخدام المواد الإباحية واعترف 57% منهم أنه كان يقلد مشهدا رآه في تلك المصادر حين تنفيذه لجريمته [34].

 

أما بالنسبة لجريمة اغتصاب الأطفال فلقد وُجد بعد دراسة 1400 حالة من هذا النوع في مدينة لويسفيل ما بين السنوات 1980 و1984م أن صورا عارية للبالغين متواجدة عند جميع هؤلاء المجرمين وصورا خليعة للأطفال موجودة عند أغلبهم[35] ووجد لاحقا في دراسة شاملة لهذه المأساة من قبل مجلس النواب بأمريكا أن أكثر سمة موحدة بين هؤلاء المجرمين – من غير منافس - هو تداولهم للصور العارية للأطفال[36].  وإن الشرطة الأمريكية كثيرا ما يتقمصون شخصيات الأطفال في الإنترنت ليصيدوا المجرمين المستدرجين للأطفال والمغتصبين لهم.

 

ولقد صرح الدكتور مايكل مهتا من جامعة كوينز في كينجستون باونتاريو بكندا بعد دراسة دامت 18 شهرا أن هنالك اتجاها ملحوظا في الصور الخليعة إلى تصوير الأطفال وقد زادت نسبتها من 15% عام 1994 إلى 20% عام1996 [37].

 

كما قام عدد من ضباط الشرطة بدراسة ظواهر الاغتصاب والقتل المفرد والقتل الجماعي فوجدوا أن للمواد الإباحية تأثيرا مباشرا وملحوظا في جميع هذه الجرائم حتى أصبحت هذه سمة معروفة وموحدة لدى المكثرين من الاغتصاب أو القتل (standard profile among serial rapists and serial killers)[38] [39] [40].

 

 

 

شواهد حية:

ولقد وجد الدكتور فيكتور كلاين بعد دراسة له لمجموعة كبيرة ممن ابتلوا بهذا الداء أن تواجد المواد الإباحية بسهولة أمام الناس من غير حجب أو تصفية يشكل إغراء شديدا يصعب على الأفراد عليهم مقاومته حتى لو كلف ذلك فقدان مبالغ ضخمة من المال[41].  كما وجد أن تواجد القنوات الفضائية الإباحية في المنزل يؤدي إلى نتائج وخيمة كاعتداء الأطفال على أخواتهم الصغار واغتصابهم جنسيا.  وأخيرا وجد الدكتور فيكتور أن أمثال هؤلاء المعتدين ربما لا يُعرف عنهم سوء الخلق أو فعل الشر مثل ذلك الرجل المتفوق دراسيا والرئيس لشركته والفاعل للخير الذي ظهر بعد ذلك أنه كان يغتصب النساء بحد السكين أو المسدس في منطقتي فينكس وتوسون وكان الدافع الوحيد لهذه الأعمال الذي وجدوه هو سهولة حصوله على المواد الإباحية في صباه وتشبعه بها منذ الصغر.

 

ولقد قامت الاستخبارات الأمريكية (FBI) بمقابلة واستجواب 24 مجرما في السجون،  كلهم قد اغتصب وقتل عددا كبيرا من البالغين أو الأطفال فوجدوا أن 81% منهم كان يعرض نفسه بكثرة للمواد الإباحية ثم يقوم بتطبيق ما قد رأى على الآخرين بطرق شنيعة وفظيعة تفوق الوصف.  وكان من هؤلاء المجرمين رجلا اسمه ارثور جاري بيشوب (Arthur Gary Bishop) والذي قام بالاعتداء الجنسي المريع على خمسة أولاد ثم قتلهم جميعا.  وكان اصغر ضحاياه سنا يبلغ من العمر 4 سنوات فقط(Danny Davis)!  ولقد اعتاد هذا المجرم أمثال هذه الجرائم لدرجة أنه لم يعد يلقي لها بالا.  فكان مثلا يقتل أحد الأطفال فيلقي بجسده في شنطة السيارة ثم يذهب إلى العمل ويتناول الغداء فإذا فرغ من جميع مشاغله ذهب وتخلص من الجثة.  وكان أحد ضحاياه الطفل كيم بيترسون (Kim Petersen) والبالغ من العمر 11 سنة والذي قام آرثور بقتله بالرصاص والإغراق ثم شوهه جنسيا.  ولقد وصف دون بيل[42] الضابط في شرطة يوتا هذا المجرم بأنه رجل في ظاهره في غاية اللطف والمرح والامتناع عن السذاجة في الكلام ولا يمكن أبدا لأي كان أن يشك بحقيقة ما تخفيه نفسه.  ويؤكد ذلك ما عرف عن هذا المجرم في نشأته من كونه عضو فعال في الكشافة ومن أحد البارزين والمتفوقين لديهم والحائز على أسمى أوسمتهم. كما كان أحد المبشرين لدين النصرانية(Mormon Missionary)

 

وبعد اعتقاله وإدانته ودخوله السجن صرح قائلا: "لو أن مواد الدعارة والإباحية قد مُنعت مني في صباي لم يكن شغفي بالجنس والشذوذ والإجرام ليتحقق"  كما قال واصفا تأثير مواد الدعارة عليه: "إن أثرها علي كان شنيعا للغاية فأنا شاذ جنسيا ومغتصب للأطفال وقاتل.  وما كان كل ذلك ليتحقق لولا وجود مواد الدعارة والإباحية وتفشيها"  لقد اعدم جاري بيشوب في 10/6/1988م.

 

وهنالك مثال حي آخر للنتائج الوخيمة وتفشي الإجرام نتيجة الانغماس في مواد الدعارة.  وهذا المثال هو مثال القاتل السفاح الذي ذاع صيته في كل أنحاء أمريكا والمعروف باسم تيد باندي (Ted Bundy).  وكان هذا الرجل من بيت محافظ وعضو في الكشافة وطالب قانون وشاب وسيم وجذاب وخلوق.  لقد تم القبض على هذا السفاح بعد أن اختطف وعذب وشوه وقتل قريبا من 40 امرأة.  وكان لا يكتفي بتعذيب وخنق واغتصاب ضحاياه فحسب ولكنه كان يتفنن في ألوان الشناعة المريعة كأن ينهش ويأكل لحومهن ويشوه أخريات بالسكاكين.  وكانت أصغر ضحاياه طفلة تبلغ من العمر 10 سنوات.  قام هذا السفاح باختطافها وتعذيبها واغتصابها وأكل لحم وِركها ثم قتلها شنقا وترك جثتها ليأكلها العفن في مرحاض للخنازير.  ولقد تم إدانته بجريمة القتل تلك بعد أن تم تطبيق آثار أسنانه على آثار اللحم المفقود في جسم الطفلة القتيلة وتطابقهما.  ولقد استمر هذا المجرم يدعي البراءة فترة طويلة جدا من الزمن حتى التف عليه آلاف من الناس الذين صدقوا مزاعمه وطالبوا بإطلاق سراحه فورا ومن غير تردد.  ولكن في نهاية الأمر حُكم عليه بالإعدام فحينذاك اعترف بجرائمه.  ففي مقابلة مصورة مسجلة معه قبل إعدامه بقليل صرح قائلا: "أنتم سوف تقتلونني، وهذا سوف يحمي المجتمع من شري، ولكن هنالك الكثير الكثير أمثالي ممن قد أدمنوا الصور الإباحية، وأنتم لا تفعلون شيئا لحل تلك المشكلة."  وقال أيضا: "في البداية هي [الصور الإباحية] تغذي هذا النوع من التفكير ... مثل الإدمان، فإنك تتطلع دائما إلى ما هو أصعب وأصعب، شيئا يولد درجة أعلى من الإثارة، ثم تصل إلى حد لا يمكن لصور الدعارة أن تشبع غرائزك وتصل إلى نقطة انطلاق حيث تبدأ تقول لنفسك هل تستطيع ممارسة هذه الأفعال أن تشبع تلك الغرائز بشكل أفضل من مجرد القراءة أو النظر؟” 

 

واستطرد قائلا في اعترافه للدكتور جايمز دوبسون في اليوم السابق لإعدامه: "اشد أنواع المواد الإباحية فتكا تلك المقترنة بعنف أو بالعنف الجنسي.  لأن تزاوج هذين العاملين – كما تيقنت جيدا – تورث ما لا يمكن وصفه من التصرفات التي هي في منتهى الشناعة والبشاعة"[43]

 

وقال أيضا: "[أنا وأمثالي] لم نولد وحوشا, نحن أبناؤكم وأزواجكم, تربينا في بيوت محافظة, ولكن المواد الإباحية يمكنها اليوم أن تمد يديها داخل أي منزل فتخطف أطفالهم"

 

وقال قبل ساعات من إعدامه: "لقد عشت الآن فترة طويلة في السجون وصاحبت رجالا كثيرين قد اعتادوا العنف مثلي.  وبدون استثناء فإن كلهم كان شديد الانغماس في الصور الإباحية وشديد التأثر بتلك المواد ومدمنا لها."

 

وبشكل مماثل فإن القاتل جيفري دامر (Jeffrey Dahmer) قد بدأ حياته الإجرامية بالاغتصاب المتكرر للنساء. ثم تطورت اتجاهاته الإجرامية بعد ذلك إلى الشذوذ والقتل الذي يفوق الأوصاف حيث اغتصب وقتل عشرات من الرجال والأطفال.  وكان يحبس ضحاياه لفترات طويلة جدا يغتصبهم ويعذبهم ويشوههم فيها يوميا بطرق مبتدعة وجديدة في كل مرة، ثم إذا مل من ذلك قتلهم وقطع أجسادهم بالمناشير ثم أكل بعض أعضائهم وترك بعضها في الثلاجات وأذاب بعضها بالأحماض.  وحينما قبضت الشرطة عليه وجدوا في منزله رؤوسا بلا أجساد في الثلاجات والدواليب وموزعة هنا وهناك.  ووجدوا أيضا قلب أحد ضحاياه في الثلاجة، فحين سألوه عن ذلك قال "كنت احتفظ به لأكله لاحقا."  وكان يهتم بالمشاركة في "مسيرات أهل الشذوذ" ووجدت الشرطة في منزله حينما قبضوا عليه أعدادا مهولة تكاد لا تحصى من الأفلام والصور الإباحية[44].  ولقد توفي جيفري في حمام السجن عام 1996 إثر الضرب المتتالي بقضيب من حديد أنزله به سجين آخر.

 

لقد أصدرت مجلة (Hustler) الإباحية في عددها الأخير عام 1990 مقالا من خمسة صفحات بعنوان "دليل القتل" تصف فيه كيفية اقتلاع عين الضحية وكيفية تشويه فرجه. واثر ذلك بقليل في مدينة نورمان بولاية أوكلاهوما كان الطفل سام(Sam) والبالغ من العمر 9 سنوات يتمشى عائدا من مدرسته إلى المنزل عندما اختطفه شخص غير معروف ثم اعتدى عليه جنسيا ثم قتله واقتلع أحد عينيه وشوه فرجه – تقليدا لما قرأه في ذلك المقال.

 

وبشكل مماثل ففي مدينة سبرينجفيلد بولاية الينوي طُلب من رجل يبلغ من العمر 43 سنة أن يرعى(babysit) ولد اسمه جيم (Jim) يبلغ من العمر 11 سنة وثلاثة بنات أعمارهن 7 و 11 و 13 سنة.  فاعتدى هذا الرجل على البنات جميعا ثم قتل الطفل جيم.  وعندما فتشت الشرطة منزل الجاني وجدوا فيه عددا من المجلات الإباحية ومسدس تخدير وإعلان لبرنامج تلفاز يتحدث عن شواهد لتعذيب وتشوه الأطفال من قبل المربين (babysitters)- فهو بذلك كان يقلد ما ورد في برنامج التلفاز ذلك.

 

أما عن الذين ينتجون تلك المواد فحدث ولا حرج.  ومثال ذلك مخرج الأفلام الإباحية جوني زِن الذي دفع عام 1986 لثلاثة من "ممثليه" 1500 دولارا حتى يحضروا له بنتا شقراء تمثل في أفلامه.  فقام هؤلاء الثلاثة باختطاف امرأة اسمها ليندا لي دانيالز وجدوها تمشي في شوارع نيومكسيكو ثم خدروها واغتصبوها مرارا أمام كاميرات المخرج.  وفي الصباح فقدها أهلها ونُشرت صورتها في الجرائد.  وحينما رأى المخرج جوني صورتها في الجرائد أمر الثلاثة بقتلها فأطلقوا عليها النار مرارا - وهي تترجاهم أن يرحموها – حتى ماتت.

 

 

عواقب الإباحية وتأثيرها على المجتمع:

كما تفيد إحصاءات وزارة العدل الأمريكية بأن تفشي وسائل الدعارة من الأسباب المباشرة في تفشي أنواع أخرى من الجرائم والمآسي الاجتماعية، ومنها:

في بحث أجرته الوزارة سنة 1979 في فينكس ارازونا وُجد أن الأحياء التي فيها متاجر تتاجر بوسائل الدعارة تزداد فيها جرائم الممتلكات بنسبة 40% وتزداد فيها جرائم الاغتصاب بنسبة 500% مقارنة بالأحياء الأخرى [45].

وبشكل مماثل فإن دراسة مماثلة في تكساس وُجد أن نسبة الازدياد في الجرائم الجنسية تزداد في أمثال هذه الأحياء من 177% إلى 482% مقارنة بالأحياء الأخرى [46].

يرى العلماء أن السمة الموحدة لمقترفي القتل الجماعي (serial killers) هو كونهم غالبا ما يقدمون على جرائمهم لأسباب جنسية في بادئ الأمر.  ثم تتطور عملياتهم الإجرامية بعد حين من إدمان الجنس إلى التعذيب والقتل وفعل الفاحشة في جثث الأموات[47] وغير ذلك من الجرائم المريعة.

الذين يروجون الوسائل الإباحية غالبا ما تكون لهم علاقات وطيدة بالجريمة المنظمة، كما يدعون إلى تفشي جرائم أخرى.  فمؤسسة Playboy تدعو منذ سنة 1966 إلى إباحة المخدرات[48].  وقد بدأت المؤسسة منذ سنة 1971 بالتبرع سنويا بمبالغ لا تقل عن مائة ألف دولار لإلغاء قوانين منع المخدرات[49].  وتصدر هذه المؤسسة سنويا عددا من المقالات التي تدعو الناس إلى نصرتهم في تلك المساعي.

إدمان الوسائل الإباحية كما أسلفنا يجر تبعات أسرية كتفكك الروابط الزوجية وضعف قدرة الرجل مع زوجته وتفشي الزنا وعواقب أسرية واجتماعية غير حميدة مشابهة.

وتفيد الإحصاءات أن 33% من ضحايا الاغتصاب يفكرون بالانتحار أو ينتحرون[50]

في الوقت الحاضر فإن نسبة 12% من نساء أمريكا يتعرضن لنوع من الاعتداء الجنسي في حياتهن[51]

80% من ضحايا الاعتداء الجنسي من الأولاد الذكور يصبحون بعد ذلك مدمنين لأنواع المخدرات والمسكرات.  و50% منهم يفكر بالانتحار و23% منهم يقدم على الانتحار و70% تبقى معهم عقد نفسية[52].

الذين يدمنون المواد الإباحية غالبا ما تصبح أحوالهم مثل مدمني المخدرات والمسكرات، فبعد حين من الزمن فإنهم يجدون أنهم لا يتمالكون أنفسهم أمام هذا البلاء وهم على استعداد لإفناء أموالهم من أجل إشباع غرائزهم[53].

لا يُعرف المدى الحقيقي لهذه الكارثة الاجتماعية لأن أكثر الضحايا يعرفون الجاني وغالبا ما يكون محرما أو قريبا أو صديقا للعائلة[54] ويدوم الاعتداء سنوات طويلة متوسطها 7.6 سنوات عند البنات ويكون أول عهدهن بالاغتصاب في سن ست سنوات[55]!

 

وتجدر الإشارة هنا إلى أن كل هذه الأبحاث قام بها غربيون غير مسلمين.  وإن القيم والمبادئ والأخلاق الإسلامية أرفع وأجل وأشمخ من قيمهم.  فهم لا يقيسون مثلا نسبة الازدياد في جريمة الزنا لأنهم لا يرون ذلك جريمة.  فكيف بهذه الإحصاءات كلها لو أخذت معايير الإسلام في الحسبان؟

 

 

 

التبعات

‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم (لم تظهر ‏الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا ‏فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت ‏في أسلافهم الذين مضوا)    رواه ابن ماجه

 

لقد قام الباحث الدكتور دايفد ويت في جامعة آكرون أوهايو[56] بدراسة ظاهرة تفشي الفاحشة والإباحية بين الشباب والشابات الذين تتراوح أعمارهم ما بين 16-20 سنة عبر العقود الستة الأخيرة فوجدوا ازديادا ملحوظا في هذه الظاهرة كما هو مبين في الجدول الآتي:

 

الإناث

الذكور

السنة

20%

40%

1940

21%

42%

1950

25%

60%

1960

40%

60%

1970

64%

77%

1980

70%

85%

1990

 

كما قام بتوزيع استبانات ورصد بعض الحقائق المتعلقة بزنا المتزوجين في أمريكا فوجد أن 50% من الرجال و25% من النساء قد اعترفوا بممارسة الزنا بعد الزواج.

 

وعند قراءتنا للآية السابقة نتوقع أن نجد الطاعون والأمراض الجديدة متفشية فيهم، وبالفعل ابتلى هؤلاء عبر السنوات الأخير بشتى أصناف الأمراض كالزهري والهربس(القُوباء) والسيلان والحرشفية والايدز وغيرها (Syphillis, Herpes, Gonorrhea, Chlamydia, AIDS).  فمثلا لقد شاع وباء الزهري المسبب للعقم وأمراض الدماغ في أمريكا في فترة 1930 كما شاع من قبل قي القرن الخامس عشر.  وهذا المرض لا ينتقل إلا بالإباحية الجنسية.

 

وفي عام 1981 صرح متحدث باسم مركز مكافحة الأوبئة بأمريكا (Center for Disease Control) أن هنالك قرابة 325000 مريض مصاب بمرض الزهري  بأمريكا.  كما أنه يتم رصد 2.5 مليون حالة جديدة سنويا لشباب في مرحلة الثانوية العامة مصابين بأمراض جنسية منوعة كالزهري والسيلان والحرشفية والالتهاب الكبدي الوبائي.

 

ولكن مرض هذا العصر بلا شك هو مرض الإيدز.  ولقد صرح كثير من الباحثين بأن أكثر من 80%  من حالات الإيدز مصدرها الإباحية الخلقية[57] [58].   أما اليوم فإن مركز مكافحة الأوبئة بأمريكا (Center for Disease Control) يقدرون عدد حالات الإصابة بفايروس HIV فيما بين 650000 إلى 900000 حالة وأن أكثر من 200000 منهم لا يعلم أنه يحمل هذا الفيروس[59] [60].  وحتى تاريخ 31/12/1999 فقد رصد المركز 430441 حالة وفاة من جراء هذا المرض الخبيث فأصبح مرض الإيدز يحتل المركز الخامس في قائمة أسباب الوفيات في أمريكا للفئة ما بين 25-44 سنة [61] [62].  وهذا الرقم يفوق عدد قتلى أمريكا في حربي فيتنام وكوريا معا.  أما في نيويورك ولوسانجلوس وسانفرانسسكو فإن مرض الإيدز هو السبب الرئيسي للوفاة بين الشباب والشابات.

 

وإن منظمة الصحة العالمية (World Health Organization) تقدر عدد المصابين بفيروس الإيدز HIV حول العالم بـ 13 مليون حالة، منها 611589 حالة قد تطورت إلى مرض الإيدز.

 

ومن المعروف عن فيروس الإيدز أنه أسرع الفيروسات المعروفة على وجه الأرض تغيرا وتحولا إلى أشكال جديدة.  كما أنه من المعلوم أن أول ظهوره في الغرب كان في أهل الشذوذ في مدينتي سانفرانسسكو ونيويورك، ثم انتقل بعد ذلك إلى ممارسي الزنا.  وكان في بادئ الأمر يعرف هذا المرض باسم "مرض تدني المناعة في أهل الشذوذ" ("GRID" for Gay Related Immune Deficiency) وإن المعهد الوطني لدراسة الحساسيات والأمراض المعدية بأمريكا (NIAID) رصد في أول ستة أشهر من سنة 1996م تزايدا في تفشي الإيدز جله بين المراهقين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 13-19 سنة يبلغ 524% وأن جل هذه الزيادة كانت في الشاذين منهم ثم الزناة[63].  وفي عقد 1980 قام أهل الشذوذ بحملة إعلامية مكثفة لتوعية أفراد مجتمعهم الخبيث لمخاطر هذا المرض نتج عنها نزول ملحوظ في عدد المصابين.  ولكن إثر وفاة كثير من الجيل الأول من أهل الشذوذ وتدني نسبة المصابين بهذا المرض في تلك الفترة فقد أخذ المراهقين الشاذين بالتشجع للعودة إلى أعمالهم الخبيثة مرة أخرى[64].

 

}فلولا إذا جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون[   الأنعام: 43

 

}أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [ ‏ ‏

 

وإن لهذه الأمراض تبعات اجتماعية واقتصادية وسياسية عديدة.  فمثلا من المعلوم أن متوسط تكلفة معالجة (وليس شفاء) شخص مصاب بالإيدز حتى يتوفى تبلغ 120 ألف دولار.  كما أن هذه الأمراض تجلب كوارث عائلية واجتماعية وارتفاعا في نسبة البطالة وتفشي للفقر وغير ذلك من التبعات السيئة.  ناهيك عما يتعرض إليه الأطباء والممرضون وغيرهم من الأخطار الجسيمة.

محاولة تصدير الإباحية بدعوى الحرية:

}إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون, ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم[

أما في زماننا فإن أهل الغرب بقيمهم الفاسدة وأمراضهم الخبيثة ومبادئهم الذميمة لم يكتفوا بإفشاء الرذائل والمنكرات ودواعي غضب الجبار بينهم ولكن تمادى بهم الحال إلى محاولة تصدير هذه المصائب والأمراض إلى دول الإسلام.  فنجد جمعية "مراقبة حقوق الإنسان" (Human Rights Watch) مثلا تذم وتنكر بشدة أي محاولات لدول الخليج العربي لحجب الإنترنت ويدعوننا إلى "الانفتاح والحرية"[65].

جدوى الحجب:

الحجب من الأساليب المجدية والفعالة التي هدانا إليه ربنا عز وجل في كتابه الكريم.  فنحن نقرأ في قصة نبي الله يوسف عليه السلام أنه حينما وجد نفسه أمام فتنة النساء وخشي على نفسه المعصية دعا الله قائلا: }قال ربي السجن أحب إلى مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين[ وبالفعل عصم الله نبيه يوسف عليه السلام من هذه الفتنة بحجبها عنه }فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم، ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين[

 

نلاحظ أن مع كون سيدنا يوسف عليه السلام من الأنبياء والمقربين ومن أشد الناس طاعة لله وأكثرهم عبادة وأهداهم وأشدهم خشية لله فلم يأمن على نفسه هذه الفتنة الحاضرة المستمرة غير المحجوبة ولا الممنوعة فدعا ربه أن يحجب هذا الشر عنه فاستجاب ربه لدعائه.  فإن قال قائل إن البشر – في غالبهم - يستطيعون ضبط أنفسهم والاستعصام عند حضور الفتنة، فهو بذلك أمير نفسه ولا حاجة للحجب، نقول له هل أنت خير أم نبي الله يوسف عليه السلام؟

 

وكدليل آخر على جدوى الحجب وجد الاستاذ الدكتور كاس سانستين بأن الدول التي تفرض قوانين صارمة في منع المواد الإباحية تنخفض فيها نسبة هذه الجرائم[66].  وبعد دراسة لبرامج الحجب والتصفية في مدارس ولاية يوتا وُجد أنه بعد 54 مليون عملية تصفح فإن الخطأ في الحجب يبلغ 64 خطأ لكل 205737 عملية حجب صحيحة،  وهذا يمثل نسبة نجاح 99.9994%[67].

 

ولقد قام باحثان من جامعة نيوهامبشير بأمريكا هما لاري بارون وموري ستراوس بدراسة ظاهرة تفشي الإباحية والدعارة وأثر ذلك على جريمة الاغتصاب.  وبعد دراسة شملت جميع الولايات الأمريكية وجدا أن الولايات التي تكثر فيها وسائل الدعارة والإباحية ترتفع فيها نسبة جرائم الاغتصاب، والعكس صحيح.  ووجدوا أن ولايتي الاسكا ونيفادا فيهما أكبر نسبة من المواد الإباحية (خمسة أضعاف ولايات أخرى) ترافقها أكبر نسبة من جرائم الاغتصاب (ثمانية أضعاف ولايات أخرى)[68] [69].

 

 

 

دور وحدة خدمات الإنترنت:

والمملكة العربية السعودية هي من الدول القليلة جدا التي أدركت حكومتها الرائدة أهمية هذا الأمر فطبقت أمثال هذه البرامج[70] على مستوى الدولة ككل فهي بذلك تعتبر من الرواد في هذا المجال.  أما باقي الدول التي تتبع سياسة الحجب فإنها في غالبها تحجب شيئا قليلا جدا من المواد الإباحية بالإضافة إلى كون أجهزة الحجب لديها ضعيفة جدا ومقترنة بثغرات كبيرة.  وإن إخوانكم القائمين على حجب الصفحات الإباحية يعملون جاهدين على حفظ وحماية المجتمع من سلبيات الإنترنت من غير أن يمنعوهم من محاسنها الجمة.  فهم بذلك قائمون على ثغرة في بالغ الخطورة والأهمية على هذا المجتمع الإسلامي ،  وهم يدركون جيدا حجم الأمانة الملقاة على عواتقهم ويسألون الله عز وجل أن يعينهم على حسن رعاية تلك الأمانة.

 

في عام 1417هـ(1997م) صدر قرار مجلس الوزراء رقم 163 بتاريخ 24/10/1417هـ الذي أناط بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية مهمة إدخال خدمة الإنترنت العالمية إلى المملكة.  وتبعا لذلك أنشئت وحدة خدمات الإنترنت التي تولت كافة الإجراءات اللازمة لإدخال هذه الخدمة وتشغيل الشبكة وتسجيل مقدمي الخدمة وترشيح المحتوى وتأهيل القطاع الخاص.

 

وقد بدأت الخدمة بالمملكة في 26/8/1419هـ حيث تم ربط الجامعات وشركات تقديم الخدمة المحلية بهذه الشبكة.  وتتكون وحدة خدمات الإنترنت من أربعة مراكز أساسية هي:

مركز معلومات الشبكة: الخاصة بتسجيل النطاقات وعناوين الشبكة وتطوير صفحات المعلومات وإدارة خدمات المستفيدين

مركز تشغيل الشبكة: ويقوم بتركيب وصيانة كل مكونات الشبكة من معدات وبرمجيات ومتابعة الأعطال والصيانة.

قسم خدمات المساندة وعلاقات مقدمي الخدمة: ويتولى تأهيل مقدمي الخدمة والترخيص لهم وتنمية الموارد البشرية ومتابعة الشؤون المالية والإدارية بالوحدة

مركز أمن المعلومات: ويتولى الترشيح وتوثيق الطوارئ وتوعية المستخدمين والتنسيق مع اللجنة الأمنية فيما يخص الضبط الأمني للمعلومات.

 

لقد حرص موظفو وحدة خدمات الإنترنت على تقديم خدمة الإنترنت بشكل موزون إلى أفراد المجتمع وذلك بترشيح الصفحات الإباحية بطريقة تترك أكبر قدر ممكن من الحرية للمستخدمين ومع عدم إغلاق شيء من المنافذ أو الصفحات إلا للضرورة القصوى.  فلقد تم وضع قوائم حجب بمئات الألوف من الصفحات الإباحية وجلبت أجهزة وبرمجيات خاصة لحجب تلك الصفحات الإباحية دون المساس بالصفحات المفيدة.  كما قامت الوحدة بتطوير الخبرات الوطنية التي تمكنت على إثره من اكتشاف وإغلاق الصفحات الإباحية الجديدة بشكل آلي وآني ومنع بعض أساليب العبث.

 

ولقد نتجت تلك السياسة السمحة عن عدد من التعديات من قبل بعض أفراد المجتمع لاستغلال هذه المنافذ المفتوحة والسياسة السمحة لمحاولة تخطي أو كسر نظام الترشيح.  ومع كثرة هذه المحاولات إلا أن الوحدة مصرة على سياستها بعدم الإفراط في إقفال المنافذ ولو تطلبت هذه السياسة مضاعفة الجهود لرد العابثين دون الإضرار بالباقين.  وبذلك فإن كل عمل تقوم به الوحدة تعد سباقة ورائدة في العالم ومبتكرة، وما زالت بذلك تهتدي في كل يوم إلى أساليب جديدة لم يسبقهم إليها أحد لرد تلك المحاولات من غير أن تضطر إلى تغيير سياستها الأساسية السمحة.

 

ولكن الكمال غاية لا تدرك ولو أصر الإنسان على الوصول إلى هذه المنكرات فيمكنه تخطي الوحدة تماما والاتصال بإحدى الدول المجاورة للتواصل مع الإنترنت.  وهنا ينبغي علينا أن ندرك أن الوحدة تمثل جهة فنية تنفيذية فقط وعلى أولياء الأمور أن يقوموا بما أوكله الله إليهم من حسن التربية والتوجيه والمراقبة والنصح لذراريهم ومن يعولونه.

 

 

 

خاتمة:

كلنا أمير نفسه وكلنا عليه الاختيار.  خدمة الإنترنت واقع لا مفر منه.  وهذه الخدمة تفتح أمامنا أيديها بعطاء وخير ومنافع لا تحصى.  ولكنها خدمة تجر معها مسؤوليات.  فعلينا نحن أن نكون خير مستخدمين وخير مربين لأبنائنا ومن نعول.

 

كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.  فيا رب البيت هل تعلم ما يفعل أبناؤك وبناتك عندما ينعزلون ساعات لا تحصى في غرف مغلقة أمام شاشة الإنترنت؟

 

وهل سألت عنهم حينما غابوا عنك أياما في مقاهي الإنترنت في الغرف الخاصة أو وراء الشاشات المستورة؟

 

هل تابعت ابنتك وعرفت ما تكتب للشباب في "ساحات الحوار" أو ما ترسل لهم من صور؟

 

إخوانك في وحدة الإنترنت لن يألوا جهدا بإذن الله في الوقوف معك لحماية أبنائك وبناتك من سوء استغلال هذه الخدمة النافعة ولكن الأمر بيديك وأنت مسؤول عن أهل بيتك.  ألا هل بلغت؟

 

أسأل المولى عز وجل أن يعيننا على حسن استخدام هذه الخدمة وعدم استخدامها فيما يضر.  وختاما نقول سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا اله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.

 

 
     

اتصـل  بــنــا

     

 جـمـيـع الحـقـوق محـفوظـة لـمـوقـع تكـنـولـوجيـا التـعلـيـم  | إعداد وتصمـم الـموقـع والمـنـتدى : ربـيـع عبـد الفـتاح طبـنـجـه