دعوة

  

 


 

 

قول ( اللهم إني صائم ) هل بدعة أو ليست بدعة


السؤال:

هذا موضوع قرأته في أحد المنتديات ولم أصدقه ولكن أردت أن آخذ رأيكم فيه ..الموضوع ( لا تـقـل: اللهم إني صائم ) منذ سنين وهذه البدعة منتشرة بين الناس ،فكلما سبّـه أحد أو شتمـه قال: اللهم إني صائم، وهـذا لا يجوز، بل الصحيح أن نقول : " إني صائم" مـرتين.

لما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم مرتين.

والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها " البخاري برقم 1894 ، ومسلم 1151

يعني كلمة ( اللهم ) يـمكن الناس نقلوها من غير قصد وانتشرت بينهم وهي الزائدة فقط ،فالصحيح أن نقول ( إني صائم ) فعلى قدر علم المرء لكنه قد يجهل أدق المسائل.

وهذا مصداق قوله تعالى ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) صدق الله العظيم، وغيرهم أوضح ذلك في قوله، وكلمة ( اللهم إني صائم ) هذا دعاء , والمقام ليس مقام دعاء ! إما كلمة ( إني صائم ) هذه من باب الإخبار وهي الأولى والأصح .


الجواب:

زادك الله حـرصا على طَواعِيَة الله ورسـوله صلى الله عليه وسلـم .

أولاً: هذا غيـر صحيح، أي لا يصح وصف هذا القـول بأنه بدعة، وإن كان الأولى أن يقـول كَما في الحديث: إني صائم. ونـحو ذلك. إلاَّ أنَّ قَـول " اللهم " لا يأتي في الدُّعَاء فَحَـسْب، بل يأتي في الدعاء وفي غيره، ومِـن ذلك:

مـا جاء في التنـزيل : قوله تعالى (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) .

رَوَى ابن جرير بإسناده إلى محمد بن جعفر بن الزبير قوله : (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ) أي : رَبّ العِبَاد الْمَلِك لا يَقْضِي فيهم غَيرك . اهـ .

وقال ابن كثير : أي : أنْتَ الْمُتَصَرِّف في خَلْقِك الفَعَّال لِمَا تُرِيد . اهـ .
وقوله تعالى : (قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) .

ومِن السُّـنَّـة : قوله صلى الله عليه وسلم عن الْمَدِينَة : اللهم إني أُحَرِّم مَا بَيْن لابَتَيْها كَتَحْرِيم إبْرَاهيم مَكّة . رواه البخاري

وتأتي " اللهم " في الشَّهَادَة ، كَقَوله صلى الله عليه وسلم : اللهم إني أشهد أني عَلى دِين إبراهيم . رواه البخاري . وقوله صلى الله عليه وسلم في حجة الوَدَاع يُشْهِد على البَلاغ : اللهم اشهد . رواه البخاري ومسلم .

قال النووي:معناه : أنَّ التبليغ واجِب عليّ ، وقد بَلَّغْتُ فاشْهَد لي بِهِ . اهـ .وقال العَيني : لَمَّا كَان التَّبْلِيغ فَرْضًا علَيه أشْهَد الله تَعالى أنه أدَّى مَا أوْجَبَه عَليه . اهـ .

وقَوله صلى الله عليه وسلم في إحياء حَـدّ الرَّجْم : اللهم إني أوَّل مَن أحْيا أمْرَك إذْ أمَاتُوه . رواه مسلم .

ومِنه قول عُمر رضي الله عنه : اللهم إني أشهدك على أمراء الأمصار . رواه مسلم .ومِنه قول عليّ رضي الله عنه في إهلالِه بالحجّ : اللهم إني أُهِلّ بِمَا أُهِلّ بِه رَسُولُك . رواه مسلم .

وتأتي في البَرَاءة مِن شيء ، ومِنه قوله صلى الله عليه وسلم : اللهم إني أبْرأ إليك مِمَّا صَنَع خَالِد – مرتين – . رواه البخاري

ومِن هذا القَبِيل قول أنس بن النضّر رضي الله عنه يوم أُحُد :اللهم إني أعْتَذِر إليك مِمَّا صَنَع هَؤلاء - يَعْني أصحابه - وأبْرأ إليك مِمَّا صَنَع هَؤلاء - يعني المشركين - . رواه البخاري. وفي دُعاء الاستخارة : " اللهم إني أستخيرك بعلمك " رواه البخاري .

فالشَّاهِد أنه ليس كُلّ مَا وَرَد ( اللهم ) أُرِيد بِه الدُّعَاء ..فيصِحّ أن يَقول الصائم لِمَن سابَّه أو شاتَمَه : " اللهم إني صائم " ، مِن هذا الباب ..أي كأنه يُشهِد الله أنه صائم ..

ثانياً : قول الكاتب بعد الآية " صَدَق الله العَظِيم " هذا بِدْعَة ، وكان الأجْدَر بِمَن يُنبِّـه على أمْر يَراه بِدْعَة أن لا يَقَع هُو في بِدْعَة أُخْرَى !مع أن ما نبَّـه عليه ليس من قَبِيل البدَع كما تقدَم . وسبقت الفَتوى في قَول " صَدَق الله العَظِيم " هنا :

اضغط هنا

وهذه فتوى الشيخ ابن باز رحمه الله :

اضغط هنا

وهذه فتوى أُخْرَى للشيخ رحمه الله :

اضغط هنا


والله تعالى أعلم .

( المجيب فضيلة الشيخ/ عبد الرحمن السحيـم حفظه الله، عضو مركز الدعوة والإرشاد، الرياض )

والله الموفـق

http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?s=&threadid=51716