التعريف بالجزء الأوَّل من الكتاب

 

فضيلة الشيخ / محمَّد بشير المفشي مدرس في كلِّيتي الدعوة الإسلامية وأصول الدِّين في مجمع أبي النور الإسلامي بدمشق

التعريف بالجزء الأوَّل من الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على من أرسله الله رحمة للعالمين سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

إنه لمن دواعي سعادتي، أن كلَّفني أخي الأستاذ غازي آق بيق، بتدقيق هذا الكتاب، فكان لي شرف القيام بهذه المهمة والتعليق على بعض مواضيعه، وكان هدفنا المشترك خدمة الإنسان الباحث عن الحقيقة الخالدة من خلال هذا الجهد الكريم.

لقد حوى هذا الكتاب مواضيع مستوحاة من كتاب الله الخالد، وقد صُنِّفت ورُتِّبت بأسلوب سهل قريب المنال، حيث شَكَّلت باجتماعها نموذجاً فريداً ربَّما لا نجد له مثيلاً، فقد ضم بحثاً رائعاً عن أسماء الله الحسنى، ممَّا يعرِّف القارئ بربِّه سبحانه، لتكون هذه المعرفة عوناً لصاحبها على حبِّ الله والإيمان به وطاعة أوامره واجتناب محارمه، والخضوع التَّام والاستسلام المطلق لجلاله سبحانه.

ثمَّ تناول دلائل الإعجاز الإلهي الكائنة في مخلوقات الله، فتكلَّم عن خلق الكون والملائكة والجن، وعن الإنسان الأوَّل والحرب المستمرة بينه وذريَّته من جهة وبين رأس الشر إبليس وأعوانه من جهة أخرى، فجاء بحثاً ممتعاً نافعاً في هذا المجال، يدل على عظمة الخالق وبديع صنعه وعظيم قدرته وحكمته.

ثمَّ تكلَّم عن الهداية في منظور الإسلام، مبرزاً دور الإيمان في هداية الخلق، ودعوتهم إلى أسباب السعادة الحقيقية، بوضعهم على الطريق المستقيم، الَّذي هو أقرب الطرق للوصول إلى الهداية، والَّتي فيها مرضاة الله، والَّتي تُعَدُّ بحقٍّ الفوز الأكبر في هذه الحياة.

ثمَّ شرع يتكلَّم عن دعاة الهداية، الأنبياء والرسل، أساتذة السماء الَّذين اصطفاهم الله لتبليغ رسالاته إلى عباده، هداةً مَهْدِيِّين، سعداء ومُسعِدين، فتكلَّم عن نوح وأتبَعَهُ بإبراهيم ويوسف وموسى وداود ويونُس وزكريا ويحيى وعيسى ومحمَّد عليهم الصَّلاة والسَّلام، مبرزاً أبرز ما امتاز به كلٌّ منهم بشكل موجز مفيد، يعطي صورة صادقة عن هذه الصفوة المختارة من أعلام البشر، الَّذين رفع الله تعالى مقامهم وأبقى ذكرهم وخلَّد مآثرهم. وخلُص من ذلك بالتأكيد على وحدة مصدر الشرائع السماوية وأنها تنبع من مشكاة واحدة وتستقي من مورد عذب واحد.

ثمَّ أفرد باباً كاملاً للحديث عن القرآن الكريم، وما يتعلَّق به من مباحث تُبيِّن قدسيَّة هذا الكتاب وما حواه من علوم الدنيا والآخرة، الَّتي تضمَّنت المنهج الأمثل للحياة الأكمل على هذه الأرض، ومن ورائها الحياة الأبديَّة في الدار الآخرة.

ثمَّ عَرَّج على أركان الإسلام ومنهجها في التعبير عن الخضوع لعظمة الخالق العظيم، ثمَّ أخذ يبيِّن المنهج الإسلامي في التربية الروحية وتزكية النفس وصقلها بحيث تصبح النفسَ المطمئـنَّة الَّتي تعشق الفضائل وتكره النقائص؛ ثمَّ أَتْبَع ذلك ببرنامج الإسلام الفريد في التربية الأخلاقية والتربية الاجتماعية.

إن هذا العمل الجليل الَّذي قام به الأخ غازي ـ حفظه الله ـ جدير بكلِّ إجلال وتقدير لاسيَّما وأنه كلَّه مستقى من كتاب الله الَّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فجزاه الله كلَّ خير، وتقبَّل من كلِّ من ساهم فيه بجهد، سَعْيَهُ في خدمة الإنسان والحضارة الإنسانية، إنه سميع مجيب والله وليُّ التوفيق والحمد لله ربِّ العالمين.