دعوة

  

 



 

الرد على مدّعي شحن القرآن لطاقة الجسم



السؤال:

تتداول فكرة أن القرآن يشحن طاقة الجسم في موضوعات عدة في الكثير من المنتديات نرفق لفضيلتكم أحدها آملين التعليق والتوجيه بما هو الحق في هذا الباب، وفقكم الله .
 
القرآن يشحن طاقتك القرآن كلام الله.. والله هو النور.. يعني: القرآن كلام النور!
الله الذي لو كشف حجابه لأحرقت سبحات وجهه ما امتد اليه بصره... تخيّل هذا الكنز العظيم من الطاقة ونحن عنه غافلون! أكيد قرأتم عن هذا الموضوع كثيرًا وكيف يكون أثر الصوت والكلمة في طاقة الإنسان فما بالك إذا كانت هذه الكلمة أو الآية من كلام الله....! لن أكرر هنا ما سبق ولكني أريد أن أضيف ما يلي:
1- لكي تزيد فائدة: اقرأ القرآن بنية التقرب إلى الله.. (الله نور السماوات والأرض..).. وستحصل على الطاقة أضعاف مضاعفة بهذه النيّة كتحصيل حاصل، والوضوء بحب مهم جدًا..
2- يجب أن يكون لديك ثقة عظيمة أو إن استطعت (مطلقة) وإيمان بربك، ثم ثقة كبيرة بنفسك قال تعالى (وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين)
3- والقرآن غالبه: إما آيات فيها ترغيب في خير ونحوه أو تحزير من شر ونحوه:
فإذا مررت بالبشارات فلتستحضر نيتك قليلاً (أن يا رب نسألك من فضلك...)
مثال: (ومن يؤتى الحكمة...) وإذا مررت بالترهيب فلتستحضر نيتك: (أن يا رب اكفنا أونجنا من العذاب أو الشيطان أو النار ....)
مثال: (إن الشيطان لكم عدو..) ( لاخوف عليهم)...أما إذا مررت بآية فيها العذاب أو النار صريحة فقل: أعوذ بالله من العذاب أو النار...وكذلك عندما تمر بآيات فيها ذكر الجنة فقل: نسأل الله من فضله... فعندما تستحضر ذلك الدعاء والرجاء لربك فستحصل على روحانية وخشوع وفوائد أكثر.. وذلك مناجات خفية بقلبك لربك..... واعلم أنك بذلك ستحصل على أجور عظيمة وفوائد جليلة قد لايدركها من يدعو ليل نهار!
فمن ضمن ما تحصل عليه من الفوائد وأنت بذلك تعمل أتوماتيكيًا بحيث:
1- تزيل الطاقات السالبة والسموم بهذا النور أثناء ذكر المكروه ( كالعذاب والنار والمرض )وطرده ..
2- تحصل على أضعاف من الطاقات الموجبة المفيدة والمتباينة لسد حاجات الجسم المختلفة من الطاقة... وكل ذلك يحدث وأنت لا تشعر: وأنت بنية التقرب إلى الله!
فيحدث أن تشحن الجسم بطاقات هائلة بشكل أوتوماتيكي....
4- اتل القرآن بصوت جميل وبحب! وتذوقه وكأنما تتذوق الشهد مرغوبًا ومحبوبًا وحلوًا. وليس المهم الكثرة بل ذلك التذوّق والحب ولو في آية واحدة تحبها فتظل تتأمل فيها، وترددها في قلبك!
5- يجب أن تصدّق بشكل مطلق كل آية تمر عليها: لكي تنسجم مع النور، ولكي لا يتم التناقض في غياهب عقلك بين الحق وبين هواك فتخسر ترددات الطاقة المطلوبة؛ فضلا عن كون ذلك واجب شرعي محتم عليك.
6- اختر الوقت الصافي: مثل: وقت البيات حينما تأوي الى غرفتك وليس هناك شيء يشغلك ولا تعب يثقلك.
7- حينما تشعر أنك أشعلت الغرفة أنوارا وجمالاً بكلام الله: جرّب ركعتين خاشعتين وسوف أعطيك طريقة فيما بعد كيف تصل بها الى اعظم اللذات والطاقات بتلك الركيعات.
هذه الركيعات طريقة عملية لكل البدن ليصل به إلى أقصى درجات التناغم والتوافق مع الطاقات العظمى التي في الكون، فضلاً عن كونها بنيّة التقرب إلى الله.
سوف تفاجأ عندما تطبق كلماتي هذه ... بصفاء وسمو وطاقات هائلة لم تر مثلها في حياتك حتى ولو كنت في لجة الضغوط النفسية... ولو خشية الإطالة لشرحت لكم كيف يتم شحن الطاقة وأبعاد الروح والنفس والهالات وأثر الكلمات في ذلك ولكن تكفي الزبدة والخلاصة. فخذوها ثمرة يانعة جاهزة: دعو العلماء والباحثين يتعبون ويكتشفون ويجربون وانتم تقطفونها جاهزة.. فالحمد لله على نعمة العلم وعلى نعمة الإسلام.



الجواب :

الحمد لله، وبعد:

فهذا الكلام جمع حقًا وآخر باطلا، أما الحق فإن الله نور السموات والأرض، وأن حجابه تعالى النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح.
كما أن القرآن الكريم "شفاء ورحمة للمؤمنين" فهو شفاء للنفوس السقيمة والأجسام المريضة.
ومن آداب تلاوة القرآن أن يستشعر الإنسان عظمة هذا القرآن وعظمة المتكلم به سبحانه كما أنه يجب أن يحرك الإنسان به قلبه، وأن يتلو القرآن مستشعراً مخاطبة الله له به. وخاصة عند "يا أيها الذين آمنوا..." فينبغي أن يرعى الإنسان لها سمعه فهو إما خير يأمره الله تعالى به أو شر يحذره الله تعالى منه.
كما أن من هذه الآداب ألا يمر القارئ بآية عذاب إلا تعوذ، ولا بآية رحمة إلا سأل... إضافة إلى أن لتلاوة القرآن في الفجر وآخر الليل وخاصة إذا كانت في الصلاة من التأثير ما لا يكون في غيرها، كما قال تعالى: "وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا" أي قراءة الفجر.
وهذه كلها وغيرها من الآداب الشرعية لتلاوة كتاب الله عز وجل ولا شك أن التلاوة الملتزمة بهذه الآداب إذا كانت خالصة لوجه الله الكريم من زيادة الإيمان وطمأنينة النفس والسلامة من أدواء القلوب والأجساد ما فيها قال تعالى: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".
كما أن لذكر الله تعالى وعمل الطاعات وتلاوة كتابه العزيز الآثار الظاهرة على قوة القلب وقوة الجسد. فالنبي –صلى الله عليه وسلم- أرشد عليا وفاطمة –رضي الله عنهما- إلى التسبيح والتحميد والتكبير عند أخذهما المضجع وبيّن أنه خير لهما من خادم لما سألت فاطمة خادماً يعينها على أتعاب الحياة في المنزل ونحوه.
كما بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن المرء إذا استيقظ فذكر الله انحلت عقدة من عقد الشيطان التي يعقدها على قافيته. فإن قام فتوضأ انحلت العقدة الثانية فإن صلى انحلت الثالثة وأصبح نشيطاً طيب النفس, وإلا أصبح خبيث النفس كسلاناً.
أما تفسير ذلك التأثير الإيماني بهذه المصطلحات الفلسفية والصوفية الباطنية واعتبارها شحنًا للطاقة. وأن هذا النور الذي هو من كلام الله تعالى يزيل الطاقات السالبة والسموم، ويشحن بدلاً منها طاقات إيجابية. وأن الإنسان يجد من الأجور العظيمة والفوائد الجليلة ما قد لا يدركه من يدعو ليل نهار (!) فهذا من الباطن وهو نوع من التأمل الباطني المتأثر بالفلسفات الوثنية القديمة. كما أنه من تحريف القرآن الكريم والسنة النبوية عن دلالاتهما ومعانيهما التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفهمها الصحابة والسلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين.
فالواجب الالتزام بالألفاظ الشرعية ودلالاتها على معانيها الجليلة التي فهم الرسول صلى الله عليه وسلم وفهمها من بعده من صحابته الكرام –رضوان الله عليهم إلى أن وصلت إلينا غضة طرية.
كما أنه لا يجوز ليُّ أعناق النصوص ودلالاتها ومعانيها لتواكب مثل هذه الخرافات الوافدة إلى العرب والمسلمين من أصحاب الفلسفات والمذاهب الباطنية الهدامة.
سائلاً المولى عز وجل أن يفقهنا في الدين وأن يثبتنا على أمره وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
 
أجاب عن السؤال: فضيلة الشيخ/ د. عبد الله بن عمر الدميجي (عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى)

http://www.alfowz.com/index.php?option=com_content&task=view&id=83&Itemid=2