Muk-Vol2

آيـات قـرآنية

ومضات من القرآن الكريم

عرض وتحليل

التعريف بالجزء الثاني من الكتاب

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله بشيراً ونذيراً وهادياً إلى صراط مستقيم، وبعد،

فقد أنزل الله القرآن الكريم دستوراً يُنَظِّم حياة البشر، ويهديهم إلى الطريق الأقوم الَّذي فيه سعادتهم. قال تعالى: {إن هذا القرآن يهدي للَّتي هي أقوم ويُبَشِّرُ المؤمنين} (17 الإسراء آية9).

والقرآن مليء بالمعاني الجليلة، والتشريعات الحكيمة، والإرشادات اللطيفة الَّتي ينبغي على المسلم تدبُّرها وفهمها فهماً صحيحاً مستمداً من روح القرآن، وما ورد في تفسيره من السنَّة الصحيحة، مستعيناً بالعلوم والمكتشفات الحديثة. وعليه أن يَحذر من أن يُخضع آيات القرآن لأهوائه، وآرائه، وأن يتأوَّلها بما يناسب ما يحمله من نظريات وأفكار هي في الحقيقة بعيدة كلَّ البعد عن الأهداف القرآنية، وفي ذلك يقول سيِّدنا محمَّد r: «من قال في القرآن بغير علم فَلْيَتَبَوَّأ مقعده من النار» ( رواه أبو داود).

ورحلتي مع هذا الكتاب تبدأ من اليوم الَّذي تعرَّفتُ فيه إلى الأستاذ غازي آق بيق الَّذي جعل من أهمِّ الأهداف في حياته تنفيذ هذا الكتاب على أكمل وجه وأتـمِّه، وهو في سبيل ذلك يحرص على جمع كلِّ معلومة مفيدة حول أيِّ آيةٍ من آيات القرآن الكريم؛ وعرض عمله هذا على من يظنُّ أن بإمكانهم إفادته بالجديد من المعلومات، ويتقبَّل منهم النقد بروح علمية، وصدر رحب.

وقد قرأت الجزء الأوَّل من هذا الكتاب، وأغلب أبوابه كانت حول الأسس العامَّة للإسلام، وأركان العقيدة والتشريع لهذا الدِّين الحنيف، إضافة إلى التربية الروحية والخلقية الَّتي يسعى إلى تحقيقها..

وفي الجزء الثاني من هذا الكتاب تقرأ بحثاً مطولاً عن التربية الاجتماعية، وكيف بنى الإسلام الروابط الاجتماعية على أساس الاحترام المتبادل بين الأفراد، وتحريم كلِّ ما يضرُّ بالمجتمع وسعادته وتماسكه. ثمَّ تقرأ صوراً من المعاملات المالية في الإسلام، هذا الجانب المهم من التطبيق العملي للأسس النظرية والتربوية في الإسلام.

ثمَّ الموضوع الأهم وهو أسلوب الدعوة إلى الله تعالى، كما يصوِّرها القرآن الكريم، والمبادئ الَّتي تنطلق منها، والأهداف الَّتي تتَّجه إليها، والأسلوب الَّذي تسير عليه، وأهمُّ الصفات الَّتي يجب أن يتحلى بها الداعي إلى الله تعالى، والمبادئ الَّتي يجب أن يقوم عليها الحوار مع أبناء الديانات الأخرى، وخاصَّة منهم أهل الكتاب.

ثمَّ أتبع ذلك بأسـاليب الدفاع عن هذه العقيدة وحمايتها، وأهم هذه الأساليب الجهاد في سبيل الله، وبيَّن أهدافه وأنه ليس أبداً عدواناً وتعدِّياً، كما يصوِّره أعداء الإسلام، وإنَّما شُرِّع لأهداف سامية منها: ترقية النفس الإنسانية، ونشر العلم، والهداية، والدفاع عن المستضعفين في الأرض..

ثمَّ تحدَّث في الباب قبل الأخير عن الدار الآخرة، وهي المحطَّة الأخيرة من الرحلة الإنسانية، والَّتي حار الفلاسفة في فهم حقيقتها، وتخبَّطوا في أوهامهم دون أن يستطيعوا معرفة كنهها، بينما طرحها الإسلام بشكل واضح وبسيط.

وختم الكتاب بالحديث عن عدَّة أمور متفرِّقة من وحي القرآن الكريم.

وأنا إذ أترك للقارئ الفرصة لإتمام قراءة هذا الكتاب والاستفادة منه، لابدَّ لي من شكر مُعِدِّه، على ما بذله من وقت وجهد في سبيل إخراجه على هذا الشكل، دون أن تكون له غاية من وراء ذلك إلا خدمة القارئ الباحث عن الحقيقة؛ بتقديم فهم علمي سليم ومعاصر لكتاب الله الكريم.

أسأله تعالى أن يتقبَّل منه عمله خالصاً لوجهه الكريم، ويجعله ذخراً له في دنياه وآخرته، إنه تعالى سميع مجيب، والحمد لله ربِّ العالمين.

محمَّد شريف الصواف

دبلوم دراسات عليا في الفقه المقارن