دعوة
  
 


 

 

الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الداعي إلى الله جل وعلا



السؤال:

هذه رسالة وصلت من المستمع صالح سلمان من السودان يقول ارجوا منكم عرض هذه الرسالة على فضيلة الشيخ محمد وهي ما هي الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الداعي إلى الله جل وعلا.


الجواب:

الشيخ: هذا السؤال سؤال مهم وهي الآداب التي ينبغي أن يكون عليها الداعي إلى الله عز وجل فمن الآداب المهمة إخلاص النية لله عز وجل بأن يكون الداعي قاصدا بدعوته رضى الرب وإصلاح الخلق لا أن يكون له جاه وإمامه ورئاسة بين الخلق وذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كان هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كان هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته لما هاجر إليه ثانيا أن يكون على بصيرة فيما دعا إليه وهو شريعة الله عز وجل بأن يكون لديه علم بالشرع فيما يدعوا إليه فإذا كان يدعوا للتوحيد وجب أن يكون له أن يكون لديه علم بالتوحيد في مسائله طردا وعكسا إيجابا ونفيا حتى يتمكن من المحاجة إذا حاجه أحد في ذلك لأن من دعاء بغير علم فكمن نزل إلى ميدان القتال بغير سلاح ويدل لهذا الأدب قوله تعالى (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) ولأن الجاهل يحتاج هو إلى أن يعلم فكيف يكون معلما لغيره بجهله ولأن الذي يدعوا بجهل قد يدعوا إلى باطل وهو لا يشعر به فيضل ويضل لأن الذي يدعوا بجهل يقف حيران حينما يورد عليه المبطل حجة باطلة ليدحض بها الحق الذي قاله هذا الثالث أن يكون على علم بحال المدعو حتى ينزله منزلته ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث معاذ إلى اليمن فقال له حين بعثه إنك تأتي قوم أهل كتاب أخبره بحالهم ليكون مستعدا لهم وقابلهم بما تقتضيه حالهم وهكذا الداعي يجب أن يكون عالما بحال من يدعو من يدعوهم لينزله منزلته لأن هناك فرقا بين شخص معاند تدعوه إلى الله وشخص جاهل غافل لا يدري عن شي فالأول يحتاج إلى حجة قوية يدحض بها عناده واستكباره عن الحق والثاني يكفيه فيه أدنى حجة وأدنى الكلام لأنه جاهل غافل ليس عنده ما يدفع به ليس عنده ما يجادل به وعلى هذا يتنزل قوله تعالى (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) فإن الناس منهم من يحتاج إلى الموعظة وتكفيه ومنهم من لا تكفيه الموعظة بل يجادل فأمر الله سبحانه وتعالى أن تكون الدعوة بالحكمة بالموعظة احياننا و بالمجادلة احياننا حسب ما تقتضيه حال المدعو ومن آداب الداعي أن يكون بليغا في منطقه قويا في حجته بحيث يستطيع إقناع المستمع المدعو إقناعا تطمئن إليه نفسه وينقاد إلى الدعوة بيسر وسهولة لأن من الناس من يكون لديه علم لكن ليس لديه بيان بالقول فيفوته شي كثير فإذا كان لدى الإنسان علم وبيان بالقول فإمكانه أن يقنع غيره إقناعا تاما يستجيب به المدعو ومن آداب الداعية أن يكون عاملا بما يدعوا إليه من الحق ليكون داعية بمقاله وفعاله ولا شك بأن عمل الداعية بما يدعوا إليه له تأثير كبير في قبول ما يدعوا إليه فإن الناس إذا رأوا من هذا الداعية أنه عاملا بما يدعوا إليه وثقوا به وعرفوا أنه صادق في دعوته وإذا كان لا يعمل بما يدعوا إليه شكوا في أمره ولم يجعل الله تعالى في دعوته بركه أرأيت لو أن شخص قام يدعوا الناس إلى صلاة الجماعة ويحث الناس عليها ولكنه لا يصلى مع الجماعة فماذا تكون نظرة الناس إلى دعوته ستكون نظرة الناس إلى دعوته هزيلة ولا ينظرون إليه نظر المتقبل لأنه لم يكن يقوم بما يدعوا الناس إليه ومن آداب الداعية أن يكون حليماً صبوراً على ما يصيبه من الأذية القوليه أو الفعلية لأن الدعوة أو لأن الداعية قائم مقام الرسل والرسل ينالهم من الأذى القولي والفعلي ما يصبرون عليه حتى ينالوا درجة الصابرين قال الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا) فلا بد للداعية من أن يتحلى بالصبر والحلم لينال درجة الصابرين ويلتحق بطريق المرسلين عليهم الصلاة والسلام ومن آداب الداعية أن يكون بشوشا دائم البشر طليق الوجه حتى يحبه الناس قبل أن يدعوهم لأن قبول الناس للإنسان شخصيا يؤدي إلى قبوله معنويا وإلى الالتفاف حوله وعلى هذا يتنزل قوله تعالى (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) ومن آداب الداعية أن ينزل الناس منازلهم وأن يتحين الوقت المناسب والمكان المناسب للدعوة فلا يدعوا الناس في مكان لم يتهيئوا ويستعدوا لدعوته لأن ذلك يلحقهم الملل والسآمة والكراهية لما يدعوا إليه ولو كان حقا ولهذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتخول أصحابه بالموعظة مخافة السآمة إذا كثر عليهم الموعظة.... فأنه يملون ولا يكون عندهم التقبل الذي يكون فيما لو راوح بين الدعوات هذا ما حضرني الآن من آداب الداعية ونسأل الله تعالى أن يجعلنا و وإخواننا هداة مهتدين دعاة إلى الحق صالحين.

فتاوى نور على الدرب

الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله -
 

http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_8280.shtml