دعوة

  

 

 

 

ما صِحّة قِصّة الغلام مع الجمل الشرود التي حدثت في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ؟

 

السؤال:

بسم الله الرحمن الرحيم
في البداية أود أن أخبر فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم بأنني أحبه في الله
أما سؤالي فهو أنني قد رأيت موضوعاً لشخص في أحد المنتديات سرد فيه حديثاً عن الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم)
وفيما يلي اقتباس للموضوع :-
خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من منزله صباحاً فوجد غلام يهود أمام المنزل وحوله مجموعة من الفتيات يتغزلن به فسأله ماذا تفعل أيها الغلام فقال لي جمل شرود وهؤلاء يعقلن له عقالً (حبل) فتبسم صلى الله عليه وسلم وتركه ومشى وفي اليوم الثاني نفس الشاب ونفس المكان ماذا تفعل أيها الشاب لي جملَ شرود وهؤلاء يعقلن له عقالاً فتبسم وتركه ثم مشى . في اليوم الثالث حصل ما حصل في الأيام السابقة فتبسم صلى الله عليه وسلم وتركه فرد الشاب والله ما هي إلا أخلاق نبي فقرر أن يسلم ولكن كيف يذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يفعل ما كان يفعله أمام منزله
فذهب إلى أبو بكر رضي الله عنه فأخبره أنه يريد الإسلام فأراد الذهاب به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فرفض فقال إذاً أعلمك فبعد أن أسلم حضر وقت الصلاة وكان لابد من أن يصلي في المسجد ومن كان الإمام الرسول صلى الله عليه وسلم فبعد الانتهاء من الصلاة التفت الرسول صلى الله عليه وسلم فوجد الغلام صاحب الجمل فوقف بجانبه وصلى السنة ولكن الغلام لم يتحرك فقال له عجل في صلاتك أيه الغلام فأني أريدك فتمثل أمره فنظروا إلى سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم ماذا فعل جملك أيه الغلام فأجاب بكل ذكاء ودهاء يا رسول الله منذ عقلته بعقال الإسلام لم ينحل أبداً)
وحيث أن الموضوع يهمني جداً جداً فلا أعلم هل هذا الكلام صحيح أم لا ؟
وتقبلوا فضيلتكم أجمل تحية وتقدير واحترام


الجواب:

أحبك الله الذي أحببتني فيه .

القصة مروية عن خوّات بن جُبير رضي الله عنه بغير هذا السياق ، وهو كان مُسلما ، وليست عن غلام يهودي ، وليست في المدينة ، وليس فيها إقرار النبي صلى الله عليه وسلم المنكر ثلاثا !
وقد يكون الكاتب كتبه مِن ذاكرته ، أو يكون مِن جماعة تُسَوِّغ ارتكاب المنكَر مِن أجل الدعوة !

والقصة رواها الطبراني – ومِن طريقه أبو نُعيم في " معرفة الصحابة " – مِن طريق جَرِير بن حَازِم قَالَ : سَمِعْتُ زَيْدَ بن أَسْلَمَ يُحَدِّثُ ، أَنَّ خَوَّاتَ بن جُبَيْرٍ ، قَالَ : نَزَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ الظَّهْرَانِ ، قَالَ : فَخَرَجْتُ مِنْ خِبَائِي فَإِذَا أَنَا بنسْوَةٍ يَتَحَدَّثْنَ ، فَأَعْجَبْنَنِي ، فَرَجَعْتُ فَاسْتَخْرَجْتُ عَيْبَتِي ، فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا حُلَّةً فَلَبِسْتُهَا وَجِئْتُ فَجَلَسْتُ مَعَهُنَّ ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قُبَّتِهِ ، فَقَالَ : أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا يُجْلِسُكَ مَعَهُنَّ ؟ , فَلَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِبْتُهُ واخْتَلَطْتُ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ جَمَلٌ لِي شَرَدَ ، فَأَنَا أَبْتَغِي لَهُ قَيْدًا فَمَضَى وَاتَّبَعْتُهُ ، فَأَلْقَى إِلَيَّ رِدَاءَهُ وَدَخَلَ الأَرَاكَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ مَتْنِهِ فِي خَضِرَةِ الأَرَاكِ ، فَقَضَى حَاجَتَهُ وَتَوَضَّأَ ، فَأَقْبَلَ وَالْمَاءُ يَسِيلُ مِنْ لِحْيَتِهِ عَلَى صَدْرِهِ ، أَوْ قَالَ : يَقْطُرُ مِنْ لِحْيَتِهِ عَلَى صَدْرِهِ ، فَقَالَ : أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا فَعَلَ شِرَادُ جَمَلِكَ ؟
ثُمَّ ارْتَحَلْنَا فَجَعَلَ لا يَلْحَقُنِي فِي الْمَسِيرِ ، إِلا قَالَ : السَّلامُ عَلَيْكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا فَعَلَ شِرَادُ ذَلِكَ الْجَمَلِ ؟ فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ تَعَجَّلْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ ، واجْتَنَبْتُ الْمَسْجِدَ وَالْمُجَالَسَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ تَحَيَّنْتُ سَاعَةَ خَلْوَةِ الْمَسْجِدِ ، فَأَتَيْتُ الْمَسْجِدَ فَقُمْتُ أُصَلِّي ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَعْضِ حِجْرِهِ ، فَجْأَةً فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وطَوَّلْتُ رَجَاءَ أَنْ يَذْهَبَ ويَدَعُنِي ، فَقَالَ : طَوِّلْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا شِئْتَ أَنْ تُطَوِّلَ فَلَسْتُ قَائِمًا حَتَّى تَنْصَرِفَ , فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : وَاللَّهِ لأَعْتَذِرَنَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولأُبْرِئْن صَدْرَهُ ، فَلَمَّا قَالَ : السَّلامُ عَلَيْكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا فَعَلَ شِرَادُ ذَلِكَ الْجَمَلِ ؟ , فَقُلْتُ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا شَرَدَ ذَلِكَ الْجَمَلُ مُنْذُ أَسْلَمَ ، فَقَالَ : رَحِمَكَ اللَّهُ ثَلاثًا ، ثُمَّ لَمْ يُعِدْ لِشَيْءٍ مِمَّا كَانَ .

قال الهيثمي : رواه الطبراني من طريقين ، ورجال أحدهما رجال الصحيح غير الجراح بن مخلد ، وهو ثقة .

وأورد بعضه ابن حجر في " الإصابة " ، وزاد نسبته للبغوي .

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
 

http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?p=468420