دعوة

  

 




الإنترنت واستخداماته الدعوية ومحاذيره

 


السؤال :

كثر في الآونة الأخيرة انتشار مواقع الإنترنت، فهل تنصحوننا في الانخراط والاضطلاع فيها، علماً أن هناك مواقع تسعى لهدم الدين؟


الجواب:

علينا أن نُحدد قضايانا في المواضيع الأكثر خصوصية في الواجب الدعوي القائم عليها، أما قضية الإنترنت فإن كلاً منا يختلف عن الآخر في هذا الشأن، فبعضنا لا يعرف الإنترنت، وبعضنا ليس عنده نية ليتعلمه، وبعضنا ليس عنده خبرة فيه، وبعضنا يطلع عليه اطلاعاً معيناً، وبعضنا قد يكون لديه الخبرة العميقة فيه.. وهكذا؛ لأن هذه أموراً تخص كل إنسان في شأنه بحسب حاله، ووضعه، فلو كنت أنا خبيراً في الإنترنت فلا ينبغي لي أن أفرض خبرتي على الآخرين، وأقول: على كل واحد أن يدخله ويستفيد منه ويدعو إليه لأنني أنا نجحت في ذلك! كما لا ينبغي لأحد الإخوة المعرض عن هذا الشيء، أو الذي لا يجيده أن يفرض عليَّ ألا أعرف وأن أجهل كل شيء.

بل ينبغي لكل واحد منا أن يقوم بواجبه الدعوي من خلال أي جهاز يستطيعه، فقد يأتيك بعض الإخوان ويقول: أنا أستطيع أن أُحول هذا الجهاز إلى مجال للدعوة لا نظير له، وقد جلست مع بعضهم، ورأيت كيف يتخاطبون، ولاشك أن كل واحد منكم لو رأى ذلك لابد أن يعجب به ويدعو له بالتوفيق والبركة، ولا يغركم أن يقال فيه وفيه وفيه، نعم كل شيء فيه، لكن أنت يمكن ألا ترى، ولا تكتب ولا تسمع إلا الحق والخير.

ومن المعلوم أنك حين تفتح القناة الفضائية ومضطر أن ترى ما فيها، لكن أنت الذي تحرك وتفتح ما تشاء.

وهناك شركة أرادت أن تأخذ مقاولة، ولا أدري هل نجحت أم لا، فقد كنت على علم أن هناك تفاوضاً، وتريد أن تجعل نوعاً من التنظيف أو التصفية لما يأتي إلى هذه البلاد بالذات، حيث عرفت أن هناك من يريد الخير، فوجدت أن بإمكانها أن تضع ثلاثمائة ألف موقع، ليس فيها شيء من التنصير ولا الإلحاد، ولا من الأشياء الإباحية، أو الغناء أو الموسيقى أو غيرها.

والموقع الواحد قد يكون لجهة أو مؤسسة ضخمة جداً؛ بحيث أنك تدخل على جامعة بأكملها أو مكتبة فيها ملايين الكتب، وتسمى موقعاً واحداً من هذه الثلاثمائة ألف.

فلتكن ثلاثين ألفاً، فإن عندك مجالات لا تكاد تتخيل مدى عمقها ومدى تأثيرها، لكن لا يعني ذلك أن نقول: إن على كل واحد من الشباب أن يدخل الإنترنت، فإن ذلك قد يجلب لبعضهم مشاكل ومتاهات، ثم يقول: إن المشايخ ينصحون بذلك، فالإنترنت ليست شيئاً واحداً، وليست مجرد الجهاز الذي أستخدمه في بيتي، فإذا كان جهازاً واحداً فإن الشبكة نفسها ليست شيئاً واحداً، بل هي عبارة عن ملايين من أجهزة الحاسوب، وكل منها بإمكانه أن يدخل على الآخر، فإذا ضربت هذا في هذا وهذا في هذا؛ تصبح عندك الأرقام مضاعفة إلى أعداد هائلة جداً بإمكانك أن تدخل عليها.

وبالتالي فأنت يمكن أن تدخل وتُفيد وتستفيد، وبإمكانك -والعياذ بالله- أن تدخل فلا ترى إلا الكفر والإلحاد والإباحية والانحلال.

إذاً: ينبغي أن ننظر إلى الموضوع نظرة متأنية هادئة وموضوعية، ونتدبر من المؤهل لهذا، فإذا كان هناك من هو مؤهل للقيام باستغلال هذا العمل فجزاه الله خيراً، ويمكن أن يتطور الأمر من مجرد أن يفتح ويرى إلى أن يضع مواقع، وأن ينشر، وأن يجابه، وأن يجاهد، فهذا نوع من جهاد الحق وبيان الكلمة، والأخ الذي نخشى عليه أن يكون مجرد متأثر أو مستقبل فنمنعه من ذلك، وليس لها كلمة واحدة عامة بحيث يستطيع أن نقول: إنها حلال أو حرام، ولكن نقول: إنها بحسب جهد كل إنسان وطاقته ومعرفته وعلمه وخبرته في هذا، ومدى إفادته من الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، والله تبارك وتعالى جعل حساب كل إنسان عليه: وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ [الإسراء:13] فما تراه وما تسمعه فأنت مسئول عنه يوم القيامة: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء:36] فأنت المسئول عما ترى وتسمع، ولا تقل: إن فلاناً عنده فأنا عندي، وأرى كما يرى، لا؛ فقد يرى أشياء، ويتكلم بشيء من الموضوعات، ويناقش في أمور لا ينبغي للآخر أن يناقش، أو يجادل فيها، مع الرافضة أو مع النصارى أو غيرهم، فلا ينبغي ذلك للجاهل.

والحقيقة أن الإنسان يتألم جداً حين يرى نقاشات بعض الناس عن جهل، ويخوض في جهل، فيجعل أهل البدع يستطيلون ويتبجحون على أهل السنة ، فكيف باليهود والنصارى وغيرهم عندما تكون الإجابة ضعيفة، أو يكون الكلام اعتراضاً لا قيمة له، أو كلام تافهاً غير مجد ولا خير فيه، فيحذر كل إنسان منا وهو مسئول عما يكتب وعما يقول.

الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي

http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.SubContent&contentid=1210